القصة المثيرة لـ "توماس أندروز" مهندس السفينة تيتانيك التى تسببت فى وفاته

القصة المثيرة لـ “توماس أندروز” مهندس السفينة تيتانيك التى تسببت فى وفاته
شهد التاريخ أعظم قصص المخترعين العظماء الذين أسهموا إسهامات عظيمة للبشرية، لكن اختراعاتهم هذه كانت سببًا لوفاتهم. ومن هؤلاء “توماس أندروز”.
توماس أندروز هو المهندس المعماري البحري الرئيسي لسفينة التيتانيك الشهيرة، لذا كان حريصا على مرافقة السفينة في أولى رحلاتها البحرية.
كان أندروز على علم بضعف التيتانيك في المياه المحملة بالثلج، لذا دعا أثناء بناء السفينة إلى أن تكون ذات هيكل مزدوج ومجهزة بـ40 قارب للنجاة بدلا من 20، إلا أنه لم يلتفت إلى نصائحه بسبب التكلفة الزائدة التي كانت ستشكلها تنفيذ تلك النصائح.
وعندما تعرضت التيتانيك للاصطدام بجبل الثلج، وبدأت بالغرق في 15 أبريل 1912، ساعد اندروز بشكل بطولي العديد من الناس في الصعود إلى قوارب النجاة، شوهد آخر مرة في صالة التدخين من الدرجة الأولى وهو يبكي حزنا على اختراعه الذي كان ينهار، ولم يتم العثور على جثته أبداً.
المولد و النشأته
ولد توماس اندروس في 7 شباط 1873 وتوفي في 15 نيسان 1912. هو مصمم سُفن ورجل أعمال إيرلندي عمل مصمما للسفن وهو رئيس قسم التصميم ومدير إنشاءات شركة بناء السفن هارلاند آند وولف والتي يقع مقرها الحالي في إيرلندا الشمالية.
اندروس هو المعماري البحري المسؤول عن وضع الخطط للخطوط البحرية الملاحية آر إم إس تيتانيك، وكان مسافرا على متن سفينة تيتانك حين انطلقت في رحلتها الأولى والأخيرة عندما اصطدمت بجبل الجليد في الخامس عشر من نيسان عام 1912، ومات في الكارثة.
ولد توماس اندروس في مدينة كومبر بمقاطعة داون في ايرلندا الشمالية (ايرلندا آنذاك).
والده هو توماس اندروس الذي كان عضوا في المجلس الاستشاري وأمه هي إلزا بيري.
وله أخوين هما جون ميلر اندروس والسير جيمس اندروس. بدأ الذهاب إلى مؤسسة بلفاست الأكاديمية الملكية منذ 1884 حتى عام 1889 وحينها- إذ بلغ السادسة عشر- بدأ التدرب في هارلاند اند وولف حيث كان خاله الفيوكنت بيري، مالك جزئي للشركة.
هارلاند اند وولف
في هارلاند اند وولف، بدأ العمل لمدة ثلاثة أشهر في معمل النجارين، ثم عمل لمدة شهر في صناعة الدواليب يتبعها شهر في العمل على السفن. أما الثمانية عشر شهرا الاخيرة في فترة تدريبه فقد أمضاها في مكتب الرسم.
في عام 1901 وبعد أن عمل في العديد من الأقسام داخل الشركة، أصبح مديرا لأعمال البناء، وفي نفس السنة أصبح عضوا في مؤسسة المعماريين البحريين.
في عام 1907، عين أندروس منصب المدير العام ورئيس قسم التصميم لشركة هارلاند اند وولف، فبعد سنين طويلة أمضاها في التدريب والدراسة والعمل، أصبح اندروس محبوبا في الشركة وموظفا في ترسانة بناء السفن.
في 24 من حزيران عام 1908، تزوج هلين ريلي باربور الذي يعمل والدها في صناعة المنسوجات، وأنجبا ابنتهما اليزابيث في 27 تشرين الثاني عام 1910، ويقال أنه اصطحب زوجته هيلن لتشاهد سفينة التيتانيك وكان ذلك قبل ميلاد اليزابيث بقليل. بعد وفاة اندروس تزوجت هلين للمرة الثانية وتوفيت في 22 آب 1966، في ايرلندا الشمالية ودفنت في أضرحة عائلة باربور.
آر إم إس تيتانيك
في 1907 بدأ اندروس بالإشراف على خطط لعمل سفينة مسافرين واسعة جدا وفخمة، وهي آر امس اوليمبك التابعة لشركة وايت ستار لاين.
تم تصميم سفينة اوليمبك وأختها التيتانيك (التي بدأ العمل عليها عام 1909) على يد المصمم ويليام بيري والمدير العام أليكساندر كارلايل، بالإضافة إلى اندروس.
وكما فعل مع السفن الاخرى التي أشرف عليها، تعرف اندروس على أدق التفاصيل في كلا من التيتانيك والاوليمبك ليضمن أنهما تعملان على النحو الأمثل.
ولكن للأسف، فإن اقتراحاته بأن يكون لسفينة التيتانيك 46 قارب نجاة (والتي لم تحمل أكثر من 20 قارب) وعمل الهيكل المزدوج وحواجز المياه المشدده لم يُأخذ بها.
ترأس اندروس مجموعة من العمال تعمل لشركة هارلاند اند وولف، وكانوا قد ذهبوا إلى رحلات بحرية على متن سفن تابعة للشركة، لمراقبة العمليات وإجراء أي تحسينات لازمة.
ولم تُستثنى التيتانيك من هذه الإجراءات، فقد سافر اندروس وعماله من بلفاست إلى ساوثامبتون على متن التيتانيك للتمهيد لرحلتها الأولى الكائنة في 10 أبريل 1912.
قام اندروس بتدوين بعض الملاحظات بخصوص إجراء بعض التعديلات التي أحس بلزومها أثناء الرحلة، وكانت بصفة رئيسية تغييرات شكلية لمختلف مرافق السفينة.
وفي الرابع عشر من أبريل صرح اندروس لصديقه بأن التيتانيك هي تقريبا أفضل ما يمكن أن يصل له العقل البشري من درجات الكمال.
في 14 أبريل وفي تمام الساعة 11:40 مساء، اصطدمت التيتانيك بجبل جليدي على الجانب الأيمن من السفينة. كان اندروس حينها في مقصورته يخطط للتغييرات التي أرادها للسفينة، وبالكاد أحس بالاصطدام. استدعى القبطان إدوارد سميث اندروس للمساعدة في فحص الضرر. ناقش اندروس وسميث حجم الضرر بعد منتصف الليل بفترة وجيزة، فبعد أن قام اندروس بأخد جولة في الأقسام المتضررة من السفينة وبعد تلقيه تقارير عن تضرر السفينة، أكد اندروس أن أول خمس حجرات الماء آخذة في الغرق وبمعدل متسارع. كان اندروس على علم بأنه لو غمرت أكثر من أربع حجرات بالماء فإن السفينة ستغرق حتما. لقد نقل هذه المعلومة للقبطان سميث مشيرا إلى أنها “مسألة حسابية حتمية”. وأضاف بناء على وجهة نظره بأن أمامهم ساعة من الوقت قبل أن تغرق السفينة كاملة، وأخبر سميث أيضاً بالنقص الكبير في عدد سفن النجاة على متن السفينة.
حين بدأت عملية إخلاء السفينة، قام اندروس وبلا كلل بالبحث عن المقصورات ليخبر الركاب بوضع سترات النجاة والتوجه إلى سطح السفينة، شهد العديد من الناجين بأنهم رأوا اندروس أكثر من مرة. كان من المستحيل تعقب أفعاله أثناء غرق السفينة.
ولإدراكه التام بالوقت القليل الذي تبقى أمامهم ولنقص السعة المتوفرة في قوارب النجاة للركاب ولطاقم السفينة فقد تابع في حث الركاب المتكاسلين على الذهاب إلى قوارب النجاة أملا في تعبئة القوارب بأكبر قدر ممكن.
وأكد الناجون أيضا برؤيتهم لاندروس وهو يلقي بالكراسي من على ظهر السفينة إلى المحيط حتى يتمكن الركاب من استخدامها للطفو.
وفاته:
شوهد اندروس للمرة الأخيرة في الساعه 2:10 تقريباً (أي قبل عشرة دقائق من غرق السفينة كليا) حيث شاهده جون ستيوارت (وهو مضيف على متن السفينة): كان اندروس يقف وحيداً في غرفة التدخين الخاصة للدرجة الأولى محدقا في لوحة فنية هي بليموث هاربور فوق الموقد، ويداه مطويتان فوق صدره وسترة نجاته على طاولة بجانبه. كانت اللوحة توضح مدخل بليموث ساوند التي كان من المتوقع أن تزورها التيتانيك في رحلة العودة.
وعلى الرغم بأن هذه كانت واحدة من أشهر الروايات المروية عن غرق التيتانيك إلا أن هذه الرواية – والتي نشرت في كتاب “توماس اندرسون: مصمم سفن” عام 1912- قد نقلت من جون ستيورت الذي غادر السفينة حوالي الساعة 1:40.
كان هناك بعض المشاهدات لاندروس بعد تلك اللحظة، فعلى ما يبدو أن اندروس بقي في غرفة التدخين لبعض الوقت حتى يتمكن من جمع أفكاره ثم تابع عمله في إخلاء الركاب. في حوالي الساعة 2:00 شوهد اندروس على ظهر السفينة وكان الناس في حالة من الاضطراب مع وجود بعض النساء اللاتي ترددن في ترك السفينة، فقام اندروس بتلويح يديه ومناداتهم بصوت عال لشد انتباهم.
وآخر قال بأنه شاهد اندروس يلقي مضطربا بالكراسي ليتمكن الركاب من استخدامها للطفو. ثم اتجه اندروس إلى منصة القيادة ربما باحثا عن القبطان سميث.
وشوهد اندروس للمرة الأخيرة يغادر السفينة ولم يتم العثور على جثته.

من almooftah

اترك تعليقاً