السينما والميديا

قيل في التراث العربي ، الشعر ديوان العرب , فخلال عصور طويلة ،  كان الشعر العربي  الراصد والمدون لكل ما كانت عليه الحياة العربية بكل مساراتها وحراكها ،  واستطعنا نحن الأحفاد تعلم الكثير من ماضي حياتنا , عبر تلك القصائد التي صار بعضها جزءاً من وجدان المواطن العربي ، ومع مرور الزمن ، تراجع دور الشعر في حياة العرب ، وحلت مكانه مستحدثات عصرية ، تأتت عنها في عصرنا الحالي لغة النت والفضاء المفتوح . وصارت الميديا بكل أشكالها الإعلامية والفنية المنبر الأهم الذي يروي للغد مجريات ما يحدث في العالم الآن . والسينما باعتبارها أحد أهم أشكال الميديا السائدة في عصرنا ، تقدم العديد من الأفكار والقضايا السياسية والاجتماعية التي تهم دولاً    ومنظمات وهيئات محلية ودولية .
عالمياً ، كان الوعي لأهمية الميديا كبيراً ووصل الأمر بعدد من الدول الكبرى إلى وضع سياسات إستراتيجية لخططها في الميديا ، الأمر الذي أكسبها وجوداً فعالاً وحضوراً إعلاميا  استباقياً وتفوقاًعلى غيرها من الدول المنافسة  .
أما عربياً فلم يكن الوضع مشجعاً ، لذلك اعتُبرت الميديا العربية بكل أشكالها متخلفة عن مثيلاتها في العالم ، مما اضطر العرب لدفع أثمان غالية في الساحات الدولية بسبب من ضعف فعالية الصوت العربي على المنابر العالمية . وما يلفت النظر حين يتعلق الأمر بالميديا العربية ، أن طاقاتها القصوى قد استخدمت بطريقة خاطئة ووجهت لتوطيد أسس الفن الهابط كما في عشرات الأقنية التلفزيونية ومواقع الفن المنتشرة التي تضخ أخبار فناني الغناء العربي الحديث عبر آلاف أفلام (الكليب ) التي يكرس أصحابها الابتذال المخجل على حساب الفن الحقيقي ورسالته السامية .
والأمر ذاته ينطبق على آلاف المواقع الإلكترونية الصحفية التي تتابع أخبار مشاهير هذا النمط الفني الهابط ، وتتجاهل الأساليب العلمية والمؤثرة الكفيلة بإضاءة قضايانا الجادة وهمومنا وآمالنا وتطلعاتنا في الزمن المعاصر الذي نحياه .
لاشك أن لكل عصر وجهه وسماته وخصوصياته ، وعصرنا الحاضر هو عصر الميديا ، التي تضم الكثير من النشاطات المتباينة ، التي تكرس في نهاية الأمر ثقافة محددة ونهجا موحدا يراد الوصول إليه ، و إذا أردنا نحن أهل الفن المزيد من قوة التواجد  في المنابر العالمية ، فمن المحتم ضرورة إنتاج سياسات ميديا عميقة ومجدية ، وهذ ما تسعى المؤسسة العامة للسينما في سورية لتحقيقه ضمن نطاق عملها وسياساتها الإنتاجية الحالية والمستقبلية .

من almooftah

اترك تعليقاً