سهير سرميني : ـ اليوم نحن بحاجة لتناول وجعنا عبر الدراما
ـ أفضّل أن نكون عميقين في طرح الأفكار الجريئة المتعلقة بواقع مجتمعنا
آفاق سينمائية ـ فؤاد مسعد :
امتلكت المخرجة سهير سرميني هواجس إنسانية انطلقت لتعبر عنها من خلال أعمال درامية متنوعة تنتصر من خلالها للإنسان ، تعمل بعين المنقب والباحث عن الخبايا عبر ما تقدم من أعمال درامية ، فتغوص إلى عمق التفاصيل مُظهرة روحها ونبضها الحقيقي ، من أحدث أعمالها فيلم تلفزيوني بعنوان (غرفة افتراضية على السطح) تأليف سهى مصطفى ، الذي أخرجته مؤخراً ولم يعرض بعد ، إضافة إلى فيلم من إنتاج المؤسسة العامة للسينما بعنوان (عرائس السكر) تأليف ديانا فارس ، واليوم تتابع عملها وفق الخط والنهج نفسه من خلال إخراجها خماسية (النداء الأخير للحب) تأليف رانيا بيطار ، والتي تندرج ضمن مسلسل (الحب كله) المؤلف من ست خماسيات من إنتاج المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني .. معها كان لنا هذا اللقاء :
ـ ما الذي يربط بين الخماسيات الست ، شكلاً ومضموناً في (الحب كله) ؟
الحب هو ما يربط فيما بينها ، فهي تتحدث كلها عن العلاقات الإنسانية والاجتماعية زمن الأزمة التي تمر بها سورية ، وتُظهر كيف تبدلت أفعال الناس وتصرفاتها جراء الأزمة الحالية والتشويه الذي أصاب دواخلهم لدرجة جعلتهم يتحوّلون من حالة العلاقات الاجتماعية الحميمية إلى حالة العداء الكبير المرتبط بعلاقة الاختلاف فيما بينهم .
ـ أهناك ناظم يجعل منها روحاً منسجمة ضمن مسلسل يتناول موضوعة (الحب والحرب) ؟
كل خماسية متفردة بإيقاعها حسب الموضوع والمضمون الذي تطرحه ، وبالتالي هي مختلفة بالنسبة للموضوع ولكن هناك ناظماً يضبط فيما بينها وهو الإيقاع والفكرة العامة التي لها علاقة بخط رئيسي عام ، كما أن الموسيقا قد تكون هي الأخرى رابطاً فيما بينها لأنها ستكون واحدة بين الخماسيات ، بالإضافة إلى عنوان المسلسل الذي يضم الخماسيات كلها .
ـ لماذا تم تغيير العنوان ؟
كان عنوان الخماسية في البداية (يا مال الشام) ولكن رأيت أنه لا يعبّر عن المضمون الحقيقي لها فقمت مع الكاتبة رانيا بيطار باختيار عنوان آخر وهو (النداء الأخير للحب) ليكون بمثابة نداء لكل السوريين في هذه الفترة الصعبة التي نمر فيها ، لعودة روح المحبة ونتذكر العلاقات الجميلة التي تربط فيما بيننا .
ـ إلى أي مدى تؤيدين طرح موضوع الأزمة في الدراما رغم أنها لاتزال قائمة ؟ لن ننتظر حتى تنتهي لنتناولها في أعمالنا ، فنحن اليوم بحاجة لنحكي عن وجعنا ، لأننا كلنا نعيش هذا الوجع ونرى ما يحدث من تهجير وموت ودمار ومراكز إيواء ..
إنني مع طرح موضوع الأزمة وظروفها بكافة أشكالها سواء الاقتصادية أم الاجتماعية أم السياسية ، فإن لم نضع يدنا على الجرح لن نجد الحل ، ونرى في نهاية المسلسل أن هناك خسائر ومن خلالها يمكن أن نعود ، فكلنا مررنا بفترة صعبة بكل انتماءاتنا وطوائفنا ، يمكن هناك من كانت الظروف عليهم أقسى أو أخف ، هناك شهداء ومهجرون وهناك من تشوهوا .. لكننا اليوم بحاجة لأن نخرج من هذا الظرف .
ـ التحولات التي طرأت على المجتمع السوري في الأزمة سبق وتناولتها في الفيلم التلفزيوني (غرفة افتراضية على السطح) فما وجه الاختلاف بينه وبين (النداء الأخير للحب) !.. تقريباً هو الخط نفسه ، لكن توسعنا بشكل أكبر في الخماسية التي نرى فيها الكثير من الحالات والشخصيات والمعاناة الاقتصادية والاجتماعية للناس ، ومنها اضطرار عائلة (أبو عصام) إلى السفر بحثاً عن حياة أفضل ، إضافة لرصد حالة الجشع والاحتكار التي تبناها بعض الأشخاص ..
أما في (غرفة افتراضية على السطح) فتناولت حالة واحدة هي الخوف والقلق جراء الظروف التي نعشيها وارتبط الموضوع بفكرة التواصل الافتراضي عبر (الفيسبوك) سعياً لإيجاد العريس .
ـ سبق وقلت عن فيلم (عرائس السكر) أنه يحوي طرحاً جديداً وجريئاً نلمسه من خلال الأحداث .. فبأي معنى ؟ يتناول الفيلم حالة طفلة لديها متلازمة داون ، ابتدأنا معها من سن البلوغ وكيف أنه شأنها شأن أي فتاة أخرى طبيعية من الناحية الفيزيولوجية ، لكن قد نجد ضعاف نفوس ينظرون إليها بشكل مختلف ، وسلّطنا الضوء على المعاناة التي تعيشها في البيئة والمدرسة والمجتمع من خلال من حولها من أشخاص . وبالتالي نرى كيف هي علاقتها مع الآخرين ، ونلمس الطرح الجريء عبر تعامل الأهل مع هؤلاء الأطفال وهو أمر كثيراً ما يبقى مُخبأ في المجتمع ،
كما أن هؤلاء الأطفال قد يتعرضون لأمور قد لا تكون واضحة بالنسبة إلينا ، فهناك حالات استغلال جنسي واجتماعي ، وفتيات قد يتعرضن للإجهاض ..
وبشكل عام يمكن القول أن الفيلم يحمل رسالة إنسانية هادفة ويقدم التوعية للمجتمع وللأهالي الذين لديهم أطفال مصابون بمتلازمة داون ، يذكر أن الفيلم سيناريو ديانا فارس وإنتاج المؤسسة العامة للسينما . ـ رانيا بيطار ، سهى مصطفى ، ديانا فارس ..
لماذا اصرارك على إخراج أعمال للكاتبات حتى في السينما ؟
هي الصدفة .. يمكن في البداية كانت مقصودة ، ولكنها تحولت فيما بعد إلى صدفة ، فديانا فارس صديقة عزيزة وقدمنا معاً أكثر من عمل ، ومن ثم سهى مصطفى والآن رانيا بيطار ..
وأنا سعيدة بهذه التجارب والتعامل معهن ، فكان هناك شغل على التفاصيل وتحقق توافق كبير بيني وبينهن ، حتى بالنسبة للتعديلات التي تُجرى ، فإننا نفهم على بعضنا كثيراً .
ـ هل شعرت أنك خرجت بنتائج مختلفة مع الكاتبة الأنثى ؟
عندما تكون كاتبة وأشتغل معها على تعديلات في النص وأطلب أمراً له علاقة بالعالم الأنثوي كانت تتفهم الأمر ، خاصة في الأعمال الأولى التي كانت تتعلق بعالم المرأة ، وأرى أن التفاصيل الأنثوية يمكن الكاتبة أو المخرجة هن الأقدر على تجسيدها .
ـ كثرت في الأعوام الأخيرة الأعمال التي تتعرض لعالم المرأة .. فهل لامست واقعها ومشكلاتها بشكل حقيقي أم بقيت على السطح في فلك ما يسمى بالأعمال التجارية ؟
أحب الأعمال الاجتماعية التي لها علاقة بحياة المرأة وبالمشكلات التي تعانيها ولكن بعيداً عن الاستعراض ، فلا أحبذ الأعمال التي لها علاقة باستعراض الفتيات وملابسهن ، فهي تكون مسلسلات ابنة ساعتها ولا تعلّم عند الناس ، وإن كان لها جمهورها ،
وأجد أن العمل الحقيقي هو الذي يلامس واقع المرأة بشكل عام في المجتمع ، وبالتالي أفضل أن نكون عميقين في طرح الأفكار الجريئة التي تتعلق فعلاً بواقع مجتمعنا ، فلدينا الكثير من الأمور المخبأة ونحن بحاجة لأن نسلط الضوء عليها ، ولدينا أفكار جريئة أكثر لم يتم تسليط الضوء عليها حتى الآن .
ـ هل أثّر غياب عدد من النجوم على الأعمال التي صورت في سورية ؟
وهل اعطى الفرصة لظهور وجوه جديدة ؟ غياب بعض الفنانين قد يكون له تأثيره ، ولكن عندنا الكثير من النجوم والفنانين والدليل أن عملي الأخير (النداء الأخير للحب) ضم عدداً كبيراً من النجوم ، فمن يغيب لن يؤثر ، وبالنتيجة هناك الكثير من الفنانين الكبار ماتوا وبقيت الدراما قوية . فالدراما السورية مستمرة لا تتوقف عمن يغيب عنها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من صور (النداء الأخير للحب)..

