“الجمهورية” تحضر كواليس كاستينغ فيلم المرحوم

أحمد وهبي:

وهران تتذكر الـ “كروان”

 قايدعمر هواري
وأخيرا ينبعث المرحوم أحمد وهبي من الرماد… فنان كبير ومغنٍ قدير، لم ينل هو الآخر حقّه من الاهتمام والتبجيل والعرفان، ظل لسنوات طويلة طيّ النسيان والكتمان، إلى أن جاء أحد الغيورين والمهتمين بالتراث الجزائري ولاسيما الأغنية الوهرانية النقية والأصيلة، ليكتب فصلا جديدا متجددا عن كروان مدينة الباهية الخالد، وينفض الغبار عن حياة فنان مليئة بالأسرار والألغاز التي لا تزال إلى اليوم، خافية عن الكثير من المعجبين لوصلات أحمد وهبي العذبة الشجية… هذا الغيور والعاشق للفن الوهراني الأصيل، هو شاب من مدينة الجزائر العاصمة، معروف عنه هوسه وحبه الشديد لكل ما له علاقة بالحس الإبداعي والجمالي للأغنية التراثية العريقة، حيث ارتأى أن ينجز فيلما جديدا يلخص فيه حياة المرحوم أحمد وهبي ويسلط الضوء على مختلف الجوانب الإنسانية التي ميّزت مسيرته الفنية وحتى النضالية ضد الاحتلال الفرنسي البغيض، حيث أكد لنا السيد آيت الحاج سالم منتج والمشرف العام للفيلم، بأنه سعيد بهذا التحدي السنيمائي الجديد، وأنه يريد من ورائه تقديم باقة فنية مُزهِرة، لهذا المطرب الجزائري العملاق الذي تعدى صوته مختلف مدن وحواضر العالم، موضحا أن فكرة الفيلم جاءت باقتراح من الكاتب المسرحي مراد محمد مولاي الملياني من وهران، وأنه “بمجرد أن عرض عليه هذا الأخير الفكرة في 2013،  رحّب بها على الفور، ليشرع في قراءة جميع المعلومات التي تخص الراحل أحمد وهبي”.

وصرح آيت الحاج الذي التقينا به بالمسرح الجهوي لوهران، وهو يشرف على عملية الكاستينغ الخاصة بالفيلم، أنه وخلال عملية المراجعة التاريخية للفنان، اكتشف الكثير من الجوانب الخفية الخاصة به، حيث كان رياضيا، مجاهدا، أمينا وطنيا لاتحاد الفنانين الجزائريين، وأنه الوحيد المتحصل على شهادات عليا في الموسيقى من عدة معاهد دولية.” موضحا في السياق ذاته، أن “ابن المغني الراحل ثمن كثيرا العمل الفني، وقدم الكثير من الوثائق وقصاصات الجرائد، التي تحدثت عن أحمد دريش التيجاني وهو الاسم الحقيقي للمرحوم، بل وتنازل لهم حتى عن الحقوق المجاورة للقصة، ليقوم بعدها المشرف العام للفيلم، بالاتصال بالسيناريست طارق بوعرعارة، لكتابة السيناريو، وها نحن اليوم – يضيف نفس المتحدث – قد انطلقنا في الكاستينغ، الذي بدأناه من الجزائر العاصمة في الـ 25 من شهر جانفي المنصرم، ثم وهران 17،16،15 فيفري الجاري فأخيرا سيدي بلعباس لإتمام العملية، موضحا أن الفيلم سيسلط الضوء بالتحديد على الجوانب الإنسانية أكثر منها على الخصوصيات الفنية، على غرار طريقة تعامله مع أفراد أسرته، احترامه للفنانين، وحتى علاقته مع الصحافيين وما تركه من وصايا للأسرة الإعلامية التي سيكشفها لاحقا في الفيلم
وأما بخصوص عملية تمويل هذا المولود الفني الجديد، أكد لنا السيد سالم، أنها ذاتية وتحديدا من قبل المؤسسة الخاصة “رام برود” للإنتاج السمعي والبصري الكائن مقرها بالجزائر العاصمة، متمنيا في السياق ذاته، أن يلقى هذا العمل السينمائي دعما إضافيا من قبل الجهات الوصية، حتى يكون جاهزا كما تمّ الاتفاق عليه آنفا في 28 أكتوبر من سنة 2015، وصرح لنا نفس المتحدث بأن الكاستينغ مفتوح لجميع الشباب الراغبين في ترك بصمة على الفيلم، سواء من داخل الوطن أو خارجه، لاسيما وأن تراث كروان الباهية، ليس جزائريا فقط بل عربي، بدليل أن العديد من أغانيه لا تزال إلى اليوم على لسان الكثير من الفنانين العرب الذين يفتخرون به وبتراثه العريق والأصيل. ليكشف لنا في مضمار آخر، “أنه وخلال عملية المراجعة والفحص الدقيق لأهم المحطات التي مرّ بها الفنان، لاحظ وجود الكثير من الأخطاء والمغالطات التاريخية، على غرار تاريخ مولده ووفاته… إلخ ، موضحا لنا بأنه ولد في 15 نوفمبر1921 بمارسيليا، وتوفي في 28 أكتوبر 1993، خاتما تدخله “أن مخرج الفيلم سيعرف في الأيام القليلة القادمة، خاصة بعدما تم الشروع في مفاوضات مع مخرجين شابين اثنين من مصر وفرنسا، وأنه سيتم اختيار واحدا منهم ريثما يتم التفاهم على الشرط المادي. من جهتها أكدت حفيدة المطرب الوهراني الكبير سهام بن عبورة، التي وجدناها أمس وهي تتابع باهتمام كبير عملية الكاستينغ، بأنها سعيدة بهذا العمل الفني الجديد، لاسيما وأنها لم تكن محظوظة برؤيته باعتبار أنه توفي سنتين قبل ميلادها، لتصرح بأن هذا المجهود السينمائي جاء في وقته المناسب، كيف لا وأن جدّها كما قالت “كان منسيا في حياته، وهاهو اليوم ينبعث من الرماد بعد مماته و وفاته.” لتبقى مثل هذه الأفلام السينمائية، مجرد عربون و وفاء لفنانينا الكبار الذي تركوا بصمتهم خالدة في الحياة الثقافية الجزائرية المليئة بالإبداع والتحديات، على غرار صاحب روائع “وهران وهران”، “طويل الرقبة”، “شهلة لعيون” و”سرج يا فرس اللطام” ….إلخ التي تمثل في الحقيقة معجما مليئا بالعبر والحكم لمن أراد تعلم تكاليف الحياة وهمومها المتعبة.

من almooftah

اترك تعليقاً