تعود حملة “حقي – الحملة الوطنية لإقرار الحقوق السياسية للأشخاص المعوقين” اليوم، للانطلاق من جديد في مرحلتها السادسة لمواكبة الانتخابات النيابية للعام 2018. وذلك بعد انطلاقها قبيل الانتخابات النيابية عام 2005، والنيابية الجزئية عام 2007، والانتخابات النيابية للعام 2009، والبلدية والاختيارية في دورتي 2010 و2016. تنطلق الحملة اليوم، وقد حملت ذخيرة الأعوام السابقة تعزيزاً للحقوق السياسية للأشخاص المعوقين في لبنان ترشحاً واقتراعاً.. وقد استطاعت الحملة، رغم كل الظروف التي مرت بها البلاد، أن تتقدم على صعيد هذه الحقوق تعميماً للتوعية الكافية تجاه حقوق هذه الفئة التي تزيد نسبتها عن 10 بالمئة من سكان لبنان، وبالتالي من ناخبيه.

استطاعت الحملة أن تدرج أوراق 2005 في مشروع مرسوم لجنة الوزير بطرس، ما أسس بدوره كي تدرج هذه الحقوق في فقرتين من قانون الانتخابات 25/2008، الذي أجريت وفقه الانتخابات النيابية للعام 2009، ولم يعد تجاوزها مُمكنا في القانون الحالي 44/2017، حيث أدرجتا في المادة 96 منه. وعلى مستوى التشريع كذلك تضمّن المرسوم التطبيقي الرقم 2214/2009، آليات كفيلة بالوصول إلى تسهيل عملية اقتراع الأشخاص المعوقين بالتعاون مع الوزارات المعنية.

كما استطاعت الحملة، أن تقوم بمسح ميداني شامل لمراكز الاقتراع في لبنان أظهر أن صفراً بالمئة منها يتمتع بالمواصفات الست التي تعتبر الحد الأدنى من التجهيز الدامج وفق القانون 220/2000؛ إلى جانب دراسات ومسوحات ميدانية وتدقيقات أخرى. وقد زوّدت الحملة الوزارات المعنية بهذه الدراسات العلمية وببحوث أخرى تزيل الشكوك والأوهام حول كلفة التجهيز الهندسي. وكان آخر الدراسات ما يتعلق بالتجهيز الهندسي لعشر مدارس مختلفة تستخدم كمراكز اقتراع، وكذلك مشروع ورقة اقتراع بطريقة برايل للناخبين المكفوفين.

أما على الأرض، فقد رصدت الحملة انتهاكات بالجملة بحق الناخبين المعوقين خلال الدورات الماضية، ويعود السبب في عدم احترام حاجاتهم في مراكز وأقلام الاقتراع إلى:

• غياب التجهيز الهندسي.

• عدم وجود الوعي الكافي لحاجاتهم لدى هيئة القلم والقوى الأمنية المتواجدة في المركز وإلى جواره.

• عدم وفاء البلديات بالتزاماتها تجاههم بتأمين متطوعين لمساعدتهم في حال عدم توفر التجهيز المطلوب.

• الزحام الشديد وكثافة المقترعين غير المعوقين ومزاحمتهم الأشخاص المعوقين، وغيرها من الأسباب.

كما عززت الحملة اقتراع الأشخاص المعوقين وأمنت متطوعين على الأرض ضمن إمكاناتها لحثّ الناخب المعوق على التوجه إلى أقلام الاقتراع، ومن ثم مساعدته على إتمام عملية اقتراع مستقلة. وعممت ضمن مراكز الاقتراع هذه الحقوق عبر المنشورات وأجرت استفتاءات للناخبين غير المعوقين.

أما اليوم،

تنطلق حملة حقي من جديد لمواكبة الحملات الانتخابية لجميع المرشحين، ومتابعة برامجهم الانتخابية، التي تجسد نظرتهم للقضايا الاجتماعية الملحة، ونيّاتهم في تطبيقها على الأرض في حال وصولهم إلى الندوة البرلمانية. وتستمر الحملة في مواكبة اقتراع الأشخاص المعوقين ورصد الانتهاكات الحاصلة بحقهم يوم الانتخاب في جميع المحافظات.

ونجد أنفسنا اليوم في وضع شبيه بالفترة التي سبقت انتخابات العام 2009، فقد تعاملت المؤسسات الرسمية مع قضايانا بوهن وبيروقراطية، ولم تطبق الوزارات المتعاقبة المرسوم 2214/2009، فنحن أمام بعض البدائل التي لا تمكّن الناخبين المعوقين من الاقتراع باستقلالية وبكرامة، وذلك لعدم توفّر الإرادة الجديّة لدى الإدارات المعنية للعمل على الوصول إلى انتخابات دامجة تحترم التنوع. فعلى الرغم من سعينا خلال الأشهر الماضية إلى تحقيق اقتراع الأشخاص المكفوفين باستقلالية عبر ورقة اقتراع بطريقة برايل، إلا أن هذا المطلب لم يجد طريقه إلى التطبيق حتى الآن، وكذلك تتناسى الحكومة تأمين مراكز اقتراع دامجة على الرغم من تقديمنا الدراسات الهندسية المطلوبة لها.

لقد كان كلّ شيء مطلوب متوفراً وعلى طاولات الوزراء المعنيين.. كل ما هو مطلوب كي تدار عجلة البيئة الهندسية الدامجة الخالية من العوائق الهندسية التي تحرم الأشخاص المعوقين من الانخراط في ميادين الحياة العامة. زودناهم بدراسات وأبحاث ومسوح ميدانية غطت مساحة لبنان، لكننا لم نجد من قبل المعنيين سوى التسويف والمماطلة وتضييع الوقت والفرص وصولًا إلى فترة لا يمكنهم فيها إنجاز شيء يذكر. ولم تلتزم الوزارات المعنية بالقوانين، والمراسيم، والتعاميم الصادرة حول تسهيل عملية اقتراع الأشخاص المعوقين.

لم يعد هناك أي مبرر لدى الحكومة الحالية من عدم المبادرة إلى تطبيق التشريعات المحلية المتمثلة بالقانون 220/2000 ومندرجاته، والسعي للمصادقة على الاتفاقية الدولية بشأن تعزيز حقوق الأشخاص المعوقين وكرامتهم.

ونطالب الحكومة بأن تجعل الانتخابات المقبلة منطلقاً لها كي تهيّء الحلول المطلوبة وضمان الحدّ الأدنى من المعايير الدامجة، على مستوى المباني وعلى مستوى العملية والآلية من حيث تكييف بطاقة الانتخاب، إلى بناء القدرات وإذكاء الوعي. ومن المهم جداً أن تضمن النموذج المثالي وأن تشكل بكاملها المادة الأساسية لتحويلها إلى خطة وطنية مع الميزانية التقديرية والمواصفات والمعايير لتدخل في موازنة الدولة للعام 2018، وفق جدول زمني محدد. وبهذا نكون قد أسسنا لإمكانية الترشح والانتخاب باستقلالية وكرامة للأشخاص المعوقين في انتخابات العام 2022.

اليوم، وبعد تجاهل الحكومة للوفاء بالوعود الكثيرة التي أغدقت على فئة الأشخاص المعوقين خلال السنوات الماضية، فالوجوه في الوزارات هي هي والمسؤولون وإن تبادلت أدوراهم هم هم؛ وبعد تضييع الفرص، والعودة إلى نغمة المعالجات المؤقتة والجزئية، نحن في حملة حقي نحمّل الوزارات المعنية مجتمعة جريمة غياب البيئة الهندسية الملائمة للأشخاص المعوقين في مراكز الاقتراع. كما نحمّل الحكومة جريمة استغلال الناخبين المعوقين وانتهاك كراماتهم بحملهم على الأدراج في يوم الانتخاب. سنراقب العملية الانتخابية ونرصد الانتهاكات بحق الناخبين المعوقين على جميع الأراضي اللبنانية، وبعد السادس من أيار 2018، سيكون لنا كلام آخر.

اترك تعليقاً