محمد علي العابد أول رئيس جمهورية سوري منتخب عام 1932 واستمر إلى أن قدم استقالته عام 1936 …
وعلى الرغم من كونه رئيس للجمهورية، إلا أنه لم يستطع التدخل لمصلحته أمام القضاء بخصوص دعوى خاصة به، تفاصيل القصة يرويها القاضي السوري حنا مالك حيث يقول في مذكراته:
“صدف خلال عملي في المحاكم المختلطة، أن كانت لدى المحكمة دعوى تركة المرحوم عزة باشا العابد باعتبار أن إحدى وريثاته أجنبية لزواجها من إنكليزي. وكان ولده عبد الرحمن بك هو الذي تقدم بالدعوى، وكانت العلاقات بينه وبين فخامة أخيه محمد علي بك ، رئيس الجمهورية، على غير مايرام .
وقد فكر محمد علي بك وهو رئيس الجمهورية أن يتدخل في موضوع الدعوى لمصلحته طبعاً فطلب من أحد وزرائه سليم بك جانبرت، وكان صديقاً حميماً للمرحوم والدي، أن يدعوني لزيارة قصر الرئاسة ، ففعل.
ولكنني اعتذرت في بادئ الأمر معللاً ذلك بأن زيارتي لفخامته ، وله قضية في المحكمة المختلطة وأنا قاضٍ فيها، تفسر بأحد أمرين: إما أنني ذاهبٌ لزيارته زيارة تملق ونفاق ولعرض خدمة عليه، أو أنني مدعو لأتلقى التوجيهات اللازمة وفي الحالتين فإن نفسي تمجهما وتأباهما مزاجي وكرامتي.
ولكن فخامة الرئيس أصر على وزيره لدعوتي لمقابلته، وكان الوزير رجلاً طاعناً في السن، وصديقاً لوالدي كما أشرت، فخجلت منه ولم أجد بداً والحالة هذه من تلبية الدعوة مكرهاً وعلى مضض وتأثر.
وبالفعل قمت بزيارة القصر الجمهوري واجتمعت إلى فخامة الرئيس، وبعد المقدمات والمجاملات من قبل فخامته، أخذ يبحث معي في موضوع القضية ذاتها، تركة المرحوم والده عزة باشا العابد، وأظهر توجيهه بحذاقة ومهارة، بحجة عدم التحيز لأخيه عبد الرحمن بك، وهي براعة في الطلب من فخامته، ولكنها لم تخف علي. فقلت لفخامته متأثراً “يافخامة الرئيس ، إن المحكمة التي لا تتأثر لمصلحة فخامة رئيس الجمهورية بالذات ، فإنها من باب أولى لا تتأثر لمصلحة أخيه، وإنه لمن دواعي الفخر أن تكون في سورية محكمة لا تتأثر حتى لمصلحة فخامة رئيس الجمهورية”
قلت هذا ، وشعرت بأن فخامة الرئيس لم يكن ليتوقع مثل هذا الجواب ، فانزعج منه وكان بالطبع ينتظر العكس تماماً . فودعته وانصرفت.
انتهت الدعوى بغير مايرغب السيد رئيس الجمهورية، لأنني لم أمتثل لطلباته ….
فما كان منه إلا أن أصدر مرسوماً بنقلي من المحاكم المختلطة إلى المحاكم الأهلية”.
أخذ على الرئيس محمد علي العابد حينها أنه تدخل لنقل القاضي الشريف حنا مالك …
إلا أنه في المقابل لم يسرح هذا القاضي، ولم يعتقله، ولم يقتله، ولم يجرده من الجنسية السورية …. لقد بقي هذا القاضي رمزاً ناصعاً لاستقلال وسيادة القضاء والدليل أنه استمر في عمله وتألق به حتى نهاية الخمسينيات من القرن الماضي ….
وعلى الرغم من كونه رئيس للجمهورية، إلا أنه لم يستطع التدخل لمصلحته أمام القضاء بخصوص دعوى خاصة به، تفاصيل القصة يرويها القاضي السوري حنا مالك حيث يقول في مذكراته:
“صدف خلال عملي في المحاكم المختلطة، أن كانت لدى المحكمة دعوى تركة المرحوم عزة باشا العابد باعتبار أن إحدى وريثاته أجنبية لزواجها من إنكليزي. وكان ولده عبد الرحمن بك هو الذي تقدم بالدعوى، وكانت العلاقات بينه وبين فخامة أخيه محمد علي بك ، رئيس الجمهورية، على غير مايرام .
وقد فكر محمد علي بك وهو رئيس الجمهورية أن يتدخل في موضوع الدعوى لمصلحته طبعاً فطلب من أحد وزرائه سليم بك جانبرت، وكان صديقاً حميماً للمرحوم والدي، أن يدعوني لزيارة قصر الرئاسة ، ففعل.
ولكنني اعتذرت في بادئ الأمر معللاً ذلك بأن زيارتي لفخامته ، وله قضية في المحكمة المختلطة وأنا قاضٍ فيها، تفسر بأحد أمرين: إما أنني ذاهبٌ لزيارته زيارة تملق ونفاق ولعرض خدمة عليه، أو أنني مدعو لأتلقى التوجيهات اللازمة وفي الحالتين فإن نفسي تمجهما وتأباهما مزاجي وكرامتي.
ولكن فخامة الرئيس أصر على وزيره لدعوتي لمقابلته، وكان الوزير رجلاً طاعناً في السن، وصديقاً لوالدي كما أشرت، فخجلت منه ولم أجد بداً والحالة هذه من تلبية الدعوة مكرهاً وعلى مضض وتأثر.
وبالفعل قمت بزيارة القصر الجمهوري واجتمعت إلى فخامة الرئيس، وبعد المقدمات والمجاملات من قبل فخامته، أخذ يبحث معي في موضوع القضية ذاتها، تركة المرحوم والده عزة باشا العابد، وأظهر توجيهه بحذاقة ومهارة، بحجة عدم التحيز لأخيه عبد الرحمن بك، وهي براعة في الطلب من فخامته، ولكنها لم تخف علي. فقلت لفخامته متأثراً “يافخامة الرئيس ، إن المحكمة التي لا تتأثر لمصلحة فخامة رئيس الجمهورية بالذات ، فإنها من باب أولى لا تتأثر لمصلحة أخيه، وإنه لمن دواعي الفخر أن تكون في سورية محكمة لا تتأثر حتى لمصلحة فخامة رئيس الجمهورية”
قلت هذا ، وشعرت بأن فخامة الرئيس لم يكن ليتوقع مثل هذا الجواب ، فانزعج منه وكان بالطبع ينتظر العكس تماماً . فودعته وانصرفت.
انتهت الدعوى بغير مايرغب السيد رئيس الجمهورية، لأنني لم أمتثل لطلباته ….
فما كان منه إلا أن أصدر مرسوماً بنقلي من المحاكم المختلطة إلى المحاكم الأهلية”.
أخذ على الرئيس محمد علي العابد حينها أنه تدخل لنقل القاضي الشريف حنا مالك …
إلا أنه في المقابل لم يسرح هذا القاضي، ولم يعتقله، ولم يقتله، ولم يجرده من الجنسية السورية …. لقد بقي هذا القاضي رمزاً ناصعاً لاستقلال وسيادة القضاء والدليل أنه استمر في عمله وتألق به حتى نهاية الخمسينيات من القرن الماضي ….