سلفادور دالي

 

سلفادور دالى: العبقرى المجنون

يعتبر دالى من أهم فناني القرن العشرين، وهو أحد أعلام المدرسة السريالية. يتميز دالى بأعماله الفنية التي تصدم المُشاهد بموضوعها وتشكيلاتها وغرابتها، وكذلك بشخصيته وتعليقاته وكتاباته غير المألوفة والتي تصل حد اللامعقول والاضطراب النفسي.
النشأة
ولد سلفادور دالى عام 1904 فى كاتالونيا بإسبانيا، قرب الحدود الفرنسية. ومثلما حدث مع الرسام الهولندي الشهير فان جوخ، فقد أُطلق على سلفادور دالي اسم شقيق له كان قد توفي قبل ولادته بثلاث سنوات، ويقول سلفادرو دالي عن ذلك: ” لقد كنت فى نظر والدي نصف شخص، أو بديل، وكانت روحي تعتصر ألماً وغضباً من جراء النظرات الحادة التي كانت تثقبني دون توقف بحثاً عن هذا الآخر الذي كان قد غاب عن الوجود‍‍”.
عاش دالي مُرفهاً بين أسرة ثرية، وكان والداه يوفران له كل مطالبه. ونتيجة لدلاله المبالغ فيه فقد عُرف عنه سلوك الطائش، كدفعه صديقه عن حافة عالية كادت تقتله، أو رفسه رأس شقيقته “آنا ماريا” التي كانت تصغره بثلاث سنوات، أو تعذيب هرّة حتى الموت، واجداً في أعماله تلك متعة كبيرة كالتي كان يشعر بها حين يعذب نفسه أيضاً حيث كان يرتمي على السلالم ويتدحرج أمام نظر الآخرين. ولعل هذه التصرفات التي أوردها سلفادور دالى في مذكراته فيما بعد هى التى شكّلت الشرارة النفسية الأولى للمذهب الفني الذي اختاره للوحاته.
البدايات
ساهم رامون بيشوت، أحد جيران عائلة دالى في دخوله إلى عالم الرسم، ففي السابعة من عمره رسم دالى أولى لوحاته، واستطاع في مدرسته أن يلفت النظر إلى رسومه التي تنبأت له بمستقبل بارع، مما دفع بعائلته وأساتذته إلى حثّه على دخول أكاديمية الفنون الجميلة في “سان فيرناندو” في مدريد.
كان دالى يذهب إلى متحف “البرادو” كل أحد، حيث كان يمضي ساعات طويلة مُتسمراً أمام لوحات المشاهير أمثال فيلاسكيز دييغو، غويا فرانسسيكو، وسورباران فرانشسكو، وعندما كان يعود إلى الأكاديمية كان يقوم برسم رسوماً تكعيبية للمواضيع التي شاهدها في هذه اللوحات. وفي ذلك الوقت تعرّف دالى على الفن التكعيبي، إلا أنه ثار على المفاهيم التي يدعو إليها هذ الفن، مما دفع دالى لأن يستبدل ألوان قوس قزح في لوحاته بالألوان الأبيض والأسود والأخضر الزيتوني والبني الداكن فجاءت ألوانه حزينة إلى حد كبير.
الحياة الفنية
درس دالي المستقبلية الإيطالية، وفي عام 1924 بدأ يهتم بالمدرسة الميتافيزيقية وبمبادئها التي وضعها كل من جيورجيو شبيريكو وكارلوكارا. وقد كان لتلك الفترة أثر كبير في حياته، إذ تعرف فيها على المذاهب الفنية كافةً والتقى بفنانين عالميين مختلفين منهم الشاعر فيديريكو غارسيا لوركا الذي أنجز معه عملاً مسرحياً كان الأول له، ولويس بونييل الذي اختلف معه بسبب آرائه السياسية التي شهدت انقلاباً غريباً من الفكر الثوري إلى البورجوازية الخاضعة لملذات الحياة.
خلال فترة دراسته اهتم دالى بمطالعة مؤلفات فلسفية مثل كتابات نيتشه، فولتير، كانت، وسبينوزا. وقد وجّه دالى اهتمامه الكامل إلى أعمال الفيلسوف ديكارت الذي استند إلى أفكاره في الرسم فيما بعد.
في أواخر العشرينات، بدأ دالى يهتم بكتابات سيجموند فرويد عن الأهمية الجنسية للصور اللاشعورية، وفى هذه الفترة انتسب إلى سرياليي باريس، وهي مجموعة من الفنانين والكُتّاب السرياليين، مما أدى إلى التطور الواضح فى أسلوب دالى الفنى فى هذا الوقت واتجاهه نحو السريالية.
تحولاته الأخيرة
في عام 1948 عاد دالي إلى كتالونيا، وكانت عودته هذه المرة عودة الابن البار حيث تصالح مع والده بعد فترة قطيعة طويلة. وانطلاقاً من إعجابه المُعلن بالرسامين الكلاسيكيين أمثال فيلاسكيز ورافائيل وفيرمير، انطلق نحو ما سماه “الفن الكلاسيكي الديني” ورسم بعدها عدداً من اللوحات الدينية مثل لوحة “مادونا بورت ليجات” وهي عبارة عن عذراء بوجه زوجته جالا.
وفاته
في عام 1984 احترق دالي في غرفته ضمن ظروف مُريبة ربما كانت محاولة انتحار، لكنه لم يمت وعاش خمس سنوات تالية ! وفى 23 يناير 1989 توفى دالى، العبقرى المجنون والذى اتفق النقاد على وصف جنونه وعبقريته بالأسطورة.

من almooftah

اترك تعليقاً