نهاد قلعي 

مازال الأب الروحي للكوميديا التلفزيونية

حسني البورزان ( نهاد قلعي ) المبدع القليل الحظ الذي تركنا باكرا

الفنان نهاد قلعي

الفنان :نــهــاد قــلــعــي
العراب قليل الحظ الذي غاب باكرا

دمشق-نبيل محمد:
حسني البورزان.. شخصية رافقت حياة وذاكرة عدة أجيال عربية بما تحمله من بساطة وحب وطيبة ووقوع في شرك احتيال غوار الطوشة وهاتان الشخصيتان غوار وحسني أو دريد ونهاد اللتان رسمتا تاريخ الكوميديا في التلفزيون العربي السوري منذ بداياته كانتا أكثر من مجرد عمل تلفزيوني أو قصة فكاهية دخلت كل منزل في سورية وربما في الوطن العربي فقد لخصا الذاكرة الإبداعية الفنية وكانتا عنوان تاريخ الفن التلفزيوني والسينمائي والمسرحي السوري حتى أن البعض أطلق على هذا الثنائي بأنه المقابل العربي للوريل وهاردي الثنائي الكوميدي الغربي.

نهاد قلعي الخربطلي مواليد دمشق 1928 صاحب الحظ العاثر في الفن وفي الحياة برزت موهبته باكراً ولفتت الأنظار إليه وجعلته يحلم بالفن ويتجه إلى دراسته في مصر إلا أنه عندما قرر الالتحاق بمعهد التمثيل في القاهرة قبل سفره بأيام تعرض للمقلب الأول من الحياة بسرقة نقود سفره مما أجبره على ترك السفر والعمل في دمشق.

عمل في بداية حياته المهنية مراقباً في معمل للمعكرونة ثم ضارباً للآلة الكاتبة في الجامعة ونقل بعد ست سنوات من العمل إلى وزارة الدفاع واستقال بعدها ليعمل مساعداً لمخلص جمركي طوال خمس سنوات إلى أن عمل لحسابه الخاص.

انتسب نهاد إلى استديو البرق سنة 1946 وشارك بتقديم مسرحية “جيشنا السوري” وفي عام 1954 أسس النادي الشرقي مع سامي جانو والمخرج خلدون المالح وراح يقدم في المسرحيات أدوارا كوميدية مثل “لولا النساء” و”ثمن الحرية” على مسارح دمشق والقاهرة حيث حاز النجم على إعجاب المسرحيين المصريين وبدأت نجوميته بالتصاعد.

لم يستقر نهاد في العمل الفني إلا مع إنشاء التلفزيون العربي السوري عام 1960 حيث عمل مع دريد لحام ومحمود جبر بمجموعة من البرامج الخفيفة كان أولها “سهرة دمشق” ثم الأوبريت المسرحي “عقد اللولو” الذي حوله المنتج نادر الأتاسي إلى فيلم سينمائي ثم شارك قلعي في مسلسل “رابعة العدوية” مع المخرج نزار شرابي كانت البداية التلفزيونية الأهم للنجم في مسلسل “حمام الهنا” مع دريد لحام ورفيق سبيعي وإخراج فيصل الياسري حيث تكرست فيها شخصية حسني وغوار ثم تكررت بعده الأعمال التلفزيونية والسينمائية مثل أفلام.. غرام في إسطنبول، الصعاليك، النصابين الثلاثة، اللص الظريف، خياط السيدات، الصديقان، ومسلسلات مقالب غوار وصح النوم وكانت هذه الأعمال بمثابة أيقونة فنية دخل فيها قلعي ولحام كل بيت وعملا مع كبار النجوم العرب مثل نجلاء فتحي وشادية وناديا لطيف وغيرهن.

وعلى صعيد المسرح يعتبر نهاد قلعي المؤسس الحقيقي للمسرح القومي في سورية وذلك عندما عهدت إليه وزارة الثقافة والإرشاد القومي مهمة تأسيس المسرح القومي وإدارته عام 1959 فقد قدم عدة مسرحيات منها مسرحية “المزيفون” عام 1960عن نص لمحمود تيمور وإخراج نهاد قلعي ثم تتالت المسرحيات مثل “البرجوازي النبيل” و”مدرسة الفضائح” وهي أيضاً من إخراجه.

كانت الأعمال المسرحية الأهم في تاريخ قلعي هي ضيعة تشرين، مسرح الشوك، غربة التي قدمت على كبرى مسارح الوطن العربي وكانت غربة آخر أعماله والتي تعرض فيها لحادث أليم أقعده وأبعده عن العمل الفني ليلجأ إلى كتابة مسرحيات وقصص الأطفال إلى أن توفي في السابع عشر من تشرين الأول عام 1993 بعد عزلة لم يخترها وابتعاد من قبل رفاق الدرب الذين مهد لهم الطريق ليلقوا التصفيق الذي يلقوه الآن.

كان قلعي بجدارة العقل المفكر الأساسي الذي مهد لنهضة التلفزيون والمسرح والسينما في سورية فإبداعه في مجال الإخراج والتمثيل والكتابة وإدارة المؤسسات الفنية جعلته عراباً حقيقياً لهذه المجالات التي استطاع من خلالها بجهده الذاتي وجهد بعض الرفاق تشييد الخطوات الأولى للفن في سورية تلك الخطوات التي ما زالت هي الأهم رغم تطور الفنون جميعاً والتي ما زالت ماثلة حتى يومنا هذا في الإنتاجات المعاصرة. –سانا-
احمد صلاح – اتمنى كتابة تفاصيل الحادث الاليم
اتمنى من اي احد يعرف تفاصيل الحادث الاليم الذي تعرض له نهاد قلعي والذي ادى بعد فتره الى وفاته ان يكتب بالتفصيل خاصة وانني سمعت ان احد النافذين ضربه على راسه ولم يتعرض الضارب لاي عقاب
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الراحل نهاد قلعي الأب الروحي للكوميديا السورية – سامر الشغري

رغم مرور 19 عاماً على رحيله.. نهاد قلعي مازال الأب الروحي للكوميديا التلفزيونية

دمشق – سانا
سامر الشغري
يجمع الكتاب والمهتمون بتاريخ الكوميديا التلفزيونية في سورية على أن الفنان الراحل نهاد قلعي هو الأب الروحي المؤسس لهذا الفن وأن الشخصيات التي أبدعها بقيت لأجيال الأسماء الأكثر شعبية لدى المشاهد العربي عموماً دون أن يستطيع أبطالها منها فكاكاً.
ولكن بعض النقاد من الشباب يقدمون رأياً مخالفاً مفاده أن فن الراحل قلعي لا يزيد على كونه نقل لتجربة القاص الشعبي حكمت محسن من موجات الأثير إلى شاشات التلفزة وأن الشخصيات والحبكات التي أتى بها استقاها من الأدب والفن الغربيين ويتناسى هؤلاء النقاد جوهر الكوميديا منذ ظهورها بشكلها الحالي على يد الفرنسي موليير مروراً بالمدارس الأوروبية والأمريكية وصولاً إلى منطقتنا العربية والتجربة المصرية بقديمها وجديدها واعتمادها على إبداعات السابقين مع إلباسها ثوباً جديداً يتناسب مع ثوب العصر.
ولد الفنان والكاتب الراحل نهاد قلعي الخربوطلي في الأول من كانون الثاني من عام 1928 في حارة قولي بحي ساروجة وهو أحد الأحياء الدمشقية العريقة في عائلة أولعت بالفن والأدب ويكفي أن نقول أن خاله كان الفنان توفيق العطري أحد الفنانين والسينمائيين السوريين الرواد وعمه الأديب والقاص المعروف أديب حقي.
وكان للفنان الفلسطيني عبد الوهاب أبو السعود الفضل الأكبر في اكتشاف موهبة نهاد الفنية وصقلها حيث كان يعد ويخرج مسرحيات خاصة بالطلاب في عدد من ثانويات دمشق ومن بينها ثانوية التجهيز الأولى التي كان نهاد قلعي يواظب على دراسته فيها وخلال تلك الفترة لمعت في رأسه فكرة السفر إلى القاهرة ودراسة الفن في معهد التمثيل بالقاهرة والذي كان أول وأعرق معهد لإعداد الممثلين في الوطن العربي .

وشاءت الأقدار أن يتعرض فناننا الراحل لأول مقلب في حياته عندما سرقت منه نقود السفر فهجر فكرة دراسة التمثيل في الخارج وبدأ يتنقل في الوظائف الحكومية من معمل المعكرونة إلى الضرب على الآلة الكاتبة إلى وزارة الدفاع ثم الجمارك ما يعكس تبرمه من العمل الرسمي وزهده بالوظيفة ونفسيته التي تحب التجديد وتأبى الروتين.
ولأنه لم يأخذ العمل الحكومي يوما فنانا من عشقه للفن فقد انتسب إلى استديو البرق وهو فرقة مسرحية رائدة في العام 1946 كما شارك في تأسيس النادي الشرقي وهو تجمع مسرحي شاب ضم فنانين سوريين رائدين مثل خلدون المالح وعادل خياطة وسامي جانو عام 1954 والذي تمكن من عرض بعض أعماله على مسارح القاهرة نفسها ما رفع شهرة نهاد قلعي.
وإزاء نجاح فناننا الراحل على خشبات المسرح سوريا وعربياً عهدت إليه وزارة الثقافة والإرشاد القومي إبان فترة الوحدة مع مصر تأسيس المسرح القومي في سورية واستطاع خلال فترة بسيطة وخاصة بعد بناء مسرح أبو خليل القباني إنتاج خمس مسرحيات في موسم 1962-1963 وبعضها كانت من إخراجه وبطولته مثل “المزيفون وثمن الحرية والبرجوازي النبيل ومدرسة الفضائح”.
وكان نهاد أحد أهم الأسماء التي استدعاها الدكتور صباح قباني أول مدير للتلفزيون السوري للعمل على انطلاقة البث التلفزيوني في سورية في 23 تموز من عام 1960 لتقديم برامج ولوحات فنية وهنالك تعرف على شريكه وتوءمه الروحي الفنان الكبير دريد لحام.
توطدت العلاقة سريعاً بين الفنانين العملاقين وكانت أولى ثمار هذه العلاقة برنامج الإجازة السعيدة الذي ظهرت أولى حلقاته لدى افتتاح بث التلفزيون ولكن الثنائي دريد ونهاد لاحظا أن شخصية كارلوس التي قدمها دريد لحام لم ترق للجمهور السوري لتبدأ رحلة البحث عن شخصيات واقعية من صميم الإنسان السوري والحارة الدمشقية ولتكون شخصيتا حسني البورظان وغوار الطوشة اللتان بنيت على أساسهما شخصيات أخرى مثل أبو صياح وعبدو وأبو شاكر تلاها أبو عنتر وأبو رياح وياسينو المدماك الذي رفع اسم الكوميديا السورية في الأعالي ولتهز عرش الكوميديا المصرية نفسها.
انتقل نهاد ودريد سريعاً إلى الفن السابع وكان فيلمهما الأول عقد اللولو عن مسرحية كتبها نهاد وقدمت على مسرح نادي الضباط في دمشق عام 1961 ليرسم نجاح هذا الفيلم انطلاقة الثنائي السوري السينمائية والتي ضمت مسيرتها 28 فيلما تولى نهاد قلعي كتابة 15 فيلما منها.
لم ينسي انغماس دريد ونهاد في التجربة السينمائية الشاشة الصغيرة فقدماً بدءاً من العام 1966 أربعة مسلسلات كوميدية هي مقالب غوار ثم حمام الهنا تلاه صح النوم بجزأين وأخيراً ملح وسكر والتي كرست بشكل نهائي زعامة نهاد قلعي على عرش الكتابة الكوميدية للتلفزيون عربياً وباتت أعماله مدارس قائمة بحد ذاتها وتحظى بالشعبية الطاغية لدى الجمهور العربي لدرجة أن شوارع المدن العربية كانت تفرغ من المارة لدى عرضها على حد تعبير المخرج خلدون المالح.
ولدى نكسة حزيران 1967 انضم دريد ونهاد إلى تجربة الفنان المبدع عمر حجو المسماة مسرح الشوك وقدموا سلسلة لوحات ناقدة وساخرة ويمكن اعتبارها إلى حد بعيد الأب المباشر لأعمال مرايا ياسر العظمة ومسلسل بقعة ضوء .
ورغبة من نهاد في الابتعاد عن الأسلوب الكوميدي الشعبي والبسيط الذي نحاه في أعماله مع دريد والتوجه لمخاطبة الجمهور المثقف تعاون الفنانان الكبيران مع المسرحي الراحل محمد الماغوط وأطلقوا ما يمكن اعتباره بالمسرح السياسي والذي كانت فاتحته مسرحية ضيعة تشرين التي عرضت لأول مرة عام 1973 وفي غمرة النجاح الهائل الذي عاشه فناننا الكبير وخلال عرض ثاني أعمالهما المسرحية “غربة” في دمشق عام 1976 تعرض نهاد قلعي لاعتداء أقل ما يمكن وصفه بالجريمة على يد شخص أهوج في أحد المطاعم بحضور الفنان شاكر بريخان والصحفي اللبناني جورج ابراهيم خوري تم فيه ضربه بكرسي على رأسه ليتسبب ذلك بإصابته بشلل نصفي دائم.
ورغم فداحة المصاب تحامل نهاد على آلامه وقام بتصوير دوره الرائع أبو ريشة في مسرحية غربة للتلفزيون والتي كانت آخر أعماله على خشبة المسرح وآخر أعماله مع توءمه الفني دريد لحام.
ومن مشيئة الأقدار أن الراحل قلعي كان منكباً على كتابة مسلسل جديد قبل تعرضه للاعتداء بعنوان الأغرار لكنه لم يستطع إكماله وأنجزه بعد ذلك الماغوط وظهر بعنوان وادي المسك.
وعانى نهاد في السنوات الأخيرة من حياته وحدة قاتلة إذ هجرته الأضواء وأهمله رفاق المسيرة ولكنه سعى جاهداً رغم مرضه لكسر هذه الوحدة فكتب حلقات قصص مصورة للأطفال في مجلة سامر للأطفال وكتب مسلسلين أحدهما لم ير طريقه للنور وحمل اسم يسعد مساكم وثانيهما عريس الهنا بث عام 1984 والذي كان آخر أعمال فناننا الكبير.
ومع مطلع شهر تشرين الأول عام 1993 تدهورت صحة نهاد بصورة كبيرة ونقل إلى مشفى الهلال الأحمر ورغم كل الجهود التي بذلت فإن إصابته المزمنة ومعاناته القديمة من مرض السكر لم تمهله حيث تعرض لأزمة قلبية فلفظ أنفاسه الأخيرة في 17 تشرين الأول على فراشه دون أن يتحقق ما تمناه في الموت على خشبة المسرح أو أمام عدسات التصوير.
وكان على محبي نهاد قلعي أن ينتظروا خمسة عشر عاماً ليحصل على بعض من حقه عندما تم منحه التكريم الذي يستحق بمنحه وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة في عام 2008.
ويكشف تحليل واستعراض فن الكتابة عند نهاد عن مقدرة مدهشة في نقل الواقع الاجتماعي عبر إبداع شخصيات شعبية وحيوية وقريبة من أذهان الناس ومغرقة في دراميتها وفي الوقت نفسه فإن نهاد تمكن دائماً من استعارة قوالب وحبكات درامية غربية من دون أن يقع في الاستلاب الفكري.
وما تميز به فن الكتابة عند نهاد عمن عاصروه أو لحقوه قدرته على كتابة النص الكوميدي ذي الحلقات المتصلة وهو ما يكشف عن نفس أدبي طويل وخيال خلاق وهو ما نأت عنه التجارب الكوميدية اللاحقة ليبقى اسم نهاد قلعي لا كمؤسس للكوميديا التلفزيونية في سورية فحسب بل كأهم كتابها وأبطالها على مر العصور.
اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي

نهاد قلعي : روح خالدة تحت عرائش ياسمين دمشق بقلم وسام طيارة

سبعة عشر عاماً مثل نجمة تركت جرحها عالقاً في الظلام، دمعة حزن تبدد السراب وسحابات صيف لم تمطر، في الفراق نجافي الحقيقة وفي الذكرى نعزف على أوتار الحب، النجم نهاد قلعي الأسطورة الإنسانية التي داعبت وزركشت حياتنا وتربعت على عرش الفن كرَّمه سيد الوطن بأرفع الأوسمة تقديراً لمسيرته الفنية والإنسانية.
نقلِّب صفحات الزمن، نصعد للقمم، نحلق، نتأمل تلك الرحلة المليئة بالتعب الجميل، نجتمع في الهواء الطلق نشعل المصابيح فتشرق أشعة الشمس لتنير عالم الجمال، وبين خشبات المسرح وصالات السينما وبيوت دمشق القديمة أسس الراحل حركة فنية متجددة ساهمت في بناء الوعي الفكري، خاض معارك اجتماعية وفكرية للتعريف بالفن الراقي، لمع نجمه خارج الحدود في الخمسينات واستطاع أن يعلن مبكراً عن ولادة نجم بحجم التحديات الاجتماعية التي كانت تواجه مشروعه الفني، روائعه الفنية تركت بصمة فنية وإنسانية التصقت بتاريخ سوريا الفني وستظل حاضرة في ذاكرتنا.
شمس الصحراء لامعة كماء الذهب، نتقاسم الحروف ونلون الكلمات ونجفف الدموع، ونطفئ الشموع، لكننا لن ننسى بأن الراحل في آخر سنوات حياته خانته الدنيا وصدمته وأبقته وحيداً مع مرضه التراجيدي، في العام 1993 توقف القلب الدافئ معلناً انتهاء مسيرة فنان مبدع لامس صمت الوجدان واعتلى صهوة الكلمات ليكون أيقونة حالمة تمنح روحه إرادة الحياة. الجدير بالذكر أن نهاد قلعي ولد في مدينة دمشق عام 1928م واسمه الكامل حسب الهوية الشخصية نهاد قلعي الخربوطلي.

 

من almooftah

اترك تعليقاً