سلامة موسى يكتب: كيف نستغني
في مجلة الهلال عام 1949، كتب المفكر سلامة موسى مقالًا قال فيه: نحن نعيش في مجتمع اقتنائي، ننشأ فيه منذ الطفولة على أن هذا لي وهذا لك، وأن أحدنا يُسر بأن يكون له أكثر مما للآخر، ثم نشب بعد ذلك فنزداد رغبة في الاقتناء، واندفاعًا نحو الامتلاك.
نحن ننشد الاقتناء والامتلاك، لا لأننا في حاجة إلى زيادة، ولكن لأن المجتمع الاقتنائي الذي نعيش فيه غرس فينا هذه العواطف فأكسبنا همومًا شخصية تنزع بنا إلى الجهد وتحمُّل المتاعب لنتفوق على الجميع، ونستمر في الزيادة حتى إن هناك أناسًا تقدم بهم السن والشيخوخة، ومع ذلك يتعبون من أجل المقتنيات والعقارات.
وأعظم ما يعود من الضرر على هؤلاء أن هذه الهموم الشخصية تحول دون الاهتمامات العامة، حتى إن الواحد منهم لا يملك الوقت كي يقرأ جريدة مثلًا.
وقد أصبحت أعباؤنا الخاصة ثقيلة، حتى إننا جعلنا الفرار منها سُنة، فنحن نصطاف لا لأننا نرغب في تغيير الجو من الحر إلى البرودة واللطف، بل لأننا نحب أن نفر من هذه الأعباء.
والتغيير هنا سيكون سيكولوجيًا وليس مناخيًا وعندما نتأمل المصطافين في رأس البر أو الإسكندرية نجد أنهم ينطلقون من القيود، ويحاولون أن يتصلوا بالطبيعة في بساطة من التكاليف.
والأعباء تشهد على أنهم كانوا متعبين بما كانوا يقتنون من ملابس غالية مرهقة في المدن، والدليل على ذلك أن استغنى شبابنا مؤخرًا عن الطربوش، فلم يجدوا سوى الراحة والصحة بعدما تخلصوا من هذا التكليف.