المأساة في معرض إلياس إيزولي «تواصل».. مستمرة

بنى إيزولي جسرًا بين أعمال لؤي كيالي الإنسانية وبين راهن الحال

بين غياب التشكيلي السوري ‏لؤي كيالي‬ ومعرض إلياس إيزولي‬ في غاليري أيام في قرية البوابة بمركز دبي المالي العالمي 38 عامًا؛ لكن البؤس لا يزال هو نفسه وإن كانت الأدوات أكثر حداثة، المعرض الذي يحمل عنوان «تواصل»، يستعير فيه التشكيلي السوري الشاب تقنية الراحل لؤي كيالي في رسم البورتريه التي سبق وقال عنها كيالي، إنها “محاولة للعثور على الأمل ضمن هذه المشهدية التي من الممكن أن تكون أقل قسوة”.‬‬

المشكلة تكمن أن الأمل طيلة حياة الراحل كيالي وحتى رحيله في العام 1978 وصولاً إلى تاريخ معرض إيزولي لا يزال في الانتظار، وإيزولي إذ يستوحي شخوص كيالي إلا أنه ينفذها بروح زمن الــ HD، ويظهر من خلال اللون القوي، ودخول التكنولوجيا (التي من المفترض أنها تسخر لصالح الإنسان) لكن البؤس لا يزال هو نفسه، حتى وإن كان سوبرمان حاضرًا في واحدة من أشهر لوحات كيالي “ماذا بعد؟”، فإننا نجده بائسًا تمامًا كما النسوة المتشحات بالسواد، ولا تنفع القوة الخارقة في التغيير وإن كانت في إطار الفن!

لربما كان أول ما يخطر في الإعجاب هو الإعجاب بهذا الجسر الذي بناه إيزولي بين روح أعمال لؤي الإنسانية وبين راهن الحال، إلا أن ما خطر على بال البعض للوهلة الأولى سؤال من نوع هل أساء إيزولي للؤي كيالي بمحاكاة لوحاته في عمل فني يحمل بصمة وتوقيع إيزولي؟ لا يبدو الفنان السوري المقيم حتى الآن في دمشق (لم يحضر افتتاح المعرض) متفاجئًا، ويتفهم هذا السؤال، لكنه يعود بك إلى بداية الفكرة، ويؤكد أنه لم يسعى إلى “إيصال العمل الفني الأصلي إلى حالة لم أستطع الوصول إليها هذا من جهة، ومن جهة ثانية لم أحاول من خلال تقديمي للأعمال المعروضة استعادة أعمال الفنان لؤي كيالي”.

فيما تحدث البعض أن هذه المحاكاة هي اعتداء على إرث الراحل كيالي، إلا أنه يعود لشرح فكرة المعرض بقوله: “انطلاقًا من تأثير الأحداث المتسارعة على حياتنا اليومية، ومحاولة مني لطرح المشاهدات الواقعية الثابتة منها والمتحركة تولدت لدي رغبة ملحة في محاكاة الحالة الإنسانية لشخوص الفنان التشكيلي لؤي كيالي، ومن ثم مرافقة تلك الشخوص في جولة فنية تعكس استمرار الحالة الإنسانية ما بين واقعين مختلفين، فكيف أتهم بالتعدي على إرث لؤي كيالي؟” ويضيف إيزولي “الحالة الإنسانية المقدمة سلفًا من قبل لؤي كيالي هي الإرث الذي لا يستطيع أي شخص أن يعتدي عليه، وأنا من هذا الاتجاه اخترت لؤي كيالي”.

فنانة سورية كتبت معلقة على ألبوم صور اللوحات التي عرضتها غاليري أيام على صفحتها على فيسبوك: “أعترف أن شعوري مُختلط” ناحية مجموعة الأعمال الجديدة للفنان القدير إلياس زولي. هل يجد المتلقي نفسه أمام عمل أصلي؟ أم أنه عمل “مُرَكّبٌ” بحِرَفِيَّة!”. وفي مكان آخر تكتب هذا الرأي على لوحة «بدون عنوان» للفنان إيزولي، المبنية على محاكاة للوحة «ماذا بعد؟» للؤي كيالي، فيأتي تعليق آخر من قبل أحد المتصفحين “لو كان هناك زر عدم إعجاب لأبديت رأيي على هذا التشويه للفن”، ويتبع هذا التعليق لايك من صاحبة الرأي الأول الفنانة السورية.

البيان الصحفي يعرف بأعماله على أنها أعمال مفاهيمية ابتكرها الفنان استنادًا على الأوضاع القائمة في بلده، البعض اعتبرها نقطة ضعف إضافية في خسارة الفن بأن هذا عمل أشبه بالأعمال الإعلانية المنفذة ببراعة عالية، إلا أن إلياس يقول: “المفاهيمية أصلًا هي أحد أسس الفنون المعاصرة، وقد أعطى الفن المفاهيمي للمتذوقين حرية تفسير ومعرفة مضامين العمل”، وهذا ما يترك المتلقي أمام الإعجاب أو عدمه.

في الواقع لا يقدم الياس إيزولي حالة اللوحة من بؤس وأسى؛ لأنها مستعادة من الذاكرة من أعمال لؤي كيالي، ولو قام بتصوير ماسح الأحذية بطريقته يمكنك ان تتوقع اتهامات مماثلة بالاستيحاء من روح أعمال الراحل لؤي كيالي، إلا أنه اختار تقديم استمرارية الحالة الإنسانية والتشديد عليها عوضًا عن الدخول في رسالة جديدة أو حالة جديدة، ليؤكد أن البؤس مستمر رغم الزمن الذي الطويل الذي مر، وسيظل ما لم تقل الإنسانية “ماذا بعد؟”.

من almooftah

اترك تعليقاً