إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

«أبو طافش: أخترع سريراً طبي يمكن المعاق من خدمة ذاته»

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • «أبو طافش: أخترع سريراً طبي يمكن المعاق من خدمة ذاته»


    "إحسان أبو طافش: أكثر المخترعين في الغرب من أصل عربي


    اخترع سريراً عجيباً يمكّن المعاق من خدمة ذاته





    دمشق - الراية - علاء الجمّال

    يبلغ بنا الأمل أحياناً والفكرة المتوالدة علي الدوام جانباً عظيماً بعيداً عن الحياة التي نعيشها بروتين يومي معتاد إلي خلق التصميم وتنفيذه ليصبح مادة علمية متجهة إلي منطق آخر وبديل يغني المجتمع بمقدرة الفعل العقلية علي الابتكار والتوحد الإبداعي مع صيرورة الذات وإظهار الحدس والاختراع الفطري.

    في قرية أم الرمان في محافظة السويداء يعمل الباحث والمخترع السوري إحسان أبو طافش علي تجاربه وأعماله الإبداعية في عالم الإيحاء والتركيب وخدمة الإنسان ومساعدته في قضاء حوائجه والتخفيف من الهموم الحياتية عليه مستخرجاً بتصاميمه وجهده نتاجات عملية ومعرفية تبقي بعد المفارقة بأيدي العلماء والتصرف بها.. للتعرف علي عمله الإبداعي والوقوف عند أبعاد تجربته الراية التقت إحسان أبو طافش وكان الحوار التالي:

    *البداية والموهبة


    ماذا تحدثنا عن حياتك بشكل عام وبداية الموهبة بشكل خاص؟

    - أنا عضو قديم في جمعية المخترعين السوريين، وبعد تقاعدي من عملي كفني بحري عانيت من الفراغ والوحدة فبدأت باستثمار هذا الفراغ ضمن مقرتي العلمية لابتكار شيء جديد عبر موهبة لم أعلم بوجودها سابقاً، والفكرة هي خدمة إنسانية لمعالجة أمر ما وبحاجة إلي عون من الآخرين، ومن هنا بدأت تجربتي الإبداعية وحصلت علي ثلاث براءات اختراع وعمري 66 عاماً، أيّ عمل مهما كان بسيطاً يعتبر اختراعاً، ويجب علي الجيل الجديد وطلاب الوطن أن لا يهمشوا أنفسهم وينظروا إلي موهبتهم بوعي فكري ويعتبرونها مسؤولية ويحاولون بذل مجهود وتضحية من اجلها لأنها تستحق ذلك، ويتجاوزوا ضغوط المجتمع عليهم، والصدمات المتكررة التي قد تدفعهم مكرهين إلي التخلي عن مسؤولياتهم نحو موهبتهم ويبحثون عن عمل آخر لا يستجدون به عطف أحد، فالمشكلة في بعض النفوس الضعيفة ممن يستهزؤن بالمبدع العربي والإنسان المبتكر بقولهم تلك ترهات وأمور لا تنفع، أو بقولهم هل تصنع صاروخاً؟ والصاروخ بات أسهل عملية في أمريكا ونحن عاجزون عن مجرد التفكير بالطريقة الميكانيكية لارتفاعه ومسيره بقوة دفع هائلة يخترق بها طبقات الغلاف الجوي الحارقة، فلماذا لا يتبنون الموهبة ويشجعون المخترع بدلاً من زجه في صومعة الإحباط واليأس، مع العلم أن أكثر المخترعين في الغرب من أصل عربي.

    ويضيف قدمت محاضرة تفصيلية بعنوان تصحيح المسار الخلقي للمرء ومفاعلته لخلق التصميم والإبداع .. ومفادها العودة إلي الذات واكتشاف الموهبة والاهتمام بها والدأب علي مزجها بتصميم عملي وذلك خير من اهتمام شبابنا باللهو ولا أقصد حرمانهم من حياتهم الكيفية ومتعتهم الدنيوية وإنما بحدود المعقول وترك حيز للعودة إلي حقيقة وجودهم ورسالتهم، وأكثر شباب اليوم اتكالين علي أفكار الغرب فلماذا لا نكون اتكاليين علي أنفسنا ونحرر خيالنا ونستطيع بها البديل، لم يعد في هذا المجال بقدر ما هو خدمة للمجتمع وللإنسانية فما أحلي بنا أن نجتهد في عمارة شيء نتركه لغيرنا من الناس،بالإضافة إلي حاجتي إلي المعيشة وهذا أمر طبيعي، وأسعي لتحسينها بوسائل مشروعة من عملي وليس بوسائل غير مشروعة ضارة بالناس، فهناك محطات تعمل علي الإغراء لاستجرار اتصالات عديدة تصرف لأجلها الملايين من البسطاء العامة والأثرياء عن فكرة وجودهم وإعمارهم للمجتمع.

    ماذا عن تجاربك واختراعاتك؟

    - بدايتي الأولي مع سرير طبي يساعد ذوي الحاجات الخاصة العجز والشلل والكسور، وهنا يقوم المريض ذاتياً بقضاء الحاجة والتنظيف بالماء الساخن أو البارد بعملية ضخ كهربائية ويتم طرد الفضلات من خزانها كل عدة أيام بعملية الضخ إلي الخارج، ولا يوجد اثر لرائحة غير مألوفة ويمكن وضع السرير في أي غرفة حتي في غرفة الاستقبال ويستطيع المريض تغير وضعيته ذاتياً بواسطة لوحة تحكم الكترونية لوضعية الجلوس أو التمدد بالشكل الذي يريحه، والسرير مزود بستار قماشي من الجانبين وضوء في أعلاه وجرس للتنبيه ودوش حمام خارجي وسخان فلتر، ورافعة لدخول الهواء بين الفراش وجسم المريض حتي لا يصاب بالخشكريشات التنقير كما ويعمل علي التحام العظام التحاماً سليماً وصحيحاً بسبب عدم وجود تحريك عشوائي يخلخل الجبيرة، ومزود بجهاز لوضع ثقال في حال التمديد الهيكلي وله دواليب تسهل حركته داخل المنزل. ويضيف: لآلية العمل خطوات بسيطة يتم إتباعها وفق التعليمات المكتوبة في لوحة التحكم، وقد استضافت تجربتي أكثر من حالة مرضية من كسور وأمراض عصبية مختلفة وذلك خلال العام الفائت وكانت النتيجة مرضية ويكفيني الشكر الذي كوفئت به.

    *آراء الأطباء
    عن هذا السرير يقول الدكتور مهنا أبو فخر أخصائي بالجراحة العظمية: لدي مشاهدتنا اختراع السيد إحسان أبو طافش المسمي سرير الاحتياجات الخاصة للإعاقة الحركية تبين أن هذا السرير يمتلك مواصفات جيدة ومتعددة لأغراض خاصة بالنسبة لاحتياجات المرضي بكسور الحوض والأطراف السفلية حيث يتم تحريك المريض بشكل يحافظ فيه علي فوائد الجبيرة ويحميه من أي خلل ممكن أثناء التحريك العشوائي أو بعض الوضعيات المزعجة أثناء قضاء الحاجة، وأن تزويد هذا السرير بالرافعة يجعل التهوية بين الحين والآخر تحول دون تشكل الخشكريشات خاصة أسفل الظهر في حال نصح المريض بالتمديد الهيكلي لمدة طويلة، وهذا الجهاز يوفر الراحة النفسية للمريض بحيث يتمكن من قضاء معظم حاجاته بنفسه دون اللجوء لذويه الذين يقومون بخدمته خاصة عند إصابته بحالات الشلل الجزئي أو الكلي ويخفف من معاناة المريض وذويه.

    ولمعرفة مدي الفائدة التي حققها هذا السرير للمرضي تحدثنا إلى السيد "غازي البربور" البالغ من العمر 67 عاماً يعاني من الدسك وآلام الفقرات القطنية وبعد سنتين من إصابته حدثت له بؤرة في الدماغ وضمت مواضع خطرة فأخذت له خزعة من هذه البؤرة وبعد تحليلها اتضح أنها سرطانية مذكرة، وأجريت له 28 جلسة وأصيب بنقص التروية فلم يعد يستطيع السير وبقي علي فراشه عاجزاً عن الحركة، تقوم أسرته علي خدمته وليس ذلك بالأمر السهل فقدم إليه المبدع إحسان سريره الطبي وبعد مرور ثلاثة أشهر علي استخدامه للسرير قال: «استطيع أن أقوم بنفسي ولوحدي ودون اللجوء إلي مجهود حركي، رغم إصابتي أشعر بالارتياح ولم يحرجني ما أنا فيه ليس تجبراً وإنما الألم لا يرحم أحداً، هذا العمل الإنساني صنيع لن استطيع إيفاؤه إلا برد المعروف بالشكر والدعاء».
    *الحريق وسلة الإنقاذ
    ويروي إحسان عن تجربته الثانية سلة الإنقاذ ذاتية العمل وخاصة بالأبنية العالية المتعددة الطوابق وهي عبارة عن مصعد خارجي يتحرك صعوداً وهبوطاً وعلي كافة اتجاهات البناء وخلال زمن قصير فلنتخيل بناء شاهق مكون من 30 طابقاً وقد حدث حريق في الطابق 26 فمن الطبيعي لكافة القاطنين به الهروب إلي الأدراج والمصاعد للنجاة بأنفسهم أو إلي النوافذ والشرفات لتعذر الوصول إلي السلالم، وهذه السلة يستطاع بواسطتها إنزال أولئك الأشخاص من الخارج وإنقاذهم من ألسنة اللهب وفي أي زاوية من زواياه وأي طابق نريد ويمكن لحارس البناء أن يكون منقذاً بعد التدريب علي هذه الآلة.
    * الخوف والمخاطرة
    ليس المهم في عملية الإنقاذ هذه تخليص الأشخاص من الخطر فحسب وإنما تخليص المنقذ أيضاً وتتم العملية ذاتياً وبدون مساعدة وذلك بتحرير الحبال المعلقة بها السلة، وأثناء تجاربي وأبحاثي المتكررة وبلغت 15 تجربة قمت بمحاولات عديدة وسقطت أكثر من مرة ولكن من مسافة ليست عالية حتي وصلت إلي التحكم بها أثناء نزولي بواسطتها، وقمت علي اثر اكتمال عملي المبدئي بتقديم طلب لإدارة الدفاع المدني في دمشق عن طريق جمعية المخترعين السوريين لإجراء عملية إنزال علي ارتفاع بالغ 30م وكانت التجربة في برج الدفاع المدني وعندما صعدت إلي السلة وعلي هذه المسافة والناس تنتظر ماذا سيحدث بعد ذلك وأنا في الهواء، شعرت بالخوف والشجاعة بآن معاً فقررت كسر الخوف فزادت ثقتي بنفسي وإيماني بما أفعل وضبطت أعصابي وعند تحرير الحبال هبطت السلة ذاتياً وبسرعة من الوزن الثقيل ليرتمي أرضاً أحد الناظرين من وطأة الحدث والخوف فصاح به آخر ما بالك؟ هو الذي في السلة وليس أنت، خففت سرعة الهبوط بفرملة الآلة ميكانيكياً حتي بلغت الأرض بسلام، في الأعلى لم أنظر إلي الأسفل مباشرة، خوفاً من الاضطراب وكررت القيام بذلك في برج تدريب فوج الإطفاء علي ارتفاع 27م وتمت العملية بسلام وبدون أي خوف يذكر.

    وعن المشاق التي يواجهها يقول: أنا إنسان متواضع وصاحب دخل ضئيل رهنت منزلي للمصرف العقاري لتنفيذ هذه الأعمال والإبداعات وجهدت علي انتشارها لخدمة من يحتاجها. أمتلك أفكاراً عديدة ومهمة بالنسبة للبيئة والآليات وتحتاج إلي أبحاث وتجارب ومعدات للتنفيذ وقد أستطيع تصميمها وإنشائها بوقت قصير في حال وجدت المواد العلمية والعملية التي أريد وهكذا حصل معي في اختراعاتي الأولي.

    ويختم أبو طافش بالقول: أنا أستغرب كيف يفكر المخترعون والمبدعون في العالم بتحديث وإنتاج أسلحة تدمير شامل للبشرية، مع العلم أن الاختراع مهنة سامية وليست للقتل أو التدمير.
يعمل...
X