إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الشاعر ( مصطفى خضر ) يتكلم عن نفسه في سمفونية الشعر - نضال بشارة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الشاعر ( مصطفى خضر ) يتكلم عن نفسه في سمفونية الشعر - نضال بشارة

    الشاعر ( مصطفى خضر ) يتكلم عن نفسه في سمفونية الشعر

    مصطفى خضر:

    انا الشاعر من يتكلم : دراسات، شهادات، مختارات شعرية

    مصطفى خضر - ‏اتحاد الكتاب العرب

    اتحاد الكتاب العرب


    أنا الشاعر من يتكلم

    مصطفى خضر: التعدد لديه يأتلف في وحدة الشعر






    نضال بشارة

    ليس من شاعر سوري معاصر ظلم تجربته الشعرية قبل أن يظلمها النقد والإعلام كالشاعر «مصطفى خضر»، فهو لايزال حتى الآن لايجيد فن التواصل مع الكتّاب الذين يعّدون مقاربات نقدية تنشر في الصحف اليومية أو في المجلات التي تختص بما هو إبداعي وأدبي، كما أنه لايهدي نسخة من أي ديوان يصدر له لأية مطبوعة إعلامية أو حتى لأصدقائه، وإن بدأ مؤخراً يفعل ذلك على استحياء شديد.. وهذا التقصير منطلقه بحسب زعمي اعتداده بأناه الإبداعية، والذي يتجلى في عنوان الكتاب الذي بين أيدينا، وهو عنوان إحدى قصائده في ديوانه الأخير (حجارة الشاعر)، والذي يأخذ العنوان ف
    ليس من شاعر سوري معاصر ظلم تجربته الشعرية قبل أن يظلمها النقد والإعلام كالشاعر «مصطفى خضر»، فهو لايزال حتى الآن لايجيد فن التواصل مع الكتّاب الذين يعّدون مقاربات نقدية تنشر في الصحف اليومية أو في المجلات التي تختص بما هو إبداعي وأدبي، كما أنه لايهدي نسخة من أي ديوان يصدر له لأية مطبوعة إعلامية أو حتى لأصدقائه، وإن بدأ مؤخراً يفعل ذلك على استحياء شديد.. وهذا التقصير منطلقه بحسب زعمي اعتداده بأناه الإبداعية، والذي يتجلى في عنوان الكتاب الذي بين أيدينا، وهو عنوان إحدى قصائده في ديوانه الأخير (حجارة الشاعر)، والذي يأخذ العنوان فيه معنى جمعياً، ودفاعياً عن كل ما يصيب الحياة من رثاثات.. واعتداده مشروع طبعاً، وأعتقد أن تقصيره ليس استعلاء على الآخرين بل هو اعتقاد أن على الآخرين واجب الاهتمام بتجربته الشعرية، وهذا أيضاً مشروع له، ويعتقد أيضاً أنه واجب المؤسسة، ليست التي تطبع دواوينه وأبحاثه فقط بل المؤسسة الثقافية بشكل عام، والتي له منها مواقف نقدية مدونة في كتبه. في ضوء ذلك وبالإضافة إلى غياب الناقد عن مواكبة الإبداع الشعري، جعل الظلم مضاعفاً على تجربة خضر الشعرية، وأعتقد أن كتاب (مصطفى خضر، أنا الشاعر من يتكلم) الذي ضم دراسات وشهادات ومختارات شعرية ألقيت في الندوة التكريمية التي نظمتها له جمعية الشعر في اتحاد الكتاب العرب والذي صدر في دمشق ضمن سلسلة (أدباء مكرمون) تفيه جزءاً ضئيلاً من حقه، ولعلها تكون عتبة لدراسات نقدية أخرى تتناول كل الجوانب الإبداعية في تجربته الشعرية التي تعود بدايتها إلى نهاية الخمسينيات، والتي قدمتها مجلة الآداب اللبنانية وسواها.. وقد صدر له حتى الآن إحدى عشرة مجموعة شعرية، ومجموعتان للأطفال وثلاثة كتب نقدية.

    والقارىء الناقد المتفحص لمجموعات الشاعر مصطفى خضر في رأي الشاعر ممدوح السكاف، الذي كانت له كلمة اتحاد الكتّاب، يرى فيه شاعراً حضارياً بعمقه المعرفي والفلسفي وبنائية معماره الشعري وكثافة معاني قصيدته وغناها وحرارتها. ويتحرك الشاعر خضر في تجربته الإبداعية دون أن يتوقف، من رمزية اللغة ودلالاتها وإيحاءاتها المكتنزة إلى نبض الواقع واستلهامه والغوص إلى قاعه، ومن الأسرة المنزلية ومطامحها وتطوراتها الخلاقة، إلى الهم القومي العربي النازف وقدرته على مجابهة أعداء الأمة بالوحدة والحداثة والعلم وأنواع التقانات الجديدة، ومن الفضاء الذاتي العاطفي اللماح الذائب في الوجود المطلق، إلى إبداع نص شعري مختلف وخاص، ومن ماورائيات الطبيعة والحساسية الصوفية الروحية إلى شعبية الحدث ويوميات الإنسان في كدحه وسعيه وراء لقمة عياله، ومن فانتازيا البلاغة الجديدة في إنشاء قصيدة للجمال ومن أجله وللفن ولذاته إلى فضاء للجماعة العربية. ‏
    يتجلى ذلك كله في قصيدة خاصة لها صوتها ونبرتها، لغتها وجوها، مضمونها ومحتواها، أدواتها وأنساقها، يمكن أن يطلق عليها قصيدة مصطفى خضر شاعراً. ‏
    وفي ضوء اشتغال الروائي والناقد نبيل سليمان على موضوعة «شعرية السرد وسردية الشعر» في النتاج الروائي، وماتقرؤه أيضاً في قصائد لـ «كمال أبو ديب» ومحمود درويش وعز الدين المناصرةوأدونيس، يلج إلى «ديوان الزخرف الصغير» للشاعر مصطفى خضر ورأى فيه أنه يلح من ألفه إلى يائه على أمر السردية والشعرية، في غاية مابلغته التجربة المديدة والثرية لهذا الشاعر، مما يتوخى منه الفائدة في الاشتغال الإبداعي والنقدي على ذلك الأمر، ورأى أن عناصر هامة من التجربة الشعرية لمصطفى خضر بخاصة، وللحداثة الشعرية بعامة، ظلت تفعل فعلها في (ديوان الزخرف الصغير)، من الصوفية إلى التفعيلة. ‏
    لكن عناصر هامة أيضاً قد بدت، من المفردة النثرية إلى التأرخة، إلى التفكر في السردية إلى أولوية المعنى والقارىء.. وقد تفاعلت جميعاً في مسار أفضى بالمقابلة المتناقضة بين الشعر والنثر­ وهي المقابلة المتواترة مما قبل السجستاني إلى مابعد جاكوبسون­ إلى الشعرية للسردية وصراعهما، وتغليب للأخيرة في نهاية الديوان بعد تغليب للأولى في بدايته. ‏
    كما رأى الشاعر كمال جمال بك أن المتتبع لمسيرة الشاعر خضر يلحظ التعدد لديه يأتلف في وحدة الشعر، وأن هذه الوحدة تتعدد عبر الأسئلة الإنسانية القلقة، وأن تجربة خضر واحدة من التجارب التي امتلكت نسيجها بأناة العارف فسعت منذ بدايتها إلى أن تحفر مجراها بامتداد زمني وعمق فني بعيداً عن ضجيج المشهد الآني آملة بامتلاك فضائها الخاص ومتطلعة إلى فرادة قوس قزحها الشعري. ‏
    وشعر خضر في رأي الشاعر محمد علاء الدين عبد المولى نشاط جمالي استثنائي مشبع بالقلق والشك والبحث في الذات عن بذرة العالم والكائنات والمعرفة، وهو نشاط مجابهة مؤرقة لمجمل الأسئلة المحيطة بذات الكائن من حيث هو فرد يدور في فلك الجماعة العربية التي تراوح بين الفساد والحلم، بين الهدم والبناء، بين رماد السلف وجمرة المستقبل. وأشار عبد المولى إلى أن الخطاب الشعري لمصطفى خضر في مرحلتي السبعينيات والثمانينيات من القرن المنصرم كان خطاباً كتيماً على القارىء، ربما لإيمان الشاعر نفسه بأن شعره لايبحث عن قارىء جاهز ولايكترث بتواصل مباشر مع حيثيات خطابه المغرق آنذاك في البحث عن مختلف شعري يتحدى به المنجز الشعري الحديث عربياً وليس محلياً، ويرى عبد المولى أن قصيدة خضر تمعن في مغامراتها وجرأتها الاستثنائية على الدخول في المحرم السياسي والفكري والعقائدي والسلطوي والجمالي، مثبتة أن صاحبها لايزال في ريعان شبابه الشعري.. ويشير عبد المولى إلى أن عدداً قليلاً من الشعراء العرب أثبتوا قدرتهم على استلهام الطاقات الكامنة في النثر لدفع القصيدة والنثر معاً في حركة جدلية تؤمن بأهمية النثر كمنجم تعبيري مجاور للشعر وليس باعتباره بديلاً. ويرى أن الشاعر خضر من الأمثلة القليلة التي قدمت نصاً شعرياً يستثمر قدرات السرد والنثر استثماراً فنياً إلى الدرجة التي استنفد معها جميع امكانات النثر في سبيل خلق نص عصري حقيقي يقوم على قراءة العالم بروح جديدة مغامرة، ولاأدري لماذا سمح عبد المولى لنفسه بأن يشتم قصيدة النثر وهو يتحدث عن أهمية النثر كمعجم تعبيري مجاور للشعر وليس باعتباره بديلاً، إذ تابع قائلاً «ونحن هنا لانتحدث لامن قريب ولامن بعيد عما يسمى بـ (قصيدة النثر) بل إذا أردنا الحديث باختصار عنها وجدنا أنفسنا ومن موقع نقدي نقول بفشل هذه (القصيدة) في إقناعنا بأنها تحمل لواء النثر كمنجز إبداعي استثنائي قادر على الوقوف جنباً إلى جنب مع الشعر ليشكلا ديوان الأمة.. ‏
    ولانريد الدخول في تفصيل ذلك هنا فقد قمنا به في أماكن أخرى نحن نتحدث عن شعر حقيقي عصي على كتاب (قصيدة النثر)، توجه إلى السرد والنثر ليعيد الاعتبار إليهما داخل حقل الشعر.. وأمام تلك الأسطر تنهض الأسئلة الآتية: هل الحديث عن كل ماأنجزه شعراء قصيدة النثر يتم بهذا الاختصار، ويحكم عليه بـ (الفشل) لأنه لم يستطع إقناعكم..؟ ‏
    ومن أنتم بهذه الـ (نا)؟ وعن أي موقع نقدي تتكلم ياصديقي، وأنت لم تصدر سوى كتاب واحد دافعت فيه عن الشاعر نزار قباني، صدر بعد انعقاد ندوة التكريم هذه، وقد أجمعت الكتابات عنه على وقوعك بأخطاء نقدية ومنهجية. ثم ماهي هذه الأماكن التي قدمت بها رأيك في قصيدة النثر مقارباً كل التفاصيل، في حدود علمي لم تقدم على ذلك سوى في مقالة نشرت على صفحات «تشرين»، وهي مقالة لايعول عليها بسبب طابعها الصحفي. ‏
    فلماذا حشرت شتيمتك لقصيدة النثر في دراستك هذه؟ وهذا لايعني أن ليس من حقك أن يكون لك رأيك الخاص بقصيدة النثر، وأنه علينا أن نحترمه؛ ولكن عندما يكون نقدياً، وفي سياق يسمح بذلك. ‏
    ويشير الشاعر عباس ابراهيم في أوراقه أولاً إلى أن الشاعر خضر من الشعراء المؤسسين لحركة الحداثة في سورية، وهذا يعني أنه من الشعراء التموزيين، ويستعيد ماقاله الناقد المصري د. أحمد كمال زكي في بدايات شعر خضر، فهو شعر يستغل الصورة الأسطورية كمضمون يبعد عن اعوجاج المذهبيين، ولايخضع في الوقت نفسه للأساليب الرومانسية في التعبير، وهذا ماحفلت مجموعته الشعرية الأولى (فارس الرؤيا)، وهي مجموعة لم تطبع حتى الآن، ثم يرصد ابراهيم انعطافة خضر بعد هذه الهزيمة فيجد أن شعره واصل استخدامه للرموز والأساطير بالإضافة إلى استخدامه الرموز الدينية، وهذا ماكان يسم مرحلة شعرية كاملة، وقد تجلى ذلك بامتياز في ديوان «الزخرف الصغير» فهو ليس عملاً رؤيوياً فحسب، بل تجربة إيقاعية غنية، فقد كتب الشاعر قصائد الديوان على تفعيلة واحدة هي تفعيلة الرمل. ‏
    كما تضمن الكتاب عرضاً لأفكار كتاب خضر النقدي الأخير «النقد والخطاب» الذي قدم فيه قراءة ومراجعة نقدية للخطاب العربي المعاصر، بقلم الشاعر ميخائيل عيد، وفي الكتاب أيضاً وقفة مع ديوانه «أنشودة الأرض» وهو قصيدة عذبة، غنت روح الأطفال، بقلم الأديبة والإعلامية نهلة السوسو، وثمة شهادات في تجربته للشعراء (خالد أبو خالد، مروان الخاطر، عبد القادر الحصني)، كما ضم الكتاب نماذج من قصائد الشاعر. ‏
    ‏ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    الكتاب: مصطفى خضر ‏
    (دراسات­ شهادات­ مختارات شعرية) ‏
    الناشر: اتحاد الكتاب العرب، دمشق2004 ‏
يعمل...
X