إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

المنتجب العاني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المنتجب العاني

    المنتجـب العانـي ومقتطفات من قصائــده:

    لاشك أن هناك رجال كبار عبروا التاريخ من أوسع أبوابه وخلدوه بقوة سالكين درب سلفهم ، بالرغم من كل ما دار ويدور من حولهم من الصعاب والمضايقات .
    نعم هؤلاء برعوا في عبور التاريخ في كافة المجالات الدينية والعلمية والعسكرية و و و الخ .
    ومن أحد هؤلاء الرجال ... إنه : أبو الفضل محمد بن الحسن المنتجب العاني
    عالم كبير من الأعلام .. شـاعر .. صوفي .. فيلسوف .. أديب .. الخ .
    لم يذكر في شعره عن اسمه أو والديه ، ولكنه ذكر لقبه وكرّره بالافتخار بصيغ مختلفة مثل :

    أنا مثل ما قد قيل منتجب ..........
    فخذها هنيئاً من المنتجب ..........

    أما نسبه العاني فيرجع إلى البلدة التي ولد فيها وهي (( عانة )) قضاء في العراق بالقرب من الحدود السورية ونسبته اليها العاني كقولنا البغدادي أو الحلبي الخ
    ومنها قوله :

    مسكينة الألفاظ عانية ..........
    فلي قلب بهاتيك الربى عاني .........
    .
    وأما نسبه المضري فهو نسبة الى مضر وبنو مضر بن نزار من أمهات القبائل العربية وهي قبيلة النبي العربي محمد بن عبد الله ( ص ) ومنها قوله :

    واني نميري اليقين ومعشري
    الى مضر الحمراء في المجد تضربُ

    كان عصر المنتجب بحسب الأبحاث في القرن الرابع الهجري .. وحددت ولادته بالثلث الأول منه بين 325 - 330
    هجرية ..... ووفاته في نهاية القرن الرابع الهجري مابين 395 - 400 هجرية .
    وأن التنقل بين قصائده واشعاره نرى في بعضها 00

    يقول في رموز عرفانية :

    ختمتُ سمعي وطرفي في هواه فلم
    أنظرْ سواه ولا أصغي لواشيه

    مولى إذا قلت : إني عبد طاعته
    أطاعني الكون من أقصى نواحيه



    وهنا يؤكد أن المحبة هي ترك الارادة الشخصية ، وذلك منتهى الحول والقوة للمحب الفاني في حبيبه ، فهو ملك والعالمون نثار عند قدميه .
    وتصرف المنتجب في بيته الأول يعني ما أراده مولانا من نعم الهيام الصوفي ومتع الحب الإلهي .
    وهل بعد قوله : (( ختمت سمعي وطرفي في هواه . . هل بعد هذا لعاشق أن يقول ؟
    أليست الغاية والنهاية ؟ فحبيبه عينه التي بها يرى ، وسمعه الذي به يسمع ، وقلبه الذي به يعي .
    إنها غاية المحب القصوى ، أن يحبه الحبيب ، أو أن يصل بحبه ما وصله المنتجب من ثمار حبه .

    ويقول في المدح :

    ويذكر الإمام علي (ع) صاحب الفضائل والحق :

    يا مَن يُعاندُ من جهلٍ أبا حسن
    رماك غيُّكَ بعد الرشدِ بالتيه

    فتىً جميعُ المعاني فيه قد جُمِعَتْ
    وليس في الخلقِ معنىً من معانيه

    لأيَّها تُنكرُ الأضدادُ . . ؟ عنصرَه
    أم علمَه أم تقاه أم مغازيه ؟

    أم زوجَه أم بينه أم أخوَّته
    لأحمدٍ أم قضاه في فتاويه ؟

    إعطاءه الرايةَ المنصورَ حاملُها
    أم بابَ خبيرَ لمّا راح داحيه . . ؟

    فضائلاً كالنجومِ الزُّهرِ مشرقةً
    تخسا الحسودَ ، وتُخزي من يُعاديه

    كُنْ واثقاً بعليّ واتّبعْ سَبَباً
    يُنجيك من حرِّ نارٍ أنت صاليه

    والله لا فاز إلا اللائذون به
    وكلّ من بات يُدعَى من مواليه


    وقال في التوكل :

    وربُّك أدرى بسرِّ العلاج
    فسلِّم إليه وخلِّ التعب

    فوكّل إلى الله كلَّ الأمور
    فإنّكَ تلقاه في المنقلب



    وقال في السياسة :

    جاؤا بأمّهم الحمرا على جَمَل
    قد عضّ غاربَه من تحتها القتبُ

    مُصمِّمين على حرب الوصيّ ومِن
    ورائهم للمنايا جحفلٌ لَجِبُ

    فانظرْ إلى جملٍ من فوقه هُبَلٌ
    من خلفه رِجَلٌ في سيره خَبَبُ

    وقام حزبُ بني الشيطانِ منتصباً
    بكيدِهم لبني الإيمانِ واحتربوا

    ضَرْبٌ ببيضٍ يُزيلُ الهامَ موقعُه
    وطعنِ سُمرٍ كما تُستبدَلُ القربُ

    فصاحَ فيهم أميرُ النحل من غضَبٍ
    أنا عليٌّ فلم تحملْهُم الرّكَبُ

    فظل جمعهم المشحون في بدَدٍ
    وسيفُه لرقابِ القّومِ يحتطبُ

    مشتّتين كأنعامٍ مشرَّدةٍ
    لا السهلُ يعصمُهم منه ولا الحَدَبُ

    كُلاً تراهُ بسيفِ الحقِّ منجدلاً
    وشلوهُ بدمِ الأَوداجِ مختَضِبُ

    يامَن يقايسُ من جهلٍ أبا حسن
    بمثلِ حبترَ أين البحرُ والقلبُ

    لايستوي النورُ والظلماتُ في نظرٍ
    ولا يقاسُ بقدرِ الدرِّ مُخْشَلَبُ

    كلُّ النباتِ إذا شاهدتَه شَجَرٌ
    وإنما لا يساوي المندلَ الخشبُ

    يا بائعَ الدين بالدنيا لشقوته
    واللهِ لا فضةٌ تغني ولا ذهَبُ

    فاعلقْ بحبلِ عليٌّ تنجُ من كُرَبٍ
    ومن زفيرِ لظى يَعلو لها لَهبُ


    وقال في العتاب :

    وفي العتاب له شعر استفسار العاتب المنكر لتصرفهم المتسرع ، إذ لم يتريثوا في تبين ما يسعى خصومه من المكيدة والمكر والبغي والاثارة .
    ويتعجب من مساواتهم بين قوم أخلصوا لله وبنوا مجد دينه ، وبين آخرين ، دائبين في تخريب ذلك المجد الذي بناه أولئك الصالحون .
    هنا وقد استشعر قوة الحق ، يرتفع صوته ويجاهر بالحقيقة متحدياً بعزة الحق ذلك الباطل :

    تعالّوا نَقيس الأمر بيني وبينكم
    لننظرّ في الحالين من هو أنجبُ

    وشتّان ما بين الثُّريّا إلى الثَرى
    وهل يستوي يوماً بريءٌ ومذنبُ


    وقال في الاعتذار :

    وهنا ينفي ما اتهمه به صاحبه بشرح واقع حاله وحقيقة شعوره ازاءه :



    والله ما طولُ مكثي عنكَ من مَلَلٍ
    ولا تعوَّضتُ عن وصلٍ بهجرانِ

    ولا ارتضيتُ بهذا الانفرادِ ولا
    حدَّثتُ للنفسِ عن خِلٍ بسلوانِ

    وإنّما صورةُ الأقدارِ تلعَبُ بي
    وحادثُ الدَّهرِ يأمرُني ويَنهاني

    فاعذرْ أخاكَ وكن بالصَّفح ذا كرمٍ
    فما خليلُك في حكم الهوى جان

    شرطي الودادُ وأهوى من يدومُ على
    حفظِ الوفاء وأشنَا كلَّ خوَّان


    وقال في النقد :

    نقدتُ الأنامَ فكانوا صنوفْ
    فمنهم ذُنابَى ومنهم أنوفْ
    ففزتُ بخلٍّ لطيفٍ رؤوفْ
    يروح بعزمته في ألوفْ
    شآميُّ مَنبِتُه في حَلَبْ

    سقاني بكاس يُرَوِّي الظَّما
    وأفهمني منه ما أفَهما
    فنلتُ به الرشدَ بعد العمى
    فها أنا أرضٌ لغيري سما
    أتيه على عُجْمها والعَرَبْ

    وأنِّي أوالي بني المصطفى
    بهم شرَّف الله من شرَّفا
    فهذا لعمرك كأس الوفا
    فإن كنتَ ممن يروم الصفا
    فخذها هنيئاً من المنتجَبْ


    ومن بائية أخرى يذكر فيها لقبه (( المنتجب )) ويذكر حلب والشام وأرض اقامته واغترابه ليظهر فصولاً من سيرته الظاهرة في المكان والزمان ومن سيرته النفسية في المقام والحال :

    نحن الذين صفونا من قذى كدرٍ
    الشام هجرتُنا إذ دارُنا حلبُ

    اني شربتُ بعين خلد ماءَ هدىً
    وماءُ غيري إذا حققته سُرُبُ

    ما زلتُ أجني ثمار العلم مُبتًكِراً
    وألقُطُ الجوهر الصافي وانتخبُ

    فتارة أنا في أرضِ المُقامة ذو
    نًجْبٍ وطوراً عن الأوطان أغتربُ

    حتى غدتْ جذوةُ التوحيد مقتبسي
    فها أنا مثلَ ماقد قيل منتجبُ


    ومن شعره في الحكمة : اقتطف منه بعض الأبيات :

    ومن عاشر الأشراف راح مشرَّفا
    وصحّابة الجرباء بالقرب تجر

    تراه في صورة الأحيا فتحسبه
    حيا وذلك ميت غير ملحود


    وقوله في العفو والصفح :

    وان هفا الخلُّ فكنْ صفوحا
    وغُضَّ عنه واسِتِر القبيحا
    واذكرْ له من فعله المليحا
    حتى يروحَ عرضُه صحيحا
    من دنَسٍ وشينهُ بَريّا



    ومن قوله حول التقى والالتزام الديني :


    ولن ينال أجره تماما
    من لم يكن في دينه تقيا


    وعند الإنسان يقف طويلاً :

    مميزاً بين الطبائع والنماذج البشرية ، وضرورة البحث عن الإنسان الصافي واتخاذه صديقاً صدوقاً :

    والناسُ كالنّبت فمنه حنظلُ

    أدناهُ مرٌّ والكثيرُ يقتلُ

    ومنهُ كافورٌ ومنه مندَلُ

    ومنه ما أصبحَ عذباً يُؤْكَلُ

    ومنه ما تشربُه هنيّا


    لا تجعلِ الناسَ سواءً تَشقى

    وفتّش العالمَ عِرقاً عِرقا

    فمنْ وجدتَ صادِقاً مُحقّا

    صِلْه ولو هَجَرْتَ فيه الخَلْقا

    ولا تكنْ في هجرِه بديّا



    وعلى الرغم من كل ما تقدم من حبه للعلاقات الصادقة ، هو مع ذلك أميل إلى الزهد في الدنيا ، والتزام الصمت والبعد عن التماس العطاء من غير الله .
    ولكن ميله الزاهد هذا فيه حزم المؤمن الصابر ، وعزم المجاهد العارف ، الذي خبر الدنيا وعرفها حق معرفتها فتصرف حيالها بما تستحق .. وماذا يستحق هذا الفاني سوى الرغبة عنه الى الخالد الباقي ؟
    ومن قوله :

    من قَرَنَ الاطماعَ باليأسِ غَنِمْ
    من لَزِمَ الصمتَ مع الناس سَلِمْ
    من رام رِزقاً من سوى الله حُرِمْ
    ومن اضاعَ الحزمَ في الدهر نَدمْ
    ندامةً اضحى بها الَكَسْعيّا

    دنياكُمُ بأهلِها غدَّارهْ
    لأنها خدّاعةٌ مكّارهْ
    الربحُ فيها أبداً خسارهْ
    وحلُوها يُعقبُه مرارهْ
    فانبذوها أبداً ظهريا

    بطبعها تَسترجعُ المواهبا
    وصفوها يُكدّر المشاربا
    وتفجَعُ الأحباب والحبائبا
    كم آملٍ أصبح منها خائبا
    وفاته ما كان مُرْتَجيا
    قيمة المرء ما يحسنه
يعمل...
X