إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

العشرة الأخيرة من "رمضان" نفحة تضرع وتسامح وصفاء

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • العشرة الأخيرة من "رمضان" نفحة تضرع وتسامح وصفاء

    العشرة الأخيرة من "رمضان" نفحة تضرع وتسامح وصفاء

    علاء الجمّال




    رمضان… شهر الخير والصيام، هلّ ضيفاً كريماً، مهدياً للمحبة والفضيلة، منهياً للعداوات والأحقاد.

    لمعايشة الأجواء الرمضانية لدى السوريين "eSyria" زار أحياء "دمشق" القديمة... وكان التحقيق التالي:

    «الشهر هو شهر فضيل بالصيام والإحسان والتقوى، نحاول خلاله التكفير عمّا قمنا به من الأخطاء والأفعال غير حسنة بالتضرع والدعاء والتسامح، فهو يأتي مرة في العام وقد شارف على الانتهاء»..هذا ما بدأه السيد "غياث الحموي" في حديثه عن الأيام الأخيرة من "رمضان"، وهو من ساكني حي "القيمرية"، وأضاف: يكفي أننا في هذه الأيام المباركة تجمعنا الألفة والمقاربة بوقت واحد، خاصة من كان مغترباً عن الوطن بداعي العلم أو العمل».

    وحول الوجبات التي يفضلها الدمشقيون أثناء الشهر، قال "الحموي": «تحتفل العائلات الشامية المحافظة على تراثها وتقاليدها أثناء الشهر الفضيل بصناعة "المعمول" ضمن المنزل، وهو تقليد متوارث منذ 200 عام عن الآباء والأجداد، ويعدّ وجبة مفضلة عند الإفطار، إلى جانب "الفول والفتوش والفتة بالسمنة"، وعند السحور يتناولون وجبات خفيفة مثل "الزبدة والحلاوة والجبنة" والفواكه».





    عادات تراثية

    وقال "محمد علي" من سكان منطقة "الشاغور": «اتسم "رمضان" بالعادات التراثية التي تُحيا خلال أيامه، فمنذ 40 عاماً انتشرت حكايات "كركوز وعيواظ"، وكان والدي في حضور دائم لها وفي عصرنا الآني أصبحت تراثاً من التاريخ الدمشقي، لكنها متواجدة في مقاهي "حلب" الشعبية. أما الحكواتي ما زال مستمراً إلى الآن يروي قصصه الشعبية والملاحم البطولية "لعنترة والزير سالم والظاهر بيبرس وأبو زيد الهلالي"، وأنا من متتبعي تلك السير والملاحم التي تصبح أكثر تأثيراً وحضوراً في "رمضان"».

    أما السيدة "هزار دك الباب" مغتربة في "السعودية"، قالت حول العادات الرمضانية هناك: «كوني مقيمة في "السعودية" منذ 14 عاماً فعاداتي تميل إليهم، ومعايشتهم "لرمضان" تختلف عمّا هو سائدٌ هنا، فتجدهم يتناولون الوجبات الدسمة على السحور مثل "كبسة الأرز" وأنواعها و"الماركوك"، وهو خليط من الوجبات الشعبية المشهورة لديهم، ويتألف من صلصة خضار مضافة إلى عجينة شبيهة بعجينة الخبز، ولا ننسى "اللبن" ويعدّ شيء ضروري في مائدتهم الرمضانية. وأثناء الفطور يتناولون المحشيات والمعجنات و"الثريد" مرقة خضار.

    إحياء التراث الرمضاني

    لمقهى "النوفرة" في "دمشق" القديمة دور في إحياء التراث الرمضاني، ويعود تاريخه إلى نحو 300 عام ومؤسسه "صالح الرباط"، وهو بأجوائه العائلية مكان هادئ للترفيه عن النفس، يقصده الزائرون للتمتع بقصص الحكواتي واسترجاع الذكريات واللحظات التي جمعت لهم محبةً في أيامٍ مضت، فكيف مع شهر اليمن والبركة، السيد "أحمد الحارس" من مرتادي المقهى قال: «شهر رمضان في "سورية" من أجمل الأشهر وأكثرها تأثيراً على النفس في دفعها للخير والفعل الحسن، ويكفي أن وجوده ينهي الخلافات ويثير الصلح والوئام، ويوّطد علاقات الأخوة والمودة بين المسلمين، خصوصاً أثناء الزيارات المتبادلة والمفاجئة التي تحدث بين الأهالي والأشقاء والمغتربين والتفافهم حول مائدة واحدة وتبادل محاورات فيها الشوق والعتاب».

    وأضاف: في الزاوية الشمالية من حي "النوفرة" يقع جامع السيدة "الرقية" بنت الرسول، وفيه طلاب من دول عربية وإسلامية، يتعلمون أحكام الشريعة والفقه الديني، والمميز أن المعونات من الطعام والمال تأتيهم طيلة السنة ودون مقابل من قاطني الحي، فكيف مع شهر رمضان؟

    وللمقهى تحية ذات طابع خاص يستقبل بها الشهر.. عن ذلك قال السيد "محمد ذيب الرباط" من مالكي المكان: «بعد صلاة التراويح والإفطار تفتح "النوفرة" أبوابها للمارة والسائحين تقدم لهم مشروباتها الساخنة "القهوة والزهورات والكمون" وزبادي "الفول" الناضج، ولا يمضي وقت قصير حتى يطل حكواتي "الشام" بسيره وقصصه الممتعة ويبقى حتى ساعات متأخرة من الليل مع سحر النرجيلة الرمضانية».

    وأضاف: «عند صلاة الفجر في الجامع الأموي تجتمع الناس لطلب المغفرة، واستماع القرآن والتراتيل الدينية، ثم تتمتع بتناول الحلويات الدمشقية في "العمارة والغزّة والشامية"، وهي من أكثر المحال عراقة في صنعها، ومن بعض الأصناف "العصمليّة والنمّورة والغريبة والوربات بالقشطة".




    دعاء وابتهال للشهر الفضيل

    الشهر الفضيل ملهماً للفنانين التشكيليين

    يشكّل شهر "رمضان" عالماً ملهماً للفنانين التشكيليين فما طبيعة هذا العالم؟ عن ذلك قال الفنان التشكيلي السوري "نعيم حمادي" لـ "eSyria": «رمضان شهر مميز، ضيف ظريف يأتينا في كل عام وقبل أن نملّه يذهب، وأفضل ما فيه توقيته الذي يأتي قبل موعده بعشرة أيام مما يجعله يدور فصول السنة كل 36 عاماً، وهذا يكسبه تجديداً مستمراً، وذلك أن السنة الهجرية أقل من السنة الميلادية بعشرة أيام».

    وأضاف: «يذكرنا الشهر بأصلنا الإنساني "آدم وحواء"، ويشعرنا بشعور بعضنا ويوحد آمالنا، من هنا فإنه يتحول أمام الفنان التشكيلي إلى عالم إلهامي مضيء بالتقوى والسكينة والسلام، لهذا رسمت الناس في أجوائهم والمسحراتي والمآذن في الجوامع كمئذنة "العروس" في الجامع الأموي. لقد كنّا نعيش على سفح جبل "قاسيون" ننظر إلى مئذنة الجامع الأموي قبل الغروب والبعد يمنعنا من سماع صوت الآذان إلا أننا نشعر بها من ثم نسمع صوت مدفع الإفطار فتزداد الزيارات والصلات الاجتماعية بين العائلات وصلة الرحم وتتوحد الموائد وتتبادل الأطعمة وتخف الفوارق الطبقية وتكثر أعمال الخير والصدقات المكتوبة وغير المكتوبة.

    وقال الفنان التشكيلي السوري "معتز البشار": «"رمضان" من الأشياء العميقة في نفسي، الموجودة في حدائق ذاكرتي البعيدة وفي الطفولة، فالشهر هو المكان ورائحة نفحه الحاضرة في الطبيعة وفي وجوه الناس المرتبطة بالتسامح والالتزام، إنه التجربة الأولى نحو احترام القرار ورياضة النفس والصيام».

    وأَضاف: «أنتظر الشهر في كل سنة لأنه الذكرى والوضوح، وانتظاري له ناتج عن ارتباطي بعقيدتي من خلال التفاصيل الحياتية اليومية من مشاهدة أجواء الناس

    في "رمضان" الذي أحيي عبره الكلمات المختزنة في خبايا الذاكرة، إنه فترة للاسترخاء والتأمل البصري ومحاسبة النفس على أفعالها، والمميز خلال الشهر التقشف في الأشياء وهذا يوائم مساري التشكيلي في اللوحة من حيث التقشف بالخط والتكوين واللون.




    الفنان التشكيلي معتز البشار

    ومن الطقوس الرمضانية الجارية في المساجد الإنشاد الديني والمولوية، التقليد المأخوذ عن العالم "جلال الدين الرومي" منذ 800 عام.. عن ذلك قال "محمد الخراط" منشد وعازف في فرقة "زهير الخراط" للإنشاد الديني: «الإنشاد والمولوية طقس صوفي يحيي في "رمضان" مشاعر التوحد مع "الله"، ويمنح النفس متعة الصفاءّ والمشاهدة، والتجرّد من قيود الأخطاء والسمو في عوالم المثل والقيم».
يعمل...
X