إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

قصة الإنسان - أحمد محمد نجم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قصة الإنسان - أحمد محمد نجم

    قصة الإنسان


    أحمد محمد نجم


    أولاًظهور الإنسان


    لقد شغل هذا السؤال بال وتفكير الإ نسان لفترة طويلة وكان هذا السؤال محط أنظار العلماء إذ عملوا جاهدين لكشف الحقيقة المتعلقة بأصل ومصير الإنسان فالبشرية متحرقة لتعرف كيف ومتى ومن أن أتت وإلى أين هي ذاهبة


    ..البدايات


    لقد حاول فلاسفة اليونان وحكمائمهم جاهدين لتفسير ظهور الإنسان وذلك خلال القرنين السادس والخامس قبل الميلاد وحاولوا تفسير الوجود البشري بشكل فلسفي معلل بأدلة ملموسة وكان على رأسهم أنسكمندر والحكيم سقراط وأفلاطون وأرسطوا حيث تمخضت تحليلاتهم على أن الوجود الأنساني هو وجود طبيعي فهوجزء من الطبيعة المحيطةيتحكم بها وتحكمه قوانينها ويتأثر بها .


    ولايتوجب علينا أن ننسى فضل العرب المسلمون حيث كان لهم وقفات طويلة في العصور الوسطى مع سر الحياة


    وتفسيرالوجود مثل إبن رشد إبن سينا إبن مسكويه وإخوان الصفا. مبتعدين عن التصور الروحي والتعليل الألهي الفلسفي .


    وفي العصور اللاحقة [خصوصاً عصر النهضة الأوربية ] فقد ظهر تيار علمي وكان من أهم القائلين فيه الفيلسوف الفرنسي لامارك1744 / 1829 حيث وضع نظرية متكاماة شملت جميع الكائنات بما فيها الإنسان وأكد لامارك أن التطور هو نظام الطبيعة الأساسي حيث أن الكائنات تتكيف مع محيطها مكتسبة صفات تنقلها بدورها إلى الأجيال القادمة وقال أن وظيفة العضو الفيزيولوجي { الحركي } هي التي تحدد طبيعة تطوره .


    وكانت أهم المآخذ على نظريته هو إعتباره أن الصفات الكتسبة تورث ، وقد أعطى المثال على الزرافة كونها تتميز برقبة طويلة لاتتناسب مع بقية الجسم فالزرافة تفضل الأوراق الخضراء الطرية الناضجة في أعلى الشجرة فكانت


    تحاول مد رقبتها كي تصل إلى ماتريد ومع مرور الزمن استطالت رقبتها لتصبح على ما هي عليه الآن وورثت هذه الصفة للأجيال اللاحقة . كانت وجهة نظر لامارك من حيث المبدأ صحيحة لكنه أخطئ بعض الشيء ولا ننسى أن لامارك كان فيلسوفاً وما قاله في عصره كان ثورة من حيث الفكرة .


    بقيت أفكار لامارك سائدة حتى ظهرت أفكار وايزمن في القرن العشرين .


    وتحت تأثير لامارك ظهر باحث آخر هو المفكر العالمي شارل دارون {1808/ 1882 } الذي أيد نظرية التطور وأعطاها أبعاداً ثورية حيث أنكر ثبوت الحياة وقال أن الحياة متغيرة ومتبدلة ويسودها قانون الأصلح والأنضج والأقوى


    {{قانون الأصطفاء الطبيعي وبقاء الأفضل}} Natural Selection وقال أن جميع الكائنات :


    خرجت من بعضها حتى وصلت إلى أرقى فروعها وهو الأنسان الذي يشكل الفرع الأحدث من الفقاريات خلال مسيرة طويلة من التطور والتقدم نحو الأرقى والأصلح لقد تطور هذا الموقف في القرن العشرين ليأخذ منحى جديد وظهر ما يسمى بالدروانية الجديدةNew Darwinismالتي إعتمدت على التطبيق المخبري العلمي العملي حيث أطاحت بالكثير من المنطلقات الدروانية القديمة وخصوصاً القائلة بأن الصفات المكتسبة تورث وأثبتت العكس وكان ليزلي وايت ووايزمن من أهم أنصار هذه الأفكار الجديدة ولاحقاً أتخذت هذه البحوث نواحي أكثر تخصصاًوتمحورت البحوث حول الجينات والكروموزمات .


    ثانياً آلية ظهور الحياة


    لا بد لنا من معرفة كيفية ظهور الحياة إذ أردنا معرفة كيف ظهر الأنسان .


    اول ما ظهرت الحياة في المحيطات منذ حوالي 3,9 مليار سنة وكانت هذه الحياة وكان ذلك على شكل بكتريا ومنذ حوالي 2 مليار سنة ظهرت أشكال أكثر تطوراً من هذه البكتريا .


    لقد كان أكتشاف{ ميلر ويوري }الذي حصل بالصدفة في عام 1953 هو منطلق أكتشاف الحياة حيث خلطوا العديد من الغازات نفس التي كانت موجودة منذ 4 مليار سنة وبنفس النسب التي كانت موجودة في ذلك الوقت ولكنهم لم يحققوا النجاح في بادئ الأمر وبعد فترة من الزمن ضربت عاصفة المخبر الذي جرت فيه التجربة فلاحظوا في المزيج


    ما يسمى بأساس الحياة التي هي مادة الأمينو اسيدAmino acid وتشكل هذه المادة أساس الحياة ولا حياة بدونها .


    وقد رُكبت هذه المادة لتصنع منها الجينات ومن ثم الخلايا ...


    وبعد أكتشاف هذه المادة أعادوا التجربة ووجدوا أن عنصر جديد قد تدخل بالتجربة ليشكل الحياة الا وهو الكهرباء


    واستطاع علماء آخرون إنتاج المركبات الأولى من مادة الحمض النووي DNA ومنذ حوالي 540 مليون سنة حصل إنفجار الحياةCambriam وتطورت بعدها الحياة إلى أسماك وطيور وزواحف وثديات.


    ومنذ 6/8 مليون سنة كان الأنشطار الأهم الذي يعد نقطة التمييز بين الإنسانيات الأولى ومجموعة القردة .


    أذاً الإنسان لم يتطور من قرد ولكن هناك قواسم جد مشتركة بين مجموعة القردة والإنسانيات .


    ـ رأي البيولوجيون


    لقد رأى هؤلاء أن الإنسان له أوجه تشابه وأوجه أختلاف مع الكثير من الكائنات أهمها الرئيسيات، ويصنف الإنسان


    بأنه جزء من المملكة الحيوانية التي تتفرع عنها تدريجياً شعبة الفقاريات صنف الثديات رتبة الرئيسيات فصيلة الإنسانيات جنس الإنسان نوع الإنسان العاقل وقد تبين أن أكثرهذه الرئيسيات تشابهاً مع الإنسان هي القرود .


    يدرس المختصون العلاقة بين الرئيسيات الحالية وبين الإنسان من جهة وبين الرئيسيات القديمة والإنسان القديم من جهة أخرى وذلك من خلال البقايا المستحاثة لكل منها في الطبقات الأرضية .


    إن حجم الدماغ المتطور إضافة إلى بنية الأطراف لدى الرئيسيات الحالية تتشابه مع الإنسان إضافة إلى ذلك نجد تشابه كبير في الفك والأسنان والجهاز العصبي والجهاز الهضمي والهيكل العظمي والزمر الدموية ونظام الأباضة وبنية الرحم وطريقة الحمل والولادة ونظراً لهذا التشابه الكبير فقد ظهرت الأراء القائلة بأصل واحد وقد تدعمت هذه الأراء من خلال أعمال التنقيب التي جرت بحثاً عن هذا الجد المشترك وقد تتالت الأكتشافات التي تؤكد هذه المقولة


    . تم أكتشاف العديد من الكائنات الحفرية القديمة التي تحمل صفات مشتركة بين القرد والأنسان ووجدت في أوربا


    وأفريقيا وآسيا في طبقات جيلوجية تراوحت أعمارها بين 35/7 مليون سنة أطلق عليها تسميات مختلفة مثل القرد المصري الذي وجد في الفيوم في مصر والذي أورخ بحوالي 30مليون سنة وأتى بعدها القرد الشجري والذي


    تفرع عنه عدة فروع أتجه بعضها نحو القرد الحالي وآخر نحو الإنسان وقد أثبتت الدراسات أن القرد المسمى[راما بيتكRama pithecus] هو الذي تطور نحو الكائنات الإنسانية الأولى .


    لقدوجدت هياكله في الهند والباكستان وتركيا وكينيا والمجر مما دل على إنتشاره في كل قارات العالم القديم ودلت صفاته الفيزيولوجية على تشابه كبير بينه وبين الإنسان لكنه ليس إنساناً ويعد أول من ترك الشجرة مما ميزه عن بقية الأنواع حيث سار على قدميه وقد تتطور فيما بعد بأتجاه قريب من الإنسان وربما فيما بعد نحو الإنسان .


    ـ تعريف الإنسان


    إن تعريف الإنسان من أشد القضايا تعقيداً على الأطلاق حيث يتداخل في هذا التعريف عدة عوامل ومقاييس منها ما هو فيزيولوجي وآخر فلسفي إضافة إلى العايير الأجتماعية والحضارية .


    الناحية الفيزيولوجية


    1 . قدرة السير على القدمين أي أنتصاب القامة وإعتماده على أطرافه السفلية بدلاً من أربع .


    2. حجم الدماغ الكبير الذي يتجاوز في حدوده الدنيا حجم أي نوع من القرود المشابهة حيث يجب أن يزيد على 1500 \cc سم3 بينما حجم دماغ الغوريلا 450 cc والغوريلا يوجد بينه وبين الأنسان يوجد 98 % من نسبة التشابه في الصبغيات والمورثات .


    ويمكن أن نضيف إلى الصفات الفيزيولوجية الفك والأسنان حيث نلاحظ تراجع الفك والأسنان عند الإنسان إلى الخلف أكثر منها عند القردة إضافة إلىذلك نلاحظ أن الفك العلوي على شكل نصف دائرة لدى الإنسا ن بينما هو نصف بيضوي لدى القردة والفك السفلي لدى الإنسان هو على شكل زاوية قائمة تقريباً بينما لدى القردة زاوية منفرجة ونضيف الى ذلك بنية الأسنان ونعية الطبقة العازلة { الميلانين } للتتلائم مع نوعية الطعام ، ولدينا أيضاً فروقات في توضع الأسنان وترتيبها والحركة الدائرية التي جعلت حركة فك الإنسان هي حركة طحن على عكس القردة التي حركة الفك عندها حركة قضم .


    الناحية الحضارية.


    لقد تبع التطور الفيزيولوجي تطوراً حضارياً لدى الكائنات الإنسانية .


    1 ـ القدرة بالقيام بالعمليات الزهنية المعقدة { الذكاء }


    والذي مكن الأنسان منتسيير محيطه والتحكم بالطبيعة المحيطة وإخضاعها لحاجاته ،وادى ذلك كله إلى صنع الأدوات الحجرية وهي الدليل الأهم للوجود البشري وهذه القدرة على صنع الأدوات هي التي ميزت الأنسان عن بقية الكائنات الأخرى والتي استعملت الأدوات الطبيعية أحيانناً لكنه لم تصنعها كالأحجار والعصي وعيرها مما توفره الطبيعة والبيئة المحيطة .


    لقد اعتبر العلماء أن بداية المجتمع الأنساني هو لحظة أبتكار الأداة الحجرية وأضاف بعض العلماء القدرة على تجنيد النار لمصلحته ، كشرط من الشروط الحضارية .


    وتلعب الحياة الأجتماعية دوراً مهماًفي تعريف الإنسان ترافقها اللغة والحياة الروحية ، وهذا موضع خلاف بين العلماء منهم من يعتبرها شرطاً حضارياً ومنهم من قال عكس ذلك معللاً رأيه بأنها ليست من صفات الإنسان وحده بل هي موجودة لى الكائنات الأخرى وآخرون اعتبروها من الشروط المكملة .


    ويقول بعض العلماء بأن الشروط الفيزيولوجية قد تحققت بوقت سابق بكثير عن الشروط الحضارية ، حيث عثر على هياكل كائنات تسير على قدمين وأمتلكت حجم دماغ كبير منذ حوالي 6/ 5 مليون سنة بينماتحدث الباحثون عن أول صنع للأدوات الحجرية بحوالي 2,5 مليون سنة ومن هنا ممكن أن نقول بالإنسان الكامل .


    ويعتقد علماء الأثار بوجود تأثير متبادل مابين الصفات الحضارية والصفات الفيزيولوجية كما وأن صنع هذه الأدوات


    أدى لزيادة المرونة في الأطراف والأصابع وأدى ذلك أيضاً إلى تضخم حجم الدماغ ليتلائم مع حاجة الأختراع


    والتفكير بالطرق الأنسب لحلول جديدة للنجاة من الأفتراس وغيرها من المخاطر وكل هذا أدى إلى تضاعف حجم الدماغ مرتين عما هوعليه وساعد هذا على إبتكار أول أداة .


    وكان للبيئة دوراً هاماً وأدى ذلك إلى تطوره من الناحية الفيزيولوجية والحضارية فأدى النزول من الشجرة إلى إنتصاب العمود الفقري بشكل كامل وتركز الرأس عليه بشكل تام ورافق ذلك تسطح القدمين وقصرالحوض وعرض الصدر وقويت فاعلية النظر والشم واللمس وازداد حجم الدماغ وتعقد تركيبه وأدى أنتصاب القامة والسير على القدمين إلى تحرير اليدين واستخدامهما في أغراض أخرى .


    ثالثاًَ الإنسان الأول { الأسترالوبيتك } Australopithecus


    في عام 1924 كان الطبيب الأنكليزي دارت يبحث في موقع تاونغ جنوب إفريقيا حيث وجد آثار النوع الأول من الإنسانيات وكانت هذه على شكل جمجمة لطفل عمره يقارب الست سنوات ودلت الأبحاث اللاحقة أنه منذستملايين سنة ظهر نوع جديد من الكائنات يستطيع أن يسير على قدمين بقامة منتصبة وله حجم دماغ كبير يحمل صفات شكلية فيزيولوجية قريبة من الإنسان لكنها لم تكن قادرة على أن تصنع أدوات حجرية ولذلك لم تصنف ضمن جنس الإنسان وبقيت خارج الشروط الإنسانية الكاملة وكانت هياكل هذه الكائنات قد وجدت في العديد من مناطق أقليم عفار في جيبوتي ولذلك أطلق عليه القرد العفاري الأسترالو بيتك العفاري .


    ودلت الهياكل التي كان بعضها كاملاً على كائن طوله حوالي 130 سم وحجم دماغ 300 / 400 سم3 وكان قادر أن


    يسير على قدمين وقد تم كشف ذلك من خلال شكل دعساته التي أخذت شكلها في الرمل البركاني وبقيت محفوظة


    أضافة إلى شكل الحوض وذلك في موقع لاتولي في تنزانيا .


    ومنذ 3 مليون سنة دخل هذا النوع مرحلة هامة ومتطورة حيث يقسم إلى نوعين ،


    1 ـ الأسترالو بيتك الأفريقي { النحيف} ويسمى القرد الجنوبي AfricanusAustralopithecus وهو نحيف القامة


    2 ـ الأويترالوبيتك الغليظ الخشن Australopithecus Robustus


    لقد عاش هذين النوعين في أفريقيا في مناطق السافانا مع بقية الحيوانات كالقرود والحمار الوحشي والزرافة والتي لازالت موجودة حتى الآن في نفس المناطق في أثيوبيا وغيرها من دول أفريقيا .


    وتشير الدراسات الأخيرة أن النوع المسمى بالأسترالوبيتك الأفريقي النحيف هو الذي قام بصناعة الأدوات الحجرية


    الأولى وسار نحو الإنسان الكامل في مسيرة تطوره .


    وتدل آخر الدراسات على أن الكائن الذي وجدت بقاياه في موقع الدوفاي في تنزانيا والمتطور عن الأسترالوبيتك


    النحيف وترافقت عظامه مع أدوات حجرية ممكن أن يكون أول إنسان في التاريخ وأطلق عليه اسم{ الأنسان الصانع }


    وتؤرخ هذه الطبقة بحوالي 2,5/2,4 مليون سنة واعتبر هذا الإنسان الصانع هو أقدم نوع بشري موجود في التاريخ


    وهو يتميز بصفات فيزيولوجية قريبة من الإنسان العاقل ومشابهة لحد كبير مع ما تبعه من تطورات فيزيولوجية على بقية الأنواع اللاحقة ، كان منتصب القامة يسير على قدمين بلغ طول الهيكل حوالي 150 سم وحجم الدماغ 650 /750 سم3 يتميز بوجه بارز إلى الأمام جمجمته قليلة التدور وجبهته مائلة وعظام حواجبه بارزة إلى الأمام متصلة ببعضها


    وأسنانه غليظة ويحمل صفات متطورة أكثر من الأسترالو بيتك وهو أقل تطوراً من الإنسان العاقل وجدت هياكله العظمية في العديد من المواقع الأفريقية مترافقة مع بقايا حجرية بدائية منها ما هو مطروق من جانب واحد منها ما هو مطروق من جانبين { قواطع وأدوات قاطعة } وكانت هذه الأدوات أهم دليل على الوجود الإنساني الذي تميز بتفكير هادف ومنظم ميز هذا الكائن عن بقية الكائنات الأخرى ويعتقد الباحثون أنه أقام في أكواخ بسيطة وربما استطاع الأستفادة من النار ولم يعثرالمنقبون على دلائل تشير على أنه مارس معتقدات أو حياة روحية أو إجتماعية أو لغة خاصة ويعتقد أنه لم يغادر القارة السوداء لأن التنقيب الذي شمل مناطق عديدة من العالم لم يكشف عن بقايا هذا النوع سوى في أفريقيا حيث بقي فيها أكثر من مليوني سنة .


    الهومواركتس Homo Erectus


    ظهر منذحوالي 1,5 مليون سنة نوع بشري جديد وكان يحمل صفات أكثر تطوراً من الأسترالوبيتك وكان الباحث الهولندي أوجين دوبوا أول من عثر على هياكله في جزيرة جاوا قرب نهر سولو وتميز بانتشاره بقارات العالم الثلاث القديمة آسيا وأفريقيا وأوربة في طبقات تراوحت أعمارها 600/ 200 ألف سنة ق.م وسمي بتسميات مختلفة حسب المناطق ومن بينها الهيكل الإنساني الذي وجد في حوض العبيدية في حوض نهر الأردن بفلسطين المحتلة والذي أورخ بحوالي 700 ألف سنة لقد حمل الهومواركتس صفات فيزيولوجية أكثر تطوراً من جده الأسترالوبيتك طوله حوالي 150 سم وحجم دماغه حوالي 800 / 1000 سم3 cc وجمجمته أكثر تدوراً من سلفه وجبهته أقل ميلاناً إلى الخلف وعظام حواجبه بارزة ومتصلة وذقنه لم تكن واضحة بعد ، وهذا النوع كان أكثر سيطرة على محيطه الجغرافي فهو دخل مناطق جديدة باردة في آسيا وأوربة واستطاع أن يستفيد أكثر من الملاجئ والمغاور الطبيعية


    واستطاع بناء الأكواخ البسيطة كما دلت إكتشافات تنزانياوسوريا وفرنسا وأقام أين ما يشاء بغض النظر عن طبيعة الطقس في المنطقة واستطاع الأستفادة من أوراق الأشجار والنباتات و جلود الحيوانات ومن النار الطبيعية ويخمن بعض العلماء أنه استطاع إشعالها والأستفادة منها واستطاع صنع أدوات أحدث مما كانت لدى سلفه وأكثر فاعلية منها


    وسميت الفؤوس الحجرية اليدوية وبها استطاع صيد الحيوانات والأنتقال إلى الوجبة اللحمية بدلاً من الوجبة النباتية التي كانت تشكل الغذاء الرئيسي لدى سلفه ، لقد اعتمد الهومواركتس على العظام والأخشاب إلى جانب الأحجار في صنع أدوات جديدة ويعتقد الباحثون أنه أقام حياة اجتماعية واستطاع تنظيم الأسرة التي يرأسها أب وتتبعه زوجة أوعدة زوجات وأولاد وقام بتقسيم العمل حسب الجنس والعمر ، ويعتقد بعض الباحثون أنه امتلك لغة خاصة واضحة المفردات والمعاني ، لقد استطاعت هذه الكائنات أن تتخطى مرحلة العزلة الفردية وتطورت ضمن المجموعة الإنسانية


    الواحدة والتي تعاونت في السراء والضراء وعاشت على أساس نظام مشاعي .


    إنسان النياندرتال Homo Neanderthalensis


    منذ حوالي 100,000 ألف سنة ق. م ظهر نوع آخر من البشر وكان أكثر تطوراً في شكله الفيزيولوجي وحتى في إنجازاته وقد عثر على هياكله الأولى لأول مرة في وادي النياندر في ألمانيا قرب دوسلدرف على يد{ يان فوهلروت}


    وذلك عام 1856وقد أحدث هذا الأكتشاف ضجة عارمة في ذلك الوقت وكان{ شارل دارون }نشر كتابه المشهور عن أصل الأنواع ولكن هذا الأستغراب مالبس أن خمد بعد تتابع الأكتشافات من مختلف قارات العالم لتؤكد وجود نوع بشري جديد سمي بالنياندرتال ويتميز بصفات فيزيولوجية عديدة وكبيرة أهمها حجم الدماغ الكبير {1000/1200سم3 cc}وله وجه مسطح وكان أقل بروزاً إلى الأمام حواجبه أخف غلاظة من أسلافه وجمجمته أكثر تدوراً وجبهته أقل تراجعاً إلى الخلف وله ذقن شبه واضحة وأصبح يتوفرلدينا معلومات جيدة عن حياته الحضارية حيث كان النياندرتاليون الذين هم أكثر عدداً من سابقيهم وانتشروا على مناطق أوسع باردة وحارة شملت جميع أرجاء الكرة الأرضية في نصفي الكرة الأرضية لم تسكن من قبل فوصلوا حتى سيبريا بعد أن أتقنوا صناعة الجلود الدافئة وارتدائها


    واستغلوا على أكمل وجه المغائر واللاجئ التي قاموا بتكييفها وإعادة تنظيمها وتقسيمها وإقامة المصاطب والجدران وتوسيع مداخلها أوتضيقها حسب الحاجة ومن المؤكد أنهم استطاعوا أشعال النار كيف ومتى يشآون وبطرق مختلفة


    وتحرروا من الأعتماد على النار الطبيعية .


    كان بمقدور النياندرتاليون صيد الحيوانات بمهارة وقتلوا الحيوانات الخطيرة كالماموت ووحيد القرن واستفادوا من لحمها وجلدها وعظمها وابتكروا أدوات حجرية جديدة وطرق تصنيع جديدة وصنعوا أدوات مركبة قبضاتها خشبية أو عظمية والنصلة الحادة حجرية [ سكاكين مقاحف ومخارز وفؤوس ] .


    يعتبر هذا النوع أول من مارس المعتقدات الروحية والشعائر الدينية والتي تعتبر تتويجاً لإنسانيته حيث اهتم بدفن موتاه ، لم يتركها للطيور والوحوش تنهش جسسها وقد عثر على العديد من القبور الفردية والجماعية وعثر على مدافن في العديد من المناطق في فلسطين والعراق وفرنسا ودول السوفيت القديم وكانت هذه الهياكل بأوضاع مختلفة مثنية أو جانبية أو مقلوبة وطليت بألوان مختلفة وزودت بأسلحة وأدوات وأطعمة وهذا يدل على عمق المشاعر لدى هذا النوع البشري وقد خص النياندرتال جماجم موتاه {رؤوسهم } بعناية كبيرة فدفنها بشكل مستقل وفي بعض الأحيان أكل أجزاء منها مدفوعاً باعتبارات دينية ورغبة باكتساب ذكاء الميت أو قوته أو مكانته الأجتماعية وليس إرضاء للجوع كما يقول بعض الباحثون ، ويعتقد آخرون أن النياندرتال قد عبد الدب ويعتمد أنصار هذا الرأي على الاكتشفات في الجبال الأوربية حيث عُثر على جماجم دببة مدفونة بعناية شديدة إلى جانب جماجم النياندرتاليون ، ويعتقد الباحثون أن النيادرتاليون قد مارسوا فنون بسيطة .


    مصير النياندرتال مايزال مجهولإلى حد ما ونطالع في هذا الشأن رأيان :


    الأول يقول بأن النياندرتال قد تطور نحو الإنسان العاقلمعتمدين بذلك على الاكتشافات في مغارة السخول والطابون والأميرة والزطيبة في جبال الكرمل في فلسطين وفي جبل قفزة ومغارة العامود بقرب بحيرة طبرية حيث تم العثور على هياكل عظمية نياندرتالية حملت العديد من الصفات المشتركة بين النياندرتال والإنسان العاقل مثل حجم الدماغ الذي هو حوالي 1500سم3والقامة الطويلة نسبياً 170/180 سم والذقن بارزة وترافقت هذه الهياكل مع بقايا أدوات حجرية من بينها نصال طويلة لها صفات متطورةومشتركة بين أدوات النياندرتال وأدوات الإنسان العاقل ن بينما


    بستند أنصار الرأي الثاني الذي يقول بانقراض النياندرتال على اكتشافات أوربة خصوصاً حيث لم يعثر على أي أشكال نياندرتالية إنتقالية


    ومتطورة تشابه ما عثر عليه في فلسطين ،ولكن وجد في فرنسا وإنكلترا وألمانية هياكل عظمية تعود لإنسان العصر السابق


    الهومواركتس تشابه صفات الإنسان العاقل الذي يعتقدأنه في أوربة على الأقل أتى من الهومواركتس دون المرور بمرحلة النياندرتال ويضيف أصحاب هذا الرأي أن النياندرتال والإنسان هما فرعان من الهومواركتس الأول حيث انقرض النياندرتال وتابع الثاني مسيرة تطوره نحو الإنسان العاقل ويفضل الباحثون عدم الخوض في هذا المجال لأن الاكتشافات قليلة والنظريات المطروحة كثيرة ومعقدة فلا يوجد دليل قاطع على الإنقراض هل هو تغير مناخي أطاح بهذا الإنسان أم مجازر جماعية أم كوارث طبيعية أو وباء فتك بهذا الإنسان .


    ويسلم كثير من علماء الأثار والأنتربولوجية بأن النياندرتال هو من تطور نحو الإنسان العاقل معتمدين على شدة وضوح المواقع الفلسطينية والبعض يرفض هذه المقولة مدفوعاً باعتبارات عنصرية رافضاً أن يكون أصله من الشرق العربي القديم .


    الإنسان العاقلHomo Sapiens


    يؤرخ ظهور الإنسان العاقل بين حوالي 40 /35 ألف سنة ق.م ويعد شكل آخرونوع جديد من البشر لم يسبق له مثيل


    في تاريخ الوجود البشري وقد أحدث تطوراً كبيراً في مسيرة التطور البيولوجي والحضاري للإنسان وتم العثور على هياكل هذا النوع لأول مرة في عام 1886 من قبل برتميرو في مقاطعة الدردون في فرنسا ، وأطلق عليه اسم إنسان كرومنيون نسبة إلى الموقع وتتالت المكتشفات في مناطق مختلفة من العالم وأكدت جميع الطروحات والنظريات أن إنسان كرومانيوم هو الجد الباشر للإنسان الحالي حيث امتلك جميع الؤهلات التي تدعمت بالمكتشافات ليكون الجد المباشر للإنسان الحالي سواءً من الناحية الفيزيولوجية أو من الناحية الحضارية أو الإجتماعية التي هي قريبة من الواقع الحالي للإنسان ولا يختلف هذا النوع عن الإنسان الحالي إلا بقدر ما تختلف العروق البشرية عن بعضها ولأجل تميز الأشكال القديمة عن الحديثة منها يسمونه الباحثون الإنسان الحفري Homo Sapiens Fossilis بينما يطلق على النوع الإنساني العاقل الحديث Homo Sapiens Recent ، إن الإنسان العاقل طويل القامة بين 160 /170 سم جمجمته كاملة التدور جبهته عريضة أكثر من أسلافه وجهه مسطح وذقنه بارزة وحجم دماغه يصل إلى حجم دماغ الإنسان الحالي أي حوالي 1400 /1500 سم3 cc وفكاه وأسنانه شبيهة بما هي عليه الآن لدى الإنسان الحالي ، إن ظهور الإنسان العاقل أدى إلى دفع الحضارة بشكل لم يسبق له مثيل ، إذ بلغ المستوى الأجتماعي والإقتصادي درجة عالية من التقدم والتنوع .


    الصفات الحضارية التي ميزت الإنسان العاقل عن غيره :


    تجسد ذلك في العديد من الإبتكارات الجديدة كالأسلحة والأدوات الحجرية والعظمية مروراً بالبناء والفن والمعتقدات وتوج ذلك كله بالأستقرار واختراع الزراعة والتدجين حيث أنتشر النوع الإنساني في كل أنحاء المعمورة ويعتبره العلماء أول من سكن القارة الأمركية .


    رابعاً ـ نظريات ظهور الإنسان والتمايز والعرقي هناك عدة أراء تقول بظهور الإنسان ،ويدور في أوساط العلماء نقاشات حادة حول كيفية ظهور الإنسان والمكان الذي ظهر فيه :


    وأهم هذه النظريات ،


    1 ـ نظرية المنشأ الواحد ويقولون أصحاب هذا الأي أن القارة الأفريقية هي الموطن الأصلي للإنسان .


    2ـ نظرية تعدد المنشأ يقولون أن الإنسان ظهر في عدة مناطق من العالم في جنوب شرق آسيا وجنوب أفريقيا وغربها مناطق ظهر فيها الإنسان وتطور بشكل منفرد ومستقل .


    وتدل أقدم الاكتشافات في غرب أفريقيا والتي وصلت في عمرها حتى 3 مليون سنة بينما لاتتعدى الاكتشافات الأوروبية


    والآسيوية 1 مليون سنة مما يدل على أسبقية القارة السوداء الأفريقية في نشوء العالم ورب مع مرور الزمن سنصل إلى حقائق أوضح في هذا الموضوع .


    ـ إما بالنسبة للتمايز العرقي فهناك أيضاً عدة أراء فمنهم قائل أن اختلاف العروق الأبيض والأصفر والأسود يعود إلى زمن ظهور الإنسان العاقل فقط من حوالي 40 ألف سنة معتمدين بذلك على هياكل عظمية لهذا الإنسان يحمل صفات عرقية بعضها قريبة من العرق الأبيض كالتي وجدت في موقع كرومانيو ن وبعضها الآخر يعود للعرق الأسود مثل غريمالدي في إيطاليا وفي فرنسا أيضاً عثر على هياكل تعود للعرق الأصفر في موقع شانسولا .


    ويقول الرأي الآخر أن هذا التمايز قديم قدم الإنسان ذاته وتعود هذه الخلافات إلى زمن ظهور الإنسان الأول منذ أكثر من مليوني سنة علماً بأنه من الصعب أن نحكم بشكل قاطع في هذا الموضوع لأننا لانملك معلومات عن العديد من الصفات الهامة التي تؤخذ بعين الأعتبار في تصنيف العروق والسلالات كلون البشرة ولون الشعر ونوعية الدم وزمره حيث لم يبقى شيء يدل عليها واقتصرت الدراسات على البقاي العظمية والتي غالباً ما تكون مشوهة ويعتقد علماء الأنتربولوجيا أن التمايز العرقي قد سبق ظهور الإنسان العاقل لأن هذا التنوع الكبير القائم لابد أن يكون تشكل عبر


    إمتداد زمني طويل .


    وإعتمدت العلامة سونيا كول بتصنيفها المشهور الذي نشرته عام 1963 على تحليل الدم إضافة إلى بقية الخصائص


    الجسمية { لون الشعر شكل الأنف شكل الرأس ...... } ويعد تصنيفها هذا من أدق إسس التصنيف وأحدثه ويعتمد تصنيفها على تقسيم الجنس البشري إلى أربع مجموعات سلالية ويتفرع من كل منها سلالات فرعية وهي على الشكل التالي :


    المجموعة القوقازية


    1 . رواد سلالة البحر المتوسط


    2. سلالة البحر المتوسط


    3. الإيرانيون ــ الأفغان


    4. النورديون


    5. الألبيون


    6. البلطيقيون الشرقيون


    7 . اللاب


    8. السلالة القوقازية الجنوبية بالهند


    9 . هنود البحر المتوسط


    10 . السلالةالقوقازية الشرقية بإفريقيا { البربر}


    11 . السلالة القوقازية الشرقية بإفريقيا { المصريون والصوماليون والإثيوبيون }


    المجموعة المغولية


    1. المغول الأصليون { الإسكيمو واليابانيون والصينيون والكوريون }


    2. الأتراك


    3. سلالة التيبت والهمالايا


    4. السلالة الأندنوسيا الملايومرية


    5. الهنود الأمركيون


    المجموعة الزنجية


    1 .الزنوج { الزنوج الأصليون وزنوج البانتو والحاميون النيليون }


    2 .الأقزام


    3. السلالة الخويسانية { البوشمن والهوتنتوت }


    المجموعة الأسترالية


    1 . الأستراليون الأصليون


    2. الأينو


    3. الفيدا


    4 . الميلانيزيون


    5 . البولانيزيون


    حيث يهتم علماء الأنتربولوجية الطبيعية وكذلك علماء الجغرافيا البشرية بدراسة الخصائص الجسمية لتلك السلالات


    البشرية ودراستها ودراسة هجراتها وتحركاتها وتأثير العوامل الجغرافية من مناخ وإقليم في أسلوب حياتها



    المراجع : عصور ما قبل التاريخ الدكتور سلطان محيسن


    الأنتربولوجيا الثقافية الدكتور عاطف وصفي


    محاضرات وندوات الدكتور عمر العظم


    إعداد الطالب في قسم الأثار جامعة دمشق


    أحمد محمد النجم
يعمل...
X