إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

اقتصاد الظل في سورية يفوت على الخزينة المليارات ويحرم 30 % من العمالة حقوقها

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اقتصاد الظل في سورية يفوت على الخزينة المليارات ويحرم 30 % من العمالة حقوقها

    اقتصاد الظل في سورية
    يفوت على الخزينة المليارات ويحرم 30 % من العمالة حقوقها


    بدأ حجم اقتصاد الظل في سورية يتنامى بشكل كبير في السنوات الماضية, الأمر الذي يرى فيه البعض خطرا على المناخ والبنية الاقتصادية للبلاد, في حين يبدو دخول هذا الاقتصاد في الإحصاءات الاقتصادية السورية بعيدا في ظل ما يسميه بعض القائمين على هذا الاقتصاد النظرة "الدونية" لأعمالهم إضافة لمعوقات أخرى.
    ويعد اقتصاد الظل مجموع الأنشطة الاقتصادية التي تتم خارج دائرة التشريعات التي تضعها الدولة, إذ يتهرب هذا الاقتصاد من جميع الاستحقاقات المترتبة عليه تجاه الدولة سواء كانت رسوما أم ضرائب أم خطط أم تقديم بيانات, ويستفيد من أغلب الخدمات المقدمة لغيره من القطاعات وبكل أشكالها.
    أصحاب مهن في اقتصاد الظل: في حال طلبنا تنظيم عملنا قد يوقفوننا عن العمل
    وقال زياد, وهو صاحب معمل بوظة صغير في منطقة مخالفات, "لا أملك أدنى فكرة عن اقتصاد الظل..لكن إذا كان المقصود ترخيص المشغل فهذا مستحيل لأني أعمل أساسا في مناطق سكنية وسيوقفونني عن العمل بسبب ضجيج البرادات".
    ولم يكن منذر, صاحب مشغل خياطة, بمنأى عما ذهب إليه زياد حين قال إن "المشغل يقوم على 9 عمال وعند التنظيم سيصبح لزاما علي دفع تأمينات لهؤلاء العمال ناهيك عن الضرائب وفواتير الكهرباء والماء".
    واقتصاد الظل في سورية هو في الغالب ما يسمى الاقتصاد غير المنظم أو ما تصفه تقارير رسمية بالقطاع "الشريف" لكنه "خارج عن القانون", وليس الاقتصاد الأسود الذي تعاني منه العديد من الدول كالاتجار بالمخدرات وغسيل الأموال.
    مهنة أخرى لا يخجل نوار (17 عاما) منها، حيث يعمل لدى شركة تنظيف منازل مقابل مبلغ 500 ليرة سورية على الورشة, ويقول إن "ورشة التنظيف التي أعمل بها غير مسجلة أساسا لدى الدولة وقد جربت في عملي السابق الطلب من رب العمل تسجيلي في التأمينات لكنه طردني من العمل ولا أعتقد أني سأعيدها", مشيرا إلى أن "هناك نظرة دونية لعملي وغيره من الأعمال وقد لا تكون الدولة في وارد تنظيم أعمالنا أصلا".
    وكان نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية عبد الله الدردري قال إن على الحكومة النظر للقطاع غير المنظم نظرة احترام للعاملين فيه وليس معاقبتهم، مضيفا عندها سنكتشف ثروة مهمة بين أيدينا.
    وزارة الاقتصاد: حجم اقتصاد الظل قد يشكل 60% من حجم الاقتصاد الحقيقي ونملك مشروعا
    لإجراء إحصاءات دقيقة
    من جهتها, قالت مديرة التخطيط في وزارة الاقتصاد سمر قصيباتي إنه "ليس هناك إحصاءات دقيقة لحجم مشاركة اقتصاد الظل في الاقتصاد الحقيقي فهناك تقارير تقول إن هذا الاقتصاد يشكل أكثر من 30% في الاقتصاد في حين تذهب تقارير أخرى إلى أن حجمه يصل إلى 60% من حجم الاقتصاد".
    وتشير تقارير رسمية إلى أن القطاع غير المنظم يشكل 40% من حجم الاقتصاد السوري ما يعني أن هذا الاقتصاد سيضيف النسبة ذاتها إلى الدخل الوطني في حال تنظيمه.
    وأضافت قصيباتي أن " هناك مشاريع لإحصاء حجم هذا الاقتصاد بشكل دقيق إلا ان عددا من العقبات يقف في وجه مثل هذه الإحصاءات مثل شمول هذا الاقتصاد لمجمل أوجه النشاط غير المسجلة لدى الدولة انطلاقا من البسطات في الشوارع وصولا إلى المشاريع الصغيرة والمتوسطة والشركات العائلية إضافة إلى تهرب أصحاب هذه الأعمال من الإجابة على أسئلة الإحصاءات".
    ويحمل اقتصاد الظل جمبع أشكال العلاقات الاقتصادية من بيع وشراء - دائنية ومديونية - ربح وخسارة - تعاملات نقدية ومقايضة - بيع بالآجل وفوري, ويتضمن أكثر أشكال التبادل قدماً (المقايضة) وأكثرها حداثة (التجارة الإلكترونية)، ومن أبسط السلع (قوة العمل) إلى أكثرها تعقيداً ، فهو مجال خصب للغنى الفاحش والفقر المدقع، يضم شرائح متعددة سواء من حيث (العمر - الوضع الاجتماعي - الحالة التعليمية ويتواجد في كل الأنظمة (اشتراكية) أم (رأسمالية) أو ما بينهما، يعمل بمبدأ أكبر ربح ممكن أو أقل خسارة ممكنة.
    وعن الخطوات الحكومية للوصول إلى إحصاءات دقيقة, قالت قصيباتي " نملك حاليا مشروعا مع المكتب المركزي للإحصاء يقوم على إجراء إحصاءات دورية تقوم على بناء الثقة مع أصحاب الأعمال المشاركة في اقتصاد الظل بما يسهل لنا إدخال هذا الاقتصاد في الاقتصاد الحقيقي".
    ولا توجد إحصاءات دقيقة ترصد واقع الأسواق غير النظامية إلا أن باحثين اقتصاديين يؤكدون تعاظم دورها لتشكل أكثر من 60% من حجم السوق السلعي.
    وأشارت قصيباتي إلى أنه "بإمكاننا إدخال عامل الثقة بين العاملين في اقتصاد الظل والقائمين على الإحصاء من خلال نشر ثقافة اقتصادية صحيحة لدى العاملين في هذا الاقتصاد تقوم على توعيتهم بضرورة تنظيم أعمالهم لما فيه فائدة لهم وللدولة في آن معا إذ يفوت عدم تنظيم هذا الاقتصاد مبالغ كبيرة جدا على خزينة الدولة وبمجرد تنظيم أعمالهم سيحسن من خدمات الدولة المقدمة لهم".
    ويمتلك اقتصاد الظل آثارا سلبية كبيرة على الاقتصاد الوطني وخاصة في ظل ازدياد الموازنات السنوية عاماً بعد عام ما يجعل زيادة الإيرادات لها وخاصة الضرائب والرسوم حاجة ملحة, وعندما يتم تحصيل الضرائب من كل القطاعات يخف العبء الضريبي على العاملين في الدولة. ولاسيما أن القطاع الخاص يشكل أكثر من 60% من الناتج الإجمالي المحلي.
    وعن المدة المتوقعة لتحقيق تقدم في هذا المجال, قالت قصيباتي "نقوم الآن بالاستفادة من تجارب دول أخرى في تنظيم اقتصاد الظل إذ سبقتنا العديد من الدول للتنبه إلى أهمية مساهمة هذا الاقتصاد في مجمل الناتج الوطني", مشيرة إلى ان " تنظيم هذا الاقتصاد يشكل صعوبة في كل دول العالم فمن اسمه, اقتصاد الظل, نستطيع أن نلمس مدى صعوبة تنظيمه..حتى عمل المرأة في المنزل كالتطريز يعتبر اقتصاد ظل, ولذلك لا نملك توقعا محددا إلا أننا نعمل على هذا الموضوع منذ فترة ليست بقليلة".
    وأعطت قصيباتي وصفة لتحجيم هذا القطاع تتمثل بـ"تبسيط الإجراءات وإعادة النظر في طريقة جباية وفرض الضرائب ، وإيجاد آليات للتمويل، وبالأخص للمشاريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر".
    واعتبرت قصيباتي أن "هناك صعوبات تتعلق بالقائمين على هذا الاقتصاد إذ يرفضون بمجملهم دخول الاقتصاد الحقيقي تهربا من الضرائب وإعطاء العمال حقوقهم من خلال تسجيلهم في التأمينات الاجتماعية كما أن غياب الدراسات الدقيقة زاد الطين بلة".
    التأمينات الاجتماعية: العمالة غير المنظمة تشكل نحو 30% ولم نستطع الوصول إلى عدد كبير من العاملين في اقتصاد الظل
    بدوره, قال مدير مؤسسة التأمينات الاجتماعية خلف العبدالله إن " بقاء هذا الاقتصاد في الظل يفوت على خزينة الدولة الكثير كما أنه يحرم كثيرا من العمال من حقوقهم إذ تشكل العمالة غير المنظمة بحدود 30%",مشيرا إلى أنه "على سبيل المثال نحن غير قادرين على الوصول إلى عمال المواسم الزراعية وعمال الحصيدة أو العاملين في تربية الأغنام والبسطات في الشوارع".
    ويشير واقع اقتصاد الظل في سورية إلى أن قسما منه يرتبط بمنشآت ثابتة ومحددة جغرافياً مثل (مراكز الصرافة، ملاهي ليلية، ورش ميكانيك، حلاقين، دكاكين، بعض الورش الصغيرة)، والبعض الآخر غير مرتبط بمكان جغرافي محدد وغير مسجلة رسمياً مثل (عمال الأجرة، الباعة المتجولون، خدام البيوت، مدرسون خصوصيون، متعهدي الأعمال وضامني المواسم الزراعية.
    وأشار العبدالله إلى أن "هناك العديد من الدول في العالم تصل إلى هؤلاء من خلال تأمين البطالة إلا أننا لانعتمد مثل هذا النوع من التأمين لذلك بات لزاما علينا الوصول إلى هؤلاء العمال من خلال الرعاية الاجتماعية التي تضطلع بها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل إضافة إلى خلق مناخ وبيئة عمل صحية وشبكة أمان اجتماعي".
    وتشير عدد من البيانات الإحصائية إلى أن أكثر من 50% من المشتغلين في القطاع غير المنظم أعمارهم بين 15-29 سنة.
    وتؤكد البيانات نفسها أن الأميين أو أشباه الأميين يشكلون 77% من إجمالي المشتغلين بهذا القطاع الذي يستقطب نسبة كبيرة من عمالة الأطفال.
    دراسات وتقارير سلطت الضوء على اقتصاد الظل في سورية
    وتقول دراسة للخبير الاقتصادي حيان سلمان إن القطاع غير الرسمي (الظل) في سورية يتميز بأنه يكمل القطاع النظامي الرسمي وبالتالي فإنه يضم من مختلف الشرائح الاجتماعية من (الأميين وحتى شهادة الدكتوراه)، ومن (الحريقة والسويقة في دمشق وباب الفرج في حلب والشيخ ضاهر في اللاذقية.. إلى أقصى قرية من الريف السوري).
    وعادة ما يكون زبائن أسواق اقتصاد الظل من الفقراء تحديدا، والسلع المباعة فيها إما مستعملة أو من منشآت غير نظامية تتهرب من الرقابة التموينية ومن المواصفات السلعية، ولا تتحمل أي عبء ضريبي ولا تخضع لأي رقابة من أجهزة الدولة.
    ولا توجد معلومات دقيقة وموثقة عن العاملين بهذا القطاع، وقد تمّ الاهتمام به في منتصف تسعينيات القرن الماضي وتحديداً 1995 - 1996 وكان المقصود به وفق المكتب المركزي للإحصاء بأنه "القطاع الذي تعود ملكيته لأفراد أو جهات خاصة سواء كان يمارس نشاطه ضمن منشأة أو خارجها لكنه لا يمسك دفاتر محاسبية نظامية"، وآخر مسح تمّ لهذا القطاع عام 2002، وقد قدّرت بعض الدراسات أن مساهمة هذا القطاع في النشاط الاقتصادي لعام 1987 بلغت 20%، إلا أنها تزايدت بشكل كبير بعد صدور المرسوم رقم 10 لعام 1991 بسبب الانفتاح الاقتصادي.
    تحقيق: لوركا خيزران
يعمل...
X