إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مهيار علي نحَّات بأدوات شاعر - أحلام الترك

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مهيار علي نحَّات بأدوات شاعر - أحلام الترك

    مهيار علي نحَّات بأدوات شاعر - أحلام الترك

    رجلٌ وامرأة بحالاتهما المختلفة، وبما يمكن أن توحيه حركة الجسد من مشاعر ورغبات وأحاسيس يختزنها كيان الإنسان، اجتهدَ الفنان «مهيار» في صياغتها أو تشكيلها في تكوينات «من الطين» المادة ذات الاستجابة السريعة والفورية لما يُعايشه النحَّات من مشاعر حزن، فرح، غضب، إحباط،.. الخ/ وما يريد طرحه من أفكار تَنسلُّ عبر أناملِهِ وتتشكَّل في مادة الطين في حوار لا ينتهي بين الفنان والمادة، يُركِّب ويحذف، يبني ثمَّ يهدم، إلى أن تكتمل الفكرة وتختمر فيها المشاعر وتتَّخذ شكلاً يريد له الفنان أن يعيش مدّة أطول ممَّا يعيشه على الطين فيصبُّ عليه مادة الجصِّ كقالبٍ، ثم يُلبسه خامة البرونز ليُصارع عوامل الزمن في البقاء، ولهذا اختاره «مهيار» وربطَ ذلك بمسيرة الأجداد «النحَّاتون السوريون» قبل الميلاد الذين تركوا لنا ما نفخر به على الدوام من إرثٍ فني عظيم معظمه صِيغَ من مادة البرونز.
    الهاجس الإنساني
    أربعون منحوتة توزعَّت في رواق المتحف الوطني بدمشق منتصف هذا الشهر قدَّمها لنا الشاب «مهيار» في معرضِهِ الأول الذي حَملَ عنواناً لافتاً «إنسان» عبارة مفتوحة يريد عبرها تقديم رسالة تحمل في مضمونها قضية نبيلة تشغلَهُ بقدر ما يحمل بداخلِهِ من عواطف حب متأجِّجة تجاه الناس بل الحياة، فالإخَّوة الإنسانية هاجسه ونداءه، إذ يقول: «مهما اختلفنا في الدين أو المذهب أو الانتماء الجغرافي فنحن بشرٌ نلتقي كلُّنا في المشاعر الأعمق للإنسان».
    منحوتات صغيرة الحجم في معظمها، هي تكوينات تُقارب شكل الجسد الإنساني من حيث الليونة في الحركة والانحناءات والتكويرات والانقباض أحياناً أو الحركة الموحية بالرقص مُصاغة بأسلوب تعبيري فيها الكثير من التبسيط والاختزال، فالفنان يريد بهذا الابتعاد عن محاكاة نفس شكل الإنسان، ومع هذا لم يُفقده بعض ملامحه الواقعية، وفي المعرض أيضاً عدد قليل من التكوينات، وُفِّقَ الفنان في تنفيذها وبنائها كانت أقرب إلى الصياغات التجريدية، وقد تفاوتت تكوينات مهيار ببنيانها النحتي الفراغي ما بين المصادفة اللطيفة والوعي الفني، والتعثر أحياناً، الذي كان يستطيع تجاوزه لو تمهَّلَ أكثر حتى تكتسب خبرته نضوجاً أقوى.
    الذاكرة الأولىً
    المعرض مهدى كما خَطَّ الفنان بيده على لوحة كرتونية «إلى والدي الفنان مصطفى علي ووالدتي الفنانة شيرين ملاَّ»، موهبته إذاً اغتنت برعاية الوالدين الفنانين، وإذا كان قد عاش في إيطاليا ودرس فيها منذ طفولتِهِ إلى تخرُّجِهِ من كلية الفنون الجميلة، فإن هذا قد زاد في رصيد ثقافتِهِ البصرية كما جعله على تواصل مع أحدث أساليب الفن وأحدث التقنيات، وهو اليوم بدمشق يعمل في مشغل والده النحَّات، ولا شكَّ أن الذاكرة الأولى لمهيار انطبعت برسوم وألوان والدتِهِ وبأشكال منحوتات والده، فالتأثُّر بفنِّهما سيظهرُ حتى لو تقصَّدَ الابتعاد، وهو لم ينفِ هذا، حيث قال: أهتمُّ باللون جداً، ويمكن ملاحظة ذلك في تلويني للبرونز عبر التعتيم والتلميع في «مواد خاصة»، كما أن الخبرة التي اكتسبتُهَا في التعامل مع البرونز هي في أحد جوانبها متأثِّرة بتجربة والدي، وعند العودة لأرشيف أعماله وهو بمثل عمري تفاجأتُ بمدى مشابهتِها لأعمالي.. ، ويضيف أنه يعمل على تشكيل خصوصيته مدفوعاً بطموح كبير.
    عينُ المحبِّ
    هذه الخصوصية رَآها والده تحاول إثباتَ نفسِها من خلال عنصر التعبير القوي جداً في أعمال ابنهِ وجرأتِهِ في طرح هويتِهِ الفنية كشاب، كذلك أكدَّت والدته التي رأتْ فيه شاعراً يتعامل مع موضوعِهِ بحساسية عالية، فقد أراد أن يقول ما بداخلِهِ، ولم تسَعْهُ اللغة العربية ولا الإيطالية فاختارَ لغة الفنِّ التي لا تحتاج لترجمةٍ.
    وإِنْ صَدرَ الرأيان مشوبان بعاطفةٍ أبويةٍ، إلا أن للرأيين قيمة أتت من كونهما فنانَين صاحبيْ خبرة فنية طويلة.


يعمل...
X