إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حلب بيت النغم - فيصل خرتش

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حلب بيت النغم - فيصل خرتش

    حلب بيت النغم
    فيصل خرتش
    في هذا الكتاب « حلب بيت النغم» يبين المؤلف فيه أن حبّ الإبداع والابتكار شيء طبيعي فُطِرَ عليه أهل حلب، منذ عهود أسلافهم العموريِّين والآراميين وأيام الأمويين ومجلس سيف الدولة، إلى أن ملكت حلب النصيب الأكبر في تلحين الموشحات والقدود على يدي «عمر البطش »، كما كان للملحن الشيخ « علي الدوريش» بصمة وفيّة عندما جمع الموشحات المتوارثة ودوّنها التدوين الموسيقي الحديث، وصدحت بها حناجر ( صباح فخري ومحمد خيري ومصطفى ماهر وسحر وغيرهم). مما جعل حلب تتلوّن بنغمات شجيَّة تدلّ على درجة التطور الفني الذي وصلت إليه المدينة.
    ملهى ومسرح الشهبندر وكثير غيره من ملاهي حلب تقيم كل صباح حفلة موسيقية غنائية، روَّادها بعض التجَّار وعليَّة القوم والحرفيون المغرمون بالنغم، إنهم يقصدون تلك الملاهي يرتشفون القهوة ويسمعون النغم الأصيل. تلك حلب عاشت هكذا، أجيال وأجيال، ذهبت ألحان وبقيت ألحان تناقلتها الأجيال عبر الزمن كشاهد على العطاء والإبداع.
    ليالي حلب، كما كانت في سالف الأزمان، تُطرِّز أطراف وصلتها الغنائية بـ«يا ليل يا ليل يا عين» نداء يتكرّر وتتوالى النداءات وتتالى، صوت صادق صادح وكلمتان موحيتان يبوح بهما الشادي، لهذا ما يزال هذا النداء يؤنس ليالي حلب وأيامها على مدار السّنة، يقول (خير الدين الأسدي) في نهاية فصل الليالي: « لكلِّ أغنية بداية ونهاية، وعندما يضع المطرب كفّه على خدّه يخمّن السامع أن غناء الليالي قد بدأ، لكنه لا يعرف متى سينتهي».
    الموروث التاريخي لغناء القصيدة يشير إلى موقعين، الاحتفالات الدينية والاحتفالات الدنيوية، وإنشاء القصيدة يرافقه بعض الآلات الإيقاعية مثل ( الرق، الخليلية، المزهر، يضاف إليهم في الفتلة المولوية، آلة « الناي»، مع مرافقة الآلات الوترية للإنشاد أيضاً. وفي الأذكار يقوم الذاكرون بمهمة الإيقاع أو بمرافقته، خلال ذلك يقوم المنشد بأداء القصيدة بشكل مرسل وعفوي، وأسلوب غناء القصيدة المتوارث في حلب يعتمد على العفوية، كما يعتمد على الأداء المرسل، كغناء الليالي. القصيدة الملحنة هي الأكثر شيوعاً وقد استمدت قالبها من أسلوب الغناء المرسل، وتوجد قصائد لملحنين حلبيين من هذا النوع ومتداولة بكثرة، منهم: ( أبو الوفا الرفاعي، أحمد عقيل، أحمد الفقش، صباح فخري، أديب الدايخ).
    يغني الحلبيون الآن الموَّال السبعاوي، الذي يعتمد في بنائه على شطرات سبعة، ويسمى بـ( الشرقاوي، البغدادي، النعماني، الزهيري). وقد عبَّر الكثيرون من ظمي الموَّال عن أفكارهم ومعتقداتهم، عن لواعجهم ومسراتهم من خلال إطار هذا الموَّال.
    كان ما يزال غناء الموَّال جزءاً هاماً من مكوّنات الوصلة الحلبية، يأخذ مكان القصيدة المرسلة في بعض الأحيان، وتفتتح به فقرة القدود والأغاني أحياناً. وفي الأوساط الشعبية التي تعشق الموّال نصاً وغناءً، تتتالى وصلات من القدود والأغاني الشعبية، دون التطرّق لأنواع الغناء الأخرى، يطرّز تلك الوصلات غناء الموّال.
    (ها لأسمر اللون يَلْ أسمراني) مذهب
    (تعبان يا قلب خيّو هواك رماني)
    على هذا الكلام صيغت جملة لحنيّة مكتملة، تبدأ مع بدايته وتنتهي بنهايته، حينذاك يشعر المتلقي والمؤدي أنهما بحاجة إلى إعادة اللحن، ويُعاد الكلام من جديد، وعلى هذا النغم يأتي « دور»:
    يا بو عيون وســاع حطِّيت بقلبي وجاع
    بعطيك سبع رباع خيّو من عين رسمالـي
    وقد تطورت الأغنية بإضافة أدوار جديدة لها، لكل دور منها لحنه الخاص المستوحى من مقولة الدور ذاته، وبرع في ذلك ( بكري الكردي ومجدي العقيلي وعزيز غنام). وقد عرفت حلب قالب المناجاة نحو منتصف العقد الثاني من القرن العشرين، غير أن الشعر كان الوسيلة المفضَّلة لدى فنانيها لصياغة هذا اللون من التعبير الغنائي.
    ألوان أخرى من الأغاني استمدَّت اسمها من الذي عُرفَتْ به من اسم استعارته من لغات أخرى كالمونولوج، وهو هنا مناجاة فرد يشارك معه الآخرون، والمونولوج ينتقد عيون المجتمع ويشيد ببطولات أبناء الوطن، كما يمكن أن يتضمن مواضيع ترفيهية ضاحكة. ومن ذلك ما كتبه ولحنه « شاكر بريخان»: يا ولد لفلَّك شال/ وتعلَّم شغل الرجال، وغناء رفيق سبيعي كأفضل مغنٍّ للمونولوج.
    الأناشيد استمدت هياكل بنائها من صيغ الأغاني، إلا أنها اختلفت قليلاً أو كثيراً في تركيب جملها اللحنية وإيقاعاتها، لم تأخذ اسمها نتيجة لهذا الخلاف، بل لأنها غدت لوناً محبباً يستجيب لأماني المواطنين. فقد تحدَّثت تلك الأناشيد عن هموم وآمال الناس وشمل حديثها النضال والكفاح والتضحيات، وعن مشاكل الحياة اليومية، صار النشيد وسيلة إعلام محرِّضة قولاً وفعلاً، فهذا (عمر أبو ريشة) يُهنِّئ بعيد الجلاء الأغر:
    يا عروس المجد تيهي واسحبي في مغانينا ذيول الشهب
    لن تريْ حبة رمل فوقهـــا لم تُعطَّر بدماء حرٍّ أبـي
    كانت المحاوَّرة شيئاً محببّاً عند كلِّ مبدعي النصوص والملحنين والمغنين معاً، حتى أن إذاعة حلب تبنَّت وثبتَّت عدداً من المحاورات، كان أشهرها « آه يا قليبي» كتب كلماتها ولحنها « شاكر بريخان» غناء المطربة الحلبية « سحر» والمطرب «فهد بلان» الذي اشتهر بعد هذه الأغنية، ولم تكتفِ إذاعة حلب بذلك، بل لجأت إلى تسجيل وصلات من الموشحات والقدود الحلبية، يتمُّ فيها التحاور بين مطرب ومطربة يرافقهما مجموعة من المردِّدين والمرددات.
    يقول الأستاذ (عدنان بن ذريل) عن الرقص في حلب ما يلي: « حلب تظل مدينة رائعة في تراثها الموسيقي، فهي تدبك وترقص وتسمّح وتلعب بالسيف والترس والنبوت، ولها فرق شعبية في ذلك كله».
    ثمة وصلات وألحان موشحة تضاف إلى رقص السماح والقدود الحلبية، مما اشتهرت به حلب وتغنت به وغنته على مدى التاريخ والأزمان.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ

    المؤلف في سطور:
    جميل ولاية: كاتب وملحن من مواليد حلب 1930، عمل في ثانوية المأمون مراقباً ومعلماً، أسس فرقة « فجر» المسرحية، وقد أخرجت العديد من المسرحيات... ثمَّ سافر إلى دمشق ليعمل كمخرج في التلفزيون عام 1960.
    ـ حلب بيت النغم.
    ـ جميل ولاية.
    ـ دار طلاس – سورية – دمشق 2008.
    ـ عدد الصفحات 576 صفحة – قطع كبير.
يعمل...
X