إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الأدوار التي يلعبها الأنا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الأدوار التي يلعبها الأنا

    بيكيبورد : المحامي بسام المعراوي
    نحن نحب سوريا
    الأدوار التي يلعبها الأنا
    ما زال الأنا في بحثه عن الانعزال، عن الوحدة، لأنه حين تكون وحدك لا يبقى إلا الأنا فيصبح الأنا هو العالم بأسره.

    لا يوجد أحد لمقاومة أناك؛ لا يوجد أحد لإحراجك؛ لا يوجد أحد تستطيع أن تقارن نفسك معه. تتحول إلى عظيم أمام عينيك أنت؛ ثق تماما بأناك: لن يكون هناك أي متعة] !

    أنا ضد الانعزال؛ ما يجب في الحقيقة أن يتم هو حل و فك الأنا وليس عزلها. لا يجب عليك أن تتحول إلى جزيرة مستقلة ومنفصلة عن الكل، يجب أن تكون جزءا من القارة ،أن تكون معه واحدا. كيف ستكون مع الواقع واحد وأنت منعزل؟ الواقع يحتـــــــــاج ويتطلب المشاركة وليس الانعزال. لذا فان "السمادي ] samadhi" الأعمق يكون في الحب وليس في الانعزال واليوغا](yoga ) الأكبر هو الحب لأنه في الحب و في الحب يجب عليك أن تضيع.

    في الحب يكون لزاما عليك أن تموت، أن تذوب، أن تتحلل.
    أعلم الحب وليس الانعزال. الانعزال هو طريقة تكون بها "من العالم" وليس من الدين. ولكن حدث هدا؛ بحثت عن الغنى، عن السلطة السياسية، عن تجميع الأشياء فتحولت إلى شخص مكبوت. تتوجه إلى الهملايا و تطلق العالم كله. لم تطلق هنا أناك بل طلقت العالم. أعلمك "تخلى عن الأنا ولا تتخلى عن العالم".

    الأنا ماهر جدا. فحين لا تستطيع الوصول إلى السلطة السياسية تحاول الوصول إلى السلطة الدينية. تسميه "كندليني ]kundalini" و لكنه يبقى السلطة. انه شيء يجعلك دائما منفصلا، مستقلا، جزيرة.
    إن البحث عن السلام هو بحث الفقر الداخلي وهو ما يسميه المسيح " فقر ا]لروح". انه بحث لتكون، لتكون بحيث لا يوجد أي فرق بين أن تكون أو لا تكون. تتحول حالة ألا تكون هي الحالة الوحيدة أن تكون. هدا ممكن و لكن ليس بالاستقلالية بل وفقط إذا استطعت أن تصل إلى التبعية المتبادلة.
    يجب أن نتذكر هده الكلمات الثلاث]: التبعية، الاستقلالية والتبعية المتبادلة. انك تابع وتبحث عن الاستقلالية ؛ أنا أعلم التبعية المتبادلة. انك تابع لأنك أينما ذهبت ستحس بنفسك تابعا، شيئا ما يحد دائما منك. إذا أحببت أحدا تصبح تابعا له ومتعلقا. الحياة دائما تعني التبعية ومن هدا المنطلق تظهر الفكرة جليا أنك لن تستطيع أبدا أن تكون مستقلا.

    حتى وأنت في الهملايا إلى أن تكون مستقلا تكون تابعا ومستقلا بالشمس، إذا لم تطلع الشمس ستموت فورا، ستكون وتبقى تابعا و متعلقا بالهواء و إذا غاب ستموت و كذا الماء و آلاف الأشياء.
    التبعية يجب أن تقهم و ليس أن تتجنب، إذا فهمتها فقد فهمت أنك تختبئ وراء التبعية المتبادلة إنها بكل بساطة تفسير خاطئ للأشياء .
    الأشخاص العارفين الواعين يعلمون أمرا آخر، إنهم لا يعلمون فقط أنك تابع للشمس ولكنهم يعلمون أيضا أن الشمس تابعة لك، بدونك الشمس لا تكون كما لا تستطيع أنت تماما أن تكون بدونها، حتى ورقة عشب صغيرة تجعل الوجود غير موجود فهو لن يكتمل أبدا دون تلك الوريقة.
    لا تظن أبدا أن النجوم رائعة الجمال و أن تلك الورقة صغيرة جدا ]. في الكون لا شيء صغير ولا شيء كبير لأن الوجود واحد . هذا ما تعنيه البيئة .
    إن التبعية المتبادلة و علم البيئة ليسا فقط علم على هذه الأرض بل في الكل، علم البيئة هي ظاهرة روحية.
    إن فهمك للأمور خاطئ، حين لا تفرق بين التبعية المتبادلة والتبعية هو مفهوم خاطئ ومن هنا ظهرت رغبة خاطئة : « كيف أكون مستقلا » ؟ إن من يعلم هذا لا يفعل إلا حماقات، إنك واحد مع الكل، أنت موجه في المحيط الموجه لا تستطيع أن تكون مستقلا، كيف لك أن تفصل الموجة عن المحيط ؟ أقول لك أن المحيط أيضا بدوره لا يستطيع أن ينفصل عن الموجة لأنه لن يكون بدون تلك الأمواج، كلاهما لا يستطيع أن يكون بدون الآخر لأن الأمواج ما هي إلا عبارة عن المحيط في حركة هذا الفصل يظهر فقط في الكلام ففي الحقيقة لا يوجد محيط و أمواج بل يوجد كل هو المحيط المتحرك والأمواج ليست شيئا بل عملية ، حركة ، تنفس للمحيط.
    أيضا أنت و تنفسك لستما شيئان مختلفان بل أنت التنفس و التنفس هو أنت، أنت تتنفس والتنفس يتنفسك ، الحياة واحدة و لأجل لهذه الوحدة التي هي التبعية المتبادلة الله هو اسم آخر لها . الحب هو اسم آخر أيضا لها وهو أفضل من الله لأن الله قضى عليه رجال الدين و لكن الحب مازال طاهرا عذريا.
    إذن أول شيء يجب أن نفهمه هو أني لا أعلم الانعزال لأنني لا أعلم الأنا. كل معلميك في اليوغا كلهم تقريبا أنانيون. باسم اليوغا كثير من ألعاب الأنا تخسر. لا تشترك فيها أنا لا أعلم الانعزال لأنني أريد منك أن تترك الأنا و ليس العالم . المشكلة ليست في العالم بل على العكس إنه رائع الجمال و لا شيء فيه كاذب أو خاطئ شيء ما خاطئ فيك أنت و ليس في العالم .اترك الخطأ الذي فيك و لا تترك العالم ، أنا أعلمك أن تحتفل بالعالم و ليس أن تتركه.
    أأكد و أتمسك بالحياة و تمسكي بها غير مشروط إني أقول لك من يقول لك تخل عن العالم هم واضعي سم ]و أنه منذ طفولتك و هم يعلموك شيئا ضارا تماما.
    أنت « مايا » و إذا كنت تريد أن تترك أي شيء فاترك نفسك و إن الطريقة الوحيدة و الوحيدة للتخلي عن نفسك هي الاحتفال.
    في كل مرة كنت فيها سعيدا "لا تكون، تختفي" و كل مرة كنت فيها حزينا "تكون، تظهر". في السعادة و الوجدان تختفي و في الحزن و التعاسة و الألم تظهر من جديد .
    لاحظ فقط حين تضحك حقا "لا تكون" الضحكة الحقيقية تأتي من مكان لا تعرف عته شيئا ، تأتي من العالم الآخر أرقص حين يمتلك للرقص فعلا، حين يوجد فعلا رقص ، الراقص "لا يكون" ، يختفي من شدة حقيقة الرقص « تختفي اللاحقيقة أمامه، اللاحقيقة لا تستطيع أبدا مواجهة الحقيقة، الظلام لا يستطيع لقاء النور.
    لا تتجلى الحقيقة إلا إذا انتميت إلى الكل سواء كان ذلك في الضحكة أو في الرقص أو في اللعب، ففي كل مرة تنتمي إلى الكل تكون الحقيقة و إذا انفصلت تكون « مايا ». حين تكون أنت و الكل واحد، تكون بذلك أنت الإلهي الرباني.
    حين تكون وحدك يظهر نوع من التدين الخاطئ، حين تكون وحدك لا يوجد أحد يحملك على الغضب لا أحد يحدث لك حالة الحزن أو يريك أوجهك الخاطئة، أنت مملوء بالغضب ولكن لا أحد معك ليسبك أو يجرحك، لا تنقص إلا الفرصة لإخراج ذلك الغضب.
    امض إن شئت 50 سنة في الهملايا وحين تعود ستكتشف بسرعة أن الغضب معك كما كان أو أكثر ربما بفعل تراكمه 50 عاما.
    حتى و إن كنت تتأمل 24 ساعة في اليوم هذا لن يساعدك طالما لم يتحول هذا التأمل إلى نمط حياة. ليس مهما أن تتأمل ساعة أو ساعتين أو ستة ساعات أو حتى طول اليوم، ستجن ولن تصل إلى مستوى « سمادي ]Samadhi »
    « سمادي » يكون حين تنسى تماما التأمل، أنت لا تتأمل الطريقة التي تعيش بها التي تجعل منك متأملا، طريقة تحركك، طريقة مشيك وأكلك كل هذا يتحول إلى حالة تأملية؛ بهذا يتحول التأمل إلى نوعية راقية و مميزة لحياتك و الأمرلا يتعلق بالكم .
    لا تكن كميا ، هذا يجعلك غبيا ، التأمل ليس مالا تجمعه و تكدسه، التأمل هو طريقة تكون بها، طريقة توجد بها ، لا تكدسها و لن تستطيع ذلك ، هي ليست ملكا لك بل هي الطريقة التي نحيا بها. يجب أن يكون التأمل جو عام يحيط بك و تعيش به أينما تذهب تأخذه معك.
    هنا أقدم كل جهدي لذا لا أطلب منك أن تنعزل ، لا أبعثك إلى العيش في الجبال لتستطيع أن تتأمل لأن هذا يعلمك مفهوما خاطئا عن التأمل ، مفهوما كميا. إنك لن تستطيع أن تذهب أكثر عمقا إن لم تعرف ما هو التمتع و الترفيه ، إذا تجنبت الترفيه لن تذهب إلى العمق لأنك أينما كنت يكون معك الترفيه ، لأنه فيك .
    أغلبية معلمي اليوغا يعلمون أن الانسحاب من العالم ضروري . أبدا ليس ضروري ، ليس فقط هذا و لكنه مؤذ لأنه من الذي ينسحب في الحقيقة ؟ في فعل الانسحاب يتقوى الأنا. أعلمك العكس إذا لا تنسحب بل تحلل.
    إذا أردت حقا أن تصل إلى هذا الفضاء حيث تكون في العالم دون أن تكون من العالم، وجب عليك أن تكون بهذه الصفة] منذ البداية : يجب أن تبقى في العالم و تبصر كيف يحدث ذلك. أعلم أنه أمر صعب، لذا يهرب الناس إلى الغابة لأن الأمر أسهل أتظن أن الذين هربوا من العالم شجعان ، هربوا لأنهم لم يستطيعوا الوصول، لأنهم لم يستطيعوا أن يكبروا ، هربوا لأنهم يرون أن العالم كثير عليهم و زينوا هروبهم منذ قرون، هؤلاء الناس كتبوا كتابات مقدسة و تراجم لأنه لا شيء عندهم يستطيعون تقديمه.
    لا أقول « تجنب » هذه الكلمة وسخة بالنسبة لي بل أقول ادخل في ])مايا]( المعبد الإلهي. العالم هو المعبد الإلهي، الجسم هو المعبد، أدخله، أوجد كل الوسائل التي تقدر عليها للدخول، حاول أن تجد الإلهي. الرباني في كل شيء و في كل مكان و عبر كل شيء، هكذا ستجده دائما . لا تحاول أن تتجنب. الهروب، التجنب، التخلي، الانعزال هي كلمات سيئة لا تستعملها، لا تتركها تكون مفرداتك ، اتركها. أوجد الكلمات الإيجابية كالمشاركة، الالتزام، الاحتفال، المتعة، الفرح، الوجدان وستكون بهذا على الطريق الصحيح.
    الحقيقة والخيال ليستا كلمتان متضادتان، الإلهي و عالمه ليسا متضادتان، الإلهي مختبئ في العالم و الحقيقة تختبئ وراء الظاهر . الظاهر جميل هو أيضا و ليس فقط الروح كما هو الجسد أيضا و يجب أن يكون كذلك لأن الروح تختبئ وراء الجسد. الروح تعبر عن نفسها من خلال الجسد بطرق مختلفة.
    الجسد يشبه الزجاج، وراء هذا الزجاج توجد الشخصية و الشعلة من جانبها تستمر في بث أشعتها خارج الزجاج. كلما رأيت شخصا جميلا أعلم أنها إشارة فقط. هذا يشير أنه وراء هذا الجسد يعيش جمال غير معروف. لهذا يجذبنا الجسد الجميل، زهرة جميلة هذا شيء طبيعي. لأنه ببساطة إشارة و لفت للنظر ، دعوة إلى أن هناك شيء جميل مختبئ وراءه يقول تعالى افحصني و تعرف علي. الجسد الجميل يجذب بسبب الروح الجميلة التي وراءه، وستصل إلى الجسد الجميل إذا وصلت إلى روح جميلة ، هذا ليس صدفة.
    كلما كنت جميلا بالداخل يزيد جمالك بالخارج، إذا دخل جسد قبيح أكثر فأكثر في حالة التأمل سترون فجأة القبح يتحول إلى جمال. إذا أصبح اللب الأكثر غموضا جميلا تتبعه حتما الحدود الخارجية.

    أعلمك الخلاصة الشاملة الأكبر في العالم، خلاصة الحب و لتأمل وأعلمك أن تكبر بالطريقتين في نفس الوقت. اذهب في هذين البعدين، اذهب نحو الداخل بالتأمل واذهب نحو الخارج بالحب، اذهب إلى أعمق مكان فيك و اذهب في نفس الوقت إلى الضفة الأخرى أكثر وأكثر بحيث لا تفقد توازنك في البعدين.
    المتأملون الذين لا يحبون يفقدون توازنهم، كيانهم يغنى ولكن خارجهم يفقر والمحببين الذين لا يتأملون يغنون خارجهم ويفقدون داخلهم. أريد أن تصبحوا أغنياء من الجهتين بالطريقتين بالحــب والتأمل.
    ما هي الغيرة ؟

    الغيرة هي المقارنة،ونحن تعلمنا أن نقارن ، وقررنا أن نقارن دائماً بيننا و بين الآخرين ، ففلان يملك بيت اجمل، وآخر جسمه اجمل ، والآخر لديه مال اكثر ، وذلك الشخص شخصيته مؤثرة اكثر، هيا قارن واستمر بمقارنة نفسك بكل شخص تعرفه و تقابله، هيا قارن، وسينشأ عندك نتيجة هذا كله ما يسمى بالغيرة القاتلة .إن الغيرة هي الناتج العرضي من التصميم على المقارنة . وبمعنى آخر، إذا توقفت عن المقارنة ،فان الغيرة ستختفي من حياتك وستعرف بكل بساطة انك نفسك ولست أي شخص آخر، ومن الجيد انك لا تقارن نفسك بالأشجار، وإلا فانك ستشعر بغيرة شديدة ، وستسأل نفسك مثلاً : لماذا لوني ليس اخضر، و لماذا لا املك أزهارا على جسمي . والأفضل هو انك لا تقارن نفسك بالطيور وبالأنهار والجبال وإلا فانك ستعاني كثيرا ، أنت فقط تقارن نفسك بالبشر، وذلك لأنك قررت وتعلمت أن تقارن نفسك بهم فقط.أنت لا تقارن نفسك بالطاووس والببغاء ، ولو فعلت لازدادت غيرتك اكثر فأكثر، وستحرق بنار الغيرة وتصبح غير قادر على العيش إطلاقا.

    إن المقارنة طبع سيئ جدا ،لأن كل شخص فريد من نوعه ولا يوجد من يشبهه أو يضاهيه ، وعندما تفهم هذه الحقيقة و تضعها في قلبك، فان الغيرة ستختفي تماما من حياتك،كل إنسان مختلف ومميز، أنت نفسك فقط ، لم يشبهك أحد، ولا يشبهك أحد، ولن يشبهك أحد ، وأنت لا تحتاج أن تكون مثل أي شخص آخر، فالله يخلقنا مميزين ومختلفين ولا يحب النسخ الكربونية المتشابهة وإلا لخلقنا بنفس الشكل والهيئة .

    “في يوم من الأيام، كان هناك مجموعة من الدجاجات في ساحة، عندما سقطت كرة من أعلى السياج في وسطهن، فترجل الديك ليتفحصها ثم قال أنا لا اشتكي يا بنات ،لكن انظرن ماذا يجري هناك خارج هذا الباب ". إن ما يدور خارج الباب شيء رائع، فالعشب اكثر خضرة ، والأزهار اكثر أناقة وتفتحا ، يبدو لك أن كل الناس سعداء إلا أنت، فأنت تقارن باستمرار ودون توقف ، وأنت لا تعلم أن الآخرين يعانون من نفس المشكلة ،فهم يقارنون أيضا ويظنون أن الأعشاب المحيطة بك اكثر خضرة وذلك لأنها تبدو اكثر خضرة وجمالا من بعيد، وهم يظنون أن زوجتك اكثر جمالا من زوجاتهم، وأنت تشعر انك تعبت ومللت منها ولا تستطيع أن تصدق كيف سمحت لنفسك أن تنحصر مع هذه المرأة ، ولا تعرف كيف تتخلص منها ، علما بان جارك يغار منك لأن زوجتك جميلة ورائعة مثلها ، وأنت ربما تغار منه لنفس السبب ، والقصة تتكرر في أمور أخرى كثيرة ، فالكل يغارون من بعضهم ، وبسبب هذه الغيرة يحولون حياتهم إلى جحيم ، وبسببها يحملون خصالا من الكره والحقارة .

    " كان هناك مزارع كبيرفي السن ومزاجي اسمه حرام ، وكان يحب الدمار الذي يحدثه الفيضان . وفي يوم من الأيام، قال له أحد المزارعين : " يا حرام ، لقد جرف الجدول جميع أبقارك " ، فسأل حرام : " وماذا حدث لأبقار تومسون؟"،فرد عليه المزارع : " لقد جرفت أيضا " ، فسأل حرام : "و أبقار لارسن " ، فأجاب المزارع : " جرفت أيضا " ، فقال حرام : " أف ، الأمر ليس بذلك السوء كما توقعت " . إذا كان الكل في بؤس و حزن، فان الأمور جيدة ، وإذا كان الجميع يخسرون، فالأمور أيضا جيدة ، وإذا كان الكل سعداء وناجحين، فان ذلك سيكون سيئا و مر المذاق

    لكن، لماذا تدخل أفكار الآخرين إلى عقلك بسرعة ؟ ، دعني أذكرك،لأنك لا تسمح لأفكارك أنت أن تخرج و تنساب ، ولا تسمح لنعمتك أن تكبروتظهر، ولأنك لم تسمح لكيانك بأن يتفتح، ومن هنا، تشعر بأنك فارغ من الداخل، وتنظر إلى الجزء الظاهري من الآخرين لأنه هو الجزء الوحيد الذي تمكن رؤيته ، فأنت تعرف داخلك وأنت تعرف مظهر الآخرين، وهذا يخلق الغيرة ، ويعرف الآخرون داخلهم ويعرفون مظهرك الخارجي، وهذا يخلق الغيرة أيضا ، فلا يوجد أحد يعرفك من الداخل ، وهناك تشعر بأنك لا شيء ، عديم القيمة. فيما يبدو الآخرون سعداء و مبتسمين ، لكن فكر لوهلة ، ربما تكون ابتسامتهم مزيفة، لكن كيف لك أن تعلم أنها مزيفة ؟ ، فربما تكون قلوبهم أيضا سعيدة ، لكنك تعلم أن ابتسامتك مزيفة لأنك تعلم أن قلبك ليس سعيدا على الإطلاق ، و تعلم انه حزين يبكي و ينوح . أنت تعرف داخلك ، وفقط أنت وحدك من يعرف

    دعني أخبرك قصة صوفية تساعدك على فهم ما أقوله
    : كان هناك رجل مرهق بشدة بسبب مشاكله،وكان يصلي الى لله كل يوم ويقول له : " لماذا أنا ؟ ، كل الناس سعداء ، فلماذا أنا الوحيد الذي اعاني،وفي أحد الأيام،كان يائسا كثيرا، فصلى الى لله و قال : " يا رب .. اعطني مشاكل ومتاعب أي إنسان آخر وأنا مستعد أن اقبلها، لكن خذ متاعبي لأنني لا أستطيع أن احتملها على الإطلاق ". و في تلك الليلة، رأى حلما جميلا و معبراً ، فقد حلم أن الله ظهر في السماء و قال لكل الناس: " احضروا كل المتاعب والمشاكل إلى المعبد " في الحقيقة، كان الجميع يصلى و يدعو إلى الله أن يعطيه مشاكل أي شخص آخر و يأخذ مشاكله ، فذهب الناس واخذ كل واحد يجمع مشاكله في حقائب ، ثم ذهبوا إلى المعبد وهم في غاية السعادة لأن الله استجاب لأدعيتهم ، كما جمع هذا الرجل أيضا متاعبه في حقيبة و ذهب هو والناس جميعا إلى المعبد ،وهناك قال الله لهم : " ضعوا حقائبكم بجانب الحائط " ثم أعلن : " الآن يستطيع كل واحد منكم أن يختار أية حقيبة يريدها "، والمفاجأة التي حصلت هي أن هذا الرجل الذي كان يصلي لمثل هذا اليوم ،اخذ يركض ليأخذ حقيبته قبل أن يأخذها أحد غيره ، لكنه تفاجأ عندما رأى كل شخص يركض ليأخذ حقيبته ولا شيء سواها، وكانوا كلهم سعداء لأنهم اختاروها مرة أخرى ،لأنهم عندما رأى كل منهم تعاسة الآخرين وحقائبهم الكبيرة بل الأكبر بكثير ، فضل أن يبقي على تعاسته لنفسه لأنها قد تبدو بسيطة أمام آلام الآخرين ، كما أن كل شخص قد تعود على مشاكله ، و لو انه اختار حقيبة أخرى ، ما أدراه أي نوع من المشاكل سيظهر له ، فلماذا يختار المجهول ؟ ، وبعدها ذهب الناس كلٌ إلى بيته و هو سعيد ، لا شيء تغير، فكل واحد أعاد آلامه نفسها ، لكنهم كانوا جميعا سعداء لأنهم استطاعوا أن يسترجعوا حقائبهم معهم . وعندما استيقظ الرجل في الصباح، صلى لله و قال له : " الحمد لك على هذا الحلم الجميل ، لن أتذمر مرة أخرى ، بل سأقبل كل شيء منك مهما كان لأنه يجب أن يكون جيدا ، ولهذا أنت تعطيه لي".

    أنت ثابت على معاناتك بسبب الغيرة ،و بسبب الغيرة، تصبح مزيفا لأنك تبدأ بالادعاء والكذب ، تدعي أشياء أنت لا تملكها ولا تستطيع أن تملكها ، أشياء ليست في طبيعتك، فينتهي بك الأمر بان تصبح اصطناعيا بالكامل، تقلد الآخرين وتتنافس معهم بالتقليد والخداع.

    اذهب الآن وافتح حقيبتك ، ستجد الكثير من الأشياء الاصطناعية والمزيفة ، و لماذا ؟؟ ، لماذا لا تستطيع أن تكون بسيطا وعفويا ؟ إن الإنسان الغيور يعيش في جحيم بسبب تلك الغيرة، لذلك تخل عن المقارنة، وسترى أن الغيرة ستختفي ، و الحقارة ستختفي ، والزيف سيختفي، ولن تستطيع أن تتخلص من المقارنة إلا عندما تبدأ بتنمية كنوزك الداخلية ولا يوجد أمامك طريق آخر، عليك أن تنمو، وتصبح اكثر اقتناعاً بشخصيتك الفردية،عليك أن تحب نفسك وتحترمها كما أنت ، كما خلقك الله ، وفي الحال، ستفتح لك أبواب الجنة علماً بأنها كانت دائما مفتوحة إلا انك ببساطة لم تكن تنظر إليها من قبل .




    الثقة: كيف نكون واثقين و لماذا لا نكون...

    تحتاج الثقة إلى الكثير من الفطنة و الذكاء, فلماذا يشك الناس؟؟ ولماذا يخافون الثقة؟؟ لماذا يرتابون و بماذا يظنون؟؟... يشك الناس لأنهم لا يثقون بفطنتهم و قدراتهم, يخافون لذلك يشكون, فالخوف هو من فتح الثغور فيهم, ثغور يتسرب منها الشك إلى أعماقهم, نعم إنه الخوف, يخافون من أن يخدعوا....
    نحن نشك لأننا غير واثقين من أنفسنا وبالتالي من لا يثق بنفسه فمن الطبيعي ألا يمنح هذه الثقة لأحد أو لشيء, من لا يثق بنفسه لن يثق بأحد ومن يشك بنفسه سيشك في الجميع. فالثقة يا إخوتي تتطلب فطنة كبيرة و شجاعة حقيقية و محبة عميقة, الثقة تحتاج إلى قلب جريء يمضي قدماً دون أن ينتظر النتائج أن يخاف منها, الثقة تحتاج إلى ذكاء ووعي عميقين و من يفتقد لهذه الأمور سيختبىء خلف ستار الشك طيلة أيامه, و أما من يمتلكها فسيكون مستعداً دائماً و في كل لحظة إلى الخوض في عالم المجهول, سيكون جاهزاً و عند كل نفس لركوب أمواج بحر الحياة الغامض, حاضراً للمغامرة و المجازفة, واثقاً من أنه قادر على الصمود و المتابعة حتى و لو انهار كل شيء من حوله, كل شيء في هذا العالم الحسي المعلوم, سيكون مستعداً لإيجاد عالم جديد و بناء بيته في عالم ما يزال كل ما فيه مجهول بمجهول, و هو يعلم تماماً بأنه مهما حدث سيكون قادراً مواجهة الصعاب و استقبال المفاجآت و بأن لديه من الحكمة و الوعي ما يمكنه من حل العقبات و عيش الحياة كما هي بكل هذا الجمال و تلك الروعة. هذه هي الثقة ما دفعه إلى رفع الستار عن المجهول دون أي خوف ليجد الحياة تحت هذا الستار, إنها الثقة و الثقة فقط...


    مجرد مواجهة الإنسان لواقع لا يتوقعه و التعامل مع هذا الواقع هو الدليل على فطنته و وعيه, مجرد استقبال الإنسان للحظات لا يعرف ماذا تخبئ لهو لكنه يستقبلها بكل شكر و حمد, هذا هو الذكاء و تلك هي الشجاعة, أن نعيش اللحظة دون أن نعرف مسبقاً ماذا تخبئ لنا أو نفكر لاحقاً فيما ستتركه فينا بل نعيش اللحظة فقط بكل ما فيها و ندرك تماماً بأن هذه اللحظة ستختفي بعد لحظة, ستختفي إلى غير عودة و دون أن تترك فينا أي أثر مفرح أو محزن , مضحك أو مبكي, لن تترك فينا أي أثر بل سنخرج منها صلفين أنقياء من كل شيء كما الطفل عند الولادة, نعم الولادة, لأن كل لحظة هي ولادة جديدة, ننسى كل ما مرّ فيها من الآلام و الأفراح و نعاود الحياة في اللحظة التالية دون أن ننتظر منها أي سعادة أو أحزان...
    لا تحاول فهم الحياة, بل عشها فقط... لا تحاول تفسير الحب بل عش الحال و حسب و عندها ستتعرف ما هو الحب و ستعرف ما هي الحياة و ستكون معرفتك وليدة التجربة و التجريب, وليدة الخبرة و الاختبار و ليست مجرد حبر على الأوراق. هذه المعرفة التي تأتي نتيجة الاختبار ستكشف لك أسرار الحياة و مكنوناتها, ستجعلك تعيش الغموض, تعيش الحياة بكل ما فيها من المجهول, تعيش الحياة حقاً و تتعلم بأنك كلما تعلمت أكثر كلما أحسست بنفسك جاهلاً أكثر و مهما تعرفت على أمور و أسرار فهناك الكثير بعد بانتظارك لتختبره و تتعرف عليه, هناك الكثير بانتظارك و الحياة كلها بانتظارك...


    الحياة لم تكن أبداً مشكلة أو عقبة كما يظن البعض و لن تكون بل إن من يعتقد بهذا الأمر سيكون قد اتخذ الخطوة الأولى خطأً و من يتخذ الخطوة الأولى خطأً سيكمل الطريق كله بشكل خاطئ.
    الحياة سر عظيم منحنا إياه الخالق و كل ما علينا هو أن نعيشه بشكر و حب و اختبار. علينا أن نختبر و نعيش الاختبار دون خوف أو تردد أو شروحات مسبقة لأن من يطلب الشروحات و التفسيرات و التفاصيل هو إنسان خائف, خائف من كل شيء و خوفه هو ما يدفع به إلى طلب الشروحات و التفسيرات, يخاف أن يقدم على أمر دون أن يكون لديه التفصيل الكامل و المسبق عن النتائج و العواقب فهو يخاف ما ليس متوقع, يخاف الحياة لأن الحياة ما هي إلا سلسلة من الأحداث و الأحاسيس غير المتوقعة, الحياة سلسلة من اللحظات المجهولة لا نعرف ماذا تخبئ لنا اللحظة التالية حتى تصبح هي اللحظة الراهنة, لكنه إنسان خائف لا يريد الغموض و لا يريد انتظار المجهول بل يريد أن يعلم و يعرف و تلك الشروحات تعطيه الراحة و الاطمئنان, فهو يعرف الخريطة إلى النهر الآن و يمسك بيده كل الجداول و الأدلة و يعتقد بأنه لن يضل الطريق أبداً فهو لن يخاطر بالدخول في طرق مجهولة لا يعرفها أو طرق غير المرسومة على هذه الخارطة التي يحمل بين يديه, هذا صحيح أنا أؤكد لكم بأنه لن يضل الطرق أبداً و لكن ذلك ليس لأنه يحمل الخارطة و يعرف الطريق بل لأنه من الأصل لن يدخل في أي طريق بل سيبقى على الشاطئ متوهماً أنه يركب الأمواج, و الحياة هكذا هي الطريق الذي نعتقد بأننا نسلكه آمنين و لكننا ما زلنا على الشاطئ نخاف الركوب.


    الحياة طريق مجهول لا توجد أي خارطة لتحديده و لا يمكن أن توجد لأن الحياة في تغير دائم و كل ما حولنا يتغير باستمرار. إنها حركة ديناميكية ضخمة, فلا توجد لحظة مثل الأخرى و لا يوجد نفس مثل الآخر, و لا حتى صمت مثل الآخر...
    كل شيء في تبدل دائم و لذلك لن تستطيع امتلاك خريطة للحياة لأنها سرعان ما ستصبح منتهية الصلاحية فالمعالم كلها تبدلت و الملامح كلها ضاعت و ها هي الحياة تأخذ منحى آخر و تلعب لعبة جديدة و لكنك لن تستطيع تحديد ذلك المنحى أو الخوض في تلك اللعبة حتى تختبرها بنفسك لأن الخرائط لن تفيدك في شيء على الإطلاق فهي تستعمل لما هو ثابت لا يتغير و لكن الحياة في تغير دائمو الجداول و الأدلة توضع و تصمم لأمور استاتيكية غير قابلة للتبدل و أما الحياة فهي عبارة عن عملية ديناميكية في حركة دائمة, الحياة سر عظيم لا يقبل الشروحات المسبقة.
    و هذه هي نقطة النضوج الفكري عندما يصل الإنسان إلى مرحلة يتخلى فيها عن جميع أسئلته و تساؤلاته حول هذه الحياة و يكتفي بعيشها و الغوص في أعماقها دون أي سؤال بكل شجاعة و جرأة.



يعمل...
X