إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

موجز حمص -محمد ماجد موصلي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • موجز حمص -محمد ماجد موصلي



    تاريخ مدينة حمص


    وآثارها



    تأليف: محمد ماجد الموصلي


    صورة الغلاف:
    الإمبراطور إيلوغابال
    216-222م





    *الفهرس*



    رقم الصفحة

    1- مقدمة. 5
    2- تاريخ حمص القديم. 8
    3- آثار حمص قبل العصر الهلنستي. 14
    4- تاريخ حمص خلال العصور الكلاسيكية. 16
    5- آثار حمص من العصور الكلاسيكية. 27
    6- تاريخ حمص خلال عهد الخلفاء الراشدين 37
    7- تاريخ حمص في العهد الأموي 39
    8- تاريخ حمص في العهد العباسي. 41
    9- تاريخ حمص خلال عهود الطولونيين. 43
    والاخشيديين والحمدانيين والفاطميين
    وبنومرداس والسلاجقة.
    10- تاريخ حمص خلال عهد الأتابكة الزنكيين 51
    11- تاريخ حمص خلال العهد الأيوبي 53
    12- تاريخ حمص خلال العهد المملوكي 56
    13- تاريخ حمص خلال العهد العثماني 59
    14- الآثار المعمارية من العهود الإسلامية 61
    15- الآثار الفنية من العهود الإسلامية 86
    16- ملحق رقم(1) معركة حمص بين 87
    المماليك والمغول.
    17- ملحق رقم(2) منتخبات مما ذكره 95
    الرحالة والجغرافيون العرب في وصف حمص.
    18- ملحق رقم (3) مختارات من وصف حمص لدى المستشرقين 98
    19- ملحق رقم (4) مخطوطة وقف آل الزهراوي 100
    20- الحواشي 104
    21- المصادر والمراجع العربية. 107
    22- المصادر والمراجع الأجنبية 109
    23- الأشكال. 111-125

    1- مقدمة:

    يرقى تاريخ مدينة حمص إلى نحو من 5000 عام وكان لهذه المدينة دوماً دور هام لعبته عبر تاريخها الحضاري الطويل.
    لعبت حمص دوراً هاماً جداً في حياة الإمبراطورية الرومانية وخاصة زمن حكم السلالة الحمصية الملكية شمسيغرام وتزوجت ابنتها جوليا دومنه من القائد العسكري الروماني سبتيموس سيفيروس وأضحى أبنائها آباطرة جلسوا على عرش الإمبراطورية الرومانية نحواً من خمسين عام.
    وسكن حمص صحابة الرسول (ص) وأقام ودفن فيها القائد العربي خالد بن الوليد.
    لقد شاع مؤخراً وخاصة بين أوساط المثقفين والمهتمين بتاريخ وآثار مدينة حمص أن المكتبة العربية تخلو من مؤلف يحيط بموضوع تاريخ وآثار مدينة ابن الوليد.
    صدرت حتى الآن أربعة مؤلفات عالج كتابها مواضيع تاريخ حمص وآثارها كان أول تلك المؤلفات كتاب تاريخ حمص للخوري عيسى أسعد وقد استعرض فيه الكاتب تاريخ المدينة ابتداءً من عام 1300 ق.م وحتى نهاية العصر البيزنطي واستند في سرد المعلومات واستعراضها على جمع ما ورد من منطقة حمص في الكتب المقدسة ومن مصادر أخرى وتعالج تلم المصادر تاريخ المنطقة زمن الممالك العمورية والحثية والآرامية والآشورية والفينيقية والفارسية والهلنستية وفي زمن الإمبراطوريتين الرومانية والبيزنطية وصدر لنفس المؤلف مؤخراً الجزء الثاني من كتابه الذي يعالج فيه تاريخ حمص في العصر الإسلامي.
    وفي عام 1960 نشر الدكتور سليم عادل عبد الحق مقالة في مجلة الحوليات الأثرية السورية المجلد العاشر تحت عنوان مدينة حمص وآثارها وكانت مقالة الدكتور عبد الحق مدير عام الآثار السابق في سوريا محاولة موفقة وجيدة لتدوين موجز لتاريخ حمص والتعريف بآثارها لكنها لم تكن سوا مقالة يستفيد من معلوماتها فقط من اقتنى مجلة الحوليات الأثرية المعروفة على نطاق ضيق.
    صدر في عام 1963 كتاب حمص أم الحجارة السود للدكتور ساطع محلي الذي قدم لكتابه بتمهيد تاريخي واستند في ذلك بشكل أساسي إلى ما ورد لدى الخوري عيسى اسعد عن حمص وما ورد عن نفس الموضوع لدى الجغرافيين والإخباريين العرب.
    وصدر مؤخراً كتاب ربوع محافظة حمص ولم ترد في فقرة تاريخ حمص من الكتاب المذكور ومعلومات جديدة بل إنه سرد فيها معلومات نقلت عن الخوري عيسى أسعد أو غيره كيفما اتفق وهي تخلو من التحقيق العلمي والصحيح والأخطاء التاريخية والأثرية فيها ليست بالقليلة.
    لقد تيسر لي جمع مصادر مختلفة ومتناثرة في كتب وحوليات أثرية أوروبية تمت إلى مواضيع تاريخ وآثار حمص بصلة, إضافة لها فقد عدت إلى المصادر العربية العامة وإلى مصادر مديرية آثار حمص وآمل أنني وفقت في تقديم لمحة موجزة عن تاريخ مدينة حمص وآثارها.

    حمص في 1/10/1984

    المؤلف




    2- تاريخ حمص القديم:

    نورد فيما يلي ما توفر حتى الآن من معلومات علمية أثرية حول التاريخ القديم لمدينة حمص منذ نشأة السكن فيها وحتى عام 311ق.م ابتداءً من العصر الهلنستي.
    لم يعثر على آثار العصر الحجري القديم الأدنى (Lower Palaeolithic) في موضع مجاور مباشرة لمدينة حمص, وكان أقرب موضع إلى حمص اكتشفت فيه آثار السوية الغليغرانشية المتأخرة هو موضع في وادي العاصي عند بلدة الرستن حيث عثر على فؤوس حجرية يدوية وبعض الأدوات الحجرية المختلفة الأخرى.وفي نوضع كفرعايا اكتشفت أدوات حجرية تعود إلى العصر الحجري القديم الأعلى (Upper Palaeolithic) واكتشفت في البريج آثار العصر الحجري الحديث الثاني أي (Eneolithic).
    واستناداً إلى تحريات أجريت على الضفة اليمنى لنهر العاصي (ضمن منطقة بساتين حمص) فقد تبين وجود كسر فخارية تأرخ في عصر البرونز الوسيط (حوالي النصف الأول من الألف الثانية قبل الميلاد). كما وأفادت تلك التحريات عن وجود بعض التموجات البسيطة التي تعلو المجرى الحالي لنهر العاصي ولكنها تقع ضمن سرير النهر وهي عبارة عن تلال منبسطة تحتضن سكن يأرخ كما ذكرنا آنفاً خلال النصف الأول من الألف الثانية قبل الميلاد وهكذا لم تظهر تلك التحريات وجود حضارة حجرية حديثة (Neolithic) ضمن سرير نهر العاصي في موضع مجاور مباشرة لمدينة حمص, وكان أقرب موضع اكتشفت فيه الحضارة الحجرية الحديثة هو تل علي ادريس (جوار قرية كفرعايا حوالي 5 كيلو متر جنوب / غرب تل حمص).
    إن أقدم موضع نشأ فيه السكن بحمص هو تل حمص( قلعة حمص أو قلعة أسامة), ويبعد تل حمص عن أقرب نقطة من نهر العاصي حوالي 2.5 كيلو متر. ويبدو من دراسة طبوغرافية الأرض المحيطة بتل حمص أن السكن قد نشأ عند مصدر مياه يتكون من تجمع المياه الدائمة أو الفصلية المنحدرة من منطقة تقع إلى الجنوبي الشرقي من التل قبل نشوئه وكانت ترتفع أكثر من 40 متر عن ارتفاع السوية الدنيا وهي مياه تجري ضمن 3 وديان رئيسية هي وادي الدهب ووادي ابراهيم ووادي حلالو, وبما كانت تلك الوديان فروع تصب في سرير نهر العاصي.
    لم تكتشف حتى الآن أية قرائن أثرية تثبت وجود سكن في حمص قبل عام 2500قبل الميلاد. إلا أن التحريات ودراسة اللقى الفخارية السطحية المكتشفة في الطبقات الدنيا من تل حمص أثبتت أن الموقع كان مؤهولاً اعتباراً من النصف الثاني من الألف الثالثة قبل الميلاد(1).
    يبلغ قطر تل حمص حوالي (275 م) ويرتفع حالياً حوالي (32م) عن سوية الطريق المجاورة له ويفترض أنه يدفن ضمن طبقاته حمص القديمة قبل توسعها خارج حدود التل إبان العصر الروماني.
    ما هو حجم حمص خلال الألف الثالثة قبل الميلاد؟ وما هو اسمها القديم؟ أسئلة تصعب الإجابة عليها في الوقت الحاضر. ما يمكننا إفادة القارئ به هو التالي:
    اكتشفت في تل حمص كسر فخارية من النموذج المعروف ب (كؤوس حماه) (Goblets) وهي نموذج من الفخار أرخ في الربع الثالث من الألف الثالثة قبل الميلاد (أي حوالي عام 2400 ق.م) وهذه القرينة الأثرية تؤكد وجود سكن في تل حمص معاصر لنفس السويات الأثرية المكتشفة في الشرفة (قطنة) وتل النبي مندو (قادش) وحماه وإيبلا.
    ما زالت هوية تلك الفترة الزمنية غامضة بعض الشيء, لكن الاعتقاد السائد أنه كانت تقوم خلال العصر الأكادي ممالك كنعانية قديمة في سوريا وهي البلاد التي كانت تقع إلى الغرب من بلاد مابين النهرين والتي عرفت آنذاك باسم آمورو أو عمورواي بلاد الغرب فمصطلح العموريين يقصد به سكان الغرب وكانت حمص إحدى المدن الكنعانية القديمة مثلها مثل قطنة وقادش وإيبلا.
    ولقد قيل أن قارئ نصوص أرشيف إيبلا الإيطالي باتيناتو ذكر أن حمص كانت إحدى المدن التي ورد ذكرها في النصوص الإيبلائية ذات المضمون الجغرافي, ولم يعرف فيما إذا اسم حمص قد ورد في النصوص الإيبلائية بنفس اللفظة. إذ أن قراءات الأستاذ باتيناتو مل زالت تحتمل الجدل الكبير والمناقشة والرأي السائد حولها أنها قراءات غير صحيحة .
    ومع ذلك فاحتمال ورود اسم حمص في النصوص الإيبلائية يمنكن أن يكون صحيحاً لكون التحريات الأثرية قد كشفت لنا عن أن السكن في تل حمص حول عام (2440ق.م ) قد تأكد بالعثور على نماذج فخارية متنوعة منها كما ذكر أعلاه (كؤوس حماه).
    لقد كشفت لنا التحريات الأثرية في تل حمص عن وجود كسر فخارية من عصر البرونز القديم الرابع( حوالي عام 2200 إلى 1900 ق.م) مما يثبت بشكل ما استمرار السكن في حمص (تلة حمص ) خلال تلك الفترة الزمنية. إلا أن السكن استناداً إلى تلك التحريات انقطع بعد هذا التاريخ حيث لم يعثر على كسر فخارية تمثل عصر البرونز الوسيط (من 1900 إلى 1550 ق.م) وهي الفترة التي ازدهرت فيها كل من قطنة وقادش وماري.
    عاد السكن إلى حمص بعد عام 1550 ق.م وهو ما أكدته القرائن الأثرية (الكسر الفخارية) وكان أوج تلك الفترة الغزو الحثي لوسط سوريا وتبعية قادش لامبراطورية شوبتيلوليوما والصراع الحثي المصري وما نتج عنه من احتلال متبادل لوسط سوريا (قادش وحمص) ما قيل في مصادر مختلفة عولجت فيها مسألة تاريخ حمص وربط ذلك التاريخ بالعمالقة والرومان وغيرها من معلومات, لا يمكننا تبنيها أو الدفاع عنها أو إنكارها, حيث أن التنقيب الأثري في وسط سوريا ما زال بطيئاً جداً ولم يكشف ما تم حتى الآن ما يثبت تلك المعلومات أو ينفيها, إذ أن بيت القصيد هو بالطبع الوثائق الكتابية (الكتابات المسمارية).
    ولكن الطبوغرافيا التاريخية لمنطقة وسط سوريا أفادتنا استناداً إلى دراسات تمحورت حول قراءات لأرشيف ماري وقطنة وأوغاريت بأن السوتيين (Sutaer) كانوا يقطنون وسط سوريا خلال الألف الثانية قبل الميلاد ولربما لعب هؤلاء دور بارز في حياة حمص خلال تلك الفترة الزمنية.
    لقد ظن بعض الباحثين الأجانب أن المملكة الشهيرة المعروفة باسم تونيب (Tunip) والتي ازدهرت خلال الألف الثانية ق.م يحتضنها تل حمص. هذه المملكة التي عرفت من خلال مراسلات أرشيف تل العمارنة والتي وقع زمن ازدهارها خلال النصف الثاني من الألف الثانية ق.م ولم يتأكد بعد موضعها, من الممكن توقيعها مكانياً في تل حمص, إلا أن ذلك يبقى محض افتراض يحتاج إلى قرائن أثرية تثبت صحته أو تنكرها.
    واستناداً إلى نفس التحريات الأثرية التي نوهنا عنها فقد استمر السكن في تل حمص خلال الألف الأولى ق.م (عصر الحديد) حيث أنه عثر على كسر من الفخار النموذجي المعروف لفترة عصر الحديد. هذه الفترة التي ظهرت فيها الممالك الآرامية والتي من المعتقد أن حمص كانت إحداها.لقد ظن تارة أن حماه صوبا هي نفسها مدينة حمص القديمة وتارة أن خاتاريكا المدينة الآرامية من القرن الثامن ق.م مدفونة في تل حمص (رأي الأستاذين رينيه دوسو وهير تسلفيد), لكن الأستاذ كيلسر دحض هذا الرأي الأخير ووقع خاتاريكا في تل أفس (شمال سوريا).
    وهكذا وبسبب فقدان القرائن الأثرية لا يمكننا البت في موضوع أصل تسمية حمص وإن كنا نرجح أن اسم حمص كان نفس الاسم القديم لهذه المدينة فلفظة إميسا التسمية اليونانية هي اللفظة اليونانية لنفس اسم حمص وهي تسمية تعود إلى نهاية الألف الأول ق.م.




    3- آثار حمص قبل العصر الهلنستي:

    لقد ذكرت في فقرة تاريخ حمص القديم أنه استناداً إلى اللقى الفخارية السطحية من تل حمص , فقد تبين لنا أن هذه المدينة كانت قد وجدت خلال النصف الثاني من الألف الثالثة ق.م . وقد ذكرت أن البحث عن آثار تلك الفترة الزمنية متروك للتنقيب الأثري في ت حمص. لكننا نستطيع استناداً إلى الوضع الراهن لتل حمص ولمعلومات المتوفرة من التنقيب في تلال أثرية اكتشفت فيها سويات معاصرة للنصف الثاني من الألف الثالثة ق.م إفادة القارئ الكريم ببعض المعلومات وهي التالية:
    يبدو من الشكل الدائري لتل حمص أن مدينة حمص كان لها شكل دائري بين عامي (2400-2200 ق.م) وأن الخندق الحالي المحيط بتل حمص كان ضمن النظام الدفاعي للمدينة ومن المفترض أنه كانت لها أسوار مشيدة بأحجار البن.
    ولقد أظهرت الحفريات الأثرية في كل من تل النبي مندو (قادش) والمشرفة (قطنا) أسواراً مشيدة بأحجار اللبن المجفف تحت أشعة الشمس وهي أسواراً تتألف من جدارين يتراوح ارتفاع كل منهما بين 10-150م ويملئ الفراغ بينها بملاط حصوي لتقويتها. وأن القول بشبه أسوار حمص إبان تلك الفترة الزمنية لأسوار قطنا وقادش يبقى ضمن حيز التكهن ويحتاج إلى إثبات عمليات التنقيب المنهجية. ومن المعروف أن مثل تلك الأنظمة الدفاعية عن المدن خلال نهاية الألف الثالثة ق.م كان مرتبطاً أساساً بالطابع الحربي للدفاع عن المدينة من غزوات البداة. وهناك معلومات ثابتة عن غزوات من قبل البداة والرعاة تعرضت لها مدن مثل حمص وغيرها. ويلحظ في بعض المقاطع من منحدرات تل حمص وجود أحجار غشيمة هي أجزاء من جداران مساكن في سويات تعلو سوية عصر البرونز المبكر الرابع والتي ترجع استناداً إلى دراسة اللقى الفخارية السطحية إلى عصر البرونز الحديث( بين 1550و 1200) ق.م.
    وكما ذكرت أنفاً يبقى الجواب الواف للتنقيب الأثري.
    وإلى عصر الحديد (الألف الأولى ق.م) ينسب وجود معبد آلة الشمس في حمص, متى شيد معبد آلة الشمس في حمص وأين بني أسئلة تصعب الإجابة عنها على الأقل في الوقت الراهن, لكن شهرة معبد آلة شمس خلال العصر الروماني ترجح القول أن المعبد الذي من المفترض أنه كان قد بني فوق تل حمص (السويات الأثرية العليا من تل حمص) خلال زمن قريب من العصر الروماني (النصف الثاني من الألف الأولى ق.م) أي بعد عام (500) ق.م وهي الفترة المتوافقة مع انتشار الحضارة الأخمينية, إذ أنه انتشرت خلال تلك الفترة عبادة آلة الشمس.



    4- تاريخ حمص خلال العصور الكلاسيكية (من 311ق.م – 630م):

    نعالج في هذه الفقرة تاريخ حمص خلال العصور الهلنستية والرومانية والبيزنطية.
    كانت حمص إحدى المدن التي نشأت إلى جوارها العديد من القرى والمدن الأخرى خلال العصر الهلنستي, فقد دلت التحريات الأثرية التي شملت المنطقة المجاورة لحمص مباشرة على وجود سكن هلنستي في كل من تلبيسة وبابا عمرو وتل النقيرة وتل النبي مندو وغيرها.وقيل أن حمص كانت إحدى المدن التي خضعت لحكم سلوقوس نيكاتور خليفة الاسكندر المقدوني الكبير, ويبدو أنه استناداً إلى دراسة لقى فخارية تؤرخ في العصر الهلنستي اكتشف في تل حمص يمكننا قبول هذا الرأي.
    لكن الإشارة الهلنستية المعمارية لم تكتشف في تل حمص أو ضمن حدود المدينة القديمة بعد. عرفت حمص باسم اللفظة اليونانية إيميسا (Emesa) وكان أقدم ذكر لحمص تحت اسم (إيميسا) قدور لدى سترابون (Strabon) في عامي (59 و 43 ق.م).
    حكمت حمص خلال القرن الثاني ق.م أسر عربية كان منها الأسرة الحمصية التي تولت سدانة معبد آلة الشمس, وقد لعبت حمص دوراً ما في الصراع الذي كان قد احتدم بين السلوقيين والبطالمة, والذي عرف باسم الحرب السورية الرابعة.
    ازدهرت حمص ازدهاراً ملموساً بعد غزو الإمبراطور الروماني بومبي (Bompe) لسورية في عام 64 ق.م ,أضحت نقطة تقاطع لطرق القوافل والجيوش الرومانية, مما ساعد على ازدهارها ونموها بشكل مضطرد وتوسعت المدينة خارج حدود تل حمص إلى الجهات الشمالية والشرقية من التل المذكور.
    والطرق التي اتقت في حمص وتفرعت عنها لتوصل بين المدن التي كانت مزدهرة خلال العصر الروماني هي:
    1- الطريق الواصلة بين قنسرين (Chalcis) وحماه (Epit hania) والرستن (Ar ethusa) وحمص (Emesa).
    2- طريق تدمر (Palmyra) والفرقلس (Bet-Proslic) وعيفير وحمص(Emesa) وهي من عهد الامبراطور سبتيموس سيفيروس.
    3- الطريق الواصلة بين حمص(Emesa) والفرقلس (Bet-Proslic)والغنثر (Othora) والحدث (Hadatha) وحوارين (Aueria) ومهين (Danaba) والقريتين (Nezala).
    4- الطريق الواصلة بين الرقة والرصافة والزراعة والقسطل وسلمية عبر حمص إلى شمسين وقارة والنبك والقطيفة ودمشق.
    5- الطريق الواصلة بين أفاميا (Apamea) ومصياف وتلخلخ (Demetrias) وتل النبي مندو (Laodicaad Lib anum) وحمص .
    6- طريق حمص – تل النبي مندو جوسية (Mau rikopogis) واللبوة (Libum) وبعلبك (Heliopolis).
    7- الطريق الواصلة بين حمص وطرابلس (Tripolis).
    كشفت التحريات الأثرية عن ما يسمى بأحجار الحدود أو أحجار المسافات بالأميال وهي أحجار رضعت على الطرقات الرومانية خلال القرنين الأول والثاني الميلاديين. من أحجار المسافات اكتشفت حجرة المسافة بين طرابلس وحمص وحجر المسافة بين نهر الكبير الجنوبي وتل النبي مندو, وقد نقش على الحجر الأخير اسم الامبراطور الروماني ديوقلبيسان الذي حكم بين عامي (284 و 304 م).
    انتزعت أسرة شمسيغرام التي كانت تتولى كما ذكرنا أنفاً سدانة معبد آلة الشمس الحكم من أيدي السلوقيين وذلك حوالي عام (96) ق.م ووصلت إلينا أسماء ثمانية ملوك ينتسبون إلى تلك الأسرة وهم على التوالي:
    دابل ملكا.
    شمسيغرام.
    جيميلك.
    الاسكندر.
    جيميلك الثاني.
    شمسيغرام الثاني.
    عزيز.
    سهيم.
    ويعتقد أن فترة حكم تلك الأسرة امتد حتى الربع الأول من القرن الثاني الميلادي.
    اتخذت تلك الأسرة مقراً لسكنها في الرستن (آرثيوسا) وأضحى حكمها على الامبراطورية الرومانية , فقد تدخل أفراد تلك العائلة في النزعات الرومانية الداخلية وتحزبوا لأنطونيوس على أوكتافيوس, ونمت الزراعة في عهدهم حيث استثمرت المناطق المجاورة لنهر العاصي وقسمت إلى بساتين وفق النموذج الكلاسيكي لتقسيم الأرض في العصر الروماني لتقسيمات الأرض في إيطاليا وتونس, وهو النموذج المعروف باسم (Limitatus) حيث تقسم الأرض إلى حمص متساوية تبلغ مساحة كل منها 100 هيريديا أي 50 هكتار وكل هيريدي يساوي 50 آر (أي المقاسم المئوية).
    صك ملوك أسرة شمسيغرام أم النقود باسمهم ونمت ثرواتهم وعاشوا في رخاء حتى أن سيسرون الخطيب الروماني الشهير عرف بومبي الذي فتح سوريا في عام 64ق.م باسم معاصر شمسيغرام.
    وإلى عهد شمسيغرام يعود تاريخ بناء الصومعة في حمص (راجع فقرة العهود الكلاسيكية).
    اكتشف في حمص عدد كبير من الأحجار و شواهد القبور التي هيئت لشخصيات حمصية هامة نورد فيما يلي أسماء وتواريخ وفاة البعض منها:
    نصر وشمس ابن شمسيغرام 99ميلادي.
    سليم 104م.
    آريوبارزانس 107م.
    تيتوس فلافيوس قبيلة كويرينا 108م.
    ايوتابى ابن شمسيغرام الثاني 108م.
    أرثياس 110م.
    غايوس لولنجينوس سهيم ابن شمسيغرام 110م.
    فويبوس 110م.
    سليم وآسونوس 118م.
    هيلاديبوس ولياندروس.
    غايوس 122م.
    لوكيوس ليسنيوس انطونيوس من قبيلة كولينا 128م.
    ديمقريطن 129م.
    ابن فيتيليوس 130-139م
    كلوديا 132م.
    مارك جيميلك ابن غارميلوس 133م.
    كانت أسماء الشخصيات الحمصية الهامة أسماء مركبة تتألف من الاسم العربي ومن اللقب اليوناني/ الروماني مثل غايوس لولنجينيوس سهيم ابن شمسيغرام أم كان بعضها فقط اسمه العربي مثل نصر وشمش ابن شمسيغرام.
    من القبائل التي قطنت في حمص ولعبت دوراً بارزاً في حياة حمص خلال القرنين الأول والثاني الميلاديين كانت قبيلة قابيا (شمسيغرام) والتي كان منها الملوك الذين ذكرنا أسمائهم آنفاً. ومن تلك القبائل أيضاً قبيلة كويرينا وقبيلة كولينا وفي فترة متأخرة عن القرن الثاني الميلادي قطنت حمص قبيلة عمرى وقد أثبت سكن تلك القبائل كتابات يونانية نقشت على حجارة اكتشفت في حمص.
    حظيت حمص باهتمام الأباطرة الرومان فيسباسيان (الذي حكم بين عامي 69 و 79) وتيتوس (من عام 79 إلى 81م) ودوميتيان (بين عامي 81 و 96م) وازدهرت العمارة والفنون زمن حكم هؤلاء الأباطرة ووفد فنانون من أرجاء الامبراطورية الرومانية إلى حمص حيث شاركوا بتشييد الأبنية التذكارية وتصميم فنونها وفي عهد تراجان من (98-117م), ازداد الاهتمام بحمص من الناحية العسكرية, فقد أسس تراجان فرقة عسكرية نظامية تدمرية لمساعدة الجيش الروماني وعني بالطرق بشكل عام وبالطريق الواصلة بين حمص وتدمر بشكل خاص, وهناك عدد من أحجار المسافات التي تعود إلى عهده كانت قد اكتشفت بين تدمر وحمص. وكان عهد الإمبراطور دريان (117- 138م) عهد اهتمام ملحوظ بتدمر وحمص. ويبدو أن التدامرة كانوا يقطنون في حمص لأسباب عسكرية إذ عثر على كتابات يونانية تتحدث عن أسماء شخصيات تدمرية آرامية سكنت في حمص مثل اسكندر بن تيم اللات الذي توفي في حمص عام 158م.
    وفي عهد الامبراطور انطونيوس بيوس (138-161م) حصلت حمص على حق صك النقود بشكل مستقل. وحتى عهد الامبراطور سبتيموس سيفيروس (193-211م) قطنت في حمص عائلات رومانية كانت لها علاقة بالتجارة وبتأمين الدفاع عن الحدود الرومانية (Limes) كان من تلك الشخصيات الرومانية:
    أونيسيموس الذي توفي عام 133م.
    فلافيوس بيرولوس 135م.
    يوليوس شايلون آخ يوليوس مارينوس 140م.
    فلافيوس هيروفيلوس 144م.
    ساكيردوس بن ماويلاس 154م.
    ايثونودوروس بن جرمانوس 160م.
    أودونايوس أيوسوس 168م.
    أوكتافيوس 175م.
    كريسبوس بن أوريليوس 195م.
    أما الشخصيات العربية التي برز اسمها خلال تلك الفترة في حمص فكان منها:
    شمسيغرام بن سهيم 137م.
    أوسالس بن جيميليك 143م.
    أواسيوس بن عقرب 158م.
    جوليا ما ماميا أم اسكندر سيفير 161م.
    اكويليا دومنه 164م.
    دومنة وابنها بالما (نخلة) 196م.
    بلغ أوج ازدهار حمص خلال العصر الروماني بعد زواج القائد الروماني ذا الأصل الليبي من لبدة من الأميرة الحمصية جوليا دومنه ابنة كاهن معبد آلة الشمس فقد أضحت حمص بسبب مصاهرتها للقائد الروماني سبتيموس سيفيروس مركزاً للاقليم الروماني
    ( Ephrachia Phinikhs Aiban hsias Emissa).
    وقد ذكرت في كتابات المؤرخين الرومان أن سبتيموس سيفيروس نقل الحجر الأسود الذي يقدس في معبد آلة الشمس بحمص إلى روماتيمنا.
    ولقد أضحى سيفيروس بعد وصوله إلى روما امبراطوراً فاعتلى عرش الامبراطورية الرومانية من عام (193إلى 211م). ومع اعتلاء هذا الامبراطور العرش انتقلت حكم الامبراطوية السلالة الحمصية أو الأباطرة السوريين التي كان منها كارلا (211-216) م وهليوغابال أو إيلاغابال (214-222م) والاسكندر سيفيروس (222-235م) وفيليب العربي (244-249)م.
    منحت حمص خلال فترة حكم السلالة الحمصية الحق اللاتيني وازداد الاهتمام بحمص الوطن الأم لهؤلاء الأباطرة وزادت شهرة حمص في العالم الروماني بحيث كتب أحد الكتاب الرومان (أن العاصي صب مياهه منذ مدة طويلة في نهر التيبر /الذي بجوار روما/ حاملاً معه لغته وعاداته.
    ازدهرت الزراعة والصناعة والتجارة في حمص ازدهاراً كبيراً , فعلى صعيد الزراعة كثرت حول المدينة الكروم والبساتين وازداد الاعتناء بالرأي وبني سد على نهر العاصي (سد بحيرة قطينة) وقسمت الأراضي الزراعية وفق النظام المئوي كما أسلفنا وعلى صعيد التجارة مدت الطرق بين حمص والمدن والقرى الكثيرة المجاورة, وكان بعض تلك الطرق يرصف بالحجارة الضخمة المنحوتة, من تلك الطرق مثلاً الطريق التي كانت بين حمص ومصياف (الى أفاميا) فما زالت أجزاء من تلك الطريق المرصوفة تشاهد حتى يومنا هذا عند خربتي الجاموس والسوداء وإلى الشرق من تليل (قرية رومانية الأصل).
    اغتنت حمص وأثرت ثراء كبيراً ونشطت تجارتها مع تدمر والشرق وحمل التجار الحمصية من لبضائع النفيسة عبر المتوسط إلى إيطاليا وغاليا واسبانيا.
    وتولى كثير من سكان حمص مناصب الدولة الرومانية الكبيرة بعضوية مجلس الشيوخ, وأسهموا بدفع المدينة الرومانية إلى جميع سكان بعد أن كان هذا الحق قاصراً على الرومان .
    وفي عهد أورليان (270-276) أحتدم الصراع بين زينب ملكة تدمر والإمبراطور الذي أراد أن يوطد الحديد.
    فقرر هذا الإمبراطور محاربة زينب في عهد إنطاكية وقفت زينب وأورليان وجهاً لوجه وحصلت معركة خسرت على أثرها زينب وانسحب زيد قائد جيش التدامرة إلى حمص استعداداً لمعركة أخرى. مما استدعى متابعة أورليان زحفه باتجاه حمص وقاتل هناك التدامرة الذين احتموا بأسوار حمص.
    وبعد أن انتصر أورليان على التدامرة ودخل تدمر, انسحب قاصداً انطاكية وتوقف في حمص حيث قتل بعض التدمريين ومنهم لونجين مستشار زينب.
    دخلت المسيحية إلى حمص على نطاق ضيق حوالي بداية القرن الرابع م أي بعد عام 306م ابتداء عهد حكم الإمبراطور البيزنطي قسطنطين الكبير الأول (مؤسس الأسرة القسطنطينية). وإلى تلك الفترة يعود تاريخ تشييد عدد من الكنائس المسيحية المبكرة والتي كان منها كنيسة بربارة. أما تاريخ تشييد كنيسة حي كرم العربي بالغرب من الميماس فكان خلال القرن الخامس م, وهو نفس تاريخ تشييد كنيسة باب السباع وفي عهد جوستيان 536م أشيدت بحمص الدير الأولى لبطريركيتي ايبيفانيوسوس وأنيتيموس.
    شارك رجال الدين الحمصيون في المؤتمر المسيحي الثاني الذي عقد في انطاكية حوالي النصف الثاني من القرن الرابع م. ويبدو أنه كانت قد حصلت نزاعات ظاهرها ديني وباطنها قومي. فبعد ازدهار الرها التي كانت تتمثل فيها الكنيسة السورية مقابل تبني المستعمرين البيزنطيين لاتجاه كنسي خاص يعتمد اللغة اليونانية في ممارسة الشعائر الدينية وغيرها, فقد انتقلت تلك النزاعات إلى حمص التي كان ينطق جل سكانها المسيحيون بالسريانية /الآرامية والذين وفضوا الانصياع إلى الكنيسة البيزنطية وثقافتها اليونانية.
    وقد ورد في فقرة حمص من الموسوعة الإسلامية (لايدن 1971) أن المسيحية دخلت إلى حمص في القرن الخامس م .
    (أي في عهد حكم الأسرة الثيودوسية البيزنطية), ويبدو أن دخول المسيحية إلى حمص خلال تلك الفترة كان يحمل الصبغة الرسمية, غذ أن هذه المدينة أضحت آنذاك مركزاً للأسقفية وكان يتبع لها الإقليم الاكليريكي للبنان الفينيقية. ثم انتقل المركز الأسقفي إلى دمشق الذي تبعت له حمص بعد أن كان لها الدور القيادي الأسقفي.
    ويقال أن رأس القديس يوحنا المعمدان عثر عليه بالقرب من حمص عام 452م (راجع الموسوعة الإسلامية ص. 397)
    سكنت في حمص عند نهاية العصر البيزنطي (القرنين السادس والسابع م) قبائل عربية جنوبية عرفنا من أسمائها بني تنوخ وبني كلب التي اشتهر أفرادها بتربية الخيول ويبدو أن حمص كانت قد استقبلت خلال تلك الفترة قبائل ووافدين من اليمن ولم يعرف على وجه الدقة الأسباب التي دعت هؤلاء اليمنيين إلى التوجه إلى حمص للإقامة فيها,لكننا نعتقد أن صلات اليمنيين بحمص كانت قديمة ولربما ترجع إلى بداية العصر الروماني حيث أن حمص كانت محطة رئيسية للقوافل والجيوش الرومانية التي توجهت إلى اليمن أو عادت منه.



    5- آثار حمص من العصور الكلاسيكية:

    نورد فيما يلي وصفاً وتعداداً للآثار المكتشفة في حمص من العصور الكلاسيكية (العصر الهلنستي والعصر الروماني والعصر البيزنطي) ونوردها مقسمة إلى :
    - بقايا الآثار المعمارية.
    - الآثار الفنية وغيرها.
    أولاً- بقايا الآثار المعمارية:
    مع غزو الرومان لحمص ووصول جوليا دومنه إلى عرش الإمبراطورية الرومانية , فقد حظيت المدينة باهتمام الرومان والأسرة العربية التي حكمتها اعتباراً من القرن الأول للميلاد واتسعت حمص وخرجت عن كونها مدينة تعيش ضمن سور دائري لا يتجاوز قطره الأربعمائة متر (تل حمص) إلى مدينة لها شكل المستطيل (1400*900م) ويبدو أن الفترة التي انتهت بخروج حمص كمدينة عن نطاق التل الذي دفنها وتشكل من أنقاضها هي الأهم في تاريخها مدينة, والإلكا من حمص (المدينة المدفونة في تل حمص) قد استمر فيها السكن حتى اليوم على شكل قرية كما هو الحال في الكثير من التلال الأثرية التي مازال يعرف البعض منها بأسماء القرى التي فوقها أو التي تقع إلى جوارها.
    ويبدو أيضاً أن بناء حمص خلال العصر الروماني كمدينة مخططة قد خضع لعوامل عديدة, منها أن المخطط الذي شيدت وفقه مدينة حمص هو المخطط الكلاسيكي للمدن الهلنستية /الرومانية والذي يتحدد في الشكل المستطيل أو غيره (حسب طوبوغرافية الأرض التي تشاد فوقها المدينة) وفي اختراق الشارع الرئيسي للمدينة المتجه شرق/غرب (الديكومانوس) وتقاطعه مع شارع يتجه شمال /جنوب (الكاردو). ومن العوامل أيضاً أن تل حمص (مدينة حمص حتى بداية العصر الروماني) لم يهجر بل إنه أصبح أكروبول المدينة (المركز الإداري والديني للمدن القديمة) وبات يشكل جزء منها, على الرغم من وقوعه في زاوية (امتداد شكل المدينة القديمة).
    لا شك أن تاريخ عمارة أبنية حمص من العصور الكلاسيكية أي ابتداء من عام 311 ق.م وحتى عام 630 م هام بالنسبة إلى مجمل تاريخ مدينة حمص المعماري. وأهم الفترات في العصور الكلاسيكية كانت بلا شك تلك التي تلت عام 64 قبل الميلاد, وتبرز أهمية دراسة أبنية حمص من العصور بشكل خاص إذ استعدنا إلى الأذهان الناحية الأثرية فجميع الأبنية المشادة خلال العصور الكلاسيكية تهدمت إما نتيجة حدوث الزلازل (في الأعوام (447و494و526و528م) التي وثقت تواريخ حدوثها أو نتيجة الغزوات والحروب والحرائق التي دمرت قطاعات من المدينة وأبنيتها, وآثار الأبنية الكلاسيكية هي إما مازالت آثارها قديمة بشكل جزئي فوق سطح الأرض الحالية للمدينة أو أنه يتوقع اكتشافها في الطبقات التي تلي سطح الأرض الحالية مباشرة.
    1-هيكل الشمس, أو معبد الشمس, اشتهرت به حمص ويعتقد أنه خلال القرنين اللذين سبقا ميلاد السيد المسيح عليه السلام. المكان الذي اعتقد أنه شيد فيه حتى عام 1974 كان افتراضاً وهو مكان الجامع النووي الكبير, لكن اكتشاف حجرة مذبح المعبد في قلعة حمص (تل حمص) , وأكد أن المعبد كان قد شيد فوق المدينة الآرامية من تل حمص.
    نقش على حجرة المذبح نص دون بالقلم اليوناني القديم ويقول النص:
    1-

    تقدمة من مايدواس بن غولاسيس إلى آله الشمس إيلوغابال هذا المذبح مشكوراً 2. ويقال أنه وجد في هيكل الشمس الحجر الأسود المقدس, وقد نقله القائد الروماني سبتيموس سيفيروس إلى روما.
    قامت على شؤون المعبد وتولت سدانته أسرة شمسيغرام, اشتهر من أفراد سدنة المعبد الكاهن باسيان.
    2- الصومعة:
    يذكر عدد من المعمرين الحمصيين أن بناءً أثرياً معروفاً باسم (الصومعة) كان قائماً على طريق طرابلس قبل اندلاع حرب السفربرلك (الحرب العالمية الأولى).
    إن أقدم الوثائق التاريخية التي قدمت وصفاً ورسوماً توضيحية لبناء الصومعة كان كتاب (رحلة إلى سوريا) للفرنسي ل.ف كاساس ويعتبر توثيق بناء الصومعة زمن صدور الكتاب من أفضل مثيلاته, فاستناداً إلى الرسوم التصويرية والمعمارية التي نشرت في كتاب كاساس كانت الصومعة بناء كاملاً عند نهاية القرن الثامن عشر. وكان المستشرق السويدي الأستاذ فون كارل فاتسينجر آخر من حالفه الحظ من الأوروبيين في رؤية آثار الصومعة حيث أن بلدية حمص كانت قد هدمت ما بقي من آثارها في عام 1911. وبهذا العمل كانت البلدية قد أزالت وإلى الأبد أثراً عربياً قديماً وهاماً بقي قائماً نحواً من 18 قرن.
    كانت صومعة حمص عبارة عن ضريح تذكاري بني تخليداً لأفراد السلالة العربية الملكية التي عرفت باسم شمسيغرام والتي حكمت سورية الوسطى خلال القرن الأخير ق.م والأول والثاني الميلاديين.
    يعود تاريخ تشييد بناء صومعة حمص إلى عام (78 أو 79م) وتوافق هذا العام الأخير لحكم الإمبراطور الروماني فيسباسيان, وقد أثبت تاريخ بناء الصومعة نقش تأسيسي دون بالقلم اليوناني القديم على لوح حجري مستطيل وهو يقول:
    ( بنى غايوس من قبيلة فابيا, شمسيغرام, المدعو أيضاً بسايلاس بن غايوس الكيسيون في حياته هذا المدفن لنفسه ولأسرته عام 78 أو 79 م.
    كان غايوس هذا أحد السادة الذين ينتسبون إلى السلالة الملكية شمسيغرام, حدد الأستاذ فاتسينجر المكان الذي شاهد فيه آثار الصومعة عام 1907 بالكلمات التالية:
    (تقوم آثار ضريح تذكاري قديم على بعد عدة مئات من الأمتار إلى الجنوب الغربي من مدينة حمص وعلى مقربة من الطريق المؤدية إلى محطة القطار).
    إذا أردنا أن نحدد المكان الذي كانت تقوم فوقه الصومعة, فإننا نستطيع القول أنها كانت تقوم مقابل بناء المركز الثقافي الجديد من جهة الشمال, وذلك بين شارعي علاء الدين الدروبي وأحمد شوقي , وتؤيد هذا التوقيع المكاني للصومعة ذكريات المعمرين الحمصيين الذين حدثوني عنها.
    الوصف المعماري للصومعة:
    كانت الصومعة عبارة عن بناء مربع عند قاعدته ويتألف من طابقين ويعلو الطابق الثاني هرم من النموذج المعماري المعروف باسم (Obelique) والبناء يشبه بمجمله تقريباً القبور الهرمية التدمرية التي ما زالت مائلة للعيان حتى يومنا هذا. شيد بناء الصومعة فوق مصطبة, ويتألف الطابق الأرضي من قاعدة مربعة ذات أسقف عقدي مثمن الركائز.أنيرت القاعة عبر ثلاثة فتحات مائلة نحو الداخل. أما سقف الطابق العلوي فكان عبارة عن عقد يقوم فوق ثمانية محاريب نصف دائرية, وقد جعل كل محراب ثلاثة أقواس متتابعة.
    امتازت واجهة الطابقين بوجود خمسة أعمدة لكل واجهة طابق, وكان يعلو كل عمود تاج حمل فوقه افريزنافر وشيدت الجدران الخارجية الصامتة بأحجار متناوبة في اللون بين الأسود (أحجار بازلتية) والأبيض (أحجار كلسية) .
    وازدانت الجدران الداخلية بالزخارف الهندسية الملونة والمتناوبة وتعتبر تلك الأشكال الزخرفية من الزخارف الفريدة في تاريخ الفن المعماري ومن أبكرها زمنياً.

    3- كنسية القديسة هيلانة: (3):
    ورد عند المسعودي في وصف كنيسة القديسة هيلانة ما يلي:
    خرجت أمه – أم الامبراطور قسطنطين الكبير (306-337)م هيلانة إلى أرض الشام, فبنت الكنائس وسارت إلى بيت المقدس وطلبت الخشبة التي صلب عليها المسيح عندهم, فلما صارت إليها حلتها بالذهب والفضة واتخذت لوجودها عيداً وهو عيد الصليب وهو لأربع عشرة تخلو من أيلول وهي التي بنت كنيسة حمص على أربعة أركان وذلك من عجائب بنيان العالم.
    يستدل من ذكر وجود أربعة أركان لبناء كنيسة القديسة هيلانة أن طراز عمارتها كان هو الطراز الكلاسيكي لعمارة الكنائس البيزنطية (البازيليكا).
    لا يعرف المكان الذي شيدت فيه كنيسة القديسة هيلانة لكن اكتشاف حجر نقش عليه نص بالقلم اليوناني القديم في الجامع النوري الكبير والذي ورد فيه ذكر للإمبراطور؟
    لربما كان له علاقة بكنيسة القديسة هيلانة, وعليه فمن الممكن أن توقع تلك الكنيسة مكانياً في موضع الجامع النوري الكبير. ويبقى هذا الرأي محض افتراض غير موثق أثرياً إذ أن النص المذكور يذكر الكرة الأرضية وصورة القمر وهي عناصر ميثولوجية رومانية وآرامية تقرب تأريخ النص (الذي يخلو من التاريخ) في بداية العصر المسيحي بحمص, حيث كانت تلك العناصر مازالت حية, وهي من التقاليد الرومانية الوثنية. يضاف إلى ذلك أننا لم نعرف من آثار حمص الميسيحية ما هو أبكر زمنياً من تلك الكتابة.

    4- كنيسة باب السباع البيزنطية (4):
    تقع الكنيسة البيزنطية المذكورة على بعد حوالي 500م إلى الجنوب الشرقي من قلعة حمص (شارع الفرات) ويبلغ عمق أرضية الكنيسة ابتداءً من سطح أرضية الدار الموجودة تحتها حوالي أربعة أمتار.
    لا يمكننا الآن البت في وضع الكنيسة البنائي ولهذا السبب يوجد احتمالين, الأول هو أن تكون هذه الكنيسة بوضعها الحالي أحد الدياميس التي وجدت خلال العصر البيزنطي في حمص بكثرة وعليه تكون الكنيسة المذكورة بوضعها الحالي ووجودها على عمق أربعة أمتار طبيعي والاحتمال الثاني هوكون هذه الكنيسة بناء عادي شيد فوق سطح الأرض زمن تشييدها ومع مرور الزمن نمت الأرض كما هم الحال في الكثير من التلال الأثرية الاصطناعية وكما في الأحياء القديمة لمدينة حمص الحالية القائمة فوق أنقاض مدينة حمص القديمة.
    للاحتمال الأول براهين عديدة كوجود أربعة قبور داخلها وفقد أن النوافذ وللاحتمال الثاني أيضاً براهينه حيث أن حي باب السباع الحالي يقوم فوق أنقاض المدينة البيزنطية والجواب الشافي يبقى على كل حال للتنقيب الأثري.
    كتب على جدران الكنيسة كتابات بالقلمين اليوناني القديم وبالاسطرنجيلي. من الكتابات اليونانية:
    ( المحبوب من الله لم يذكر اسمه راهب وكاهن وأرشمندريت الذي شاد سور المقدس في تل دا, توفي في شهر أيار من عام 514م و (إن الطيب الذكر فيليب توفي في اليوم السابع عشر من شهراً أرتيموسيوس( أيار) من عام 782 سلوقي 470م وهناك أيضاً كتابات تتحدث عن الراهب ميناس المتوفي في الثاني عشر من شهر دستروس من عام 758 سلوقي 474م.
    وهكذا واستناداً إلى تلك الكتابات المؤرخة يمكننا تأريخ تلك الكنيسة بشكل لا يقبل الشك في بداية النصف الثاني من القرن الخامس الميلادي, أي زمن حكم الإمبراطور البيزنطي ليون الأول مؤسس الأسرة الثراكية- البيزنطية.

    5- دياميس حي الشرفة (5):
    الدياميس هي قبور تحت الأرض من النموذج المعروف في روما باسم كاتاكومب, وقد اكتشفت تلك الدياميس في حي الشرفة (حي باب تدمر/باب الدريب) في عام 1961, لكن دياميس حمص ممتدة امتداداً واسعاً على خلاف ماهو معروف عن الكاتاكومب يضاف إلى ذلك فإن دياميس روما تعود إلى القرن الأول م بينما دياميس حمص كانت متأخرة زمنياً فاستناداً إلى النقود الأثرية التي اكتشفت داخلها يمكن تأريخها بين القرنين الثالث والسابع م.
    تتألف دياميس حي الشرفة من أروقة مبنية أسقفها القنطرية بالأحجار السوداء المهذبة طولها 18م وعرضها 12م والعمق الوسطي مستوى أرض الدهاليز 5,25 م. تتفرع عن الدهاليز الوسطى دهاليز جانبية تفضي إلى معازب وضعت فيها قبور المدفونين مع أثاثهم الجنائزي.
    زينت بعض الجدران بالصور الفسيفسائية ورسمت على بعض الجدران أشكال الفريسك التي تمثل مواضيع مختلفة.

    ثانياً- الآثار الفنية:
    عثر في حمص على آلاف القطع الأثرية من العصور الكلاسيكية ونورد ذكر بعضها مصنفة كما يلي:
    1- أحجار مختلفة نقشت عليها نصوص بالقلم اليوناني القديم , منها نصوص جنائزية (شواهد قبور), ومنها نصوص تأسيسية لإشادة أبنية معبدية أو كنيسة وغيرها.
    تجاوز عدد تلت النصوص المئتين وخمسين نصاً , جمعها ونشر دراسة لها لويس جالابيرت 6 ونشر دراسة لبعض النصوص المكتشفة حديثاً مؤلف هذا الكتاب 7. نقل عدد كبيرة من تلك الحجارة ذات النصوص إلى متاحف بروكسل واللوفر ودمشق وبيروت وغيرها.
    2- الأثاث الجنائزي:
    إن تاريخ اكتشاف الأثاث الجنائزي الروماني والبيزنطي في حمص غني, فقد اكتشفت كنوز لا تقدر بثمن منها ما اكتشف في مقبرة جورة أبي صابون, وهي نفائس ذهبية وفضية (خوذة قائد عسكري من الفضة) ومنها نفائس مقبرة طريق حماه جامع خالد بن الوليد ومنها الأثاث الجنائزي المكتشف في مختلف أحياء المدينة القديمة. نقلت تلك الكنوز التي تتألف من حلي ذهبية وفضية وآنية زجاجية فاخرة وغيرها إلى متاحف اللوفر ودمشق وحماه وإلى غيرها من المتاحف.
    3- تماثيل حجرية من العصر الروماني أو البيزنطي, نقت إلى متحف بروكسل واللوفر ودمشق.
    4- نقود رومانية وبيزنطية من الذهب أو الفضة أو النحاس من صك مدينة حمص وهي تعود إلى عهود الأباطرة وبروبوس وديوكلسيان وجوستنيان وهرقل وغيرهم.



    6- تاريخ حمص خلال عهد الخلفاء الراشدين (9هجري -41ه 360-661م):

    كانت حمص عشية الفتح العربي الإسلامي لبلاد الشام المدن الهامة, فقد حظيت باهتمام البيزنطيين وذلك بسبب الدور الذي كانت تلعبه في الحياة السياسية والدينية والاقتصادية ضمن بوتقة الإمبراطورية البيزنطية. وعليه فقد كان فتح حمص من قبل المسلمين يعتبر خطوة هامة على طريق دحر البيزنطيين (الروم) ونشر الدين الإسلامي.
    كان جل سكان حمص عند نهاية العصر البيزنطي أفراد ينتسبون لقبائل عربية جنوبية وفدت كما ذكرنا في الفقرة السابقة من اليمن والاعتقاد السائد هو أن لهجرة هؤلاد اليمنيين علاقة مباشرة بحماية طرق القوافل التجارية وطرق الجيوش الرومانية التي غزت اليمن أو عادت منه. وبما أنه كان لحمص مركز هام تبوئته خلال العصر الروماني لذا فإن حمص كمدينة عسكرت فيها الجيوش الرومانية أضحت موطناً لاستقرار عشائر من تلك القبائل.
    وتفيد الوثائق التاريخية أن الإمبراطور البيزنطي هرقل كان قد جعل من حمص ركزاً حربياً له, ولربما كان للموقع الأثري الحالي المجاور لقرية تليل (على طريق الحولة) والذي يدعى باسم هرقل علاقة بموضوع إقامة هذا الإمبراطور في حمص.
    وصلت الجيوش العربية الإسلامية إلى حمص تحت إمرة القائدين أبو عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد وذلك في عام 16ه وحاصرت تلك الجيوش المدينة وفتحتها دون إراقة للدماء, إذ أن أهلها فضلوا تسليم المدينة من دون حرب واستقبلوا الفاتحين المسلمين استقبالاً حسناً ودفعوا جزية بلغ مقدارها 170000دينار.
    انتقل إلى حمص بعد الفتح الإسلامي عدد كبير من صحابة الرسول ص’ فقد ذكر في بعض مصادر الإخباريين العرب أن عدد هؤلاء بلغ خمسمائة. كان منهم معاذ بن جبل بن عمرو وخالد بن الوليد وعياض بن غنيم بن زهير وعوف بن مالك الأشجعي وثوبان مولى رسول الله ص وعمير بن سعد بن عبيد وأثلة بن الأسقع بن عبد العزى والعرباض بن ساريه السلمى وعبد الله قرط الأزوى ووحش بن حرب الحبشي وشرحبيل بن السمط وأبو سلام الأسو وكعب الأحبار بن مانع وراشد بن سعد وأسدين وداعة الطائي وثور بن يزيد الكلاعي وشعيب بن أبي حمزة والفرج بن فضالة وأبو المغيرة الحمصي وأبو اليمان الحمصي والحكم بن نافع وعلي بن غياث الحمصي.
    عهد الخليفة عمر بن الخطاب بحكم حمص إلى سعيد بن عامر وتولى هذا الأخير حكم حمص من عام 16ه. 637م وحتى 26ه 647م.سقطت حمص بعدها في يد معاوية بن أبي سفيان الذي ولى عليها شرحبيل.



    7- تاريخ حمص في العهد الأموي (41-132 ه) (661-750)م:

    تبوئت حمص مكانة مرموقة في عهد الأمويين, فقد أعلنت بعد استيلاء معاوية بن أبي سفيان عليها في عام 26ه . 647م عاصمة لأحد الأقاليم الخمسة التي تألفت منها بلاد الشام والتي دعت كل منها بالجند, وقد كانت منطقة جند حمص واسعة بحيث أنها شملت المنطقة الشمالية بما فيها قنسرين. ورد لدى الإخباريين العرب أن حصيلة الخراج التي جمعت في جند حمص خلال تلك الفترة بلغت 800000 دينار.
    عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان بحكم جند حمص إلى شرحبيل وكان هذا الأخير أحد صحابة الرسول ص الذين استقروا في حمص بعد الفتح الإسلامي لبلاد الشام.
    ويقال أن حمص تشيعت لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه, إذ أنها وقعت في معركة صفين التي حدثت عام 37ه 657م إلى جانبه.
    وفي عام 41ه. 661م أي في عهد يزيد بن معاوية انفصلت المنطقة الشمالية من جند حمص , وشكلت جنداً مستقلاً ضم قنسرين وحلب ومنبج ولم يبق ما يتبع لجند حمص سوى بانياس وطرطوس وأفاميا وشيزر وحماه والرستن وسلمية والقريتين وتدمر.
    منح حكم جند حمص بعد وفاة يزيد بن معاوية إلى النعمان بن بشير (65ه/684م).
    لكن المؤرخين يرجحون انتقال حكم جند حمص في تلك الفترة إلى خالد بن الوليد الذي بنى له قصراً والذي توفي فيها.
    لم ترد عن حمص أخبار بعد عهد خالد بن الوليد بن يزيد حيث أن الخلفاء الأمويين مثل هشام بن عبد الملك اهتموا بناء القصور في الصحراء كالرصافة وقصري الحير الشرقي والغربي وقصر المشتى وغيرها من القصور.
    وكانت أخبار حمص الهامة هي التي عرفت من عهد الخليفة مروان الثاني, فبعد وفاة يزيد الثالث في عام 126 ه 744م حدثت نزاعات داخلية تمحورت حول رفض تولي مروان الثاني للخلافة وقد عاون هذا الأخير القيسيون في القضاء على تلك النزاعات وقد تزعم المعارضة ضد مروان الثاني سليمان بن هشام ودعمته عشائر بني كلب الذين كانوا يقطنون في حمص وإلى جوارها. كانت الغلبة لمروان فقد هزم سليمان في عام 127ه 745م والتجأ إلى حمص مؤقتاً حيث فر بعدها إلى الكوفة. بقيت حمص فترة وجيزة مستعصية على مروان الثاني. ثم دخلها, ولكي يأمن الخليفة جانب حمص التي كان يعسكر فيها حوالي عشرين ألف يمني وخشية من استخدام هؤلاء من قبل ني كلب في إحداث الشغب مرة أخرى, لجأ مروان في عام 132ه 750م إلى تقوية جدران أسوار حمص ورفعها.



    8- تاريخ حمص في العهد العباسي( 132-254ه – 750-868م):

    تعتبر فترة العهد العباسي في سورية الغربية بشكل عام غامضة والمعلومات المعروفة عن تلك الفترة بما يخص حمص ومدن أخرى نادرة, وبل إن الإثارة التي تعود إلى ذلك العهد قليلة, على عكس المناطق الشرقية من سوريا فكان العهد العباسي أحد فترات ازدهارها وخاصة في الرقة.
    تفيدنا بعض تلك المعلومات النادرة المتعلقة بتاريخ حمص وغيرها أن عبد الله بن علي العباسي حارب آخر خليفة أموي وهو مروان الثاني وتغلب عليه. وقد عهد الخليفة في عام (137ه-754م) بحكم حمص وحلب وقنسرين إلى صالح بن علي بن عبد الله بن العباس, واستمرت في عهد هذا الأخير النزاعات التي كانت قد احتدمت بين سكان حمص من الأصل اليمني والقيسين, وقد دفع حصول تلك النزاعات الخليفة إلى إرسال عدد من الحملات التأديبية لقمع الفتن.
    خلف صالح بن علي بن عبد الله بن العباس ابنه عبد الله في حكم حمص, وكان لعبد الله شأن في بناء المساجد وغيرها, فبنى مسجداً في سلمية, وقد عثر على الكتابة التأسيسية لذلك المسجد وهي تقول:

    بسم الله الرحمن الرحيم


    إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً .

    عمر هذا المسجد سنة 150 الدعا يدعا (8) واستناداً إلى الطبري فقد تزوج الخليفة العباسي المهدي شقيقة عبد الله في عام 159ه .
    كان عبد الله صالح بن علي بن عبد الله بن العباس رجلاً قوياً وهو أحد الهاشميين الاثنى وعشرين من الذين بايعوا الخليفة العباسي في الكوفة.
    تحررت حمص من سيطرة العباسيين زمن حكم الخليفة هارون الرشيد (170 -193ه – 786-809م) لكن العباسيين عادوا وسيطروا على حمص في عهد الخليفة المستعين بالله (248ه-251ه/ 862-866م) وعينوا حاكماً لحمص وحلب وقنسرين وفرضت على حمص جزية قدرت ب 320000 دينار وألف حمل جمل من العنب.
    لكن الأوضاع السياسية بقيت في حمص متوترة إلى أن ظهر الطولونيون على مسرح الحياة السياسية في مصر وضعف موقف العباسيين في حمص من جديد, ومع استلام أحمد بن طولون الحكم بدأ في حمص عهد جديد.



    9- تاريخ حمص خلال عهود الطولونيين والاخشيديين والحمدانيين والفاطميين وبنومرداس والسلاجقة(254-543 ه / 868-1154م).

    ولى الخليفة العباسي المعتز بالله أبو عبد الله محمد(251-255ه / 866-869م) أحمد بن طولون (254-270ه /868-884م) على مصر, وفي عام (264ه/878م) وسع ابن طولون مناطق حكمه فأبع سوريا لسلطته وبالتالي فقد خضعت لحكم الطولونيين, لكن الأمر لم يستتب لهؤلاء إلا حوالي عام (282ه/896م) وعرف أن أحمد بن طولون عين في تلك الفترة لهؤلاء حاكماً للمقاطعة التي كانت تشمل حمص وحلب وقنسرين وديار مضر.
    ظهرت حركة القرامطة في سلمية حوالي عام (290ه/903م) وتولى قيادة تلك الحركة حسين الملقب بصاحب الشامة. وحركة القرامطة التي نشأت في سلمية حيث كان الهاشميون يشكلون غالبية سكانها استناداً إلى الأصطخري واليعقوبي والطبري, قامت بإحداث الاضطرابات والمعارضة ويقال أنها قامت بتدمير المسجد الذي بناه صالح علي بن عبد الله بن العباس في سلمية (راجع ليتمان Arabic Inscritions.171) وخشية أهل حمص من أن يلحق بمدينتهم الدمار والسلب, فقد قبلوا باستقبال قائد القرامطة حسين واعتباره أمام صلاة الجمعة. وصادف وصول القرامطة إلى حمص انهيار الدولة الطولونية وسطوع نجم الدولة الحمدانية في حلب.
    وخلال فترة الصراع بين الحمدانيين في حلب والأمراء الاخشيديين في دمشق فقد لجأت حمص إلى طلب المعونة من الحمدانيين لكي لا تقع في قبضة الاخشيديين . وفي عام (333ه/944م) زمن حكم محمد الأخشيد أبو بكر بن طفج جرت عند الرستن معركة بين الاخشيديين والحمدانيين انتصر الحمدانيون في تلك المعركة وأخذوا حمص وحكموها حتى عام (406ه/1016م) مع فترات انقطاع احتل خلالها البيزنطيين حمص. ويقال أن سيف الدولة الحمداني عين الشاعر أبا فراس الحمداني حاكماً على حمص. لم يحكم أبو فراس سوى عاماً واحداً. إذ أنه قام بتدبير انتفاضة ضد سعد الدولة خليفة سيف الدولة, لكنه فشل واعتقل وأودع السجن وقضى في الثاني من جمادة الأول من عام (357ه/نيسان 968م).
    احتل الإمبراطور البيزنطي نيكوفورس فوكاس الثاني (963-969م) حمص في آخر سنين حكمه (969م). وورد في الموسوعة الإسلامية أنه حول الجامع الكبير إلى كنيسة وأقام فيها احتفالاً مقدساً ومن ثم أمر بحرقها. ورد في نفس المصدر المنوه عنه أن نيكوفوروس رحل عن حمص في عام 973م ويبدو أن الأستاذ ن.إيليسييف (كاتب فقرة تاريخ حمص في الموسوعة الإسلامية) قد وقع بخطأ فادح فإن فترة حكم الإمبراطور فوكاس انتهت في عام 969م وخلفه الإمبراطور يوحنا زيميسيس الأول (969-976م) في حكم الدولة البيزنطية لذا لا يعقل أن يكون رحيل الإمبراطور نيكوفورس عن حمص قد وقع في عام 973م.
    عاد الحمدانيين إلى حكم حمص بعد رحيل الإمبراطور نيكوفورس عنها, لكن الإمبراطور يوحنا زيميسيس الأول عاد واحتل جزءاً كبيراً ن سوريا في عام (364ه / 975م) وفرض الجزية على سكان حمص وبيروت ودمشق وبعلبك.
    ظهر في حمص خلال تلك الفترة قائد تركي عرف باسم البتكين بكجور, وأعلن استقلاله بحمص, ويعتقد أنه كان يتوقع مؤازرة البيزنطيين له, لكنه فشل في محاربة الحمدانيين وبعد 3 سنوات من ابتداء حركته اضطر الحمدانيين للاعتراف به واقطعه سعد الدولة حمص.
    نقشت ذكرى الأمير بكجور في نص كوفي, وكان هذا النقش الأثر الوحيد الذي بقس من مسجد أشاده خلال فترة حكمه لحمص.
    يبدو أن حمص كانت الموضع الهام الذي جرى عليه النزاع بين العرب والبيزنطيين لفترة طويلة, وقيل أن اليونانيين أحرقوها في ربيع الثاني من عام 373ه/ أيلول 983م) أي خلال فترة حكم الإمبراطور البيزنطي باسيليوس بلغاروكتونوس الثاني الذي قام في عام (385ه/995م) ببسط سيطرته على حلب وشيزر وحمص.
    وكانت حمص قد استعصت عليه حيث أنها لم تسقط تحت ضرباته إلا بعد مقاومة عنيفة ونتج عن اختلاله لها تدمير أسوارها ومبانيها وإحراقها.
    ألحق الإمبراطور باسيليوس حمص بدوق إنطاكية البيزنطي في عام (995م), ولكن المدينة أظهرت العداء والمقاومة للمستعمرين البيزنطيين, ما دفع بالإمبراطور إلى الأمر بإحراقها مرة أخرى في عام (389ه/999م).
    سقطت حلب في عام (406ه/1016م) تحت سيطرة بنو مرداس وانتهت بسيطرة هؤلاء فترة حكم الحمدانيين لها ولمنطقة التي كانت تتبع لها. وفي عام (416ه/1026م) عين بنومرداس صالح بن مرداس أمير بني كلاب حاكماً على حمص وخلف هذا الأخير في حكم المدينة شبل الدولة نصر بن مرداس.
    حكم حمص عند حوالي عام (481ه/1088م) الأمير ناصر الملوك سيف الدولة خلف بن ملاعب. وكانت الفترة التي حكم فيها فترة شهدت تمزق سوريا الشمالية والوسطى إلى إمارات. وكان في موضع أمير مستقل يقدم الولاء لمن كان أقوى منه ويضطهد جماعته وسكان المنطقة الخاضعة له. وكلن همه جمع الثروات الطائلة وتوسيع مناطق نفوذه. ولم يخالف خلف بن ملاعب أقرانه. فقام بتنظيم حملات النهب والسلب وقطع الطرقات وغيرها. لا يعرف على وجه الدقة من أين قدم خلف بن ملاعب وإلى أية أسرة حكام ينتسب. وقد ذكر ابن الأثير عام (476ه/1083م) باسم صاحب حمص (أي حاكم حمص) وعرف من كتابة أثرية اسم جدته أم ملاعب. كما أننا نجهل كيف وصل إلى حكم حمص وعرف عنه أنه لجأ مرة إلى طلب المعونة من القاهرة ومرة إلى حلب. ولم يكن يأمل الكثير من الفاطميين الضعفاء في حلب ولم يخشى جانبهم. وقد ساعد الحظ أن حلب سقطت في أيدي عقيل مسلم ابن قريش صاحب الموصل في عام 473ه وأيد الأمير في أخذ حلب السلطان ملك شاه سلطان السلاجقة ووجد خلف وسيلة للتفاهم مع عقيل مسلم بن قريش ومنح خلف بموجب هذا الاتفاق سلمية وأفاميا.
    ومع وفاة عقيل في عام 477ه طرأ تغير على الوضع في حلب فوطد خلف وضعه في وسط سورية ولكن الملك شاه غزا واستسلمت له تلك المدينة. وعلى عادة الأمراء في تلك الفترة فقد أعلن جلهم الولاء للسلطان شاه وكان منهم الأمير ناصر بن علي بن المنقذ صاحب شيرز لكن هذا السلطان بقي يخشى جانب خلف بن ملاعب فكتب إلى أمرائه (أو إلى الذين أعلنوا له الولاء) يحثهم على مهاجمة خلف بن ملاعب. فحاصر هؤلاء الأمراء حمص بقيادة تاج الدولة توتوش والقوا القبض على خلف وأرسلوه إلى أصفهان ومنح حكم حمص إلى توتوش.
    خلف توتوش في حكم حمص ابنه رضوان الذي كان يحكم حلب, ثم انتقل حكم حمص إلى الأمير الأتابكي جناح الدولة حسين الذي قاد معارضة ضد رضوان وأعلن استقلاله بحمص.
    ويبدو أم الأمر لم يستتب طويلاً لجناح الدولة حسين فقد أغتيل في الجامع الكبير على يد 3 من الاسماعيليين.
    وعاد السلاجقة للسيطرة على حمص وعين الأمير قراجا أحد مماليك الملك شاه حاكماً على حمص. وفي ذلك الوقت هاجم الطيبون شمال ووسط سورية, واستولوا على إنطاكية وسلبوا معرة النعمان وحاصروا حمص ويقال أنهم لم يتمكنوا من دخول المدينة وذلك استناداً إلى رواية المؤرخ هيربيلوت والتي أيدها بوكوك .
    ويقال أن دقق حاكم دمشق استغل فرصة مقتل جناح الدولة فاستبق الصليبيين لمهاجمة حمص.فاحتلها وأتبعها إلى حكمه. ورواية ابن الأثير تقدم حادثة مقتل جناح الدولة عاماً عن العام الذي مرد في روايات أخرى.
    وأورد ابن الأثير أن جناح الدولة كان يعد في ذلك العام لمهاجمة رايموند.
    توفي دقق وخلفه ظاهر الدين تفتكين في حكم دمشق وبقيت حمص تحت إمرته من خلال حكم قراجا. ومنذ ذلك التاريخ أضحت حمص معسكراً حربياً لتجميع الجيوش بقصد مقاومة الصليبيين, وتدفقت على القوات المسلمة من مختلف الأرجاء وخزنت فيها الأسلحة والتموينات الطارئة.
    تولى حكم حمص في عما (506ه/1112م) خيري خان (قاره خان) ولم يستتب الأمر لخيري فقد ظهرت له معارضة قادها في عام (508ه) نديم الدين الغازي وحاول هذا الأخير مهاجمة حمص وتدمير أسوارها لكنه فشل إذ استطاع خيري الانتصار عليه. ثم تعرضت حمص لهجوم خارجي آخر قاده ظاهر الدين تفتكين بن بوري والذي استطاع دخول المدينة لكن خيري خان حسب بعض الروايات بقي يحكم حمص. وقد وصلت في تلك الفترة إلى حمص أعداد كبيرة مهاجرة من بلاد السلاجقة جلهم من التركمان والشركس. ويبدو أم قدوم هؤلاء إلى حمص كان له علاقة مباشرة بمحاربة الصليبيين.
    هاجم أتابك دمشق حمص في عام 517ه بقصد احتلالها لكنه فشل إذ أن خيري خان استطاع المقاومة حيث أنه حصل على تعزيزات بشرية تمثلت كما ذكرنا بالقبائل التركمانية وغيرها وبإمدادات مختلفة.
    تعرضت حمص مرة أخرى للهجوم الصليبي في ربيع الثاني من عام (520ه/ أيار1126م), ونتج عن الهجوم أن خربت ودمرت معظم مبانيها. وقد دعم أهل في حربهم ضد الصليبيين عز الدين مسعود بن سنقور الذي حضر من حلب.
    كانت نهاية خيري مأساوية فبعد أن دعمه الأمير زنجي في حربه ضد الصليبيين عاد وتخلى عنه, فاعتقله وسجنه وحاصر حمص وطلب من سكانها الاستلام وكتشجيع لسكان حمص على تسليم مدينتهم فقد قام الغازي الجديد (زنجي) بتلقين خيري خان أشد أنواع العذاب الجسدي أمام أعين سكان حمص. ومع ذلك فلم تستسلم حمص له.
    وبعد مرور عدة سنوات حكم حمص الأمير خمرتاش باسم أبناء خيري خان وحاول زنجي مرة أخرى الاستيلاء على حمص فحاصرها, وطلبت حمص المعونة من أمير دمشق شهاب الدين نحنود الذي فاوض خمارتاش بالتنازل لقاء مؤازرته ويبدو أن أمير دمشق استطاع أخذ حمص ومنح حكمها إلى رئيس حجابة يوسف فيروز في عام (530ه/1135م).
    سحب زنجي قواته من المنطقة المحيطة بحمص في رمضان من عام (531ه/أيار 1137م) حيث أن أمير حمص معين الدين أبدى مقاومة عنيفة ولم يستسلم.
    وبعد عدة أشهر أي خلال حملة حصار أخرى, فقد تبادل الرسائل كل من شهاب الدين محمود سلجوق دمشق الطامع في الاحتفاظ بحمص وزنجي الغازي وتم الاتفاق بينهما وختم الاتفاق بالمصاهرة فزوج زنجي ابنته لأمير دمشق شهاب الدين لقاء تزويج زنجي بأم الأمير الدمشقي صفوة الملوك.
    وكانت حمص المهر الذي تم الاتفاق على دفعه فمنح زنجي حكم حمص وعوض لمعين الدين أنار بأن منح حكم الحصن الشرقي وبارين. ولم يدم زنجي في حكم حمص سوى عامين إذ أنه توفي, ولم يتوانى معين الدين أنار من استغلال فرصة موت زنجي لكي يعيد سيطرته على حمص.



    10- تاريخ حمص خلال عهد الأتابكة الزنكيين (549-577ه/1154-1181م):

    نزل الضعف بالسلاجقة وانقسمت دولتهم إلى عدة فروع أخذ المماليك بخدمة أسيادهم والدفاع عن البلاد, وهم يحملون لقب (أتابك) . كان عماد الدين الزنكي مؤسس الدولة أتابكية التي حكمت الموصل وحاب ومواضع أخرى.
    وكان لحمص كما ذكرنا في الفقرة السابقة أهمية استراتيجية كبيرة خلال فترة الصراع بين المسلمين والصليبيين وكان التخوف سائداً من أن يهاجم الصليبيون الضفة الشرقية لنهر العاصي. ولقد تمركزت في حمص قاعدة لعمليات امتدت على طول خط يصل بين حلب وصلخد وبصرى عبر شيزر وحماه ودمشق.
    وكان نور الدين الزنكي قد نصب نفسه حاكماً على تلك المنطقة الواسعة ابتداءً من عام (544ه/1149م). وخلال فترة حصار دمشق من قبل الحملة الصليبية الثانية تبوأت حمص ركزاً حربياً هاماً وخاصة لتجميع الجيوش التي كانت تحت إمرة كل من نور الدين الزنكي وسيف الدين غازي الأول (أتابك الموصل 541ه/544ه).
    نصب نور الدين الزنكي خيامه عند حمص وأمر بمنع وصول الإمدادات إلى دمشق آملاً بذلك استسلام حمص.
    وبعد عدة أشهر استطاع نور الدين الاستيلاء على حمص ودمشق وتم ذلك في العاشر من صفر عام (549ه/ 25نيسان 1154م).
    منح نور الدين حكم حمص لمنذر الدين آبك. ولم يدم حكم هذا الأمير في حمص سوى فترة قصيرة. وبعد حملة نور الدين على مصر في عام (559ه/1164م). بدأت صفحة جديدة من تاريخ حمص باستلام الأسرة الأيوبية لحكم المدينة.


    11- تاريخ حمص خلال العهد الأيوبي (559-661ه/1164-1262م):
    كانت السلالة الأيوبية التي حكمت حمص بين عامي (559 و 661ه) والتي عرفت باسم أسرة (أيوبية حمص) لا تنتسب بالقرابة المباشرة إلى صلاح الدين الأيوبي. وكان مؤسسها في حمص أسد الدين شيركوه بن شاذي بن مروان.
    ورد في الموسوعة الإسلامية أن نور الدين الزنكي أقطع حمص للأمير اصفهصلار أسد الدين شيركوه كما وأقطعه معها تدمر ورحبة الفرات.
    لم يدم حكم أسد الدين شيركوه لحمص سوى خمسة سنوات, خلفه بعدها أحد الأمراء المعنيين من قبل ناصر الدين محمد. واحتدم الصراع بين صلاح الدين الأيوبي ونور الدين الزنكي وخليفته الملك الصالح ابن نور الدين ودام هذا الصراع أربعة سنوات استطاع صلاح الدين بعدها في عام 570ه احتلال دمشق محمص محماه محلب وأعاد صلاح الدين ناصر الدين محمد شيركوه لحكم حمص مرة ثانية, وأولاه مهمة محاربة الصليبيين الذين كانوا قد تمركزوا في طرابلس. ويبدو أن خطر الصليبيين على حمص كان كبيراً. بحيث أنهم كانوا يصلون بغزواتهم حتى البساتين المحاذية لحمص من الجهة الغربية ويسرقون الأحصنة منها.
    خلف الملك المجاهد شيركوه الثاني أباه ناصر الدين محمد في حكم حمص ودام حكمه لها من عام 581 حتى عام 637ه / 1185-1139م واشترك الملك المجاهد في محاربة الصليبيين والهجوم على قلعة الحصن. وتحت وطأة التهديدات الصليبية اضطر الملك المجاهد إلى معونة أمير حلب الأيوبي الملك الظاهر غياث الدين غازي (589-613ه/1193-1216م). ثم أل حكم حمص لابنه المنصور إبراهيم. وفي عهد ها الحاكم قويت الهجمات الصليبية المنطلقة من طرابلس وعبر موقعهم المتقدم (قلعة الحصن) مما اضطره إلى تقوية الأسوار والبوابات ودعمها وتجديد بناء ما انهار منها. (راجع فقرة الآثار المعمارية من العصور الإسلامية).
    دخلت حمص ابتداءً من عام (623ه/1226م) ضمن بوتقة الصراع بين الأمراء الأيوبيين على السلطة, ووقف المنصور إبراهيم إلى جانب أمير حلب العزيز غياث الدين محمد ضد أمير دمشق الأيوبي المعظم عيسى (615-624ه/ 1218-1227م).
    وفي عام (640ه/1242م) قام المنصور إبراهيم بمؤازرة قوات من حمص بمحاربة الخوارزميين الذين غزوا المنطقة واستطاع ردهم عن المدينة. وتوفي إبراهيم في دمشق في عام 644ه. لكنه دفن في حمص.
    خلف آخر أمراء أيوبية حمص الأشرف مظفر الدين موسى أباه المنصور إبراهيم في حكم حمص (644-661ه/1245-1262م) وخلال فترة حكم الأشرف لحمص هاجم أمير حلب الأيوبي الملك الناصر صلاح الدين يوسف حمص واستولى عليها. لكن الأشرف عاد حاكماً لحمص بعد وفاة الملك الناصر في عام 658ه. وفي شهر صفر نفس العام (شباط 1260م) استولى المغول على حمص.
    أعاد الأشرف مظفر ترتيب قواته بعد سقوط حمص بيد المغول واشترك مع بقية القوات المسلمة في محاربة هولاكو وخاصة في معركة عين جالوت. وبعد الهزيمة أي في 25 رمضان من عام 658 ه / 3أيلول من عام 1260م حصل الأشرف على الأمان من قطر واسترجع مكانته في حمص. توفي الأشرف في عام (661ه/1262م) وبوفاته انتهى حكم الأسرة الأيوبية في حمص بعد مرور مئة وعامين على ابتداء حكمها للمدينة.



    12- تاريخ حمص خلال العهد المملوكي: (661-922ه/1262-1516م) :

    مع وفاة الأشرف مظفر الدين موسى في عام 661ه انتهى حكم الأسرة التي عرفت باسم أيوبية حمص, وفقدت المدينة مكانتها الهامة واستقلالها, وأضحت تتبع تارة لحماه وتارة لدمشق.
    شاركت حمص عند عام 680ه بمعركة عين جالوت الشهيرة بين المغول والمسلمين , تجمعت بعدها جيوش المسلمين لملاقاة المغول مرة أخرى, وفي نفس العام جرت عند حمص معركة شهيرة عرفت بمعركة حمص. بين التتار والمسلمين بقيادة السلطان قلاوون (راجع فقرة معركة حمص بين المماليك والمغول).
    وكما ذكرنا أعلاه فقدت حمص مكانتها مدورها السياسي الذي حظيت به خلال العهد الأيوبي ولم يعد لها دور يذكر خلال عهد السلطان قلاوون (العهد المملوكي) بل أضحت المدينة معسكراً حربياً أقام فيه آلاف الجنود ودبت الفوضى في المدينة وتحكم بها أمراء كان منهم الأمير طبلخانا, لكن هؤلاء الأمراء لم يتركوا لهم آثاراً تذكر في حمص.
    كان يحكم حمص خلال العهد المملوكي أحد مماليك السلطان, وكان يجلس في القلعة ويعاونه مجلس من الأشراف والشيوخ ومجلس للشريعة الإسلامية, وقد ظهرت في تلك الفترة كتابات كثيرة تتعلق بتفسير القرآن الكريم والسيرة والأحاديث النبوية الشريفة, وغيرها من كتابات تتعلق بالمواضيع الدينية.
    أنشأ في حمص خلال العهد المملوكي مركز رسمي للبريد يستخدم الحمام لنقل المراسلات مع الرستن وحماه ودمشق عن طريق قارة.
    هاجم غازان المملوكي حمص في ربيع من عام (699ه/ كانون أول 1299م) لكنه لم يبق في منطقة حمص وقتاً طويلاً. واستناداً إلى وصف جغرافي يعود لذلك العهد كانت حمص أصغر الإمارات السورية, واشتملت منطقتها على شمسين وسلمية. وكانت نيابة حمص من مهمات مماليك دمشق.
    شيدت خلال القرن الثامن ه, مساجد كثيرة منها مسجد أبي الفضائل (راجع فقرة الآثار المعمارية الإسلامية) ولم تود الفوضى التي كانت تسود الحياة السياسية في حمص خلال العهد المملوكي وخاصة في القرن التاسع ه القرن الخامس عشر م إلى خلل في الحياة الاقتصادية للمدينة.
    فكانت صناعة النسيج خلال القرن التاسع ه. رائحة ومزدهرة, وكانت المنسوجات الصوفية والحريرية التي أنتجتها أنوال حمص تنافس مثيلاتها من أنوال الاسكندرية.
    حاصر تيمورلنك حمص وحماه في عام 803ه وذلك قبل احتلاله لدمشق. وفي القرن العاشر ه. ولم يسجل التاريخ أية حوادث تذكر. باستثناء غزوات البدو التي كانت تتعرض لها حمص من حين لآخر. وفي عام (916ه/1510م) هددت حمص قبيلة الفضل بن مغير لذا ألجأت المدينة إلى طلب المساعدة من مماليك دمشق فقدم سيباي مملوك دمشق مساعدة للمدينة المهددة وتمثلت مساعدته بتقديم معونة من الجمال والأغنام وغيرها.



    13- تاريخ حمص خلال العهد العثماني(922-1324ه/ 1516-1918م):

    دخل السلطان سليم الأول في عام 922ه. إلى سورية وأعلنت حمص أحد الألوية الخمسة التي قسمت إليها بلاد الشام. وكانت مدينة طرابلس تتبع لواء حمص. وفي عام (926ه/1520م) قام جنبردي الغزالي الحاكم في دمشق بإعلان استقلاله عن العثمانيين واحتل إثر ذلك كل من طرابلس وحمص وحماه ومنح حكم لواء حمص للمقدم ابن الحرفوش ولا نعرف كم دام حكم ابن الحرفوش لحمص إذ أن مخطوطة عربية موجودة في المكتبة الألمانية في برلين أفادتنا بأن حمص كان يحكمها في عام 959ه الشيخ المملوك عبد الله ابن علي المحفوف المنجم, وكان عبد الله هذا والي سنجق حمص.
    قامت الحكومة العثمانية في عهد السلطانيين سليمان الأول وسليم الثاني باستطلاع سكاني للذكور في سورية وذلك بغية فرض الضرائب المالية. وقد توفرت معلومات عن النشاط الاقتصادي لسكان حمص خلال القرن العاشر ه.
    كان التركمان الذين سكنوا حمص وجوارها يمارسون صناعة الألبان والجبنة والقشطة وغيرها ولكن هؤلاء يبيعونها للتجار الوسطاء في حمص الذين كانوا يصدرونها بدورهم إلى دمشق. وقد نشطت صناعة الطحين وعصر الزيت الحلو وتجفيف العنب وغيرها من صناعات تتعلق بالعنب. وإلى تلك الفترة تعود زراعة الأرز حيث أنها كانت من الزراعات التي دخلت العلم الزراعي في حمص لأول مرة.
    كانت صناعة المنسوجات أهم الصناعات التي وجدت في حمص وقد اشتهرت بها المدينة وخاصة صناعة الأنسجة الحريرية حيث أن المناطق القريبة من حمص كانت تزرع فيها أشجار التوت وتربى عليها دودة القز. اشتهرت حمص في العهد العثماني بصناعة المنسوجات المبرقشة وبتلك المزينة بالخيوط الذهبية, وكان على حمص تصدير المنسوجات النفيسة إلى اسطنبول.
    كان حكام حمص في الفترة المتأخرة من الحكم العثماني يلقبون بالآغاوات ووكان الآغا مرابعاً لدى باشا دمشق, ويقال أن الأجرة التي كان يدفعها آغا حمص لباشا دمشق تبلغ حوالي نصف مليون درهم وبلغ إجمالي ما كان يدخل حمص حوالي ثلاثة أضعاف ماكانت تدفعه لباشا دمشق.
    حاصر حمص في عام (1246ه/1831م) عدد من المغامرين ومن شيوخ البدو, وسقطت المدينة تحت حكم إبراهيم باشا الذي كان يمثل محمد علي باشا مصر ذلك حتى عام (1256ه/1840م). وورد لدى المؤرخين أن اضطرابات قامت في حمص وعجز إبراهيم باشا عند بدايتها عن إخمادها ثم هاجمت قواته المدينة ودمرت قلعتها.
    وعادت حمص من جديد إلى الحكم العثماني الذي دام حتى عام (1324ه/1918م), عندما دخلها الملك فيصل الأول وحررها من الحكم العثماني.



    14- الآثار المعمارية من العهود الإسلامية:

    المدينة ككيان متكامل أو ككيان يتألف من جزئيات معمارية خضع عبر الزمن إلى عوامل عديدة أثرت في تشكله وطبعت تجانس جزئياته أو عدم تجانسها بطابع خاص اختلف طرازياً عبر العصور التاريخية التي عاشت فيها المدينة. لكن المدينة الإسلامية لحمص بقيت نوعاً ما محافظة على طابعها العام منذ عهد الخلفاء الأمويين وحتى العهد العثماني .
    العوامل التي أثرت في التطور العمراني للمدينة القديمة ألف من جزئيات معمارية خضع عبر الزمن إلى عوامل عديدة أثرت في تشكله وطبعت تجانس جزئياته أو عدم تجانسها (حمص) هي خمسة:
    أولاً- العامل التاريخي ويتمثل بسيطرة نظام معماري واحد بفترة زمنية محددة, ثم اختفائه أو تماذجه مع نظام معماري جديد وافد مع بدء عهد تاريخي وحضاري جديد.
    ثانياً- العامل الجغرافي ويتمثل بتأثير الموقع الجغرافي على عمران المدينة (مناخ, بيئة, مواد بناء أولية وغيرها).
    ثالثاً- العامل الاجتماعي ويتمثل بتأثير البيئة الاجتماعية على الأنظمة المعمارية المسيطرة بفرعيها الكتلي والجزئي, وارتباط الأحياء بفئة اجتماعية تجمعها رابطة القرابة بالدم أو العقيدة أو بفئة مهنية حرفية معينة أو باستمرار حياة النظام الاجتماعي الأبوي (البيت العربي وبنية العائلة الكبيرة).
    رابعاً- العامل الوظيفي وكان تأثيره واضحاً على عمارة وطرز الفرع الكتلي من العمارة في مدينة حمص القديمة, ونجد هذا التأثير في وجود الصيباتات والأزقة لتخديم الأحياء وفي الاعتناء بداخل البيوت مقابل بساطة في الواجهات الخارجية.
    خامساً- عامل التمدن وكان تأثيره متأخراً ومنياً أي أنه بدأ يؤثر بوضوح بعد انتهاء العهد العثماني, وخروج المدينة عن نطاق الأسوار والبوابات وتحلل المجتمع العشائري لصالح المدينة الحديثة.

    مخطط المدينة القديمة:

    تقع مدينة حمص القديمة ضمن الأسوار التي أعطى امتداد مسارها شكلاً يقترب قليلاً من المستطيل المشوه في استقامة أضلاعه, وتشكل قلعة حمص الزاوية الجنوبية الغربية لهذا المستطيل. والمدينة القديمة المحصورة ضمن الأسوار هي مدينة حمص الإسلامية وكذلك الحال بالنسبة إلى الخندق الذي يحيط بجدران أسوارها من جميع الجهات, فهو من ضمن النظام الدفاعي لمدينة حمص القديمة. ولقد أثبتت بعض المعلومات التي استطعنا جمعها من حفريات حديثة جرت في مختلف مواضع من أركان المدينة القديمة أنه لا وجود لعلاقة مباشرة لكتلة جدران الأسوار وبالتالي لشكل المدينة القديمة بمخطط مدينة إيميسا التي وجدت زمن الإمبراطوريتين الرومانية والبيزنطية, فالمخطط الحالي للمدينة القديمة في حمص هو مخطط إسلامي والأسوار الرومانية مدفونة تحت أنقاض المدينة القديمة الحالية مباشرة. كيف كان امتدادها؟ وكيف كان شكل مدينة إيميسا؟
    الإجابة على هذين السؤالين متروكة بالطبع للتنقيب الأثري المنهجي.
    يقال أن مروان الثاني آخر الخلفاء الأمويين الذي حكم بين عامي (127 و 132ه /744-750م) كان قد أمر برفع أسوار مدينة حمص, وعليه فإما أن تكون أسوار مدينة حمص الإسلامية قد شيدت في عهد الخلفاء الأمويين الأوائل ومن ثم تهدمت كلياً أو جزئياً بسبب الاضطرابات التي أثارها سليمان بن هشام (راجع فقرة تاريخ حمص خلال العهد الأموي). ولذا أمر برفع الأسوار مرة ثانية أو أن أمر رفع الأسوار كان هو تشييدها, ونرجح الرأي الأول بسبب المكانة التي كانت تمتاز بها حمص خلال باكورة العصر الإسلامي.ويبدو أن أسوار حمص كانت متينة بحيث أنها ساعدت على إفشال الهجوم الصليبي في عام (491ه/1098م), ويؤيد هذا الرأي تحول حمص إلى مركز حربي ضخم لمقارعة الصليبيين عند بداية القرن الخامس ه. ومن الممكن أن تكون أسوار حمص قد دمرت جزئياً مرة أخرى خلال الهجوم الصليبي الثاني في عام (520ه/1126م), لكنها رممت, إذ أن ابن حبير الذي زار حمص في القرن السادسة. وصف أسوارها بأنها في غاية المتانة والرشاقة وأبوابها أبواب حديد – (راجع الملحق رقم(2).
    أصابت الزلازل حمص في عام 565ه وضعفت نتيجة حدوثها جدران الأسوار التي من الممكن أن أجزاء منها قد انهارت, وفي عهد المنصور إبراهيم (637-644ه) من أيوبية حمص اشتدت الهجمات الصليبية على حمص مما اضطر هذا الحاكم إلى تقوية الأسوار والاهتمام بها, ويبدو أن البقايا الحالية من كتلة أسوار مدينة حمص وبواباتها تعود إلى عهد المنصور إبراهيم. وقد بقيت أسوار حمص قائمة بشكل كامل زمناً طويلاً إذ أن الرحالة الأوربي بيربيلون وصف أسوار حمص في القرن العاشر ه (القرن السادس عشرم) بأنها قوية, وهي مشيدة بأحجار منحوتة وهو وصف ينطبق على بقايا جدران الأسوار التي مازالت قائمة حتى يومنا هذا. ومع ابتداء القرن الحالي تداعت الأسوار وبدأت يد الهدم تمتد إليها إلى أن وصلنا إلى الحالة الراهنة التي نعرفها عن جدران تلك الأسوار.
    استناداً إلى الأخبار بين العرب (الواقدي بداية القرن الثالث ه) فقد كان لحمص عند الفتح الإسلامي للمدينة أربعة أبواب وهي باب الرستن وباب الشام وباب الجبل وباب الصغير. نعتقد أن باب الرستن الذي دعي في فترة زمنية متأخرة بباب السوق كان يقع عند الزاوية الشمالية الغربية للجامع النوري الكبير, ومن المكن أن يكون باب دمشق هو نفسه باب الدريب أو باب السباع وفي فترة المنصور إبراهيم جعل لحمص سبعة أبواب هي:
    1- باب السوق: هو الباب الذي ذكرناه آنفاً على أنه باب الرستن وقد ورد له وصف عند الرحالة الأوروبيين الذين زاروا حمص عند نهاية القرن الماضي, إذ يبدو استناداً لوصفهم أنه كان في ذلك الوقت (راجع زاخاو P.62), (فهرس المراجع).
    2- باب تدمر: بقيت من آثاره بعض الحجارة المنحوتة وكان يفضي إلى الطريق الذاهبة إلى تدمر, ويعتقد أن موقعه من العصر الإسلامي, إذ أن الطريق من تدمر إلى حمص (إميسا) كانت تمر عبره.
    3- باب الدريب: وقد ورد لدى بعض الأوروبيين باسم باب الدير, ومن الممكن أنه نفس الباب الذي عرف زمن الفتح الإسلامي باسم باب الشام, لكن هذا الرأي غير مؤكد. لم تبقى من آثاره سوى اسمه والموضع الذي عرف أنه كان قائماً عليه.
    4- باب السباع: يقع إلى الشرق من القلعة وهو يفضي إلى المدينة القديمة من الجهة الجنوبية, وقد فقدت آثاره تماماً. أما موضعه فيؤكد بشكل ما أنه من البوابات التي كانت تخدم مدينة حمص القديمة قبل العصر الإسلامي.
    5- باب التركمان: يقع عند الزاوية الشمالية/ الغربية للقلعة, وحيث تلتقي القلعة مع مسار جدار السور الغربي المتجه شمال /جنوب. بقيت من آثاره بعض المداميك الحجرية ونعتقد أن لتسميته علاقة ما بهجرة أو بسكن القبائل التركمانية في حمص حوالي القرن الحادي عشر م.
    6- باب المسدود: يقع إلى الشمال مباشرة من باب التركمان وتاريخ تشييده مؤكد إذ أن الكتابة التي نقشت على ساكفته العلوية والتي انهارت بعد حوالي عام (1925)تشير إلى أن بانيه كان المنصور إبراهيم (637-644م).
    تقول الكتابة:
    (بسم الله الرحمن الرحيم. أمر بعمارة هذا الباب مولانا السلطان الملك المنصور السيد الأجل العالم العادل المجاهد المرابط المؤيد المظفر سلطان الإسلام والمسلمين محيي العدل في العالمين شرف الملوك والسلاطين ناصر أمير المؤمنين أبي طاهر إبراهيم بن شيركوه بن محمد ينظر العبد الفقير إلى غفور به الغفور زين الدين يعقوب بن نصر المجاهدي المنصوري في شهر ذي الحجة سنة أحد وأربعين وستماية).
    7- باب هود: لم تبق من آثاره سوى بعض المداميك الحجرية, ولربما ارتبطت تسميته بمقام النبي هود الذي يقع إلى جواره مباشرة من الجهة الجنوبية, ويؤكد موضعه على أنه كان دائماً بوابة عبر العصور القديمة لمدينة حمص (أي قبل العصر الإسلامي) إذ أنه يفضي إلى الجهة الغربية من خارج المدينة.


    قلعة حمص

    بنيت فوق تل حمص الأثري (فوق أنقاض الطبقة البيزنطية) قلعة إسلامية ونعتقد أن تاريخ بنائها يعود إلى عهد الحمدانيين, فقد كشفنا عن بعض آثار جدرانها في سبر تنقيب أجريناه عام (1975), وأظهر لنا السبر المذكور أن قلعتين تقوم واحدة (القلعة الأيوبية) فوق الأخرى (القلعة الحمدانية), وقد نسبت القلعة إلى أسامة بن منقذ والحقيقة أن القلعة الحمدانية لم يبنيها أسامة, بل إن أباه نصر على بن المنقذ أخذها من خلف بن ملاعب في (29 شوال من عام 497ه/26تموز 1104م) (راجع هارتمان P.63) فعندما كان نصر صاحب شيزر خاض معركة ضد خلف بن ملاعب وبدعم من السلطان ملك شاه سلطان حلب (المدعوم من سلطان السلاجقة) انتصر على خلف واستولى على قلعة حمص وهي التي عرفت فيما بعد بقلعة أسامة.
    يبدو أن القلعة الحمدانية انهارت نتيجة حدوث الزلازل في عام 565ه. ومن الممكن أن الأبراج وبعض الجدران القائمة حالياً فوق سطح مرتفع القلعة هي الأجزاء المتبقية من القلعة الأيوبية, والتي نعتقد أن بنائها يمكن أن يرجع إلى عهد حكم أسرة أيوبية حمص(بما من عهد المنصور إبراهيم 637-644م).

    الأبنية الأثرية الدينية

    شيدت في حمص أبنية دينية كثيرة (مساجد ومقامات وغيرها) خلال مختلف مراحل العصر الإسلامي, كما وشيدت فيها أيضاً كنائس خلال العهود الإسلامية الوسيطة والمتأخرة.
    نختار فيما يلي أهم تلك الأبنية ونورد لها وصفاً موجزاً:
    1- الجامع النوري الكبير:
    يعتبر من أهم المساجد التي شيدت في حمص , اختلفت الآراء والتكهنات حول أصل المبنى. فقد اعتقد بعض المستشرقين أن موضعه كان نفس موضع معبد آلة الشمس( أثبت مؤخراً هذا الرأي- راجع فقرة الآثار المعمارية من العصور الكلاسيكية), واعتقد البعض الآخر أنه كان يقوم في موضعه معبد روماني , ومن ثم حول المعبد إلى كنيسة ومن الممكن أن يكون لهذا الرأي بعض الصحة فقد اكتشفت كتابات يونانية من العصر البيزنطي يمكن استناداً لها التكهن بصحة هذا الرأي الأخير, لكن في التنقيب والدراسات الأثرية الجواب الصحيح. ويقال أن قسماً من المبنى حول في العهد الأموي إلى مسجد وهو الذي عرف فيما بعد بالجامع الكبير, ويبدو أن لنور الدين الزنكي الفضل في إعادة تشييد الجامع الكبير الذي دعي فيما بعد بالجامع النوري الكبير, حيث أن كتابات إسلامية منقوشة على حجارة وجدت فيه تشير إلى أن تجديد بنائه يعود إلى نور الدين الزنكي (549-577ه) وكتلة البناء الحالية للجامع النوري الكبير بقيت على حالها منذ عهود نور الدين باستثناء بعض التعديلات التي كانت تطرأ على المبنى من حين لآخر, مثل تجديد بناء المئذنة في عام 615ه (عهد حكم المجاهد شيركوه بن محمد بن أسد الدين شيركوه) وتجديد بناء بوابة المسجد في العهد العثماني, ومن ثم إعادة تشييدها مرة أخرى حديثاً.
    2- جامع خالد بن الوليد:
    وكما اختلفت الآراء حول أصل الجامع النوري الكبير, فقد اختلفت الأخباريون والجغرافيون العرب حول نسب مقام خالد بن الوليد له, وفيما إذا كان القائد خالد بن الوليد قد توفي في حمص أم أن المتوفي وبالتالي المقام المعروف هو مقام خالد بن يزيد بن معاوية.
    ويبدو أن الآراء ترجح نسب المقام إلى خالد بن الوليد (راجع محمد أبو الفرج العش, الحوليات الأثرية المجلد 19 دمشق 1969 ص/27/).
    يعود تاريخ تشييد مقام خالد بن الوليد إلى عهد الملك الظاهر بيبرس البندقداري (658-666ه/1216-1270م) تقول إحدى الكتابتين المنقوشتين على الضريح الخشبي لخالد بن الوليد (حالياً معروضة في المتحف الوطني بدمشق):
    (1) بسم الله الرحمن الرحيم أمر بإنشائه على حرم تربة سيف الدولة وصاحب رسول الله خالد بن الوليد رضي الله.
    (2) عنه مولانا السلطان الظاهر ركن الدنيا والدين سلطان الإسلام والمسلمين قاتل الكفرة والمشركين قاهر الخوارج.
    (3) والمتمردين (و) يحيي العدل في العالمين ملك البحرين صاحب القبلتين خا(د)م الحرمين الشريفين وارث الملك سلطان العرب و(ال) عجم والترك.
    (4) اسكندر الزمان صاحب القرآن بيبرس الصالحي قسيم أمير المؤمنين أعز الله سلطانه عند عبوره على .
    (5) حمص للغزاة ببلاديس وذلك في شهر ذي الحجة سنة أربعة (كذا) وستين وستماية.
    شيد المبنى الحالي لجامع خالد بن الوليد في عام 1912 زمن حكم السلطان محمد رشاد الخامس.

    3- جامع أبولبادة:
    يقع الجامع المذكور في شارع الملك المنصور, ويستدل من دراسة كتلة بنائه الحالية أنه خضع للتجديد عدة مرات, لا يعرف فيما إذا كان قد وجد مكان بناء المسجد آخر خلال العصور الكلاسيكية فالحجارة المنقوشة عليها كتابة يونانية وغيرها, وهي من الحجارة المعاد استخدامها حيث أنه كانت قد درجت العادة في العهد الأيوبي على استخدام حجارة منحوتة جاهزة في تشييد أبنية جديدة (الزمن الأيوبي) لذا لايبرر وجودها أن أصل المبنى كان معبداً أو كنيسة.
    عمارة المئذنة الحالة مميزة فراس المئذنة يزدان بالسفاكات المتناوبة مع حنيات ركنية من النموذج المفصص.لا يوجد ما يشير إلى تاريخ البناء, وإن كنا نرجح استناداً إلى طراز عمارة المئذنة أنه شيد في العهد الأيوبي. نقشت على إحدى حجارة المسجد عبارة (الله الاتكال على الله حسن).
    4- جامع أبو الفضائل:
    يقع في شارع أبي الفضائل (حي بستان الديوان), وهو من المساجد المملوكية النموذجية في حمص له مئذنة مربعة المقطع. يؤدي الدرج اللولبي فيها إلى تاجها الذي يتألف من شرفة تطل على الجهات الأربع وتعلو الشرفة قبة رأس المئذنة. للقبة ثمانية طاقات. وتوجد في الواجهة الشرقية للمئذنة حجرة نقشت عليها كتابة إسلامية تقول:
    1- بسمله أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
    2- واشهد أن محمداً عبده ورسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله.
    3- ولو كره المشركون عمر هذه المئذنة المباركة العبد الفقير إلى الله بهادر.
    4- بن لؤلؤ الكركري في شهر شعبان سنة ثلاثين وسبع مائة وحسبنا الله ونعم الوكيل(9).

    5- جامع عبد الله بن مسعود:
    يقع في شارع الشيخ عبد الله بن مسعود الذي جدد بناء المسجد في العهد المملوكي, واستناداً إلى طراز عمارة المئذنة فيمكننا ترجيح تأريخ بنائه خلال العهد الأيوبي.
    تزدان العقود المتصالبة لحوم المسجد وفنائه الداخلي بالمقرنصات المملوكية النموذجية.

    6- جامع الغفاري:
    يقع في شارع عمر المختار وأهم ماتبقى من آثار بنائه الأيوبي قاعدة مئذنته, ويبدو أن المئذنة جددت في العهد المملوكي بعد انهيار قسمها العلوي وطراز عمارة المئذنة يشبه طراز عمارة مئذنة جامع عبد الله بن مسعود.

    7- جامع الأربعين:
    يقع عند المدخل الغربي لزقاق الأربعين الذي هدم مؤخراً, ومئذنة المسجد فريدة في حمص, وذلك لكونها كانت البرج الدفاعي الواقع في الزاوية الشمالية /الغربية من كتلة جدار سور حمص. يعود تاريخ تشييد البرج إلى عهد حكم المنصور إبراهيم(راجع فقرة مخطط المدينة القديمة). وقد حولت إلى مئذنة مسجد بإضافة شرفة وقبة فوقها. متى تم تحويل البرج إلى مئذنة سؤال لا يمكننا الإجابة عنه, وإن كنا نرجح حدوث ذلك عند بداية العهد العثماني وذلك استناداً إلى طراز عمارة رأس المئذنة وقبتها.
    8- جامع السراج:
    يقع في شارع السراج مقابل حمام السراج, وهو من المساجد المملوكية ويشبه في طراز عمارة مئذنته الطرز المذكورة آنفاً. لمدخله قنطرة ذات قوس مفصص ثلاثي المقطع وهو من نماذج الأقواس التي تعود إلى العهد المملوكي والتي لا نعرف لها مثيل سوى في مدخل جامع الشيخ كامل ومدخل بين الزهراوي.
    9- جامع ذي الكلاع:
    يقع في شارع بستان الديوان, ويمتاز بضخامة مئذنته, لكن تلم المئذنة أقل ارتفاعاً من مآذن مساجد الغفاري وعبد الله بن مسعود أبي الفضائل.
    واستناداً إلى طراز عمارة المئذنة والحرم فإننا نرجح تأريخ بنائه في العهد المملوكي, وفيه ضريح ينسب إلى ذي الكلاع الحميري.
    10- جامع عكاشة:
    يقع في شارع عمر المختار (حي باب تدمر) , له مئذنة مملوكية الطراز, لكنها ذات ارتفاع ضئيل, فهي من أصغر مآذن المساجد الأثرية في حمص( ارتفاعها حوالي 7م).
    حدد بناء المدخل في عام 1308ه ويوجد في حرم المسجد ضريح ينسب إلى عكاشة الذي قبل خاتم الرسول (ص).
    11- جامع الشيخ كامل:
    يقع في شارع الإمام مالك وله مدخلين, أحدهما الشمالي له قوس ذا ثلاثة فصوص وهو طراز مملوكي, وورد ذكره بنفس الاسم في مخطوطة وقف آل الزهراوي المؤرخة في عام (1024ه. (راجع الملحق رقم4).
    12- جامع البازرباشي:
    ربما دعي بهذا الاسم نسبة إلى عائلة بني بازرباشي التي ورد ذكرها في مخطوطة آل الزهراوي أو لكونه يطل على ساحة البازار المقابلة له (سوق النسوان) بنى المسجد المذكور أحمد خانقاه الذي يوجد ضريحه في الزاوية الجنوبية الغربية من نفس المسجد.
    ويستدل من طراز عمارة المسجد أنه بني في العهد المملوكي, ولكن هذا الرأي يبقى غير مؤكد, إذ أن المنبر الحجري الموجود داخل الحرم يمكن تأريخه في العهد العثماني, وعى كل حال فقد طرأت على المبنى تغييرات معمارية واضحة المعالم المعمارية العثمانية.
    جدد مدخل المسجد في عام (1153ه). ويعتبر منبر المسجد من المنابر الهامة ذات الزخارف الرخامية البديعة.
    13- جامع الدحيا:
    سمي الجامع نسبة إلى الدحية الكليبي المدفون فيه, يقع عند الزاوية الغربية لصيبات المفتي (حارة باب المسدود) ويعتقد أن تأريخ تشييده هو العهد العثماني, إذ أن طراز عمارة مئذنته طراز متطور عن النموذج المملوكي.
    14- جامع الزاوية:
    يقع في شارع الزاوية, وله مئذنة فريدة في طراز عمارتها, ونعتقد أن تأريخ بنائه هو العهد العثماني, ولربما دعي بهذا السام نسبة إلى إحدى الزوايا الدينية التي وجدت فيه أو إلى جواره.
    15- جامع الدالاتي:
    بني في عام (1905/1325ه) وهو من المساجد الجميلة العمارة, يقع في شارع الحميدية ويمتاز بأن مئذنته مضلعة المقطع على غرار عمارة الطراز العثماني المتأخر.

    · المقامات والترب:
    انتشر في حمص مثلها مثل بقية المدن العربية الإسلامية بناء المقامات (جمع مقام) فوق قبور أضرحة الشخصيات الإسلامية الهامة وشيوخ الطرائق. ويبدو أن بناء تلك المقامات كانت ظاهرة معمارية تميز بها العهد الأيوبي.
    والتقليد المتبع في بناء المقام هو تشييد بناء مربع الشكل له قبة محمولة على حنيات ركنية أو غيرها وتزدان الحنيات بالمقرنصات المفصصة أو البسيطة أو المروحية.
    من المقامات ما بقي حراً أي بدون تشييد مسجد إلى جواره أو فوقه, ومنها ارتبط ببناء مسجد وكمثال على النموذج الأخير مقام الصحابي خالد بن الوليد (مسجد ابن الوليد) وكمثال على النموذج الأول مقام أبا موسى الأشعري.
    ويبدو أن شهرة حمص ببناء المقامات تعود لكونها المدينة التي عاش فيها الكثير من صحابة الرسول(ص) ومن الشخصيات الإسلامية الهامة.
    1- مقام كعب الأحبار:
    يقال أن كعب الأحبار أحد صحابة الرسول (ص) توفي في حمص ودفن مقابل باب الدريب. وقد أقيم الضريح مقام تدل عمارته أنه شيد إما في العهد الأيوبي أو في العهد المملوكي. وتنطبق على عمارته ما أوردناه من وصف آنفاً. شيد في العهد العثماني مسجد ملاصق لمبنى مقام كعب الأحبار.


    2- مقام أولاد جعفر الطيار:
    ورد لدى ياقوت الحموي أن في حمص قبور لأولاد جعفر الطيار هو جعفر بين ابي طالب (راجع الملحق رقم2) يقع ضريح (أو أضرحة) أولاد جعفر الطيار على مقربة من مقام كعب الأحبار (طريق زيدل) ويقوم فوق الضريح مقام مملوكي العمارة وشيد حول المقام مؤخراً مسجد حديث.
    3- مقام أبو موسى الأشعري:
    يقع إلى جوار مسجد العصياتي وحمام العصياتي.
    4- مقام أبو الهول:
    يقع في شارع أبي الهول وهو عثماني العمارة.
    5- مقام الملك المجاهد:
    يقع في شارع الملك المجاهد, وقد بني فوق ضريح الملك المجاهد شيركوه بن محمد من أسرة أيوبية حمص (581-637ه).
    6- التيكة المولوية:
    كانت تقوم بالقرب من شارع عبد الرحمن بن عوف وقد هدمتها بلدية حمص, ورد في مقالة الدكتور عبد الحق (الحوليات 1960 ص33) عن التكية المولوية ما يلي:
    ومن أهم أبنية حمص الأثرية التكية المولوية التي كانت قائمة إلى القرب من السرايا القديمة. ومما نأسف له أن بلدية حمص قامت مؤخراً بهدمها لشق أحد الشوارع مكانها, وادعت أنها انهارت في ليلة عاصفة, وأرسلت إلى المتحف الوطني بدمشق أحجارها المكتوبة مشفوعة ببالغ أساها وجميل تعازيها, وكان مدخل التكية المذكورة مزيناً بالدعائم المخددة على شاكلة الأبنية اليونانية القديمة.
    أما بناؤها فتعلوه قبة كبيرة وفي القاعة التي تعلوها هذه القبة كان يقوم ضريح الصحابي عبد الرحمن بم عوف وفي قرية ضريحين لرجلين من المولوية مشايخ التكية المذكورة.

    كتابات التكية:
    أولاً- أنشأ هذه التربة المباركة العبد الفقير الذليل الراجي غفور به القدير أحمد بن اسماعيل الكوجكي غفر الله له ولولديه ولجميع المسلمين ولمن ترحم عنه ودعا له بالمغفرة آمين بتاريخ شهر الله المحرم سنة إحدى وأربعين وثمانمائة.
    ثانياً- بسم الله الرحمن الرحيم أنشأ هذا السبيل العبد الفقير إلى الله تعالى عفور به وغفر (انه) إلى الله تعالى أحمد بن اسماعيل الكوجكي بتاريخ شهر رمضان المعظم سنة ثلاثين وثمانماية.
    وهكذا واستناداً إلى تاريخ الكتابتين فإن تاريخ تشييد التكية هو العهد المملوكي.

    7- ضريح عمرو بن عبسه:
    يقال أن الصحابي عمرو بن عبسه وكنيته أبو نجيح السلمي رابع أربعة في الإسلام دفن في حمص (على مقربة من الجامع النوري الكبير من الجهة الغربية), وقد شيدت مديرية أوقاف حمص في موضع الضريح مسجداً حديثاً.
    8- مقام النبي هود:
    يوجد إلى جوار أرباب هود ضريح يقال أنه للنبي هود عليه السلام.

    الأبنية الأثرية المسيحية:
    1- كنيسة ماراليان العجائبي:
    وهي من أشهر كنائس طائفة الروم الأرثوذوكس في حمص تقع في حي باب تدمر, وقد جدد بنائها عدة مرات, ويفترض أن بنائها الأصلي كان في القرن الثاني عشر, وذلك لأن رسوم الفريسك التي اكتشفت فوق جدار هيكلها مؤخراً أرخت في تلك الفترة (10). يوجد في الكنيسة المذكورة ايكونستاس بديع الصنعة وهو مزدان بالصور المسيحية من مدرستي حلب والقدس للفن الإيقوني (القرنين الثامن والتاسع عشر).
    2- كنيسة أم الزنار:
    تقع في شارع البطريرك أفرام برصوم, وهي أشهر كنائس طائفة السريان, وكانت إلى حين مركز البطريركية السريانية قبل نقله إلى دمشق.
    يقوم مبنى الكنيسة الحالية فوق كنيسة أثرية يعتقد أنها تعود إلى العصر البيزنطي وتوجد فيها بعض الآثار الفنية من العهود المتأخرة.
    3- كنيسة سيدة باب السباع:
    تقع في شارع نمر بن الحارث, وقد بنيت خلال العهد العثماني.
    4- كنيسة القديس انطونيوس الكبير:
    شيدت في عام 1910 , لها رواق خارجي تعلوه قناطر ذات أقواس مدببة, وأما الناقوس (برج الكنيسة) فيعود تاريخ تشييده إلى عام 1922.

    5- مطرانية وكنيسة الروم الأرثوذوكس:
    تقع في حي بستان الديوان, شيدت عند نهاية العهد العثماني. لها مدخل بديع العمارة, لكن التجديد أضاع من القيمة الفنية لقاعة الكنيسة.

    الأسواق الأثرية:
    تشغل كتلة الأسواق الأثرية من المدينة القديمة حيزاً واسعاً , ويعود تاريخ تشييد جزء كبير منها إلى العهدين الأيوبي والمملوكي, كما أن جزء من تلك الكتلة يعود إلى العهد العثماني.
    ورد في مخطوطة آل الزهراوي (11) المؤرخة في عام (1024ه/1604م) عن أسواق حمص ما يلي:
    (الحانوت العام الكاين في صليبة غفيلة قلة طريق سالك الغفيلة حدها قبلة طريق سالك وإليه بابها وشرقاً بجامع كامل وشمالاً بحوش الجامع وغرباً بدكان بيد بني السبيتي... الحانوت الكاين في صليبة العصياتي... والآن حنوتين الواحد للقصابة والحنوت الثانية سمانة الذي يحدهم بقبلة زقاق غيرنا فذ وشرقاً طريق سالك... الحانوت العام الكاين باطن حمص المحروسة بالصليبة المذكورة المعد للحلاوة.. سوق النجارين حدها بكمالها من القبلة بيد الحاج سعد الدين بن الشيخ أحمد وشرق تمر السوق إليه يفتح إغلاقها وشمالاً بوقف زاوية العدوية وغرباً بحمام الصغير ... سوق الخضر حدها بيد أولاد درويش وشرقاً محمص البن شمالاً ممر السوق وإليه يفتح إغلاقها وغرباً بيد بني السيد ومن يشركه... بسوق العطارين..
    جميع الحانوت العام الكاين موقعه بباب تدمر بحمص المحروسة بشارع القاضي علاء الدين القايمة على قنطرة من أحجار الذي حدها قبلى المرحوم القاضي شمس الدين بن زهرا وشرقاً كذلك وشمالاً طريق سالك وفيه الباب وغرباً ملك الحاج ابراهيم شمشم... الدار والدكان الملاصقة من جهة الغرب العامرتان الكاينان بمحلة تدمر بشارع بني قرمش قبلة بيد سليمان الزوكار..).
    اشتهرت حمص مثلها مثل بقية المدن القديمة الأخرى بالأسواق المتخصصة, وتأتي في مقدمة أسواقها الشهيرة سوق الحرير التي كانت لها أهمية منذ العهد المملوكي.
    بنيت تلك السوق وفق الطراز المعماري المملوكي ذا القناطر المزدانة بالنجوم الزخرفية, من أسواق حمص الأثرية سوق المعصرة وسوق العطارين المسمى أيضاً بسوق العرب وسوق الصاغة وسوق البازرباشي وسوق الصرماتية, القيسارية هي الخان الوحيد الذي بقي لحسن الحظ, شيدت القيسارية في العهد المملوكي, وأضيف لها في العهد العثماني طابق آخر, وذلك إبان عهد الوالي أسعد باشا بن إسماعيل باشا العظم(1158ه)
    الأحياء والمصلبات والأزقة:
    عرف العديد أحياء مدينة القديمة نسبة إلى إحدى العائلات الكبيرة, مثل حي بني السباعي (حارة بني السباعي) الخ. أو نسبة إلى ممارسة سكان حي مالحرقة محددة مثل حي الحجارة أو نسبة إلى وقوع الحي بجوار إحدى بوابات المدينة مثل حارة باب تدمر أو حارة باب الدريب الخ...
    خدمت بعض الأحياء عبر ممر تقوم فوقه قناطر بيوت مثل صليبة الغفيلة أو صليبة العصياتي أو صيبات المفتي(هدم مؤخراً) أو صيبات بيت الأديب الخ..
    الحمامات:
    شيد في حمص خلال العهود الأيوبية والمملوكية والعثمانية عدد من الحمامات وفق الطراز الكلاسيكي للحمامات الشرقية التي تتألف من البراني (المدخل) والوسطاني (القسم الأوسط) والجواني (القسم الداخلي).
    1-الحمام الصغير: يقع في سوق الصاغة, ويرجع تاريخ بنائه إلى العهد الأيوبي, تنخفض مستوى أرضه عن مستوى الأرض الحالية حوالي 3م. مازال هذا الحمام يعمل وتزدان عمارته بالمقرنصات من النموذج المعروف (بالمقرصنات المروحية).
    2-حمام العصياتي: يقع في شارع العصياتي, وهو من أهم وأجمل الحمامات الأثرية في حمص. شيد في العهد المملوكي وجدد مدخله في عام (1225ه). يتألف (البراني) من قاعة واحدة حملت قبتها على أربعة أركان وهي مزدانة بالمقرصنات المروحية. كما وتزدان قاعات (الجواني) بالمقرصنات الركنية, وأضيئت قاعاته عن طريق القمريات الزجاجية.
    3- حمام الشهاب: من الحمامات المملوكية التي اشتهرت في حمص , هدم في نهاية القرن الماضي, ورد له وصف في مخطوطة آل الزهراوي (وجميع الحصة الشائعة وقدرها إحدى عشرة قيراط من أصل أربعة وعشرين قيراط من جميع الحمام العامر الداير الكاين باطن حمص المحروسة بمحلة باب هود المعروف بحمام الشهاب المشتمل على نحاس واقميم ومنافع ومرافق شرعية وما يحتاج إليه الحمام المزبور وشهرته في مكانه تغني عن تحديده..).
    4- الحمام العثماني: يقع عند النهاية الشرقية لسوق الصاغة, شيد عام 1215ه له مدخل جميل العمارة ويتألف قوس المدخل من صنجات مزررة مروحية ومتناوبة في اللون بين الأبيض والأسود.



    القصور:
    1- قصر الزهراوي:
    هو من أشهر بيوت حمص الأثرية شيد في العهد المملوكي, وقد بناه استناداً إلى كتابة تأسيسية منقوشة على حجرة منزلية في الواجهة الشمالية المطلة على باحة الدار علي بن أبي الفضل الأزهري:
    1- بسم الله الرحمن الرحيم عمر هذه الدار وملكها علي بن
    2- أبي الفضل الأزهري ووقفها علي لمن بعده على ولأولاده..
    تفضي إلى الدار المذكورة بوابة تعلوها قنطرة ذات قوس من النموذج الثلاثي الفصوص, وتعلو تلك البوابة كتابة تقول:
    1-عمر هذا الطريق الحق الأبر علي الأزهري.
    2-فوفق أناس تيه ينجد لمالأجر في (تسار= 661ه).
    وقد ألغيت تلك البوابة في فترة لاحقة عن زمن تشييد المبنى وذلك عندما انهار القسم الغربي وأعيد بناء ذلك القسم خلال العهد العثماني , وجعل مدخله يفضي إلى داخل الدار عوضاً عن المدخل الأصلي.
    تتألف الدار من طابقين ولها باحة مربعة, يطل عليها الإيوان من الجهة الجنوبية. وقد طرأت على الدار عدة تغييرات معمارية, شملت خاصة المنجور الخشبي والإكساء الجداري, حيث طمست معالم الزخارف الجدارية الأصلية والفريسك.
    وتوجد تحت الدار أقبئة وقاعات يعتقد أن لها أصول أقدم من عصر المبنى. استملكت الدار المذكورة المديرية العامة للآثار والمتاحف. حيث أنها تخضع منذ خمسة سنوات لأعمال الترميم والصيانة والهدف من تنفيذ تلك الأعمال إعادة إلى ماكان عليه وبالشكل الذي شيد وفقه. وتهدف مديرية آثار حمص تحويله إلى متحف للصناعات والحرف التقليدية والفلكلور.
    تتمثل في دار الزهراوي وتقاليد معمارية غنية معروفة للعهد الأيوبي وللعهود الإسلامية السابقة, مثل أقواس حدوة الفرس( من التقاليد المعمارية العباسية) والمقرنصات وغيرها.
    يضاف إلى ذلك أنه توجد في المبنى كتابات إسلامية مبكرة (أموية) مثل:
    (نشهد أن الله لا إله إلا هو الحي القيوم).
    2- قصر مفيد الأمين:
    يقع في حارة الورشة بجوار جامع السراج. يستدل من طراز عمارته أنه من الأبنية المملوكية ويعتبر من الأبنية الأثرية الهامة في حمص, للدار مدخل جميل تعلوه حجرة نقش عليها (الله حق) ويفضي هذا المدخل إلى عدة قاعات بديعة العمارة وتزدان بالمقرصنات الركنية. استملك الدار مؤخراً مديرية الآثار, وتهدف ترميمها وصيانتها بغية جعلها متحفا لمدينة حمص. كتب على أحد جدران قاعتها الوسطى بخط جصي نافر (نصر من الله وفتح قريب).
    3-قصر عبد الله فركوح:
    شيد عند بداية القرن الحالي وهو يمثل الطراز المعماري النموذجي للدور العربية من مميزاته المعمارية الفنية استخدام التناوب (الحجر الأسود والأبيض) في زخرفة الواجهات الداخلية المطلة على باحته.
    4-قصر عبد الحميد باشا الدروبي:
    هو من أحدث القصور المبنية في حمص عهداً, بناه باشا حمص عبد الحميد الدروبي ويمثل طراز عمارته نموذجاً معمارياً فريداً, حيث تختلط في عمارته وزخارفه عناصر فنية معمارية معروفة لفترة بناء القصور الأوروبية الكلاسيكية وإدخال العناصر الزخرفية (الروكوكو) إلى أسقف قاعاته وجدرانه مع عناصر معمارية فنية شرقية.
    5- بيت آل نسيم:
    يقع في حي الورشة على مقربة من قصر الأمين. بقي من كتلة المبنى الأصلية فقط غرفتين. واستناداً إلى الرسوم والزخارف الخشبية (12) المنفذة في أحداها فإن تاريخ تشييد المبنى يعود إلى حوالي عام 1850م.
    يعلو طاقات الجدران الداخلية للغرفة الشرقية من الدار المذكورة سياق من اللوحات الفنية المرسومة على خشب والمثبتة إلى الهيكل الخشبي للجدران, ونفذت فوق ذلك السياق لوحات فنية أرخت إحداها في 17 جمادى سنة (1271ه/12 شباط 1855م. تمتاز المواضيع التي عولجت في اللوحات المذكورة بأنها واقعية تعتمد على الخط النافر المحدد للشكل, وتمثل المواضيع التصويرية أبنية مساجد وأشجار السرو وتقول إحدى الكتابات:
    (بسم الله الحي الأبدي السرمدي وبه نستعين)
    وهناك لوحة صور عليها مشهد مكرر لأبي الهول (السفينكس) ومشهد لشخص يرتدي ثوباً كهنوتياً. الطراز الفني لتلك اللوحات هو فن الرقش العربي الذي يحاكي التصوير التشبيهي واشتهر من مثل هذه المدرسة الفنية خلال القرن الماضي نعمت ناصر الحمصي وبطرس عجمي وغيرهم.



    15- الآثار الفنية من العهود الإسلامية:

    يضم متحف حمص الأثري مجموعة من الآثار الفنية الإسلامية وهي قطع عليها المتحف مؤخراً, لكن الآثار الإسلامية الهامة التي اكتشفت قبل أحدث متحف حمص, نقلت إلى العديد من المتحف الأوروبية والأمريكية قبل الاستقلال ونقل بعضها بعد الاستقلال إلى المتحف الوطني بدمشق.
    من أهم القطع الأثرية التي نقلت إلى دمشق المصباح الزجاجي لمسجد خالد بن الوليد. يقول الأستاذ محمد أبو الفرج العش (13) في وصف ذلك المصباح (مصباح المسجد هو بشكله وحجمه وكتاباته وشعاراته وزخارفه وطريقة الإنارة غير المباشرة التي يعطيها, يعتبر بحق من أجمل وأثمن وأهم التحف على الإطلاق.. إنه خلاصة التقدم الفني في صناعة الزجاج العربي الإسلامي..) وجد في مدفن خالد بن الوليد ويبدو أنه كان معلقاً فوق ضريحه.
    صكت النقود في حمص زمن الخلفاء الأمويين ولدينا قطعة نقد واحدة من صك حمص وهي معروضة في متحف حمص.
    تضم مجموعة الآثار الإسلامية في متحف حمص مخطوطات إسلامية (مصاحف وكتب تفسير وغيرها, وهناك مخطوطة في مكتبة الدولة ببرلين الغربية (4) كتبها والي إلى سنجق حمص, وهي عبارة عن كتاب في علم الرمل (التنجيم أو الضرب في الرمل).
    عنوان المخطوطة (كتاب في علم الرمل فوجدته صحيحاً بلا شك ولا شبه من أوله إلى آخره وقد استكتبته وأنا ولي سنجق حمص سنة 959ه).



    16- ملحق رقم (1):


    معركة حمص بين المماليك والمغول (15):

    جرت في عام (680ه/1281م) عند حمص معركة بين المماليك والمغول وكانت تلك المعركة أكبر اختيار للقوتين بعد معركة عين جالوت الشهيرة بحوالي عشرين عاماً.
    انتصر في معركة حمص المماليك بقيادة السلطان قلاوون, لكن المهندس الحقيقي للمعركة كان بلا شك السلطان الظاهر بيبرس, فقد قام هذا الأخير بتجهيز قوة عسكرية ضخمة في السنة السابعة عشرة من حكمه أي في عام (676ه / 1277م) وعلى الرغم من انحطاط تلك القوة بعد مرور أربعة سنوات على بنائها, إلا أنها أثبتت مقدراتها على هزيمة أقوى الجيوش التي كانت مسيطرة في ذلك الوقت وهي جيوش المغول.
    كان المغول يجهلون القوة الحقيقية للمماليك قبل حدوث معركة عين جالوت, لذا فقد فوجئوا أثناء المعركة بقتال شديد لم يكن في حسبانهم, مما جعلهم يأتون إلى حمص وهم بأتم الاستعداد للقتال.
    لقد أبرزت معركة حمص القوة الحربية العظيمة التي كان يتمتع بها المماليك.
    جرت المعركة في وطئة حمص وعلى مقربة من مسجد خالد بن الوليد, وقد تألف الجيش المغولي حسب أحد المصادر التاريخية من 50000 محارب وحسب مصدر آخر من 44000 محارب ودعم الجيش المغولي عدد كبير من الجند الجيورجيين (الروم) والأرمن والمرتدين من المسلمين.
    عندما تقدم الجيش المغولي زاحفاً من الشمال وصل جناحه الأيمن (الميمنة) إلى حماه ووصل جناحه الأيسر (الميسرة) إلى سلمية.
    بدأ الهجوم على الجيش المملوكي قلب المغول, وكان هذا القلب أقوى الفرق. وفي عشية اليوم الذي حدثت فيه المعركة وصل أحد المغول الفارين إلى المماليك وأسدى لهم بمعلومات قيمة عن قوة الجيش المغولي واستعداداته كما وتلقى المغول معلومات عن قوة المماليك واستعداداتهم القتالية.
    لم تذكر المصادر التاريخية عدد أفراد جيش المماليك ولكن عرف أنه تألف من ميمنة وميسرة وقلب وجناحين.
    تألفت ميمنة جيش المماليك من جيش أمير حماه الأيوبي ومن الأمراء الأيوبيين المدعومين بقوات خاصة بهم, وقد تقدمهم البدو الذين كانوا بإمرة عيسى بن مهنا أما الميسرة فقد تألفت من ظاهرية التي كان يقودها سنقور الأشقر ومن عدد من المماليك الأمراء وقواتهم الخاصة وتقدمتهم قوات من التركمان وجند حصن الأكراد. وألف جند الجيشين طليعة قلب المماليك وكان هؤلاء بإمرة الوالي نائب السلطان ودعمهم بعض الأمراء ومماليك السلطان قلاوون.
    قاد المعركة السلطان قلاوون ورافقه حملة الرايات السلطانية وأربعة آلاف من الجند وثمان مئة من المماليك السلطانية وعدد من مماليكه الخاصين.
    اختار السلطان مئتين من مماليكه الخاصين وحمل أحدهم رايته وأرسلهم لكي يستطلعوا ساحة المعركة من أحد المرتفعات المجاورة.
    هاجمت ميسرة التتار أولاً ميمنة الجيش المسلم لكنها لم تستطع هزيمته, وسرعان ماقامت الميمنة المصرية بهجوم مباغت على ميسرة التتار وهزمتها. وفي موضع آخر من ساحة المعركة هاجمت ميمنة التتار ميسرة الجيش المصري واستطاعت ابتلائها بهزيمة شديدة. وكان كل من الجناحين المملوكي المهزوم والتتري المنتصر لا يعرف ما يدور في الجانب الآخر من أرض المعركة, لذا تابع كل منهم هروبه ومطاردته, ووصل جيش الميسرة المملوكي إلى دمشق ووصل قسم منهم إلى صفد. توقف الجيش التتري المطارد ولفترة وجيزة عن المطاردة ونزل منتظراً بقية فرق الجيش المغولي لكي تنضم إليه, ولكن تلك الفرق لم تستطع اللحاق له, لذا قفل راجعاً إلى أرض المعركة وبعد قتال شديد تابع المسلمون انتصارهم على التتار لكن قوتهم بدأت تضعف, ومع ذلك فقد ظن قائد الجيش المغولي منكو تيمور خطأ أن الجيش المعادي له مازال قوياً, ويقال بحوذة السلطان قلاوون إلا ثلاثمائة خيال( حسب إحدى الروايات) أو ألف خيال (حسب روايات أخرى) . هاجم السلطان بهذه القوة الصغيرة التتار مرة أخرى وهزمهم, وفي تلك الأثناء عادت ميسرة جيش التتار المنتصرة إلى ساحة المعركة. ويهدف إخفاء مكان وجود الجيش المملوكي, فقد عمد السلطان إلى الخدعة فأمر بإسكات الطبول وبطي الأعلام السلطانية . ونجحت خدعة السلطان الحربية فقد دمرت الميسرة التتارية عبر المكان الذي كان يختبأ فيه المسلمون ودون أن تشعر بوجودهم وسرعان ما باغتت قوات السلطان الأعداء من الخلف وفتكت بهم وهزمتهم هزيمة شنعاء ولم يصب القتل التتار الذين كانوا في أرض المعركة فقط, بل لحق بمن استطاع منهم الهرب.



    17-الملحق رقم (2):

    منتخبات مما ذكره الرحالة والجغرافيون العرب في وصف حمص ابن جبير (نهية القرن السادس ه) . (16).
    (هي فسحة المساحة مستطيلة الساحة نزهة لعين مبصرها من النظافة والملاحة موضوعة في بسيط من الأرض عريض مداه لا يخرقه بمسراه يكاد البصر يقف دون منتهاه أفيح أغبر لاماء ولاشجر ولاظل ولاثمر فهي تشتكي ظمأها وتستقي على البعد ماءها فيجلب لها من نهريها العاصي, اسمه قديماً الأرند كما ذكره البلاذري في كتابه فترح البلدان وأهل هذه البلدة موصوفون بالنجدة والتمرس بالعدو ولحجارتهم إياه وبعدهم في ذلك أهل حلب فأحمد خلال هذه البلدة هواؤها الرطب ونسيمها الميمون بحفيفه وتجسيمه فاق الهواء النجدي في الصحة.
    وبقبلي هذه المدينة قلعة حصينة عاصية.. وبشرقها جبانة فيها قبر خالد بن الوليد ومعه قبر ابنه عبد الرحمن وقبر عبيد الله ابن عمر.. وأسوار هذه المدينة في غاية المتانة والوثاقة مرصوص بناؤها بالحجارة الصم السود وأبوابها أبواب حديد سامية الأشراق هائلة المنظور رائعة الأطلال والأناقة تكتنفها الأبراج المشيدة الحصينة وأما داخلها فما شنت من بادية شعثاء خلقة الأرجاء مغلقة البناء لا إشراق لا فاقها ولا رونق لأسواقها كاسدة لا عهد لها..
    وسألنا أحد الأشياخ بهذه البلدة فيها مارستان على رسم مدن فقال وقد ذكر ذلك حمص كلها مارستان وكفاك تبييناً شهادة أهلها فيها, وبها مدرسة واحدة وتجد في هذه البلدة عند أطلالك عليها من بعد في بسيطها ومنظرها وهيئة موضعها بعض شبه بمدينة أشبيلية من بلاد الأندلس..).
    الإدريسي (القرن السادس هـ) (17):
    (حمص مدينة حية وذات أسواق ناشطة وشوارع مرصوفة وإن جامعها من الجوامع الكبيرة في بلاد الشام.. وأقنيتها تسقي حقولها وبساتينها..).
    ياقوت الحموي (المتوفي سنة (626ه/ 1229م) (18):
    حمص : بالكسر ثم السكون والصاد مهملة:
    بلد مشهور قديم كبير مسور, وفي طرفه القبلي قلعة حصينة على تل عال كبيرة, وهي بين دمشق وحلب في نصف الطريق يذكر ويؤنث بناه رجل يقال له حمص بن جان بن مكنف وقيل:
    حمص ابن مكنف العمليقي, وقال الاشتقاق حمص الجرح بحمص حموصاً , وانحمص ينحمص انحماصاً إذا ذهب ورمه, وقال أبو عون في زيجه:
    طول حمص إحدى وستون درجة وعرضها ثلاث وثلاثون درجة وثلثان وهي في الإقليم الرابع وفي كتاب الملحمة:
    مدينة حمص طولها تسع وستون درجة, وعرفها أربع وثلاثون درجة وخمس وأربعون دقيقة, من الإقليم الرابع ارتفاعها ثمان وسبعون درجة, تحت ثماني درج من السرطان, يقابلها مثلها من الجدي, بيت ملكها من الحمل بيت عاقبتها مثلها من الميزان, قال أهل السير, حمص بناها اليونانيون وزيتون فلسطين من غرسهم, وأما فتحها فذكر أبو المنذر عن أبي مخنف أن أبا عبيدة بن الجراح لما فرغ من دمشق قدم أمامه خالد بن الوليد وملحان بن زيار الطائي ثم اتبعها فلما توافوا بحمص قاتلهم أهلها ثم لجؤوا إلى المدينة وطلبوا الأمان والصلح فصالحوه على مائة ألف وسبعين ألف دينار, وقال الواقدي وغيره:
    بينما المسلمون على أبواب دمشق إذ أقبلت خيل للعدو كثيفة فخرج إليهم جماعة من المسلمين فلقوهم بين بيت لهيا والوثنية فولوا منهزمين نحو حمص على طريق قارا حتى وافوا حمص وكانوا متخوفين لهرب هرقل عنهم فأعطوا ما بأيديهم وطلبوا الأمان فأمنهم المسلمون فأخرجوا لهم النزل فأقاموا على الأرنط, وهو النهر المسمى بالعاصي وكان على المسلمين السمط بن الأسود الكندي, فلما فرغ أبو عبيدة من أمر دمشق استخلف عليها يزيد بن أبي سفيان ثم قدم حمص على طريق بعلبك فنزل بباب الرستن فصالحه أهل حمص على أن أمنهم على أنفسهم وأموالهم وسور مدينتهم وكنائسهم وأرجائهم واستثنى عليهم ربع كنيسة يوحنا للمسجد واشترط الخراج على من أقام منهم, وقيل:
    بل السمط صالحهم فلما قدم أبو عبيدة أمضى الصلح وإن السمط قسم حمص خططاً بين المسلمين وسكنوها في كل موضع جلا أهله ا, ساحة متروكة, وقال أبو مخنف: أول راية وافت للعرب حمص ونزلت حول مدينتها راية ميسرة بن مسرور العبسي. وأول مولود ولد في الإسلام بحمص أدهم بن محرز, وكان أدهم يقول: إن أمه شهدت صفين وقاتلت مع عاوية وطلبت دم عثمان رضي الله عنه, وما أحب أن لي بذلك حمر النعم, قالوا:
    ومن عجائب حمص صورة على باب مسجدها إلى جانب الباحة على حجر أبيض أعلاه صورة إنسان وأسفله صورة العقرب إذ أخذ من طين أرضها وختم على تلك الصورة نفع من لدغ العقرب منفعة بينة, وهو أن يشرب الملسوع منه بماء فيبرأ لوقته, وقال عبد الرحمن:
    خليلي إن حانت بحمص منيتي
    فلا تدفناني وارفعاني إلى نجد
    ومر أعلى أهل الجناب بأعظمي
    وإن لم يكن أهل الجناب على القصد

    وإن أنتما لم ترفعاني فسلما
    على صارة فالقور فالأبلق الفرد

    لكيما أرى البرق الذي ومضت له
    ذرى المزن, علوياً, وماذا لنا يبدي
    وبحمص من المزارات والمشاهد مشهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه, فيه عمود فيه موضع اصبعه, رآه بعضهم في المنام, وبها دار خالد بن الوليد رضي الله عنه, وقبره فيما يقال, وبعضهم يقول:
    أنه مات بالمدينة ودفن بها وهو الأصح, وعند قيسر خالد قبر عياض بن غنم القرشي رضي الله عنه, الذي فتح بلاد الجزيرة, وفيه قبر عبيد الله بن عمر بن الخطاب, والصحيح أن عبيد الله قتل بصفين فإن كانت نقلت جثته إلى حمص فالله أعلم.
    ويقال: إن خالد بن الوليد مات بقرية على نحو ميل من حمص, وإن هذا الذي يزار بحمص إنما هو قبر خالد بن يزيد ين معاوية وهو الذي بنى القصر بحمص وآثارها هذا القصر في غربي الطريق باقية, وبحمص قبر سفينة مولى رسول الله, واسم سفينة مهران, وبها قبر قنبر مولى علي بن أبي طالب رضي الله عنه وبقال أن قنبر قتله الحجاج وقتل ابنه وقتل ميثماً النمار بالكوفة, وبها قبور لأولاد جعفر بن أبي طالب, وهو جعفر الطيار, وبها مقام كعب الأحبار ومشهد لأبي الدرداء وأبي ذر, وبها قبر يونان والحارث بن عطيف الكندي وخالد الأزرق الفاخري والحجاج بن عامر وكعب وغيرهم, وينسب إليها جماعة من العلماء, ومن أعيانهم: محمد بن عوف بن سفيان أبو جعفر الطائي الحمصي الحافظ, قام الإمام أبو القاسم الدمشقي:
    قدم دمشق في سنة 217 وروى عن أبيه وعن محمد بن يوسف القبرياني وأحمد بن يونس وآدم بن أبي أياس وأبي المغيرة الحمصي وعبد السلام بن عبد الحميد السكوني وعلي بن قادم وخلق مثير من هذه الطبقة , وروى عنه أبو زرعة وأبو خاتم الرزياني وأبو داوود السجستاني وابنه أبو بكر وعبد الرحمن بن أبي حاتم ويحيى بن محمد بن صاعد وأبو زرعة الدمشقي وخلق كثير من هذه الطبقة.
    قال عبد الصمد بن سعيد القاضي:
    سمعت محمد بن عوف بن سفيان يقول: كنت ألعب في المنيسة بالكرة وأنا حدث فدخلت الكرة المسجد حتى وقعت بالقرب من المعافى بن عمران فدخلت لأخذها فقال لي:
    يا فتى ابن من أنت؟ قلت أنا ابن عوف, قال: ابن سفيان, قات: نعم, فقال: أما أن أباك كان من إخواننا وكان ممن يكتب معنا الحديث والعلم والذي يشبهك أن تتبع ماكان عليه والدك, فصرت إلى أمي فأخبرتها فقالت: صدق يا نبي هو صديق لأبيك, فألبستني ثوباً من ثيابه وإزارا من أزره ثم جئت إلى المعافى بن عمران ومعي محبرة وورق فقال لي: اكتب حدثنا اسماعيل بن عبد ربه بن سليمان .قال:
    كتبت إلى أم الدرداء في لوحي فيما تعلمني: اطلبوا العلم صغاراً تعلموه كباراً, قال:
    فإن لكل حاصد مازرع خيراً كان أو شراً, فكان أول حديث سمعته, وذكر عند يحيى بن معين حديث من حديث الشام فرده وقال: ليس هو كذا, قال: فقال له رجل في الحلقة: يا أبا زكريا ابن عوف يذكره كما ذكرناه, قال فإن كان ابن عف ذكره فإن ابن عوف أعرف بحديث بلده, وذكر ابن عوف عند عبد الله بن أحمد بن حنبل في سنة 273 فقال: ماكان بالشام منذ أربعين سنة مثل محمد بن عوف, ذكر ابن قانع أنه توفي سنة 269 وقال ابن المنادى/ مات في وسط سنة 272 , ومحمد بن عبيد الله بن الفضل يعرف بابن أبي الفضل أبو الحسن الكلاعي الحمصي و حدث عن مصيفي وجماعة كثيرة من طبقته, وروى عنه القاضي أبو بكر الميانجي وأبو حاتم محمد بن حيان البستي وجماعة كثيرة من طبقتها, وكان من الزهاد ومات في أول يوم رمضان سنة 309. ومات ابنه أبو علي الحسن لعشرخلون من شهر ربيع الأول سنة 351.
    ومن عجيب ما تأمله من أمر حمص فساد هوائها وتربتها اللذين يفسدان العقل حتى يضرب بحماقتهم المثل إن أشد الناس على علي رضي الله عنه بصفين مع معاوية كان أهل حمص وأكثرهم تحريضاً عليه وجداً في حربه, فلما انقضت تلك الحروب ومضى ذلك الزمان ضاروا من غلاة الشيعة.., فقد التزموا الضلال أولاً وأخيراً فليس لهم زمان كانوا فيه على الصواب).
    ابن بطوطة (منتصف القرن الرابع عشرم) (19):
    (ثم سافرت إلى مدينة حمص وهي مدينة مليحة أرجاؤها مونقة وأشجارها مورقة وأنهارها متدفقة وأسواقها فسيحة الشوارع وجامعها متميز بالحسن الجامع وفي وسطه بركة ماء وأهل حمص عرب لهم فضل وكرم وبخارج هذه المدينة قبر خالد بن الوليد سيف الله ورسوله وعليه زاوية ومسجد وعلى القبر كسوة سوداء..).



    18-ملحق رقم (3):

    نقتطف فيما يلي وصفاً لمدينة حمص ورد لدى المستشرق الدكتور ادوارد زاخا ومدير متحف برلين الذي قام برحلة استطلاعية جغرافية وأثرية إلى سوريا في عام 1879 وقد ترجمت الوصف عن الألمانية مباشرة (20).
    وصلنا حمص في 24 تشرين الأول الساعة 5.20 صباحاً عن طريق قرية بابا عمرو, وقد قطعنا المسافة بين القرية المذكورة وحمص بحوالي 25 دقيقة. شاهدنا أبراج حمص من المنطقة المحاذية للطرف الشمالي من بحيرة قطينة.
    وكلما اقترب الناظر من أسوار المدينة شاهد بوضوح قلعة حمص وما تدفنه من بقايا معمارية وخاصة بقايا بعض الأبراج على سطحها. توجد في جسم السور الشمالي بوابة ضخمة.. وعلى مقربة من الجهة الغربية للمدينة أي بجوار الطريق المؤدية إلى طرابلس تقوم بقايا أبنية أثرية من العهود القديمة والوسطى مثل قبر إحدى الشخصيات المحمدية الهامة وقبر برجي من العهد الروماني (الصومعة) وغيرها. نصبنا خيامنا في فسحة من الجهة الغربية للمدينة تقع بين ثكنة المدفعية وبقايا ثكنة متهدمة هي التي أمر ببنائها إبراهيم باشا.
    حمص (إيميسا) ذات الأبنية المشيدة بالأحجار السوداء أو بأحجار اللبن مدينة قليلة الأهمية.. ومآذن مساجدها مربعة المقطع.. مازالت أجزاء كثيرة من سور المدينة باقية. وإلى الغرب من المدينة تنتشر البساتين الخضراء على مقربة من مجرى نهر العاصي وهي بساتين خصبة ومنتجة. وفي البازار يشاهد المرء إضافة إلى البضائع الغذائية أشياء وعدة وبضائع صنعت للبدو والفلاحين. تقدر عدد سكان حمص بين (30000و 40000) ويشكل المسيحيون منهم نسبة ليست بالقليلة, ويمارس هؤلاء حرف صناعة الأنوال.
    يمثل الحكومة التركية في حمص القائم مقام وفيها عدد من بطاريات المدفعية التركية, ويمثل الأسقف السكان المسيحيين.
    شاهدت في حمص بعض الكتابات المنقوشة على حجارة منها كتابات عربية وكتابات يونانية ولم تكن ذات قيمة وفوق البوابة الجنوبية (باب المسدود) شاهدت كتابة كوفية لم أتكن من قراءتها لأن الحجرة المنقوشة عليها مرتفعة..).



    19-ملحق رقم (4):

    أهدي كتحف صورة كوبي لمخطوطة وقف آل الزهراوي بحمص, والمخطوطة مؤرخة في عام (1024ه/1599م). وقد وردت فيها شوارع وأبنية ومساجد وغيرها, كما واحتوت على أسماء أعلام وعائلات حمصية, نورد مختارات من تلك الأسماء كما ذكرت في المخطوطة:
    1- وقف جامع كامل(21).
    2- صليبة غفيلة (22).
    3- صليبة العصياتي (23).
    4- وقف زاوية العدوية.
    5- شارع القاضي علاء الدين(24).
    6- وقف القاضي شمس الدين بن زهرا.
    7- محلة باب تدمر.
    8- شارع بني قرمش(25).
    9- مسجد الشيخ موسى.
    10- شارع الصيادين (26).
    11- الفرن.
    12- مسجد الإبيرس.
    13- بستان الانجاص.
    14- طريق الجزرة.
    15- الساقية المجاهدية.
    16- بستان الراعي.
    17- بستان بني السباعي.
    18- بستان الكرم.
    19- بستان الحورة.
    20- بستنا البركة.
    21- بستان القصر(27).
    22- بستان خميس العيد.
    23- البستان المعروف بالهندي.
    24- الأرض قرب الصومعة.
    25- أراضي بابوص بالقرب من طريق دير بعلبة.
    26- دار بني دقية الدمى.
    27- الجامع النوري الكبير.

    أسماء الأعلام والعائلات:
    1- شيخ الطريقة ومعدن الحقيقة عبد النافع بن أقضا قضاة المسلمين صدر المرسلين مفيد الطالبين الشيخ بدر الدين بن مولانا وسيدنا صدر المدرسين أعلم المحققين حكم الملوك والسلاطين خليفة مولانا أمير المؤمنين أبو الحسن علي بن أبي طالب زهر الحنفي خليفة الحاكم العزيز بحمص المحروسة دام فضله.
    2- بني السبيتي:
    3- الحاج سعد الدين بن الشيخ أحمد.
    4- بريك الحموي.
    5- بني سبانو.
    6- عبد الرحمن النجار.
    7- أولاد درويش.
    8- بني السيد.
    9- جلال بن الشيخ حسين العباسي.
    10- بني الحورة.
    11-فتح الله بن القادري.
    12- أولاد شعبان.
    13- الحاج عبد الحق بن عبود.
    14- الحاج ياسين بن مروق.
    15- حنا الحداد.
    16- بني الغزال.
    17-ابن دقية الدمى.
    18- أولاد برصوم.
    19-أولاد شميط.
    20- أولاد الأخرس.
    21- الحاج يوسف بن الحاج درويش.
    22-بني البحلاق.
    23- بني الخانكان.
    24- بن قوام.
    25-أولاد عنتر.
    26- علي بن نبهان.
    27- بني التركمان.
    28- بن العصياتي.
    29- جمال عباس.
    30- بني عبد القادر عز الدين.
    31- بني البازرباشي.



    20- الحواشي:

    1- Majed Moussli, Tell. Homs, ZDPV, Heft 100, Tuebingen, (1983).
    2- Majed Moussli, Griechische Inschriften aus Emesa und Laodiciea ad Libanum, Philigus, Berlin (1983).P.257.
    3- الخوري عيسى أسعد , تاريخ حمص , ج1, حمص (1939), ص/415/.
    4- ماجد الموصلي, كنيسة باب السباع البيزنطية (حمص), جريدة حمص , عدد 31/1/1975, ص5.
    5- د.عدنان البني ونسيب صليبي, الدياميس البيزنطية في حي الشرفة بحمص, مجلة الحوليات الأثرية السورية المجلدان 11و 12 , دمشق (1961-1962), ص23.
    6- L.Jalabert , Inscriptions, Grequses et Latines De Syrie.Tome V,Emesene ,Paris (1959).
    7- M.Moussli, Griechische Inschriften.
    8- E, Littmann, Semitic Inscriptions , New york (1904), P. 170-171.
    9- H.Gaube, Arabische Inschriften aus Syrian , Beirut, (1978), P,122.
    10- أرخ السيد جول لورو الكنيسة اعتماداً على الرسوم الجدارية للهيكل, راجع بشير هدى وجول لوروا, مجلة الحوليات الأثرية العربية السورية , المجلد (25), دمشق, ص236.
    11- حفظت في متحف حمص نسخة كوبي من المخطوطة, وقد نقلنا عنها ما يتعلق بأسواق حمص حرفياً.
    12- ماجد الموصلي, اكتشاف فني أثري هام في أحد بيوت حمص القديمة, جريدة البعث, شهر آذار (1978).
    13- محمد أبو الفرج العش, الزجاج المموه بالميناء والذهب مجلة الحوليات الأثرية العربية السورية, المجلد (18) دمشق 1968, ص35.
    14- W.Ahlwardt,Arabische Handschriften , Bd,1, Berlin (1891), No, d.Handschrift (4201) .
    15- N.Elisseeff, Hims, Encyclopaedia of islam ,New Edition, Vol.111,Leiden (1971).
    16- د.ساطع محلي, حمص أم الحجار السود, حمص (1963) , ص24.
    17- N,Elisseeff, Hims….,P.399.
    18- عبد الإله النبهان, معجم البلدان, السفر الثالث القسم الأول, دمشق (1983), ص375.
    19- د.ساطع محلي, حمص أم ...... ص25.
    20- E.Sachau, Reise in Syrien und Mesopotaamien ,Leipzig, (1883), P.62.
    21- يعرف الجامع اليوم باسم جامع الشيخ كامل وهو يقع في حي باب الدريب.
    22- صليبة الغفيلة , مازالت تعرف حتى اليوم بنفس الاسم.وهي تقع في حي باب الدريب.
    23- صليبة العصياتي, مازالت تعرف حتى اليوم بنفس الاسم, وهي تقع إلى جوار جامع العصياتي وحمام العصياتي ومقام أبي موسى الأشعري على مقربة باب تدمر.
    24- يقع الشارع المذكور في حي باب تدمر.
    25- يقع الشارع المذكور في حي باب تدمر.
    26- يقع الشارع المذكور في حي باب تدمر مقابل قصر الزهراوي.
    27- يقع بستان القصر على مقربة من مقصف ديك الجن.



    21- المصادر والمراجع العربية:

    1. ابن العديم, تاريخ حلب, دمشق(1951-1954) .
    2. ساطع محلي, حمص أم الحجار السود, حمص 1963.
    3. ستانلي لين بول, الدول الإسلامية القسم الأول.ترجمة محمد صبحي فرزت, دمشق 1973.
    4. د.سليم عادل عبد الحق, مدينة حمص وآثارها, كجلة الحوليات الأثرية السورية, المجلد العاشر , دمشق 1960.
    5. عبد الإله النبهان, معجم البلدان لياقوت الحموي, السفر الثالث, دمشق 1983.
    6. د.عدنان البني, المقاسم المئوية للأرض الزراعية في مستعمرة إميسا (حمص) الرومانية , بقلم و.ج فإن لير تعريب عدنان البني. الحوليات الأثرية السورية المجلدان 8و9 , دمشق (1958-1959).
    7. د.عدنان البني ونسيب صليبي, الدياميس البيزنطية في حي الشرفة بحمص, محلة الحوليات الأثرية السورية المجلدان الحادي عشر والثاني عشر, دمشق(961-1962).
    8. د.عماد الدين موصلي, ربوع محافظة حمص بين الماضي والحاضر والمستقبل ,دمشق 1981.
    9. عيسى أسعد, تاريخ حمص, الجزء الأول, حمص 1939 والجزء الثاني 1984.
    10. ماجد الموصلي, المباني التاريخية في حمص, مجلة الظفرة, العدد 132 السنة الخامسة, أبو ظبي 1978.
    11. ماجد الموصلي, كنيسة باب السباع (حمص), جريدة حمص , عدد (27/2/1975).
    12. ماجد الموصلي, المباني التاريخية في حمص, جريدة العروبة , حمص, عدد (27/2/1975).
    13. ماجد الموصلي, سبر في قلعة حمص (تل حمص) , حمص 1975, تقرير من أرشيف دائرة آثار حمص.
    14. ماجد الموصلي, فقرة تاريخ حمص في المعجم الجغرافي وزارة الدفاع, دمشق(حالياً قيد التحضير والطبع).
    15. محمد أبو الفرج العش , أخشاب من تربة خالد بن الوليد القديمة بحمص, محلة الحوليات الأثرية العربية السورية, المجلد 19 , دمشق 1969.
    16. محمد أبو الفرج العش, الزجاج المموه بالمبناء والذهب محلة الحوليات الأثرية العربية السورية, المجلد 18دمشق 1968.
    17. مجلة البحث التاريخي, العدد الثاني, حمص 1979.



    المصادر والمراجع الأجنبية:

    1. Berchem M.Van .Arabische Inschriften, In .Von Oppenheim , Inschriften aus Syrian . Beitraeqe zur Assyriologie.
    2. Butler H.C .. An American Archaeological Expedition to Syria (1899-1900) ,Part II .
    3. Burkhalter, Bibliographie Prehistorique Bulletin Du Musee De Beyrouth, VIII, Paris(1948-49).
    4. Casas L.F., Voyage Pittoresque De la Syrie, Paris (1745).
    5. – Celebi Ewliya , Seyahat name , 1 stanbul 1935.
    6. Elisseeff N., in The Encyclopaedia Of Islam , New Edition, Vol. III,Leiden 1971.
    7. Gaube H., Arabische Inschriften aus Syrian, Beirut 1978.
    8. Hartmann M., Die Arabische Inschrift – en in Salamya, ZDPV, Bd,XX IV, Heft 2-3, Leipzig 1901.
    9. Jalabert L.,Mouterde R., Mondesert C., Inscriptions Grecques et Latines De Le Syrie, Tome V,Emesens, Paris 1959.
    10. Jullien R.P.M., Sinai et Syrie, Lille 1893.
    11. Kremer A.Von ,Mittel syrien und Damaskus, Vienna 1853.
    12. Moussli M.,Tell Homs(Qalcat Homs), ZDPV. Heft 100 , Tubingen 1983.
    13. Moussli M.,Griechische Inschriften aus Emesa und Laodices ad Libanum Philolgus. Berlin 1983.
    14. Pockocke , ADescription Of the East, 1745.
    15. Sachau E., Reise in Syrien undMesoptamien , Leipzig 1893.
    16. Waddington , Inscription de la Syrie .
    17. Walker J., A Catalogue Of the Arab – Byzantine and Post- Reform Umaiyad Coins , London 1956.
    18. Watzinger Von C., Das Grabmal des Samsigeramos von Emesa.
    19. Volney, Voyage en Egypte et en Syrie , The Hague 1959.



يعمل...
X