إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بقلم سهاد جادري - الإنسان فی أدب میخائیل نعیمة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بقلم سهاد جادري - الإنسان فی أدب میخائیل نعیمة

    سهاد جادري
    كاتبة إيرانية دكتوراة في الأدب العربي

    الإنسان فی أدب میخائیل نعیمة

    بقلم سهاد جادري


    بسمِ الله الرّحمن الرّحیم

    الدكتورة سهاد جادری: استاذة في جامعة آزاد اسلامی فرع آبادان قسم اللغة العربیة وآدابها
    فاطمة عباسی: طالبة ماجستیر في جامعة آزاد اسلامی فررع آبادان قسم اللغة العربیة وآدابها


    المقدمة:
    الحمدلله رب العالمین والسلام والصلاة علی خاتم الأنبیاء والمرسلین سیّدنا ونبینا محمد وعلی آله. یشّرفنی ویسعدنی أن أضع بین یدی طلاب فرع اللغة وآدابها رسالة ولو ضئیلة تبحث عن الإنسان ومكانته فی حیاة الأدیب الكبیر میخائیل نعیمة. فمن الأحری أن نسمیه «حكیم» أدیب.

    یستهدف هذه المقال الكشف عن تساؤلات نعیمة بالنسبة إلی الإنسان، من هو الإنسان؟ وأین كان قبل أن یبصر النور علی هذه الارض؟ وكیف خلق؟ وكیف نشأ؟ وما علة حیاته ومماته وعودته للتجسد غیر مرة؟ وتساءل أیضاً عن علاقة الإنسان بخالقه وحاول أن یجد الحلول لتلك التساؤلات الغامضة فی هذا الوجود. لكنه أدرك أن سر الحیاة أعمق من أن یفهمه البشر العادیون.

    برأی نعیمة فی الإنسان تكمن القوة التی ندعوها الله، وما علی الإنسان، لیغدوقویاً كتلك القوة الشاملة الكاملة، سوی بذل الجهد المضنی لبلوغ الحقیقة، فهذه المسألة لا یرقی لها عقل أومنطق أوبرهان فی أن یهتدی كل إنسان إلی المنظم والنظام، بنفسه، وفی نفسه. ولكل إنسان أوانه. هذا المذهب واضح، فی كتاب « مرداد » حیث بذل نعیمة، جهده لیتخلص كل أشواقه وأفكاره وكتاباته السابقة، وحیث جسد فكره الغلبة النهائیة، التی هی غلبة الإنسان علی ذاته الفردیة لیتسنی له الإتحاد بالذات الكونیة. یمكن للإنسان أن یكتشف بالمعرفة أنه عالم غنی، تجمعت فیه كل العوالم من منظورة وغیر منظورة، ولا وجود لها إلا فیه. والناس كلهم برأی نعیمة، شركاء فی الوهیة الحیاة. وتمكن سعادتهم فی إدراك تلك وتحقیقه.

    فتطرقنا فی هذه المقالة إلی فكرة وحدة الوجود فی كل من «مرداد»، «مذكرات الأرقش»، «همس الجفون»، «زاد المعاد»، و... وهكذا تحدثنا عن ظاهرة التقمص وكیفیة تكوینه عند نعیمة وعن أثر هذه الظاهرة فی « مرداد»، وفی قصة «لقاء»، وفی دیوان «همس الجفون» و... وهكذا تطرقنا إلی مسئلة الحیاة والممات والثواب والعقاب و...

    فحسب ما تطرقنا إلیه فی هذه المقالة، نستنتج أن نعیمة ربما یرید یبنی الإنسان ویعطیه إیماناً بأنه معد لتاج الألوهیة. فالحقیقة أن ناسك شخروب قد مثل مدرسة روحیة، أثرت فی الأدب العربی المعاصر. لم یخل الأدب العربی من التاملات العمیقة كما رأینا فی أدب نعیمة. لقد تلون هذا الأدیب بالنزعة التأملیة، ونتیجة التأمل الطویل إنشغل بما إنطوی فی أعماق نفسه من المخبات والودائع. فالواقع أن میخائیل نعیمة فی طلیعة المفكرین العرب الذین نظروا إلی الماورائیات المرتبطة بالإنسان وبتكوینه الشامل. فیعتبر أدبه نقطة تحول فی مجری الأدب العربی الحدیث. فنسجل فی هذه المقالة أن الإتجاه الماورائی فی أدب نعیمة ذوقیمة أدبیة روحیة سامیة، وأنه لذلك یستحق الدراسة. .

    حیاته من الولادة حتی الوفات:
    ولد ميخائيل نعيمة في بسكنتا سنة 1889، قد دخل نعيمة في طفولته مدرسة «بسكنتا». كان المنهج الدراسي في هذه المدرسة علی أنه یختار كل عاميين من الطلاب المتفوقين في الدرس والسلك، ليسافروا إلي روسيا، ثم يواصلوا دراستهم في إحدي الأكادميات الروحيه. وكما كان نعيمة مبرزاً في المرحلة الأولي في بسكنتا، كذلك ظل علي تفوقه في الناصرة. وقد استطاع نعيمة بجده ودأبه وحسن سلوكه، خلال دراسته بالسمنار، أن يكسب احترام زملائه وتقديرهم، وينال رضا أساتذته وكان ناجحاً كما حاله فی دارالمعلمین. فحدث إضراب عام بين الطلاب فی السمناراستهدفوا من ورائه المطالبة بحرياتهم السلبية، وحقوقهم المهضومة، وقد أثار ذلك الإجراء قلق نعيمة وتفكيره، لذلك ضاق ذرعاً بما آل إليه حاله في روسيا، وود لويؤدي الامتحان النهائي قبل موعده ليعود إلی وطنه، وقدم ملتمساً إلی إدارة السمنار بهذا الشأن، وقد أجيب إلی طلبه نظراً لما كان يتمتع من حب أساتذته، وأدی امتحانه بنجاح في مارس من عام 1911، ثم قفل راجعاً إلی لبنان في أوائل مايومن العام نفسه ]][ نعیمة، میخائیل، الطبعة السابعة1987،صص 25 [1]]. ففي اوائل نوفمبر من عام 1911 وصل نعيمة في صحبة أخيه إلي الولايات المتحدة، وفي عام 1912 التحق بجامعة واشنطن وتسجل في فرعي الآداب والحقوق وحصل علي شهادتيهما عام .1916

    وما إن وصل نعيمة إلي لبنان حتي إستقر في قريته بسكنتا، حيث لازم «الشُخروب»، لأنه رأی حياة التأمل والتأليف تستدعي خلوة، ينصرف فيها بكل جوارحه عن شواغل العالم المحيطه، وينطلق مع سبحات الفكر والخيال، لذلك ابتني لنفسه خيمة من أغصان الشجر «في فسحة من الأرض تكتنفها الصخور العالية في القسم الشمالي من الشُخروب»، وصار يقضي فيها سحابة نهاره، ولا يغادرها إلا في الأوقات الأكل أوالنوم أوإستقبال الزائرين، أومشاركة ابيه في أعمال الزراعة بما تتحمله قدرته، وحین لا تكون لديه أعمال كتابية.
يعمل...
X