إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

خليل الشيخة‏ - القاصة حسنة محمود ( بمجموعة ليلة القبض على الأمل )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • خليل الشيخة‏ - القاصة حسنة محمود ( بمجموعة ليلة القبض على الأمل )


    الرومنطيقية في مجموعة " ليلة القبض على الأمل"


    خليل الشيخة‏
    تتألف هذه المجموعة من إحدى وعشرين قصة ، يجمع فيما بينها عامل إكبار القيم الاجتماعية والإغراق في المثالية التي تجسدت في العلاقات البشرية ، ومن ثم الاتكاء على السمة التوجيهية في بعض القصص. لذلك، كان الإيحاء بالوعظ واضحاً في السرد القصصي. - الطابع التوجيهي :نشرت القاصة
    عدداً من المجموعات القصصية للأطفال، ولهذا السبب ظل أسلوب القص للناشئة مؤثراً في قصصها، وسيطر عليه المنحى الإرشادي الذي يرى أن الحكمة والصلاح يتحقق في الامتثال إلى الأنساق الاجتماعية التي تنبني على الأخلاق وتتأسس على مفاهيم الخير والشر. يتحقق ذلك في بناء سردي إنشائي واضح دون مخاتلة أو مواربة. ففي قصة "المغدورة"، نرى أن سؤال الحفيد للجدة يتوجه واضحاً : "كيف يصير الإنسان لصاً؟"(ص-67) ويأتي الجواب على شكل حكاية تظهر معالم الخير والشر، ثم نعرف فيما بعد أن المغدورة هي عبارة عن شجرة يلجأ اللصوص إلى مخادعة الناس بها وإيهامهم بأن داخل التابوت آدمي، ويقع أهل الخير في كمين نصبه المحتالون؛ وربما بعض الجمل توضح هذا المنحى التوجيهي البسيط : "قالت الجدة: يمكن يا بني أن يلبس الذئب جلد الحمل ..لكن سأحكي لك هذه القصة المحزنة" وتختتم القصة بعبارة مشابهة: اكتشفوا أن الميت ما هو إلا جذع شجرة... توجه المصلون بالدعاء لهؤلاء الشبان الذين ضلوا طريق الهداية.. فقادتهم نفوسهم المريضة إلى المتاجرة حتى بالموتى".(ص-76) القصة الثانية هي "طريق الحقيقة". هنا يتوجه الابن إلى الأب بسؤال يكاد أن يكون مماثلاً للسؤال في القصة السابقة : "اخبرني يا أبي كيف أصل إلى هدفي؟".. قال الأب: لا تيأس يا بني، فوهج الحقيقة كنور الشمس - ثم يتلو ذلك – أرى أن تذهب إلى الحكيم العجوز.."( ص-51)، ويتخلل القصة تفاصيل لا تقود الحدث بقدر ما تخدم الإطالة. وجملة أخرى في نهاية الصفحة هي عبارة عن المطالبة بمؤازرة العدل: "تذكر أنك مسؤول كغيرك ممن نذروا أنفسهم لمناصرة العدالة". لا تشذ قصة "استدعاء " عن هذا الإيحاء التوجيهي التي تتكلم عن القلم الذي احرق السيّاف.- الرومنطيقية في السرد:ما تبقى من قصص تقع غالبيتها ضمن العواطف الإنسانية، ويتجلى ذلك من العناوين، فقصة "العيد في بيوت الفقراء" تتحدث عن الفقير حمدان الذي يحتار ماذا يفعل بأطفاله، فواحد منهم بحاجة إلى بنطال والآخر إلى حذاء والأخرى فستان، وإذا فعل ذلك وانصاع لهذه الرغبات سيقضي العيد دون مازوت. يتساءل: لماذا لا يعملون عيدا للفقراء يتبادلون فيه أسمالهم وفتات خبزهم( ص – 39) . أما قصة "أمنيات ملونة" فتتحدث عن سعيد الذي مرت عليه السنون وهو ينتقل من خيبة إلى أخرى، حيث يضع أماله تحت صخرة، وعندما اجتمع مع زوجته وأولاده تعاونوا على رفعها ثم وزع أمانيه على أولاده (ص -48 ) . وفي قصة "لوحة" يتحدث البطل عن فتاة يحبها لكنه يتأخر فيذهب ليسأل عنها: أليس هذا منزل غزالة، فنظرت العجوز وقالت: لقد تأخرت كثيراً، فقد تركوا البيت وهاجروا منذ خمس وعشرين سنة .. فعدت القهقرى وأنا ألوك خيبتي (ص-80). في تلك القصص لا يحمل السرد حوافز لتطوير الحدث بشكل طبيعي بل يسير ضمن تفاصيل لغوية تفقده أهميته. ونرى كيف أن الأبطال يسقطون في هاوية خيباتهم ويكابدون من الألم بسبب القيم الفاسدة أو لسبب قهر المحيط لهم كما في قصة "من أنا"، رغم المجالدة على إثبات الذات. تنطوي قصة "شكوك" على الإغراق في مشاعر سردية ذاتية تنطلق من داخل الشخصية ثم تنتقل بين الضمائر دون مقدمات "خطواتها تشي بأنها غادرت البناء .. ويسقط على جسده المتلألئ حبات العرق.(ص–92-93). هنا تتسامق المشاعر على حساب الحدث والموضوع، لدرجة تسطيح الشخصيات تاركة السرد يمخر في معالم الذات العاشقة المتألمة (ص-95).برعت القاصة في تراكيب لغوية أضفت على القصص روحاً خيالية جامحة، تدافعت في دفقات شاعرية رائعة، كما في قصة "اتصال": هامت في دهاليز ذاكرتها وخيالاتها ... وهام في خفايا حزنه عبر شوارع شحيحة الضوء .. انتشلها من خوفها صوت عمقه عشرون عاماً (ص-90)، وقصة "نزيف" أيضاً، جنحت إلى سرد ذاتي وحملّت خيالاً مشبعاً بالمشاعر، مع غياب جزئي للحبكة الكلاسيكية في تطوير شخوصها. نقرأ كيف تعيش البطلة غربة سواء عن ذاتها أو عن المكان الذي احتواها: " كنت احلم أني ضائعة وتائهة في مدينة مستباحة، شوارعها التهمتها الظلمة، لا أعرف أحداً من سكانها، يتكلمون لغة غريبة لا أعرف مفرداتها (ص-103).ختاماً، لقد نجحت القاصة حسنة محمود في إظهار العلامات لتأزم الذات القصصية المشحونة بالخيال وللغة الشاعرية الجميلة الراقية. واستعير هنا كلمات للأديب عيسى إسماعيل من كتابه " أعلام القصة والرواية في حمص" إذ أنه كتب: قصص حسنة محمود جميلة غير أن اللغة الإنشائية والخطابية قد أضعفت حبكتها الفنية وجواز سفرها في عالم القصة الرحيب وهو اللغة الجميلة والسرد المتماسك والمقنع إلى جانب ومبادئ تنتصر للخير والجمال.•‏

يعمل...
X