رسالتي إليَّ
أوقـــدتـُني بالفتنــــــة الســَّــــوداءِ ***** وســــــــقيتـُني مـُـــرّاً بغيــــر دواءِ
ورميتـُنــي في لــُــجـَّتي مـُتهالكــــاً ***** مـُتمـرِّغــــاً في الحـُمـَّــةِ الحمــــراءِ
بين الــورى كنتُ السـَّــعيدَ بموطني ***** مســــتوثقــاً بالألفـــة الخضــــــراءِ
حيث السـَّــــكينةُ والأمــــانُ يلفـُّني ***** إذ كـــــان في دفءِ الإخــــاءِ ردائي
حيــن انتعلــــتَ منابــراً لمكــــــائدٍ ***** نـَكـــــَــرَ النـَّعيــقُ أمانــةَ الأُمنـــاءِ
مــــن جيفــةٍ تجترُّ تحت عـِمامــــةٍ ***** أزكيـــــتَ نــارَ الغـِــــلِّ بالغـَثــراءِ
زعـزعـتُ جـدراني بــدكِّ جذورهـــا ***** بيتــي غـــدا كوخــاً بـدون غـِمــــاءِ
حتى نعبـــتُ على خـرائب ظـُلمتـي ***** أدركــــتُ أنـّي غــارقٌ بغـُثائــــــي
فكما ادّعيتُ سـُــموَّ فكــر شـــرائعي ***** كنــتُ السـَّـــــفيه بدعوتي ودعائي
فنكثتُ عهــديَ واتـَّبعتُ ضـــــلالةً ***** فيهــا التحقــــتُ بعـِرَّة الســـُّـفهاءِ
ورفعــــتُ رايـــاتِ الخيانـة والخنا ***** جهــلاً محـــقت نفائس العلمـــــاءِ
فخبطــتُ في وحلـي ولـُذتُ بطـُمـَّتي ***** مـُسـتوحشـاً كالغـِــرِّ في البهمــــــاءِ
أنكرتُ إرثي واســـتبحتُ نفيســَــه ***** مارســـتُ بـُغضـاً يســتطيبُ عدائي
ومضــيتُ كالجروِ المعرعـــر جاعــراً ***** فوجـدتُ في أرضــي صــدىً لعـُوائي
إذ قلتَ أنـَّك صــاحبي يا صــاحبي ***** دسـَّـــــــيتَ سـُــــمـّاً قاتلاً بإنائـي
إذ أدَّعي أنـّي شــــقيق طفـــــــولةٍ ***** ببـــــــــراءةٍ ووداعـــــــــــةٍ ورُواءِ
أرســـلتُ في صـــدر الأخـــوّة غادراً ***** ذا خنجـرُ الأحقـــــادِ والبغضـــــاءِ
إنـّي وأنت الغــــارقان بلا هــُــــدى ***** لنــذوبَ في غـــيٍّ طمـــى وبـــــلاءِ
" فرِّقْ تسـُـدْ " ، ســاد الغويُّ بكفرنا ***** صــــرنا عبيـد عـِمامةٍ وعـَبــــــــاءِ
صــــرنا ذيـــول مخنـَّثٍ ولقيطــــــةٍ ***** نـَرضى ونـُرضي غايـــة الأعــــــــداءِ
لا ليس من خــطَّ التـّآمــرَ منهجـــــاً ***** إلاّ كمثلـــيَ إذ أخــــونُ ندائـــــــي
إذ خنـْتُ نفســيَ قاصــــداً متعمـِّــداً ***** مـُتنكـِّــــــراً لكــــرامتي وســــنائي
فغــرقـْتُ بالدَّنـَسِ المزخرف داعــــراً ***** مـُســـتســلماً لمشـــيئة الأمـــــــراءِ
إذ صـــرتُ للصـَّــهيون خيرَ مطــيـَّةٍ ***** لبقـــــائه أســــــعى بـدكِّ بقـائـي
فأطعـــتُ أمـــرَه غافــلاً مـُتغافــــلاً ***** مـُتســـربلاً بعبــــــاءتي وغبـــــائي
ونســـيت أنـّيَ من ســـلالة " آدمِ " ***** لله أمــــريَ وارتفــــاع رجـــــائـي
شـــــوَّهــتُ تاريخــــاً تمثـَّل إرثـُه ***** بجليــــل علـــــمٍ حاز كــلَّ ثنـــاءِ
دنـّستُ عـِرضيَ وانتهكتُ فضــائلي ***** وبخـَسـتُ طوعـاً حـُرمة الشـُّــهداءِ
وســـلختُ عنـّيَ طـُهرَ ثوب مجاهدٍ ***** أنكــرتُ من روّى الثـّـرى بدمـــــاءِ
فاصفحْ " صلاح الدّين " إنـّي جاحدٌ ***** أغرقــتُ " عـوّام " الفـِدا بعمــــائي
واعــذرْ أيا " ســلطان " قبح فعائلي ***** ضــيـَّعتُ جهلاً مجدكـــم بجفــائي
واسمحْ أيا " شيخ الجهـــاد " فإنني ***** طوعاً تبعــتُ حـُثالـَــة الأقـــــــذاءِ
واشفعْ " هنانو " إذ نكثتُ عهودكـمْ ***** أنـّي رضـــيتُ القســـرَ بعد جـــلاءِ
هل لي من " السـَّلـُّوم " نظرة غـافـرٍ ***** أو من " عريضةَ " مســحةُ الشــُّفعاءِ
صرتُ الطـَّميسَ فقد طـَمَسـتُ هويـَّتي ***** إذ بعـت بالبخس الخســيـس ولائي
حين اســـتجرتُ بمـن أجـار عـدوَّتي ***** داويـتُ دائــي مــن براثـــن دائـــي
فاســتنهض الوحش اللـَّئيمُ لنـُصـرتي ***** ســـــاويـتُ بيـن الأهـــل والغربـــاءِ
في بـؤرة الأنـذال لو قـد أحـتـمـــــي ***** كنت الحميَّ يلــــــوذ بالرَّمضــــــاءِ
كـلاّ فلـن أبقــى أســـــير غرائـــزي ***** لن أشــــتري ذلـّي بهــا وفنائـــــي
ســــوريـّتي خضـــع الزّمـان لأمرهـا ***** بشـــــموخهـا صـــانت ذرا العليــاءِ
فانظــــر أيا الملك الهــزيلُ المـُرتخي ***** كيف اســـــتـُبيحت قـُبـّة الإســراءِ
مـا كنـتَ للإســــلام يوماً ناصـــــراً ***** بـل أنـت عبـدُ غـوايـةٍ وبـغـــــــاءِ
يـا ذا الأميـرُ المســخُ يا ســـقطَ الزِّنـا ***** لا لســـــت إلاّ عـاريـــاً بعــــــراءِ
ذا عبد ذات العهـر والدَّنسِ الخســي ***** أحبابـُــه الغـلمــان قبـل نســــــــاءِ
إذ أنت للبهتــــــان خيــر مطيـّــــة ***** يعلــوك ســـــرج النـّاقـة الجربــــاءِ
إذ أنـت ترعى عـاهـــراً وســــفيهةً ***** يا راعــيَ الظـَّــربـانِ والـرَّقطـــــــاءِ
إن كنـت تســـعى لانطفـاءة جذوتي ***** فالكـــون أوقـــدَ جــذوَه بجــِــذائي
لـن ينطــفي نـوري بفــحِّ فجــوركـم ***** نـوري يشــــــعُّ بصـــــفوتي ونقائي
أرضــي الأبيـّـة لن يـُـدنـَّـسَ طهرُهـا ***** إذ أفـتــدي طهــرَ الثـَّـرى بـدمـائـي
أرضـــي لأمجاد الحضــــارة قـِبلــةٌ ***** فيهــــا تـراثُ الجـــــدِّ للأبنـــــاءِ
أرضـــي لصـــُــنـّاع الرّجولـة أمـُّهم ***** أرضـــي مـِهـــاد الجبهة الشـــَّمـَّاءِ
فيها الخـريـفُ يـذرُّ كـلَّ يبيســـــة ***** وغيـومـُـه ذخـــــرٌ لغـيـثِ نمــــاءِ
ويـوزِّع الخـيـرَ العـميـمَ شــــتـاؤُهـا ***** كي تـرتـدي ثـوب الغـِنى غضـرائي
لربـيعـهــا الألـوانُ نفــحُ نضــــارةٍ ***** والشـَّـمس نبضُ التـُّربة الخضـــراءِ
وتسيلُ في صــيفي الثـِّمــار غنيـَّــةً ***** فتـفـيـضُ دُرّاً من جنى الغضــــفاءِ
إنـّي أنا السـّـــوريُّ حـرٌّ شـــــامخٌ ***** بـكـرامـتـي وبـرفـعـتـي وثـرائـــي
ســـطـَّرت للأزمـان مجدَ حضــارةٍ ***** جـدّدتـُه ومـَدَدتـُه بـعـطــائــــــي
أثـبـتُّ في أرضـــي الجـذورَ عميقةً ***** مكـَّنـتُ فـي الـوطـن المـنيع بنائي
وجـَدلتُ مـن خير العـروق أخـوَّتي ***** تـزهـو بأرفـع نســــبةٍ أســــمائي
فـخـري بـأنَّ الحـقِّ يرفـعُ هـامـتي ***** لـن أنـحـنـي للـرّيح والأنـــــــواءِ
للمسـتجير بســطـتُ وُسعَ فسـاحةً ***** نـاصـــــرتـُـه فــي حـِــدَّةِ الأرزاءِ
حتى تـمـتـَّع بـالجـِـوار مـُـكـرَّمـاً ***** قاســــمتـُه فرشـــي وخبز غدائي
أمـّا الذي خــطَّ العـَـداءَ لأمـَّتـــي ***** يلقـيه في حـرِّ الجحيم مضــــائي
سـوريـَّتي عـِرضــي وتاج كرامتي ***** عنـوان مجـدي وافـتخــار إبائـي
مـن جـاءهـا يســتلُّ خنجر فتنـة ***** ســـأدقُّ جـُمـَّة رأســــه بحذائي
[ الغـَثراءُ : جماعة من غوغاء الناس ][ الغـِماء : سقف البيت ][ الغـُثاء : رغوة السّيل ـ الفـُتات ـ رغوة القـِدر ][ الرُّواء : المنظر البديع الحسن ][ العـَباء : العـَباءة ][ السّلـّوم : الشّهيد رفيق رزق سلـّوم ][ عريضة : الشّهيد نسبي عريضة ][ الحميُّ : من أصابته الحـُمـّى ][ الجذاء : جمع جذوة ][ الغضراء : الأرض الخصبة وتربتها ليـّنة خيـّرة ][ الغضفاء : الأرض المخصبة -الغنيّة المتنعـّمة كثيرة الخير والثمرات ]
= شــ25/2012ــباط = جميع الحقوق محفوظة باسم ناظمها
= عبـّاس سليمان علي =