إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

وثيقة تاريخية لا يجب طمسها واحتفاء بـ فن الجرافيتي من تونس إلى طرابلس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • وثيقة تاريخية لا يجب طمسها واحتفاء بـ فن الجرافيتي من تونس إلى طرابلس



    الجرافيتي يتحسس حديث الجدران من تونس إلى طرابلس
    تونس - ميدل ايست اون لاين
    لأن الرسومات والكتابات التي غطت الجدران "وثيقة تاريخية لا يجب طمسها" واحتفاء بـ"فن الجرافيتي" الذي بدأ يتحسس طريقه مع انطلاق الربيع العربي، يقدم الفنان التشكيلي التونسي عبد الباسط التواتي ابتداء من الجمعة معرضا للصور الفوتوغرافية تحت عنوان "حديث الجدران من تونس إلى طرابلس".
    وقال التواتي "لقد اغرتني الاعمال الفنية التي انجزها الرسامون الليبيون، فحاولت توثيقها لتظل راسخة في الاذهان فالمقصود بفن الجرافيتي ليس تلطيخ الجدران بالألوان بقدر ما هو التعبير عن فكرة او موقف بأسلوب ينطوي على الكثير من الروح الفنية الثائرة التي طالتها يد القمع على مدى سنوات طويلة".
    أضاف "لقد اتسمت الرسومات والكتابات في تونس بالعفوية وطغى على معظمها اللون الاسود، في حين بدت الجداريات في ليبيا أكثر حرفية وتحمل تفاؤلا وألوانا زاهية"... ويشمل المعرض الذي يستمر حتى 2 فبراير المقبل في بهو دار "ابن رشيق" الثقافي وسط العاصمة، اربعين لوحة فنية.. عشرون منها التقطتها عدسة التواتي لجدران وركائز أخرى استخدمت للرسم في عدد من المدن الليبية ابان الثورة الليبية التي أدت إلى سقوط النظام الليبي في نهاية اغسطس الماضي.
    وتحمل غالبية الصور الفوتوغرافية التي تم التقاطها في نوفمبر 2011 تفاؤلا وقد أتت بألوان مشرقة مستوحاة من لون العلم الليبي الجديد لا سيما الاخضر والاحمر، في حين لم يطغ الاسود إلا على القليل منها... وتعكس جدران الساحات واللوحات الاعلانية في العاصمة الليبية طرابلس وزلطن (شمال غرب) وزوارة (غرب) وصبراطة وصرمان الساحلية والزاوية (غرب)، مشاغل الليبيين بعدما حولها الفنانون إلى مدونات غطوها برسوماتهم وكتاباتهم ترجمت طوقهم إلى حياة أفضل، كما ترجمت مواقفهم الساخرة من سياسة القذافي الذي حكم البلاد بقبضة من حديد طيلة أكثر من اربعين عاما من اجل مستقبل أفضل.
    في كل شارع من شوارع هذه المدن، يمكن مشاهدة جدارية تروي افتخار الليبيين بالإطاحة بمعمر القذافي كتب عليها "ارفع رأسك فوق انت ليبي حر" و"لقد هرب الطاغية" و"ليبيا حرة" وكذلك "الحرية مطلبنا" و"لا لمظاهر التسلح" و"لا للعنف نعم للمصالحة".
    أما على جدران المتحف الوطني الليبي، فقد خط احدهم بدمه "الحرية تكتب بالدماء" مرفقة بآيات قرآنية، في حين كتبت عبارات اكبار تحية إلى "روح الشهداء الابطال" في أماكن متفرقة. وفي لوحة اخرى نقرأ بأسلوب تهكمي عبارة "سقط قرد من قردة افريقيا" في إشارة إلى القذافي الذي يسمي نفسه "ملك ملوك افريقيا". كذلك رسمت صور كاريكاتورية لنجله سيف الاسلام المتهم بارتكاب جرائم ضد الانسانية خلال قمع الثورة الليبية. من جهة أخرى، استحضر الرسامون اسماء مناضلين ليبيين قدامى فغطت صورهم عددا كبيرا من واجهات المحلات التجارية والمرافق العمومية ولا سيما صور عمر المختار الملقب "بشيخ الشهداء" الذي كان قد قاوم الاستعمار الايطالي لبلاده في عام 1931.
    إلى الجدرايات الليبية، يضم المعرض عشرين جدارية تروي مشاغل اهالي مدن تونسية من بينها مدينة سيدي بوزيد (وسط غرب) التي تعتبر مهد الثورة التي انطلقت شرارتها حين اقدم الشاب محمد البوعزيزي على احراق نفسه في 17 ديسمبر احتجاجا على مصادرة بضاعته بحجة عدم امتلاك التراخيص اللازمة، وانتهت بفرار زين العابدين بن علي في 14 يناير الثاني إلى السعودية.
    ونجد أيضا صورا التقطتها عدسة التواتي في مدينة قفصة (جنوب غرب) التي تعتبر من أكثر المناطق التونسية فقرا... والتي شهدت سنة 2008 ستة اشهر من الاضطرابات، اعتبرت مقدمة لثورة 2010-2011 التي هزت اركان الاستبداد في العالم العربي.
    ونجد الى جانب ذلك صورا لمدينة القصرين (وسط غرب تونس) التي شهدت مقتل أكثر من عشرين شخصا قبل عام ففي القصرين اختزلت كلمة "تشغيل" التي كتبت باللون الاسود فوق جرة كبيرة، معاناة اهالي المنطقة من البطالة التي تعتبر السبب الرئيسي في انطلاق حركة الاحتجاج غير المسبوقة في تونس.
    وتستعرض احدى الجداريات الشهداء الذين سقطوا في سيدي بوزيد، في حين تترجم الرسومات في قفصة وقبلي فرحة الاهالي بـ"سقوط الديكتاتور"، في اشارة إلى بن علي الذي حكم تونس بقبضة من حديد طيلة 23 عاما. وينحو الرسام التونسي في هذا المعرض المنحى التوثيقي ذاته الذي اختاره في معرضه الأول الذي اقامه في مارس من العام الماضي في تونس تحت عنوان "حديث الجدران" والذي شمل حوالي اربعين لوحة فنية من مجموع 890 صورة فوتوغرافية التقطتها عدسته لجدران وركائز اخرى استخدمت للرسم في مختلف المدن التونسية من الشمال إلى الجنوب.
    وفن الجرافيتي يعتبر مستجدا في تونس وليبيا، وقد بدأ يتحسس طريقه مع بداية الربيع العربي. وكانت الكتابات على الجدران لا تعكس الشأن السياسي في البلدين خوفا من العقاب او الملاحقات القضائية، بل تقتصر على ألفاظ سوقية او عبارات تشجيع لفرق كرة قدم.
    ونوه الرسام التونسي "بهذا الميل الجديد ذي البعد الثقافي والسياسي الغني بالمواضيع"، واصفا الجداريات "بالابداعات الفنية". ودعا إلى "تركها كما هي حتى تظل راسخة في الاذهان وتنقل ما جرى للاجيال القادمة"، وكذلك إلى "توظيفها في التحف والهدايا التذكارية للنهوض بالقطاع السياحي" الذي يشهد ركودا. والتواتي (48 عاما) وهو طبيب ايضا، من الرسامين التونسيين القلائل الذين يعتمدون على وسائل وركائز غير عادية في اعمالهم الفنية، ومنها استخدامه بقايا مخابر طب الاسنان وصور الاشعة القديمة ليجعل منها اعمالا فنية "فريدة من نوعها".
    وسبق للتواتي الذي اقام أول معرض في سن الثامنة عشرة ان شارك في عدد كبير من المعارض في تونس وخارجها، من بينها الدورة الأولى لمهرجان الاطباء المبدعين في المغرب في عام 1996... وقد منحته وزارة البيئة الجائزة الأولى لأفضل مبادرة من شأنها الحد من التلوث البيئي الناجم عن البلاستيك في عام 2001... وحتى تكتمل الصورة، يأمل عبد الباسط التواتي ان يشمل معرضه القادم "فن الجرافتي" في كل من مصر واليمن وسوريا.
    الشروق
يعمل...
X