Announcement

Collapse
No announcement yet.

الجاحظ والمعلم وأم عمْرٍ (لقد ذهب الحمار بأمّ عمْرٍ * فلا رجعتْ ولا رجع الحمار

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • الجاحظ والمعلم وأم عمْرٍ (لقد ذهب الحمار بأمّ عمْرٍ * فلا رجعتْ ولا رجع الحمار

    الجاحظ والمعلم وأم عمْرٍ
    عن الجاحظ أنَه قال : ألَفت كتاباً في نوادر المعلّمين ، وماهم عليه من التغفّل ، ثمّ رجعت عن ذلك ، وعرجت على تقطيع الكتاب ، فدخلت يوماً مدينة ، فوجدت فيها معلّماً في هيئة حسنة فسلّمتُ عليه فرّد عليّ أحسن ردٍّ ، ورحّب بي ، فجلست عنده وباحثته في القرآن فإذا هو ماهر فيه ، ثمّ فاتحته في الفقه والنحو وعلم المفعول وأشعار العرب فإذا هو كامل الآداب ، فقلت : هذا والله مما يقوّي عزمي على تقطيع الكتاب ، قال : مكنتُ أختلف إليه أزوره فجئت يوماً لزيارته فإذا الكتّاب مغلق ، ولم أجده ، فسألت عنه فقيل : مات له ميت فحزن عليه وجلس في بيته للعزاء ، فذهبت إلى بيته وطرقت الباب ، فخرّت إلي جارية وقالت : ماتريد ؟
    قلت : سيّدكِ ، فدخلت وخرجت وقالت : باسم الله
    فدخلت إليه وإذا به جالس فقلت : عظَم الله أجرك ، لقد كان لكم في رسول الله أسوةٌ حسنة ، كل نفسٍ زائقة للموت ، فعليك بالصبر ، ثم قلت له :
    هذا الذي توفي ولدكَ ؟
    قال : لا ، فقلت : أخوك ، قال : لا ، فقلت : فزوجك ، قال : لا ، فقلت : وماهو منك ؟ قال : حبيبتي ، فقلت في نفسي ( هذه أول المناحس ) فقلت : سبحان الله ، النساء كثير وستجد غيرها فقال : أتظن أني رأيتُها ؟ ، قلت : ( وهذه منحسة ثانية ) ، ثم قلت : وكيف عشقتَ ولم ترَ ؟ قال : اعلم أنّي كنت جالساً في هذا المكان وأنا أنظر من الطاقة ، إذ رأيت رجلاً عليه برد وهو يقول :
    يا أم عمْرٍ جزال الله مكرمةً ردي عليّ فؤادي مثلما كانا
    فقلت في نفسي : لولا أن أم ّ عمْرٍ هذه مافي الدنيا أحسن فيها ماقيل فيها هذا الو فعشقنا ، فلما كان منذ يومين ، مرّ الرجل بعينه وهو يقول :
    لقد ذهب الحمار بأمّ عمْرٍ فلا رجعتْ ولا رجع الحمار
    فعلمت أنّها ماتت ، فحزنت عليها وأغلقت المكتب وجلست في الدار .
    فقلت : ياهذا ، إني كنت ألَفت كتاباً في نوادركم معشر المعلمين ، وكنت حين صاحبتك عزمت على تقطيعه ، والآن قد قويت عزمي على إبقائه وأوّل ما أبدأ بكَ إن شاء الله تعالى- المستطرق لن يشهي
Working...
X