إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الأصولُ - الأسطورة في شعر السيّاب -عبد الرضا علي ناقد أدبي وكاتب عراقي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الأصولُ - الأسطورة في شعر السيّاب -عبد الرضا علي ناقد أدبي وكاتب عراقي



    الأسطورة في شعر السيّاب

    بقلم عبد الرضا علي

    عبد الرضا علي
    الدكتور عبد الرضا: ناقد أدبي وكاتب عراقي
    الأسطورة في شعر السيّاب
    (إيجازٌ مركّز)
    ثانياً – الأصولُ:
    تعدّدتِ الأصولُ الأسطوريّة ُ في شعرِ السيّابِ وتنوعتْ بينَ مؤثّراتٍ ثقافيّةٍ لشعراءَ أوربيينَ، ومؤثراتٍ ميثولوجيّةٍ قديمةٍ لكتبٍ وأساليبَ أدبيّة ٍ حوت مضامينُها دلالاتٍ اجتماعيّة ً وإنسانيّة ًكثيرة ً، وقد وجدنا أنَّ تلكَ الأصولَ تتوزّعُ على النحوِ الآتي:
    الغصن الذهبي وطقوسُ النماء.
    أساطيرُ العلمِ القديم.
    الكتابُ المقدّسُ(بعهديهِ: القديم والجديد)
    التجربةُ الإليوتيّة (نسبة ً إلى ت.س. إليوت)
    التجربة الستويليّة( نسبة ً إلى أديث سيتويل)
    الحكايات الشعبيّة.
    ولئلّا تترهّلُ المداخلةُ في الإطالةِ اخترنا أن نقفَ على" الغصنِ الذهبي" لنبيّنَ اهميّتَهُ وأثرَهُ العميقَ في شعرِ السيّاب.
    يعالجُ " الغصن الذهبي" – وبخاصّةٍ المجلّدِ الرابعِ منه – "أدونيس"- معنى الطقوسِ التي كان يمارسُها البدائيّون: من بابليين، ومصريين، وفينيقيينَ، وإغريقَ، وكانت تلك الطقوسُ وسيلة ً لهدفٍ جماعيٍّ هو محاولة ُ السيطرةِ على خصوبةِ الطبيعةِ المتجسّدة ِ في النباتِ والحيوانِ والإنسان، وهي محاولة ٌ لتعليلِ موتِ الحياةِ الزراعيّةِ، والحيوانيّةِ، وعودتِها من خلالِ تعاقبِ الفصولِ. وقد ربطَ الإنسانُ البدائيّ ُ بين موتِ الحياةِ وعودتِها من جهةٍ، والآلهةِ التي تتحكّمُ بالطبيعةِ وتخضعُها لسلطانِها من جهةٍ أخرى، وجعلَ الطقوسَ ترتبط ُ بأسماءِ الآلهةِ وتُمارسُ من خلالها، " وإذا كانت المراسيمُ تختلفُ في كلِّ قطرٍ في الأسماءِ والتفاصيلِ، فقد كانت متماثلة ً في جوهرِها." ⁽⁵⁾، فعندَ البابليينَ كانَ إلهُ الخصبِ " تمّوز" وعند المصريينَ كان" أوزوريس"، وعند الفينيقيين والإغريق كان الإله "أدونيس".
    وهي كلّها رموزٌ ذاتُ دلالةٍ دوريّةٍ واحدةٍ في النماء، حيثُ يتمُّ بوساطتِها التحكّمُ بدورةِ الحياةِ في الطبيعةِ من تعاقبِ الفصولِ في دورتِها، وما ينجمُ عنها من نموّ الزرع ِ وكثرةِ المحاصيلِ والحيوانات، وكانت هذه "الآلهة" رمزا ً للقوّةِ التي تدفعُ الطبيعة َ لتجدّدَها بعدَ الموتِ. والإنسانُ البدائيّ ُ يعتقدُ أنّ موتَ الطبيعةِ يعودُ سببُهُ إلى موتِ الإلهِ، وأنّ هذا معناه تهديدُ حياتِهم بالفناءِ، لذا كانوا يعتقدونَ أنّهم بقيامِهم بهذه الطقوسِ إنّما يُعيدونَ الحياةَ للإلهِ الذي تمثّلُ عودتُهُ عودةَ الخصبِ والنّماءِ والتجدّدِ، لأنّه يملكُ القوّةَ التي تتحكّمُ بالحياةِ، " وسواءٌ أكانت هذه القوّةُ التي تدفعُ الحياةَ إلى الاستمرارِ هي أدونيس ،أم تموزَ، أم إيزيسَ، أم أوزوريس، أم كانت ملكاً بالفعلِ، فإنّ نسيجَ القصّةِ واحدٌ، وطقوسَ الاحتفالِ بموتهِ وبعثهِ واحدة.⁽⁶⁾
    ويتألّفُ نسيجُ القصّةِ أساساً من النقيضينِ : الموتِ والبعثِ، الجدْبِ والخصب، الحزنِ والبهجة. وهنا وقفَ السيّابُ على بغيته، فـ "تمّوز" بابليّ ُ الاسمِ عالميّ الرمزِ، يموتُ من أجلِ أن يحيا، يشكّلُ موتُهُ موتاً للخصبِ، وتشكّلُ عودتُهُ عودة ًللحياةِ، إذا ً فهو واهبُ الحياةِ للبشريّةِ، ومجدّدُ خِصْبَها، ولابدَّ لهذهِ التضحيةِ التي يقومُ بها "تمّوزُ" من معنى، ولابدَّ للجدْبِ والخرابِ والعقمِ من "تمّوزَ" ينهضُ بعبءِ رسالتِها، لهذا كان اندفاعُ السيّاب وراءَ رمز ِ " تمّوزَ" له ما يُبرّرُه في تجربتِهِ الشعريّةِ ، فهو الرمزُ الذي تتوحّدُ فيهِ كلّ ُ رُموزِ التضحيةِ من أجلِ إعادةِ الحياةِ ودفعِ الموتِ على نحوٍ مأساويٍّ حادٍّ، إذ أنّ مقتلَ "تموزَ" بنابِ خنزيرٍ برّيٍّ، ونُواحَ "عشتار" عليهِ له ما يماثلُهُ في عالمِ اليومِ الذي ينتظرُ تموزَ جديدا ً.
يعمل...
X