تويت
المبادرة العالمية للابتكار من خلال العلوم والتكنولوجيا
تحقيق/ حسام عبد القادر
هل يمكن أن يقوم الابتكار بدور إيجابى فى تحقيق النمو الاقتصادى؟.. وهل يمكن أن يحقق الابتكار الرفاهية للشعوب، وأن يساعد فى زيادة الدخل السنوى للفرد على مستوى العالم؟ هذه الأسئلة وأسئلة أخرى كثيرة أجاب عنها وناقشها أكثر من 100 عالم وباحث من 23 دولة اجتمعوا بمكتبة الإسكندرية فى الفترة من 14 إلى 15 ديسمبر 2010 من أجل المشاركة في تدشين "المبادرة العالمية للابتكار من خلال العلوم والتكنولوجيا" وهى المبادرة التى أطلقتها المؤسسة الأمريكية الدولية لتنمية البحوث المدنية لدعم البرامج العلمية والتكنولوجية في مناطق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا.
شارك في تدشين المبادرة الدكتور هاني هلال؛ وزير التعليم العالي والبحث العلمي، والعالم المصري الدكتور فاروق الباز مدير مركز الفضاء والاستشعار عن بعد بجامعة بوسطن، والدكتور إسماعيل سراج الدين؛ مدير مكتبة الإسكندرية، والدكتورة كيري آن جونز؛ مساعد وزير الخارجية الأمريكية للشئون العلمية، وكاثلين كامبل رئيس المؤسسة الأمريكية الدولية لتنمية البحوث المدنية، وبحضور كل من مارجرت سكوبي؛ سفيرة الولايات المتحدة لدى مصر، واللواء عادل لبيب؛ محافظ الإسكندرية.
فى البداية أكد الدكتور فاروق الباز أن المبادرة تأتي في إطار المجهودات المبذولة حديثًا لتطوير العلوم والتكنولوجيا في مصر والمنطقة العربية، ودعم العلماء والمعاهد البحثية المختلفة، موضحاً أن العالم العربى يمكنه أن يحقق الأفضل من خلال علمائه وطلابه، معلنا استياءه من المستوى الحالي للخريجين في العالم العربي حيث إنهم يفتقرون إلى الخيال والتفكير النقدي كما أنهم غير محيطين بالتطورات التي تحدث في العالم، بسبب اعتمادهم على التعليم من خلال الحفظ والتلقين.
وأضافت كاثلين كامبل رئيس المؤسسة الأمريكية الدولية لتنمية البحوث المدنية منظمة المبادرة، أن جلسات تدشين مبادرة الابتكار من خلال العلوم والتكنولوجيا بمكتبة الإسكندرية تقوم في الأساس على التشاور وخلق الشراكات، مشيرة إلى أنه تم طرح عدد من المقترحات حول أولويات الدعم، ونوع الاستراتيجيات التي سيتم إتباعها لتنفيذ المشروعات، ونوع الشراكات التي سيتم إنشائها.
مضيفة أن هناك أربعة قطاعات للتعاون والشراكة تستهدفها المبادرة في بدايتها؛ وهي: تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، والصحة، والطاقة، والزراعة.
ومن ناحيته أكد الدكتور هاني هلال وزير التعليم العالى والبحث العلمى أن الابتكار من خلال العلوم والتكنولوجيا يعد من أهم العوامل التي يعتمد عليها الإصلاح في قطاعات متعددة كالصحة، والطاقة، والزراعة والاقتصاد في المنطقة، موضحًا أنه في ضوء الأزمة الاقتصادية العالمية الأخيرة، تم الاعتماد على استراتيجيات للابتكار في عمليات الانتاج واستخدام الأفكار الخلاقة والأدوات التكنولوجية للتعافي من الأزمة، مشيراً إلى أنه خلال عمله مع شباب الجامعات، ومناقشة التحديات التي تواجه المستقبل، تم عمل تصور للمستقبل يعتمد على أدوات العلوم والتكنولوجيا، ويتجه نحو تحقيق الكفاءة في مجال الطاقة، والاقتصاد القائم على المعرفة، وتقديم خدمات عامة ذكية وفعالة.
وأكد هلال أن الابتكار من خلال العلوم والتكنولوجيا يمكن تحقيقه في مصر والمنطقة، لما تتميز به من موقع جغرافي هام، وموارد بشرية متميزة، وأبحاث لتطوير الأنظمة التعليمية، ونمو في ثقافة المبادرة والابتكار، وغيرها من العوامل، مشددا على أهمية الاعتماد على بناء معرفة حول الاستثمار الذي يتم في المنطقة في مجال العلوم والتكنولوجيا واستغلال فرص التعاون وبناء الشراكات، والتعرف على كل ما هو جديد في مجال العلوم والتكنولوجيا، وإلى أهمية إجراء البحوث العلمية الأساسية والتطبيقية، بهدف تطوير الانتاج من خلال التكنولوجيا، ووضع آليات لبناء مشروعات جديدة في هذا المجال، وخلق منح وفرص للعلماء ودعم المبادرات الجديدة.
كما أعلن وزير التعليم العالي والبحث العلمي المصرى أن عام 2011 سيكون العام المصري - الأمريكي للعلوم والتكنولوجيا، حيث سيتم الاعتماد على خلق الشراكات والاتفاقيات والمنح لتقديم أبحاث علمية مشتركة، وقد بدأ التعاون والتفاعل بين العلماء في مجالي الابتكار والمبادرة من خلال العلوم والتكنولوجيا.
قصص نجاح
ومن جانبها، قالت الدكتورة كيري آن جونز مساعد وزير الخارجية الأمريكية للشئون العلمية أن المبادرة العالمية للابتكار من خلال العلوم والتكنولوجيا تسعى إلى جمع نخبة من العلماء وممثلو الحكومات ومنظمات المجتمع المدني والهيئات الأكاديمية والقطاع الصناعي من أجل تعزيز الابتكار والاختراع وريادة الأعمال وإتاحة التكنولوجيا تجاريًا وانشاء اقتصاد قائم على المعرفة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا، مشيرة إلى أن المبادرة تعتمد على أربعة محاور أساسية، هي: مناقشة التحديات، وإنشاء الشراكات، والتشاور، ووضع خطط للمشروعات الجديدة، خاصة أن سياسة أوباما الخارجية تعتمد على الشراكة، وأن وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون ركزت على أهمية الشراكة وتقوم بعمل الكثير من المؤتمرات لدعم الشراكة وتضمين المرأة فى مجال العلوم والتكنولوجيا.
وموضحة أن التقدم في هذا المجال يعتمد بشكل أساسي على بناء الشراكات بين الأفراد والقطاعات والمؤسسات المختلفة، من أجل القيام بالأبحاث المشتركة، وتدريب صغار العلماء، ودعم الأنشطة العلمية المختلفة، وهناك أمثلة كثيرة على ذلك، فرغم وجود مجموعة كبيرة من التحديات التي تواجه المنطقة في مجال العلوم والتكنولوجيا، إلا أنه يوجد العديد من قصص النجاح لشركات وهيئات تمكنت من تحقيق مكانة عالمية في هذا المجال، ومنها شركة الشركة العربية للتقنيات الحيوية "أراب بيو تكنولوجى" بالإمارات العربية المتحدة، التي تجمع باحثين من مختلف الدول العربية للقيام بأبحاث في مجال التقنيات الحيوية، حيث تقوم بجلب الخبرات من العراق ومصر والإمارات وماليزيا وتقدم هذه الخبرات بالتعاون مع المؤسسات العلمية العالمية، وأيضا شركة تل نت Telnet التونسية، التى أصبحت متخصصة فى إنتاج الإنسان الآلى وتنتج نظم معلومات والسيارات الذكية وذلك بالشراكة مع بعض الشركات الأمريكية، ومن النماذج الهامة أيضا حديقة قطر للعلوم والتكنولوجيا والمتخصصة فى تنمية التكنولوجيا.
وقالت جونز أن تدشين المبادرة شهد أيضا مجموعة من ورش العمل من أجل مساعدة الخبراء والعلماء على تبادل الخبرات وتحديد المجالات الأساسية التي تحتاج برامج دعم علمية، ومناقشة وضع آليات جديدة لدعم وتطبيق شراكات العلوم والتكنولوجيا. وهي الآليات التي سيقوم عليها المشروعات التي ستتقدم للحصول على منح الدعم في المؤتمر الأول للمبادرة العالمية للابتكار من خلال العلوم والتكنولوجيا المقرر عقده في يونيو 2011 في المغرب.
الأعمدة السبعة للمعرفة
ومن جانبه، تحدث الدكتور اسماعيل سراج الدين عن تصوره للثورة المعرفية الجديدة، مشيرًا إلى أنها تتمتع بخصائص سبع رئيسية، أو "أعمدة"، هي: البنية، والحياة، والتنظيم؛ والصورة والنص؛ والإنسان والآلة؛ والتعقيد والفوضى؛ وعلوم الحاسبات والبحث العلمي؛ والتقارب والتداخل والتحول؛ ومنهجية الدراسات البينية وصياغة السياسات المناسبة. وأضاف أن هذه الأعمدة لها تداعيات على كيفية التفكير في عملية التعليم ومؤسساته، وكيفية تصميم مؤسسات البحث العلمي، والمؤسسات المساندة للمنظومة المعرفية المتكاملة، كالمكتبات والأرشيفات والمتاحف.
وعن البنية والتنظيم، أكد أن النسيج المعرفي الجديد يشمل ترابط الأفراد عن طريق الترابط الاجتماعي، ويتجه نحو الشبكة الدلالية Semantic Web، حيث يمكننا البحث عن العلاقات والمفاهيم وليس فقط عن الأشياء، فإن هيكل تنظيموعرض المعارف يصبح نسيجًا كبيرًا مترابطًا ومفعمًا بالحيوية من المفاهيم والأفكار والحقائق، أما بالنسبة للصورة والنص، فإن الثورة الرقمية تتيح لأي شخص تسجيل الصور، وأصبحت رسوم الجرافيك في متناول الجميع، ومن هنا يزيد الاعتماد على الصورة في نقل المعلومات والمعارف.
وأوضح سراج الدين أن القرن الحادي والعشرون هو بداية عصر جديد في تفاعل الإنسان مع الآلة واعتماده عليها، كما أن التعقيد الذي نعيش فيه في عالمنا والشبكة الهائلة من المعاملات المتداخلة، أدى إلى وجود علم مستقل للتعامل مع هذا التعقيد، مشيرًا إلى أن مفاهيم الحاسب الآلي وتقنياته ستصبح جزءًا محوريًّا من منهج البحث العلمي الجديد، ولذلك ستكون العلاقة بين الحاسوب والإنسان علاقة أساسية في المجالات الثقافية المختلفة في العقود القادمة.
وقال إن المجالات المعرفية تتقارب بالتدريج، ولحظات التقارب هذه، تتولد منها علوم جديدة ورؤى جديدة هي التي تكون أكثر اللحظات ثراءً في تطور المعرفة وفي تطور التكنولوجيا، مؤكدًا على أهمية التفاعل بين المجالات المعرفية المتعددة، لدراسة مشاكل العالم الجديد وتحدياته، والاسهام بالقدر الكافي في صياغة السياسات المناسبة للأوضاع المتغيرة.
كما أكد راشد بن مختار رئيس المؤسسة المغربية للعلوم المتقدمة والإبداع والبحث العلمي على أهمية تطوير دور الجامعات في العالم العربي كي تصبح شريكا رئيسيا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأضاف أن "المبادرة العالمية للابتكار من خلال العلوم والتكنولوجيا" ستسهم في إتاحة الوصول للمعرفة والتكنولوجيا للدول النامية؛ حيث إن التمويل ليس هو العائق الوحيد للتقدم.
ومن جانبه تساءل الدكتور جورما روتى خبير التكنولوجيا فى أوروبا ومؤسس مبادرة للتكنولوجيا فى فنلندا عن كيفية تحويل المعرفة إلى فوائد اقتصادية واجتماعية، موضحاً أن هناك دولاً نجحت فى ذلك مثل الصين والهند وفنلندا وتمكنت من تحويل الكساد الاقتصادى إلى نمو هائل بسبب المعرفة والابتكار، موضحاً أن الحل فى الاستثمار فى مجال المعرفة والابتكار، من أجل زيادة دخل الفرد على مستوى العالم، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال جامعات مؤهلة للبحوث مع وجود شراكة مع القطاع الخاص، وبناء أنظمة ابتكاريه ومنح من الحكومات.
المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا
وحول دور المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا يقول الدكتور عبد الله النجار رئيس المؤسسة أنها تهدف إلى التعرف على النشاطات البحثية العلمية التي يجريها العلميون العرب في العلوم والتكنولوجيا بالوطن العربي، وإلى تقديم الدعم لها، وتقوم المؤسسة بدور الوسيط بين كل من ينتج ومن يطور ومن يمول ومن يستفيد من البحث العلمي، كما وتسعى إلى أن تصبح مركزا لتقييم الأداء في البرامج العلمية المنفذة، وهيئة عربية ذات نفوذ عالمي في الدفاع عن مصالح الإقليم نحو تحقيق التقدم في المجالات العلمية والتكنولوجية، مضيفا أن المؤسسة وقعت اتفاق مع "الويبو" لعمل مراكز لها فى خمس بلاد عربية هى: مصر، الأردن، تونس، المغرب، والجزائر، ونعمل حاليا على عمل مبادرات من أجل براءات الاختراعات
لقد بدأت فى تأسيس 4 شركات بحثية وهو عمل شاق جدا ونحتاج إلى فق عمل كثيرة وشراكات، فالمؤسسة تتطلع إلى أن تكون هيئة عربية ودولية مؤثرة، تدعم جهود العلماء والباحثين العرب، وتدافع عن مصالح الإقليم في التطور العلمي والتكنولوجي، مع العمل على توفير الحماية للإنسانية من التأثيرات السلبية المحتملة، ومن مخاطر ذلك التطور.
علماء بلا حدود
وحول مؤسسة علماء بلا حدود تقول شيفالى بيرى المدير التنفيذى لمؤسسة علماء بلا حدود أننا نؤمن بأن الإلهام يأتى من الأفراد، ولذلك فلابد أن نرعى هذا الإلهام وننميه من خلال التواصل، وهو أهم أهداف مؤسسة "علماء بلا حدود" فالتواصل بين المصادر العالمية للعلماء فى جميع أنحاء العالم، وتنظيم هذه المصادر العلمية، ومنذ توليت منصب المدير التنفيذى لهذه المؤسسة فكرت فى كيفية الاستفادة من الابتكار، وهو أن نتعامل مع العقل البشرى على مستوى عالمى من خلال استخدام التقنيات الحديثة ونشاطات القطاع الخاص واكتشاف ما لديهم، حيث نقوم بعمل شبكات ليتواصل العلماء مع بعضهم البعض مما يؤدى إلى الابتكار والتقدم الاجتماعي، وذلك على عدة مستويات: الحكومات، المشاركات، والأفراد.
لقد قمنا بذلك عن طريق الويب وتوفير قاعدة بيانات وتكوين بوابة لاقتراحات المشاكل والحلول وما يقابلونه من مصاعب ودعوة أشخاص آخرين للمساعدة فى حل المشاكل، وهذه الطريقة يجتمع فيها العلماء مع بعضهم البعض.