إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

موت ( ابن الرومي ) وآراؤه في المجتمع و الحياة - بقلم مزكان حسين بور

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • موت ( ابن الرومي ) وآراؤه في المجتمع و الحياة - بقلم مزكان حسين بور



    بقلم مزكان حسين بور
    ناقدة وكاتبة إيرانية


    ابن الرومي: حياته الشخصية والأدبیة

    آراؤه في المجتمع و الحياة :
    نشاهد في نفسيته نقمة علی المجتمع الَّذي عاش فيه ويعبّر عنها بقصائده «فقد رأی غيره من الشعراء والأدباء و الناس، ممّن لايتحلون بأية فضيلة، يحصلون علی المکانة العالية،والأموال الوفيرة، و الشهرة الواسعة، بينما يری نفسه،وهو الشاعر المجيد،لا تقدر مواهبه و هو يمنع عن أي منصب مرموق،ويحرم من التقرب إلی أصحاب المراتب العليا وکان ابن الرومي _ في کلَّ يوم _يتأکدله،أن عصره کان عصر إختلال وتفرّق،لايحقق الإنسان فيه مراده بقدرته وکفاءته،أوبإحتياله عليهم،وإتخاذ لسانه أداة تملّق يظهر عکس ما يبطن،تحقيقاً لمصالحه وضافعه فثار علی المجتمع المشبع بالنفاق والخديعة،وقام يشکو اختلال الزمان.لقد أشار ابن الرومي إلی انهيار القيم الحضارية والإنسانية في عصره،وسقوط المثل العليا بين أبناء وطنه فمراد ابن ارومي أن يسمو الإنسان بعلمه وعقله و فکره، وليس بمکره واحتياله ويوضع ذلک بنقمة لازعة ولسان شديد الوطأة.». [20]
    هناک آراء مختلفة لعلم النفس تظهر لنا بعض الخصائص النفسیةکما يستفيد منها خليل شرف الدين في کتابه من آراء البرفسور أدلر واضع علم النفس الفردي الذی یقول في سياق حديثه عن قانون التعويض: «إنَّ شعور الإنسان بأنَّه دون غيره الذي يسمی "بالدونية"من أعظم الدوافع إلی العمل وبذل الجهل ،وإنَّ الغريزة المسلطة هي السيطرة والتطلع إلی العلو و عندما يعجز الشخص عن اثبات ذاته، واکتساب النفوذالاجتماعي الَّذي يصبو إليه، نظر لعيوبه الجسمانية خاصة القامة، أو قبح الهيئة، أو أية عاهة من إحديداب أوضعف في النظر، أو عي في اللسان... الخ فأنه يلجا إلی سبل مختلفة من" التعويض" قد تؤدي به أحياناً إلی التفوق والتيام بأعمال جلية،و أحياناً أخری إلی أن يصطنع في سلوکه أسلوباً شاذاً کالقسوة والاستبداد في ضعف البنية،أو المکر في قصار القامة مثلاً.» [21]
    وأيضاً من أنواع التعويض« أحلام اليقظة.. وهي إحدی طرق الفرار من الواقع . تلعب المخيلة دوراً هاماً في هذا الشأن... فإذا تغذر تحقيق الرغبات بطريقة فعلية واقعية فما أسهل تحقيقها في عالم الوهم و الخيال! و ليست أحلام اليقظة في حد ذاتها ضارة دائماً، فقد تمهد الطريق إلی ابتکار وسائل جديدة لحل المشاکل التي تواجه المرء... ولکن إذا استسلم المرء لها وقطع الصلة بينه وبين العالم الخارجي، ولجأ إلی برجه العاجي فقد يتحول هذا الانزواء و الانطواء علی النفس إلی حالة شاذة شبيهة بالحالات المرضية أو مؤدية إليها.» [22] هذه الحالات کلها تنطبق علی نفسية ابن الرومي «إذا کان ابن الرومي قد لجأ إلی ما يُسمی في علم النفس الحديث "بالتبرير الجدلي"أي إلی تبرير المواقف العاطفية بالجدل اللفظي أو اللعب علی الألفاظ وإستقصاء المعنی إلی آخر مدلولاته و رموزه... فما ذلک الاَّ تغطية لفشله الذريع في تحقيق ما يريد من المجتمع ..إلاَّ أن هذا التبرير و ذاک الإستقصاء أفادا الشاعر ولم يفيدا الشعر... أفادا الشاعرمن حيث أتی حالة العيش طويلا معهما مع عالي المعاني والأخيلة.. ولکنهما أضّرا کثيراً بالشعر،إذ جعلاه موضوع جدل ومناقشة وضرب حجج وبراهين و مماحکة وتفسير.. وبتعبير آخر جعلاه أقرب إلی النثر الخطابي منه إلی الشعرفبهتت معه التجربة وبردت العاطفة، وانحدر ابن الرومي في مطولاته إلی السفح في حين ارتفع في مقطوعاته إلی القمة... » [23]
    موته :

    أمَّا لسانه، فهو وثيق الصلة بموته و بکثرة أهاجيه و هجاؤه وثيق الارتباط بطيرته و تشاؤمه من کل الأشخاص و الأشياء. إذن يصل ابن الرومي في الهجاء و التصرف بمعانيه و أساليبه و الإفحاش في ذلک إلی حد خافه معه معاصروه، و اشتهر ابن الرومي بالجرأة علی هجاء الأمراء فلم يسلم أحد من الخوف منه حتی الوزير القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب. أن الوزير يخاف هجوه و فلتات لسانه بالفحش، فأکله بالسم ومات ابن الرومي مسموماً (سنة 283 ﻫ.) بسبب هجائه اللاذع وطول لسانه. و قبل موته، فهم بتقصير الطبيب لمعالجته بالسم ، فظَّن أنه قصر عليه. [24] حیاته الأدبیة: أبرزت انتقال الحياة الأدبية إلی بغداد حدثاً خطيراً في تاريخ الأدب العربي عاماً و في تاريخ الشعر العربي خاصاً. فقد کانت بغداد عاصمة الخلافة العباسية لأوَّل مرة في التاريخ و هي المرکز الأدبي وکانت حياة الشعر في بغداد صورة التنافس بين الشعراء و قد ورد الشعر بغداد أداة للتعبير عن الأفکار والمشاعر و تغلب عليه سمة الجد و الموضوعية.کما ينتقل في أثناء التحول من الموضوعية إلی الذاتية ومن الجد إلی الهزل وکان يجري هذا التحول فيه وجمیع شعراء البصرة و الکوفة عکفوا علی أنفسهم و استبعدهم الملک من المشارکة في الأمور الخطيرة و تأثروا بمعالم الحضاره و الحياة العقلية. [25]
يعمل...
X