إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الحسد والحقد و تشاؤم وتناقض ( ابن الرومي ) - بقلم مزكان حسين بور

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الحسد والحقد و تشاؤم وتناقض ( ابن الرومي ) - بقلم مزكان حسين بور



    بقلم مزكان حسين بور
    ناقدة وكاتبة إيرانية





    ابن الرومي: حياته الشخصية والأدبیة

    تشاؤمه وتناقضه:
    کان علی بن العباس الرومي «مُفَرِط الطَّيرَة، شديد الغلوّ فيها. وقد أکثر العرب من ذکر الطَّيَرة، والزَّجرِ،کانت تقتدی بذلک و تجري علی حکمه ،حتی ورد النَّهي في سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: لا عَدوَی ولاطِيَرة. أيضاً إنّ النبي صلی الله عليه وسلم يُحِبُّ الفأل ويُکرِه الطَّيَرة». [13] إنه کان يسرف في الطيرة،حتی کان ذلک يؤثر في حياته و مزاجه تأثيراً شديداً،و کان يضطربه إلی أن يلزم بيته أياماً لايخرج منه. [14] و من مظاهر تشاؤمه: «فقد کانت الطيرة تجسيداً لموقفه العام من الحياة،ولعجزه من الإيمان بجدواها وتعلقها ونظامها، فعينٌ حولاء، أو يدٌ مشلولة،أم قدم عرجاء،إنَّما هي رمز للنقص والعاهة في العالم وهي تطالعه،إنّما تنذره بأنّ خطباً ما يسلم به أو أنَّه سيصاب بضرب من ضروب النقص و الخسارة. لأنَّها هي بالذات تولّدت عنهما وحيثما حلّت فإنَّها تمهئ لحلولها وهکذا فإنَّ الوجودکان بالنسبة لإبن الرومي،رهينة العاهة والمصيبة،تراود أنَّه،تطيفان به وتطالعانه،فجأة في کلّ مظهر أو لفظٍ أو حرکة». [15]
    لعَّل شخصیة لم تجتمع لها طائفة من المتناقضات النفسية کشخصيته ابن الرومي«فهو رجل غريب الأطوار،لا يستقر علی حالة واحدة من حالات النفس المستقره الثابته. کما تراه يمدح اليوم إنساناً ثم لا يلبث أن يذَّمه غداً، و تراه يمدح هذا الزهر ثم لا ينفک أن يذمه بعد اليوم.» [16] کما کان الشعور بالخوف،صفة ملازمة لحياة ابن الرومي الذي يصل به الحياءُ إلی الدرجة التي تمنعه حتی من تنشق الهواء النقي. [17]
    الحسد والحقد:

    هما من أوصاف ابن الرومي في کتب الأدب. و لکن ليس الحسد و الحقد وصفين متلازمين لإبن الرومي و لا يعتقد عباس محمود العقاد في کتابه مثل هذه الصفات وينکر صفاته و يقول:«و أجهل الناس بالطباع الانسانية من يصف رجلاً کابن الرومي بالحسد والضنيعة لأنَّه کان يألم الانسان لأنَّه محروم مذوذ عن النعم و يتذوقها و يعرف معنی المتعة بها،ولا أن يری مصيباً أو مخطفئاً في رأية أنه أجدر بتلک النعم ممن لا يحبسهم انداده في الفضل والذکاء وأقرانه في المناقب و المآثرة،کلا ليس هذا هو الحسد المذموم في ردي الصفات،وإنَّما الحسد المذموم هو خلق کرهة يبتلی به المرء فلا يطيق النعمة عند غيره و أن کانت عنده ولا يستريح إلی شعور الناس بالسعادة لانقطاع ما بينه وبينهم من رحم العطف والمشارکة في الامزاج و الآلام. فالحسد نضوب في العاطفة وابن الرومي أبعد الناس عن نضوب العاطفة». [18] أيضاً يؤکد العقاد: «کان ابن الرومي ساخطاً و يکن حاقداً والبون بعيد بين السخط والحقد وإنَّ التسبت أعراض هذين الخلقين عن طلاب الظواهر،فهما خلقان متباینان وقد يکونان في بعض الأحيان متناقضين،فيسخط الانسان بل يذوم في قلبه من الحقدأثر،وقد تکون کثرة سخطه لکثرة استجابته للمؤثرات الجديدة الطارئة التي تتعاقب علی حسد،أي لقلة حقدة و قلة إصراره علی البغض القديم.» [19]
يعمل...
X