إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

المرأة في رواية عناق الأصابع - بقلم جميل السلحوت

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المرأة في رواية عناق الأصابع - بقلم جميل السلحوت



    «عناق الأصابع» في اليوم السابع

    بقلم جميل السلحوت
    المرأة في الرواية

    لقد اهتمت الرواية بالمرأة وتطرقت الى ثلاث نساء، يمكنني أن أقول أنهن من أبطال الرواية:
    أم سعيد، أم الأسير: هي أم الأسير علي النجار التي تمثل أم الأسرى جميعًا ولا تنفك مدة ٣٨ عامًا في التنقل من سجن إلى آخر مع تنقل ابنها علي، في البحث عنه وزيارته، والتفكير به، والافتخار به.. والحلم بأن تراه قبل أن تموت ص ٣٢٧. ويكون لها هذا حين يُفرج عن علي في عملية تبادل للأسرى، لكنها سرعان ما تفقده إذ يستشهد بسقوط صاروخ على سيارة تُقله لإحضار عروسه خولة عند معبر قلنديا. هذه الأم التي تخوض الإضراب عن الطعام تضامنًا معه ولا تنقطع عن زيارته كل أسبوعين طيلة مدة الأسر، تظهر كنموذج للأم الفلسطينية التي تقدم أبناءها للوطن. ونرى موقفًا للأم عند محاكمة الأسير عمر القاسم بعد أن نفذ حكم الإعدام بحق أحد الجواسيس، لينال مؤبدًا آخر إضافة الى مؤبد و٢٧ عامًا قد حكم بها من قبل، لتقف الأم وتزغرد وسط القاعة صائحة (الله أكبر على الظالمين، الله يحميكم وينصركم) ص٢٦٦. تلك الأم التي لا تر ابنها إلا من خلف القضبان ورأته بعد نحو عقدين دون قضبان في قاعة المحكمة حاولت الاقتراب منه، لكن الشرطي منعها، حاول المحامي التدخل طالبًا السماح للأم بالحديث معه لثوان، لكن مسؤول الوحدة رفض ذلك مدعيًا أن الأوامر لا تسمح له بذلك.
    رحاب : شقيقة علي النجار، تسافر الى روسيا لدراسة الصحافة وتقود مظاهرات داعمه للأسرى وفلسطين، تلتقي بشاب روسي يُدعى فلاديمير معنيّ بالقضية الفلسطينية. يُصارحها فلاديمير بحبه، وتجد نفسها واقعة في غرامه. يعرض الشاب عليها الزواج، ليقابلها رفض الأهل. شخصية رحاب المتمردة، لا تقتنع برفض الأهل وبتقاليد مجتمع لا يُعارض زواج الشاب من أجنبية فيما يمنع الفتاة من خطوة كهذه. تتزوج رحاب من فلاديمير زواجًا سريًا تنجبُ منه طفلا تُطلق عليه اسم أخيها علي، لكن بعد عام ينتهي الزواج والحب بالطلاق. وتعود رحاب الى فلسطين ولا تُعلم والديها بالقصة. يقع شاب تقدمي صحفيّ يُدعى عمران بحب رحاب ويُصر على الزواج منها، فتُعلمه بزواجها السابق ولا يعترض. ورغم ان عمران من دعاة تحرير المرأة وعملها واستقلاليتها وتقبله لطلاق رحاب، نجده بعد سنوات يطلب منها أن تترك عملها في الصحافة التي هي ناجحة فيها لتعتني بطفليها، فيما يتبوأ هو منصب رئيس تحرير صحيفة الفجر التي كانا يعملان بها.
    تستلم رحاب بعد ستة أعوام من الزواج بعمران رسالة من فلاديمير (زوجها السابق)، يُعلمها فيها عن خيبته من الاشتراكية، بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، وقراره بالرحيل إلى أمريكا واستغنائه عن حضانة ابنها عليّ، وأنه لن يصحب الطفل معه الى أمريكا بل سيتركه عند أمه العجوز. وهنا تحتار رحاب أمام تعنت زوجها الذي يرفض استقبال الطفل. يعلم أهلها بالموضوع عن طريق شقيقها سعيد فيموت والدها بسكتة قلبية، ولا يساعدها أحد في الوصول الى حل بشأن طفلها الروسي الذي سيبقى وحيدًا. وعمران يخيرها بينهما، لنجد رحاب تترك عائلتها وتسافر الى روسيا ومن ثم ألمانيا لتربي ابنها، ولا تعود الى أرض الوطن الا بعد ١٦ عامًا بعد تحرر أخيها علي من السجن، والذي يُرحب بعودتها.
    خولة: شابة صحفية تلتقي أم سعيد لتصحبها الى السجن لزيارة علي وإجراء لقاءٍ صحفي معه. وهناك عند معانقة أصابع علي لأصابعها، تشعر بشعور غريب، لتجد أنها وقعت في حب علي. وتستمر زيارة خولة لعلي بمرافقة أمه ويتصارحان بشعورهما، وتقرر أن ترتبط بعلي رغم أنه محكوم بالسجن المؤبد. يوافق والديها على رغبتها، ويُعقد القران في السجن. وتبقى خولة العروس تحلم بعناق عريسها علي، وتحيى طيلة ٢٨ عامًا على أمل أن يُفرج عنه في صفقة تبادل. وفيما تجهز الملابس له وتحلم، تجد أن صفقة ١٩٨٥ لتبادل الأسرى تستثنيه. حتى يُفرج عنه عام ٢٠٠٨، وتعانقه للمرة الأولى.
    لكن فرحة خولة لم تكتمل وذلك عند استشهاد عليّ في يوم الزفاف بسقوط صاروخٍ على سيارة تُقله إلى الفرح. خولة هذه البطلة صاحبة الميزات الخارقة والتي يصعب أن تكون حقيقية، وبعد أن واكبت على زيارة علي مدة أسره ولم تتغيب إلا للضروريات، نجدها بعد موته تواكب على زيارة قبره كل صباح، وتأتي هنا نهاية الرواية في أن تصارح صديقه خليل الصباح الذي سافر إلى أستراليا، بهذه الزيارات، فيسألها الى متى يا خولة ؟ لتقول (إلى أن يعود ليأخذني معه).
    عنوان الرواية عناق الأصابع:
    إن عنوان الرواية يُقدم الرواية بأفضل تعبير ليختصر رسالة الرواية بكلمتين، في نقله البُعد الإنساني لحياة الأسير، هذا البُعد الذي ركز واهتم الكاتب كثيرًا بإبرازه أكثر حتى من الدور النضالي. ليقول الراوي ص٢٩ (اقتربت أمه بسرعه متلهفة لرؤيته سلمت عليه بأصابعها التي أدخلت بعضها خلال الشبك الحديدي، ما أروع أن تتعانق الأصابع بعد غيابٍ طويل، خارج القضبان ليس لها معنى، لكن للذين تفصل القضبان بينهم فللأصابع إحساس غريب، من خلالها يتصل الأسير بمن هم خلف القضبان، من خلالها يرتبط بالعالم الخارجي.)
    ختامًا أعتقد أن الكاتب نجح في امتداد عناق ٍ حميم ما بين أصابع القارئ وأصابع الأسرى، في نقل عالمهم إلى مخيلة وروح القارئ ويربطهما ببعض.
يعمل...
X