Announcement

Collapse
No announcement yet.

د. جميل حمداوي ( نماذج من الكتابة الشذرية ) الشذرة الأولى

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • د. جميل حمداوي ( نماذج من الكتابة الشذرية ) الشذرة الأولى

    د. جميل حمداوي ( نماذج من الكتابة الشذرية )
    الشذرة الأولى

    4- نماذج من الكتابة الشذرية:
    نقدم للقارىء مجموعة من الشذرات الفلسفية والفكرية والأدبية، لتبيان طرائق انكتابها دلالة وصياغة ومقصدية. ونبدأ بنموذج فلسفي للفيلسوف الروماني شييرون. وإليكم أهم نصوصه الشذرية:
    الشذرة الأولى: تفسير التردي من كتاب:" مختصر التفسخ":
    " كل منا ازداد بقدر من النقاوة المقدر لها أن تفسدها المتاجرة مع الناس، التي هي خطيئة في حق الغربة. فكل منا يفعل المستحيل حتى لايرتد إلى نفسه، والآخر ليس قدرا بل إغراء نحو التردي...عاجزين عن الاحتفاظ بأيدينا نقية وقلوبنا خالصة، فإننا نتدنس بالعرق الغيري، ونتمرغ في وحل الإجماع، متعطشين للتقزز، متحمسين للنتانة. وحين نحلم ببحار متحولة إلى ماء مبارك، يكون أوان ارتمائنا فيها قد فات، فيحول فسادنا العميق جدا دون غرقنا فيها: العالم قد غزا عزلتنا ؛ وآثار الآخرين علينا صارت لاتقبل المحو.
    في سلم المخلوقات، وحده الإنسان يلهم النفور المتواصل.النفور الذي توحي به الدابة نفور عابر، إذ إنه لاينضج أبدا في الفكر، في حين أن أمثالنا يسكنون أفكارنا، ويتسربون في آلية انفصالنا عن العالم لتثبيتنا في نظام الرفض واللانخراط، نظامنا.وبعد كل محاورة تدل رقتها لوحدها على مستوى حضارة، لماذا يستحيل التأسف على الصحراء وأن نغبط النباتات أو منولوجيات عالم الحيوان اللامتناهية.
    إذا كنا بكل كلمة نحقق نصرا على العدم، فلكي نحسن تلقي سلطانه، إننا نموت بمقدار الكلمات التي نرمي بها من حولنا... والذين يتكلمون ليست لهم أسرار، والحال أننا كلنا متكلمون.إننا نخون أنفسنا ونستعرض قلوبنا، كل واحد منا جلاد اللامنطوق، يستميت في هدم الألغاز بدءا بألغازه هو.وإذا مالتقينا بالآخرين، فلكي نحط من قدرنا في سباق نحو الفراغ، أي إما بتبادل الأفكار وبالاعترافات أو بالمؤامرات. إن الفضول لم يثر السقوط الأول فحسب، وإنما أيضا كبوات كل الأيام العديدة.فليست الحياة سوى هذا التلهف للسقوط وتعهير توحدات الروح البكر بالمحاورة التي هي النفي السرمدي واليومي للجنة. وقد لايكون على الإنسان أن ينصت إلا لنفسه في شطح لامنقطع وللكلمة اللامبلغة وأن لايصنع إلا كلمات لصمته الذاتي وموافقات تلم بها حسراته وحدها، إلا أن الإنسان هو ذلك الثرثار الكوني الذي يتكلم باسم الآخرين، فأناه يحب الجمع والذي يتكلم باسم الآخرين هو دائما دجال، فالسياسيون والإصلاحيون وكل الذين يتحيزون لذريعة جماعية غشاشون، كذب الفنان وحده ليس كليا، بما أنه لايبتدع إلا لنفسه.وخارج الركون إلى اللاتواصل والتأرجح وسط انفعالاتنا الصماء، ليست الحياة إلا رجة في مدى لاعناوين فيه، وليس الكون إلا هندسة مصابة بالصرع..."#
Working...
X