إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الأدب والنقد والقارئ العادي - سلمان إسماعيل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الأدب والنقد والقارئ العادي - سلمان إسماعيل

    الأدب والنقد والقارئ العادي
    رغم العمر الطويل لهذا الكائن الأليف الذي يسمى (الأدب) فمازال لا يصّنف في بديهيات المعرفة، ومازال ذا صفة التباسية تقبل التساؤلات المعادة !

    ومصطلح الأدب، شأن كثير من المصطلحات المعرفية. إشكالي، فهو ضيق ضيق في أذهان النزعة الجمالية
    الصرف حتى ليكاد يقتصر على ما يسمى الأدب الإنشائي (الإبداعي) كالشعر والقصة والمقالة الأدبية.
    (وبعضهم لا يدخل المسرح في فنون الأدب).. وإذا ما طرح سؤال الماهية لكل فن تغدو الدائرة في الحد الأدنى من الضيق، إذا ما الذي يسمى شعرا، وما الذي يمكن ان يصنف في الرواية وهكذا... ؟
    · وبالمقابل، المصطلح مفتوح ومتسامح يتسع عند آخرين لأشكال انتقالية كثيرة كالسيرة والرحلات،
    و الرسائل واليوميات و المواعظ و الخطب، حتى بعض أشكال التناول التاريخ والجغرافي والفلسفي والجدل السياسي أدب عند أولئك المتسامحين..
    فأين يكون المرء من هذه التيارات إذا؟
    أنا مع المضيقين الجماليين حتى أكاد أكون زميبتهم، ومع المتسامحين المتسعين حتى أكاد أبدو أكثرهم تفريطاً الأدب عندي هو الروح الشعرية تسري في أي عمل لغوي يعتمد على التخييل و الانزياح في معنى الألفاظ انزياحاً يبعدها عن التعبير المباشر ( التعبير الصفري ، على حد ما يرى بارت ، أي عن أقل طرق التعبير حساسية ، هذا الانزياح (الانحراف) الذي يخلق عالما من العلاقات المتميزة عن الواقع العملي ا لخالص (في رأى بول فاليري).
    وقد تكون هذه الروح في فنون القول (اللغة) غير الشعرية، ربما تكون في كتاب على رفوف الرواية ، وفي مصنف فلسفي، أو في خلاصة سياسية، اكثر مما هي في نص لم يصنف كاتبه في غير سلالة الشعراء، ولا يرتضى إلا تسمية الشاعر في الأوساط الأدبية.. الروح الشعرية في النص المكتوب هي التي تنميه إلى الأدب، ولا أهمية بعد ذلك. أن تحل في قالب الرواية حسب تقاليدها، أو تتمدد في المسرحية حسب أعرافها وأساليبها..
    · وعلى هذا يرجني توتر ما، وأنا اسمع أحدهم يقسم كلماته تقسيم الشعر، بينما انتشى أتنفس براحة، وانتعش من الداخل، وأنا أتابع محاضرا ًفي قضية تاريخية، أو حتى في مسألة بيئية، يرسل محاضرته بلغة معبرة مشحونة وراءها خيال متجاوز يشكل واقعا متحركا يتخطى المألوف والمحسوس المباشر !
    إن تصنيف الكتب بيبلوغرافيا حسب (ديوى) وتنضيدها على رفوف المكتبات مصنفة على أساس أجناسها لا يطمئن دائما، فقد تكون هذه الرواية نصاً فلسفيا، وهذا الكتاب الفلسفي شعرا، وهذا الشعر إعلاناً سياسياً أو نشرة سياحية ليس غير.. والشعرية (الأدبية) لا تقتصر على الفنون القولية (اللغوية ) لقد غدت مصطلحاً متسرباً في الفنون المرئية والمسموعة والصامتة وحتى الحركية. وعلى هذا مادامت الروح الشعرية تحتل جسد الكتابة أو المنتج الفنى فهذا ا العمل أدب.. وهكذا تصل الأدبية إلى الأساطير والفلسفات أدب الخيال العلمي والأمثال والأقوال المفردة..
    · وفي ماهية الأدب لا أتستطيع أن ادعى أنى قادر على وضع تعريف مبتكر، ولا أستطيع أن أغامر بتبني تعريف مستعار من ناقد أو منظر أدبي. فما اصعب أن يصطفى المرء تعريفا للفن ( أي فن)، وذلك لان صيغة هذه المعرفة المركبة يصعب تأطيرها! لقد أضيئت جوانب في الفن والأدب من المعرفين، ولكن أحداً لا يستطيع أن يدعى الإحاطة بالجوانب كلها، ثم هل للفن أبعاد محددة بدقة؟
    إن من قدم تعريفاً للفن، تعريفاً للأدب.، انحاز، بالتأكيد إلى ما رآه الأهم لديه، وقد ولدت ثنائية الماهية و الوظيفة في الفن شكولاً من التعاريف والتعميمات التجريبية التي تفيد كمداخل ذات علاقة بمرجعياتها المختلفة، لكنها لا تستوعب الفن مما يجعل، وهذا طبيعي، الاجتهادات مفتوحة أبداً مع هذا اللون من النشاط الذهني الوجداني المتجدد المليء بالأسرار والمتكاثر بالدلالات.
    " لقد حاول تولشتز أن يقارب ماهية الفن، لكن ما الذي وصل إليه؟ ناقش تعريفات الفن المتبانية التي وصل إليها واختارها بالطبع في ثلاثين صفحة، ودفعه اعتداده ووزنه الأدبي والفكري إلى أن ينص على تعريفه الخاص الملخص في أن النشاط الفني يتلخص في أن يستحضر الفرد في ذاته إحساساً كان قد جربه من قبل وبعد أن يستحضره في ذ ذاته يوصله إلى الغير بحيث يجرب (هذا الغير) الإحساس عينه. وهكذا تصل إلى (الغير) عدوى هذا الإحساس ويجربه.. هل يمكن الاستسلام لما توصل إليه تولستوى في نظرية العدوى في الفن ؟
    كل منا يتذوق الفن والأدب . ويكاد يكون واثقاً من ذائعته ، مؤمناً بإشاراتها ، لكننا لا نستطيع أن نحلل – دائما – الرسالة التي تسلمناها هذه القصيدة أو المقطعة أو القصة ....
    · ترى هل كان ( دكتور جونسون ) محقاً عندما أعلن وهو يكتب عن حياة جراي " إنه ليسعدني أن أفق في الرأي مع القارئ العادي ، فإدراك القارئ الفطري الذي لم يفسده التحيز الأدبي المكتسب بالمهارات الرقيقة و التعصب العلمي ، يجب أن يكون هو القول الفصل الذي يعزز أسس التفوق في الشعر " ؟
يعمل...
X