إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

من ديوان حصاد السّنين مختارات الأديب رياض عبد الله حلاق

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • من ديوان حصاد السّنين مختارات الأديب رياض عبد الله حلاق

    الأديب رياض عبد الله حلاق

    حصاد السّنين ديوان شعر (مختارات من شعره)

    إنَّ ذكرَ أعلام حلب من مفكّرين وعلماء وأدباء وباحثين يستدعي ذكر الشاعر المرحوم عبد الله يوركي حلاق صاحب مجلّة الضاد ومؤَسِّسها، وحاضن الأدباء في شتى الأصقاع، وواسطة العفد بين أدباء المهجر وأوطانهم، وهو والد الأديب الذِي أستعرض بعضا من محطات حياته، وأدبه، وبما يتناسب مع منهج العرض.
    النشْأة والمكوّنات:
    في هذا البيت العابق بأريج الأدب والإبداع نشأ وترعرع، وبين مجالس الأدباء كان مجلسه، ومنهله من عذب معارفهم المتنوّعة، فأتقن العزف على الحرف واللغة، فاستعذب حلاوة اللّقاءات معهم، وهي لقاءاتٌ أمدّتْه بالخبرة، وصقلت موهبته، فأزكت فيه روح الأدب والعمل به، فاستمرَّ بإدارة مجلة بعد رحيل والده. احتفظت ذاكرته بالصور المضيئة التي رسّخت مسار حياته الأدبية، لم يشأ الأديب رياض حلاق أن يخرج من ثوب والده، ومن مملكته الخاصّة والعامرة، فأتقن لغة العلاقات الا جتماعية، وصار له ذكر في المجالس والملتقيات واستمرّ على نهج الوالد، فأينعت الثمار حبّاً لوالده وأصدقائه ومجلّته التي أخذت الكثير من جهده واهتمامه، وسهره لتبقى الشّعلة المشعّة في مدينة حلب إلى الآن. ماذكرْت هذا إلا لأقدِّم أهميّة النشأة والمتابعة والحبِّ للعمل والتضحية من أجل الأعمال النبيلة.
    هو من مواليد حلب 1940 ودرس في مدارسها الحكوميّة والخاصّة، ودرس الحقوق. وقد نظّم الشّعر مبكّراً، ويحرص عليه كلَّ الحرص، وممّا جاء في بطاقة تعريفه التي وردت ْ في آخر كتابه الذي أعدّه عن والده المرحوم «عبد الله يوركي حلاق ومعابر الذكرىوالوفاء» بدأحياته بكتابة القصّة والمقالة والقصيدة العموديّة وهو عضوٌ في أكثر من جمعية «العاديات اتحاد الصحفيّين، جمعيّة الجغرافيّين، ورئيس تحرير مجلة الكلمة، وانتخب عضوا في مجلس مدينة حلب لدورتين».
    حصاد السّنين ديوان شعر (مختارات من شعره)
    رباعيّة مهداة إلى ابن الأخ الحبيب رياض عبد الله الحلاق:

    أتتْني الضاد حاليةً برسمٍ
    يتيه به السّوادُ على البياضِ ِ
    فجد ّد لي خيالكَ أنس َيوم
    يساوي كلَّ أيّامي المواضي
    وعاد شتاءُ لبنانَ ربيعاً
    يرشُّ القطْرَ عطراً في الرياضِ
    سألْتُ أما لهذا الطّيبِ مثْلٌ
    فأرَّخَ: طيب ذكر ِ أبي رياضِ

    قصائد المناسبات، فتغفلها، وترميها جانبا:
    سهرنا حبيبي وطاب السّهر
    وطاب التّناجي بضوء القمرْ
    ومدّ الربيعُ بساط الزّهورِ
    ومالت علينا غصون الشّجر ْ
    فما من عذولٍ يسوق الملامَ
    و ما من رقيب يُذيع الخبر
    ألا تسمعين خرير السّواقي؟
    وهمس َ الزّهور قبيلَ السّحرْ
    ألا تبصرين نجوم السّماء
    تغازل بدْراً يَسرُّ النّظرْ؟
    تعالي، تعاليْْ إلى عالمي
    لِنطْرحَ فيه بقايا الضّجرْ
    فإنّ الطّيورَ على أُنسها
    تحبُّ الفضاء، وتخشى البشرْ
    في قصائده الوجدانيّة تبرز لغة الشّاعر، وتنداح المعاني، لترسم الصّور الحانية الواشية بما يختلج الشاعر :

    علام حبيبتي صدٌّ وهجْرٌ ؟
    ووصْلكِ من مذاق الشّهْد أحلى
    وليس تطيبُ لي أبدا حياةٌ
    إذا للوصلِ قد قطّعْتِ حبلا
    وعهدي فيك أنّك ذاتُ جودٍ
    فكيف الجود ُ صار اليوم بُخْلا
    إذا هبَّ النسّيم فقبِّليه ِ
    وقولي عنده: أهلاً وسهلا
    فقد أودعْتِ في النّسمات روحي
    وأنتِ أجلُّ من روحي وأعلى
    وتبلى كلُّ جانحة ٍ بصدري
    وحبُّكِ في الجوانح ليس يبلى
    وعمري دون أن ألقاك ِ موتٌ
    ويومُ البعدِ عنكِ أراه حولا

    في الأبيات تجربة شعريّة متكرّرة، ولكنّها تخصّ لغة صاحبها، وهذا ما يدلّ على أنّ الشاعر قادرٌ على تقديم لغةٍ مغايرة حسب مقاس الموضوع والشّكل. فالصّورةُ تلامسُكَ بلطْفٍ، واللّغة تُدغْدغ مشاعرك برقَّتها وعذوبة معانيها، أرى أنّ الشاعر يُوفَّقُ في اختيار القوافي والرّويّ في قصائده الوجدانيّة التي استحسنتها لأني وجدْتُ فيها الشّعر الصافي:

    لا تقولي هواي َيكسوكِ ذلاّ
    كبريائي أعزُّ منكِ وأغلى
    ما الذي تطلبين منّي؟ وهذا
    أثرُ الغدرِ من يديك تجلّى
    أغرامي، وأين منه غرامي ؟
    إنّ طيف الهوى الأثيمِ تولّى
    لا تطيلي السّؤالَ لن تَجدي اليو
    م َ بقلبي إلى هواكِ محلاّ

    رياض حلاق الشاعر تناصره فطرتُه، وملهمتُه إن لامس الموضوع الوجداني الذي يفتح له منافذ الشّعربمقوِّماته وجماليّاته من خلال المعيار الذوقي الخاصّ بنظرته للشّعر الذي يراه حالة لا تقاوم:

    وجْهٌ كما طلع الصّباح بديع ُ
    هل لي إلى الوجه الوسيم رجوع ُ؟
    هي صدفةٌ مرَّتْ عليَّ هُنيْهة
    ومضتْ كحلمٍ في الصّباح يضيعُ
    بهرتْ ملامحها ضياءَ نواظري
    كالشّمس تاجُ بهائها مرفوعُ
    عرضتْ مفاتنها عليَّ، وأعرضتْ
    فأكاد من هذا النقيضِ أضيعُ
    حدّثْتها، بطرافةٍ ودعابة
    فتبسَّمت، وحلا لها الموضوعُ
    ثمّ انثنيْتُ مُتمِّماً متسائلاً
    ما الإسمُ؟ قالت: إنّه ممنوعُ
    هذه قصّة شعريّة امتازت بحواريّتها، ومسارِ أحداثها وخاتمتها. فالشاعر له عالمه المُحبَّبُ، وله نوازعه التي يحرص عليها، ويبوح بها دون صدٍّ أو تردُّدٍ لأنّه يخلص للحالة الشعريّة، في قصيدته (هلمّي للحبّ) تتنامى لغة الشاعر، وتتسامى المعاني إلى درجة رفيعة من النّبل. وهي قصيدة مطوَّلة استهلَّها بالخمرة:

    ناول َ الكأس من يريد العُقارا
    حسبنا نشوةً قلوبٌ سكارى
    وشفاهٌ إلى المراشف ظمأى
    ما شربنا الكؤوس إلا ّاضطرارا

    ثم يقول:

    ياحبيبي حدّقْ إلى ناظريّا
    وتحاشَ الدنوَّ من شفتيَّا
    أنت سكرانُ رنَّحتْكَ لحاظي
    كيف لو ذقْتَ من شفاهي حميّا؟
    أتظنُّ الهوى وصالاً وهجراً؟
    منْ يذقْهُ يجدْهُ حلواً ومرّا
    الهوى لو علمتَ فيضُ حنان
    وعفافٍ كرائقِ المزْنِ طهرا
    الهوى أن يعانق الغصْنُ غصناً
    ويناغي في أيكة الطيرِ طيرا
    الهوى أن تذوقَ للحبِّ طعما
    والهوى أن تشمَّ في الحبِّ عطرا
    فيقول في المعلّم:

    قلْ للمعلِّم:إنّ ذكرَكَ باقٍ
    في دولة ِالآداب والأخلاقِ
    أنشأت جيلاًللثّقافة والنّهى
    وبَدَلْتَ ليلَ الجهل بالإشراق
    لولاك مااتّقدت مواهب أمّة
    في نشْئها المتوثِّبِ السّبّاقِ
    لو أنصفتْكَ مشاعرٌ، وضمائرٌ
    لغدوْتَ محمولا على الأعناقِ
    وفي قصيدة أخرى يُشيد بدور المعلّم أيضاً:

    الحقُّ يشهد والحياة تقولُ:
    إنّ المعلّمَ مصلِحٌ ورسولُ
    إنّ المعلّم شمعة تُعطي الضّيا
    ء ودمعُها تحت الضّياء سبيلُ
    العلمُ غرْسُ يمينه، ولمثلِهِ
    يُتْلى الثّناءُ، ويُضْفَرُ الإكليلُ

    وتبقى رسالة رياض حلاق في توجيه الأجيال إلى مناهل العلم والثّقافة لِيقْطفوا من رياضها أزهار المعرفة، وثمار العلمِ ومواقفَ الرجولة.

    افرأ فأعلام الهدى القرّاء
    هل يستوي العلماء والجهلاء؟
    ليس الكتاب بأحرف منقوشة
    هو للعقول وللقلوب ضياء
    وإذا الكتابُ طوته أيدي أمّةٍ
    فلها انطوى في العالمين لواء
    والقوم لن يُثْروا بتبرٍ، إنّما
    للقوم من تبر الكتاب ثراء
    ليست حضارتنا سيوفا، إنّما
    هي أحرفٌ يُبنى بها العلماء

    تتَّضح معالم ومعارج عقله ورؤاه الساطعة من خلال إيمانه بجدوى الثقافة والعلم. وهي دعوة جادّة وحارة، وتُنبي عن همٍّ وهاجس ينتابان الشاعر، وهي رسالة حملها الشّعراءبصدق وعفوية، ولامسها عن فرب فيقول في قصيدته (رسالة الشّعراء) والتي ألقاها في مهرجان الشّعر العالمي في نواكشوط في كانون الثاني 2006 وأبياتها ثلاثة وخمسون بيتا، وقد أحاد الشاعر بوضع يده ويراعه على جراح الأمّة:

    ارفعْ صلاتكَ للقصيد قصيدا
    إنْ كنتَ تُنْشدُ في الزّمان خلودا
    واركبْ شراع الشّعر ربّان الرؤى
    واصطدْ عليه لؤلؤاً منضودا
    كلُّ البيارق للفناء مصيرها
    إلاّ القصائد خّلِّدتْ تخليدا
    ما أنت إنسانٌ إذا لم يستلبْ
    منكَ القريضُ أضالعاً ووريدا
    ماأنت إنسانٌ إذا لم تشْتعلْ
    بندى القصيد جوانحا وزنودا

    وفي القصيدة يتصاعد الحزن على مركب فنّيٍّ مناسب سمتُه الوضوح والصّفاء والإيحاء:

    ووجدْتُ الإخلاصَ أمرا غريبا
    عند منْ أضحى للنذالة عبدا
    وغدا الدّرهمُ الوضيعُ إلهاً
    عبدوه، وصغّروا فيه خدّا
    ليت شعري، كيف الهروب بقلب
    حوَّلتْه الأشجانُ كالصّخرِ صَلْدا
    أين أنأى؟ وكلُّ من ألتقيه
    يشتكي دنياه، ويكثر نقدا

    فيذكِّرنا بالدّيباجة العربية الرّصينة:

    إن سألتم: أين دنيا ملعبي؟
    فجناحي فوق هام الشّهبِ
    كيف لا يزهو جناحي؟والذي
    كرّمته أمّة العرب أبي
    ولنقف من جديد مع أبيات منا لقصيدة:
    حملتْ يمناهُ آيات الهدى
    وأحبّ القدس َمعراج َالنبي
    هذه ألفاظه الفصحى غدتْ
    نايَ حبٍّ في شفاه الحقب

    ولا غرابة إنّ اعتزّ الشاعر بعروبته ومدينته، وراح ينهل من قريحته، ويسكب من شاعريّته، فيقول في المهاجرين الذين وطّد علاقاته الأدبية والاجتماعية مع الكثيرين منهم وعنوان القصيدة (المهاجرون):

    فجسورُ الوفاء ما هدّمتْها
    رغمَ نأيٍ معاولُ السّنواتِ
    منحوا الضّادَ صهوةً وجناحاً
    وسقَوْا جذرها بماء الحياة
    لم يُغَرِّدْ قيثارُهم غيرَ سفْرٍ
    عربيِّ الإحساس والنفحات
    لم يكونوا في عجمة الغرب إلا
    وتر العرْب صافي النّغمات

    ويقول في حلب، وكثيرا ماتغنّى بها مقيما ومسافرا فهو ابن أبيه في هذا الميدان وهذا يستحضر "إنّ الولد سرُّ أبيه" يذكر حلب وهو في فنزولا 1998

    أتيْتُ من حلب الشّهباء يحملني
    حبّي المصفّى، ويحدوني إلى السّفرِ
    والأهل والصّحبُ في الشّهباء كلّهمُ
    شوْقٌ إليكم، إلى القيثار والوتر
    حماتُمُ الضّاد حبّاً في جوانحكم
    أليس من وطرٍ سرتُمْ إلى وطر؟
يعمل...
X