إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

المـلك والفـلاح من الحكايات الشعبية الحمصية - الراوي: عبد الكريم إسماعيل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المـلك والفـلاح من الحكايات الشعبية الحمصية - الراوي: عبد الكريم إسماعيل

    المـلك والفـلاح من الحكايات الشعبية الحمصية - الراوي: عبد الكريم إسماعيل
    » سلسلة الحكايات الشعبية الحمصية » المـلك والفـلاح
    الراوي: عبد الكريم إسماعيل
    كان في قديم الزمان ملك يخرج في أغلب الأيام متنكراً مع وزيره يتفقّد أحوال الرعية. في أحد الأيام كان يتجول فشاهد امرأةً جميلة تمشي كالغزالة، تحمل على رأسها صينية طعام، فتبعها مع وزيره حتى وصلت حقلاً خارج المدينة، وهناك شاهد فلاحاً يحرث الأرض بجد ونشاط وهو يغني. عندما شاهد الفلاّح امرأته قادمة استقبلها بالغناء والموّالات حتى وصلت إليه، فركن الثيران جانباً وأنزل صينية الطعام، وجلس وإياها تحت شجرة كبيرة وبدأا يأكلان الطعام، وهما يضحكان ويمزحان سعيدين مسرورين، بينما كان الملك ووزيره يراقبان ما يجري دون أن يراهما الفلاّح وزوجته.
    ولما انتهيا من طعامهما أمسك الفلاّح الصينية، وأخذ يدقّ عليها ويغني أغاني شعبية، وامرأته ترقص وتتمايل أمامه بغندرة كالغزالة حتى تعبا، فحملت صينية الطعام وعادت المرأة إلى البيت، وتابع الفلاّح حراثة الأرض بكل همة ونشاط .
    استغرب الملك من تصرفات الفلاح والزوجة التي أعجبته كثيراً، فحضر في اليوم التالي في الموعد نفسه، فشاهدهما يتصرفان كالعادة كما فعلا أول يوم، وتابعهما الملك عدّة أيام وأصبح يحسدهما على هذه الحياة، وعندما عاد الملك من جولته طلب من الوزير أن يستدعي الفلاّح إلى قصره فأرسل من يحضره، ولما حضر الفلاح بين يدي الملك سأله عن حياته وأسرته ومعيشته، ففهم منه أنه في قمة السعادة والسرور في حياته مع زوجته وعمله، وهو قانع بهذه الحياة ولا يحسد الملك على ملكه.
    فكّر الملك قليلاً أنه يملك كل الأموال والسلطة والجاه، وثلاث زوجات ولا يجد في حياته لحظة سعادة وسرور، فطلب من الفلاح أن يبادله بزوجته، ويعطيه زوجاته الثلاث ومعهم كل ما يملكنه من أموال، لكن الفلاح رفض، فهدّده الملك وخيّره بين أن يقطع رقبته ويأخذ منه زوجته، وبين أن يوافق على المبادلة ويبقى على حياته، فوافق الفلاح مضطراًً وهو حزين على فراق زوجته الصالحة، وأرسل الملك من يحضر زوجة الفلاح وجهّز زوجاته الثلاث، وأمر الفلاح أن يأخذهما إلى بيته.
    سار الفلاح مع زوجاته الثلاث الجديدات، وهو حزين إلى أن وصل إلى نهر، فأراد أن يقطع بزوجاته من ضفة إلى أخرى، فحمل الأولى على كتفه، وفي وسط النهر وقف وقال لها: اصدقيني القول لماذا لا يحبك الملك ولا يريدك؟ وماذا كنت تفعلين له؟ فقالت: كانت يدي طويلة وأسرق منه كل ما تطاله يدي فلا أترك له شيئاً. فقال لها: هذه بسيطة فأنا لا أملك ما أخاف عليه منك، وتابع سيره ووضعها على الضفة الأخرى، وعاد فحمل الثانية إلى النهر وسألها مثل الأولى فقالت: لا يوجد فيّ عيب سوى أني كنت أحب الرجال، وأحضرهم سراً إلى غرفتي، ففكر الفلاح قليلاً وقال: أمرك بسيط بإمكانك أن تفعلي ما تشائين، فأمرك هذا لا يهمني، وتابع طريقه وأوصلها إلى الضفة الأخرى، وعاد وحمل الثالثة إلى وسط النهر، وسألها ما سأل رفيقاتها فأجابته: لم أفعل ما يغضب الملك لكني كنت أكذب عليه دائما، ولم أصدق معه كلمة واحدة، وأختلق المشاكل وأكثر النق، فرماها بسرعة في النهر وقال: والله هذا ما لا أستطيع أن أتحمله، ومضى إلى الضفة الأخرى، وتابع مع زوجتيه الباقيتين إلى البيت، فوضع كل واحدة في غرفة، ونام هو في غرفة مستقلة.
    في الصباح جلس مع زوجته وقال للمرأة التي تسرق: هذا البيت تحت تصرفك، افعلي به كما تشائين واسرقي منه ما تريدين، وقال للثانية: سأفتح لغرفتك باباً إلى الشارع، ليدخل ويخرج منه من تريدين من الرجال، وتركهما وذهب إلى حقله.
    المرأة الأولى لم تجد في البيت ما تسرقه، فقامت وأخذت تعمل في البيت، ترتّبه وتنظّفه وتمسحه، وبعد أيام جلست تعمل في غزل الصوف لتتسلى، وتصنع منه كنزات للأطفال وتنزل إلى السوق فتبيعها وتشتري ببعض ثمنها طعاماً وتوفّر الباقي، أمّا الثانية فعندما رأت الأمور ميسّرة لها، وزوجها فتح لها باباً لتفعل ما تريد، خجلت من نفسها ورفضت استقبال الرجال وتعلّقت بزوجها، وبدأت تصنع له الطعام وتحمله إلى الحقل، وتجلس معه تحت الشجرة، وتتناول الطعام معه مسرورة من هذه الحياة الجديدة ومع الأيام تعلّمت الرقص، فصار يدق لها على الصينية ويغنّي وهي ترقص كما كانت تفعل زوجته السابقة ...
    أما الملك فإنه لم يهنأ مع زوجة الفلاّح دقيقة، فقد كانت تمضي الوقت وهي تبكي حزينة على فراق زوجها وعجز عن إرضائها، وفي يوم أرسل الملك وزيره ليستطلع له أخبار الفلاح وزوجاته، فذهب الوزير إلى بيت الفلاح فعرف ما فعل الفلاح بالمرأة الكذّابة، وكيف أغرقها في النهر وتخلّص منها، وعرف ما صارت إليه الزوجة الثانية وكيف تابت من السرقة وأصبحت تغزل الصوف وتبيعه في السوق، وكيف جمعت لزوجها مبلغاً كبيراً من المال، وكيف تابت الزوجة الثالثة عن الرجال، وتعلّمت حمل الطعام لزوجها والرقص له، وهو يغني لها كما كانت تفعل الزوجة القديمة.
    عاد الوزير إلى الملك وأخبره بكل هذا، فاندهش الملك وطار عقله، ثم أحضر زوجة الفلاّح القديمة وحمّلها بالهدايا والأموال، وأعادها إلى زوجها الفلاّح، وعاش الفلاّح مع زوجاته الثلاث بالفرح والسرور والنعيم وطيّب عيش السامعين .
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    قصة مدينة حمص
    كتاب الحكابات الشعبية الحمصية جمع واعداد : أ. مصطفى الصوفي
يعمل...
X