إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الزجل ظهوره ونموّه و تاريخه ونقده

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الزجل ظهوره ونموّه و تاريخه ونقده

    الزجل ظهوره ونموّه و تاريخه ونقده
    تاريخ الزجل ونقده
    - منقول


    كان لظهور الزجل وانتشار النظم به أثرهما، ليس على المستوى الإبداعي فحسب، بل على مستوى الكتابة حول الزجل أيضًا، وذلك بتناول جوانب من تاريخه أو ظواهره أو قواعد نظمه أو خصائصه الغنية أو دوره الاجتماعي.

    والفاحص للمؤلفات العربية التي وصلتنا منذ القرن السادس الهجري، وخاصة المؤلفات التي عنيت بالحركة الأدبية والفنية، يجد مادة تاريخية مفيدة حول الزجل والزجالين. ومع أن تجميع هذه المادة وضمها يساعدنا في تكوين تصوّر عن ظهور الزجل ونموّه، إلا أنها تظل في حدود الإشارات غير الوافية.
    ولكن، ولحسن الحظ، يصلنا من القرن الثامن الهجري مصدر أكثر استقصاء، وهو كتاب العاطل الحالي والمرخص الغالي لمؤلفه صفيّ الدين الحِلِّي (ت 750هـ). انظر: العاط ل الحالي. وقد مارس المؤلف نظم الزجل واحتك بالزجالين خلال تجواله الطويل بين حواضر مصر والشام والعراق. وقد هيأ له كل هذا إمكانية نقل كتابته من مستوى إيراد المعلومات والأخبار إلى مستوى التأريخ لحركة الزجل حتى أيامه، والاجتهاد في تأسيس قواعد لنظم الزجل. ومن بدايات القرن التاسع الهجري يصلنا كتاب آخر، يتابع العاطل الحالي، وهو كتاب بلوغ الأمل في فن الزجل لمؤلفه ابن حجة الحموي (ت 837هـ). وابن حجة، أيضًا، كان ينظم الزجل وخالط الزجالين متنقلا بين الشام ومصر. وما زال الكتابان مصدرين يرجع إليهما الدارسون لتاريخ الزجل وقواعد نظمه.
    أما في العصر الحديث، فقد كان لانتشار الزجل وصلته بالحركة الوطنية أثرهما في تنامي الكتابة النقدية حول الزجل. فظهرت مقالات تعريفية في الصحف والمجلات وفي مقدمات دواوين الزجالين. ثم خُصّ بعض الزجالين المتميزين بمقالات نقدية تبيّن دور أزجالهم ووسائلها البلاغية. ثم تصبح الكتابات النقدية حول الزجل أكثر تعمقا في الدوريات المتخصصة وبعض الأطروحات الجامعية، وخاصة أنه قد أسهم في الجدل حول الزجل ما أثاره الباحثون الأجانب من آراء ونظريات.
    الزجل في العصر الحديث. مع قيام النهضة العربية الحديثة، انتقل الز جل إلى طور جديد. فقد تبنى الزجل فئة من المثقفين الذين كانوا فصيلاً في حركة النهضة الوطنية. وقد جهدوا في تنمية أدوات الزجل ووسائله الفنية للاستفادة من إمكاناته في تيسير توصيل أفكارهم إلى جمهورهم المُبْتَغى، وهو جمهور أوسع، ولاشك، من دائرة مثقفي الخاصة. كما عملوا على تخليص الزجل من الركاكة والتكلُّف اللذين رانا عليه من عهود الانحدار السابقة، وعلى فك إساره من أيدي فئة الأدباتية الذين تدنوا به إلى مستوى استخدامه في التسوّل والابتزاز.
    وبنهاية القرن الثالث عشر الهجري، تتابعت سلسلة من أسماء الرواد الثقافيين الذين طوعوا الزجل في اتجاهات متنوّعة. ومن أعلام هذه السلسلة المتواصلة: عبدالله النديم، ويعقوب صنّوع، ومحمد عثمان جلال. أما خير ممثل لتمام النقلة النوعية التي انتقلها الزجل فهو محمود بيرم التونسي (ت1380هـ). انظر: التونسي، محمود بيرم. وهو الذي أعلى من مكانة الزجل في الحياة الثقافية، وأكسبه قدرات فنية مكّنته من الامتداد إلى آفاق جديدة. وعلى يديه تكاملت الجهود في جعل الزجل أداة درامية مقبولة في الوسائط المستحدثة: في المسرح الغنائي أو في حلقات الإذاعة المسموعة والمرئية.
    وفي سياق حركة الزجل الناشطة هذه، استفاد ا لزجل من الإمكانات المتجددة للطباعة والنشر واتساع قاعدة القارئين. فتوالى نشر دواوين الزجالين، وعنيت بعض الصحف بنشر الأزجال، وصدرت بعض الدوريات التي تعتمد على المادة الزجلية في المقام الأول.
    غير أن اسم الزجل لم يحظ بالذيوع والتكرار إلا على أيدي الكُتَّاب والإعلاميين في لبنان، وخاصة في ثمانينيات القرن الرابع عشر الهجري. وهم لا يستعملون الاسم ليدل على المصطلح المحدد بشكل من النظم بعينه، وإنما استعملوه لكي يشير إلى كل نظم باللهجات اللبنانية المحلية. وهكذا انطوى تحت هذا الاسم: العتابا والميجنا واليادي يادي والروزانا والموال، بل والأشكال الفولكلورية كهدهدة الأطفال وأغاني العمل، وأيضًا الشعر الحديث الذي ينظمه المثقفون بالعامية، فاعتُبر إنتاج شعراء مثل ميشال طراد وأسعد سابا من الإنتاج الزجلي. وإمعانًا في تأصيل خصوصية الزجل اللبنانية قيل: "إن الزجل سرياني اللحن في أول عهده، وعربيُّه فيما بعد".
    ومثل هذا الحماس والتوسّع والأقوال المرسلة، وإن كانت مظهرًا من مظاهر الاهتمام بالزجل، إلا أنها كانت مثارًا للخلط واضطراب المفاهيم، الأمر الذي آذن بتراجع الزجل ووقوفه الآن موقف الدفاع في مواجهة مؤثرات الحياة الثقافية العربية الحالية، وإن بدا بعضها متناقضًا. ويبرز أهمها، بالنسبة للزجل، في المؤثرات التالية:
    1- حملة دُعاة الفصحى ضد كل أشكال التعبير باللهجات الدارجة أو العامية.
    2- الالتفات إلى المأثور الشعبي (الجَمْعِي، الفولكلوري)، وخاصة الجانب القولي منه، وعلى الأخص بعض أشكال النظم منه.
    3- تركيز مثقفي كل قطر عربي على شكل بعينه من أشكال النظم في إحدى اللهجات الدارجة في جهة من جهاته، واعتباره حاملاً لخصائص القطر المتميزة ومعبرًا عن ذاتيته المتفردة. كما حدث، مثلاً، مع الشعر النبطي في المملكة العربية السعودية وبلدان الخليج العربية.
    4- ظهور الاتجاه الجديد في النظم باللهجات الدارجة، والذي عُرف باسم شعر العامية، الذي يبتعد عن أرض الزجل وأضرابه متحركًا نحو أرض الشعر الحُرّ المعاصر.
يعمل...
X