إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

آيات سورة البقرة ( من 61 وحتى 88 ) البقرة كاملة - رضا الجنايني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • آيات سورة البقرة ( من 61 وحتى 88 ) البقرة كاملة - رضا الجنايني

    آيات سورة البقرة ( من 61 وحتى 88 ) البقرة كاملة - رضا الجنايني


    {وَإِذْ قُلْتُمْ..} [61]
    عطف {يَامُوسَىٰ} نداء مفرد {لَن نَّصْبِرَ} نصبٌ بلن {عَلَىٰ طَعَامٍ} خفض بعلى {وَاحِدٍ} من نعته {فَٱدْعُ} سؤال بمنزلةِ الأمر، فلذلك حُذِفَتْ منه الواو ولغة بني عامر "فَٱدْعِ لَنَا" بكسر العين لالتقاء الساكنين {يُخْرِجْ لَنَا} جزم لأنه جواب الأمر، وفيه معنى المجازاة {مِمَّا تُنْبِتُ ٱلأَرْضُ} قال الأخفش: "مِن" زائدة. قال أبو جعفر: هذا خطأ على قول سيبويه لأن "مِنْ" [لا] تزاد عنده في الواجب وانّما دعا الاخفش الى هذا أنه لم يجد مفعولاً ليخرج فأرادَ أن يجعلَ ما مفعولاً. والأولى أنْ يكونَ المفعول محذوفاً دلّ عليه سائر الكلام والتقدير: يخرج لنا مما تُنبِتُ الأرض مأكولاً {مِن بَقْلِهَا} بدل باعادة الحروف {وَقِثَّآئِهَا} عطف. وقرأ طلحةُ ويَحيى بنُ وثّاب {وَقُثَّآئِهَا} بضَمّ القاف وتقول في جمعها: قَثَائيّ مثل علباء وعَلابيّ. إلاّ أنّ قثّاءً من ذوات الهمزة يقال: أقثأتُ القومِ. قال أبو جعفر: سمعت علي بن سليمان يقول لا يصح عندي في {أَتَسْتَبْدِلُونَ ٱلَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ} إلاّ أنْ يكونَ من ذوات الهمز من قولهم: دَنيءٌ بَيّنُ الدَنَاءَة، ثم أبدلت الهمزة. قال أبو جعفر: هذا الذي ذكرنا انما يجوز في الشعر ولا يجوز في الكلام فكيف في كتاب الله جل وعز. قال أبو اسحاق: هو من الدنو أي الذي هو أقرب من قولهم ثَوبٌ مُقارِبٌ أي قليل الثمن. قال أبو جعفر: وأجود من هذَينِ القولينِ أنْ يكونَ المعنى - والله أعلم - أتستبدِلونَ الذي هو أقرب اليكم في الدنيا بالذي هو خير لكم يوم القيامة لأنهم اذا طلبوا غير ما أمِرُوا بقبوله فقد استَبدَلوا الذي هو أقرب اليهم في الدنيا مما هو خير لهم لما لهم فيه من الثواب {ٱهْبِطُواْ مِصْراً} نكرة. هذا أجود الوجوه لأنها في السواد بألفٍ، وقد يجوز أن تُصْرفَ تُجْعَلُ اسماً للبلاد وانما اخترنا الأول لأنه لا يكادُ يقال مثل مصر بلادٌ ولا بَلدٌ وانما يقال لها: بلدة وانما يسْتَعْمَلُ بلاد في مثل بلاد الروم. وقال الكسائي: يجوز أن تصرف مصر وهي معرفة لخفَّتها يريد أنها مثل هند. وهذا خطأ على قول الخليل وسيبويه والفراء، لأنك لو سَمّيْتَ امرأة بزيد لم تصرف، وقال الكسائي: يجوز أن تصرفَ مِصْر وهي معرفة لأن العرب تصرف كل ما لا ينصرف في الكلام الا أفعَلَ مِنكَ. {فَإِنَّ لَكُمْ مَّا سَأَلْتُمْ} "مَّا" نصب بانّ {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذِّلَّةُ} اسم ما لم يُسَمّ فاعله {وَٱلْمَسْكَنَةُ} عطف وقد ذكرنا الهمز في {ٱلنَّبِيئينَ} في الكتاب الذي قبل هذا {ذٰلِكَ بِمَا عَصَواْ} قال الأخفش: أي بِعصيَانِهِمْ {وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ} عطف عليه.
    { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلنَّصَارَىٰ وَٱلصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }
    {إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ..} [62]

    اسم "إنَّ" آمنوا صلته {وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلنَّصَارَىٰ وَٱلصَّابِئِينَ} عطف كلّهُ {مَنْ آمَنَ} مبتدأ وآمن في موضع جزم بالشرط والفاء الجواب، وخبر المبتدأ {فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ} والجملة خبر إنّ والعائد على الذينَ من الجملة محذوف أي من آمن منهم. وقرأ الحسن البَصرِيّ {وَلاَ خَوْفَ عَلَيْهِمْ} على التبرئة والرفع على الابتداء أجود، ويجوز أن تجعل "لاَ" بمعنى ليس فأما {وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} فلا يكون إلاّ بالابتداء لأن "لا" لا تعمل في معرفة.

    { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ ٱلطُّورَ خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ وَٱذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِّن بَعْدِ ذٰلِكَ فَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُم مِّنَ ٱلْخَاسِرِينَ }
    {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ..} [63]

    قال الأخفش: أي واذكروا {إِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ ٱلطُّورَ خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم} أي فقلنا خذوا ما آتيناكم. {فلولا فَضْلُ اللهِ} [64] رفع بالابتداء عند سيبويه والخبر محذوف لا يجوز عنده اظهاره لان العرب استغنت عن اظهاره بأنهم اذا أرادوا ذلك جاءوا بأنّ فاذا جاءوا بها لم يحذفوا الخبر، والتقدير فلولا فضلُ اللهِ تَداركَكُم {ورَحمتُهُ} عطف على فضل {لكُنتُم} جواب لولا {مِنَ الخَاسِرِينَ} خبر كنتم.
    { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلَّذِينَ ٱعْتَدَواْ مِنْكُمْ فِي ٱلسَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ }
    {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلَّذِينَ..} [65]

    في موضع نصب ولا يحتاج الى مفعول ثانٍ اذا كانت علمتم بمعنى عرفتم. حكى الاخفش: لقد علمت زيداً ولم اكن 12/ ب أعلمه، {ٱعْتَدَواْ مِنْكُمْ فِي ٱلسَّبْتِ} صلة الذين {فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً} خبر كان {خَاسِئِينَ} نعت.
    { فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ }
    {فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً..} [66]

    مفعول ثان {لِّمَا بَيْنَ} ظرف {وَمَا خَلْفَهَا} عطف {وَمَوْعِظَةً} عطف على "نَكَالاً" {لِّلْمُتَّقِينَ} خفض باللام.
    { وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُوۤاْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِٱللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ }
    {وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ..} [67]

    كسرت اِنّ لانها بعد القول وحُكِيَ عن أبي عمرو {يَأْمُرُكُمْ} حذف الضمة من الراء لثقلها، قال أبو العباس: لا يجوز هذا لان الراء حرف الاعراب وانما الصحيح عن أبي عمرو أنه كان يختلس الحركة {أَنْ تَذْبَحُواْ} في موضع نصب بيأمركم أي بأن تذبحوا {بَقَرَةً} نصب بتذبحوا {قَالُوۤاْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً} مفعولان، ويجوز تخفيف الهمزة تجعلها بين الواو والهمزة ويجوز حَذْفُ الضَّمَّة من الزاي كما تَحذِفُها من عَضُدٍ فتقولُ {هُزْؤاً} كما قرأ أهل الكوفة، فأما جُزْءٌ فليس مثل هُزْء لانه على فُعْلٍ من الاصل {قَالَ أَعُوذُ بِٱللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ} ولغة تميم وأسد "عَنْ" في موضع "أَنْ".
    { قَالُواْ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذٰلِكَ فَٱفْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ }
    {قَالُواْ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ..} [68]

    حُذِفَتِ الواو لانه طلب ولغة بني عامر "ٱدْعِ لَنَا" بكسرِ العين لالتقاء الساكنين {يُبَيِّن لَّنَا} تُدْغَمُ النون في اللام، وانْ شئتَ أَظهرتَ فاذا كانت النون متحركةً كان الاختيار الاظهار نحو {وزَيَّنَ لهُمُ الشَّيطَان} {يُبَيِّن} جزم لانه جواب الامر {مَا هِيَ} ابتداء وخبر، {قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ} خبر اِنّ {لاَّ فَارِضٌ} قال الأخفش: لا يجوز نَصْبُ فارضٍ لانه نعت للبقرة كما تقول: مررتُ برجل لا قَائمٍ ولا جالسٍ، ويجوز أنْ يكونَ التقدير ولا هي فارضٌ، ويقال على هذا: مررتُ برجلٍ لا قائمٌ ولا جالسٌ. {وَلاَ بِكْرٌ} عطف على فارض {عَوَانٌ} على اضمار مبتدأ.
    { قَالُواْ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَآءُ فَاقِـعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ ٱلنَّاظِرِينَ }
    {.. مَا لَوْنُهَا..} [69]

    ابتداء وخبره، ويجوز "مَا لَوْنَهَا" على أنْ تكونَ ما زائدةً وتَنْصبُهُ بِيُبَيِّن. {بَقَرَةٌ صَفْرَآءُ} لم تنصرف صفراء لأنَّ فيها ألفَ التأنيث وهي ملازمة فخالفت الهاء لان ما فيه الهاء ينصرف في النكرة {فَاقِـعٌ} نعت {لَّوْنُهَا} رفع بفاقع.
    { قَالُواْ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ ٱلبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّآ إِن شَآءَ ٱللَّهُ لَمُهْتَدُونَ }
    {.. إِنَّ ٱلبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا..} [70]

    ذكر البقر لانه بمعنى الجميع. قال الأصمعي: الباقر جَمْعُ باقرةٍ قال: ويُجمَعُ بقرٌ على باقورة، وقرأ الحسن {إِنَّ ٱلبَقَرَ تَشَابَهُ عَلَيْنَا} جَعَلَهُ فعلاً مستقبلاً وأَنَّثَهُ والأَصلُ تَتَشابهُ ثم ادغمَ التاء في الشين، وقرأ يَحيى بن يَعْمُرَ {إِنَّ ٱلبَاقِرَ يَشَّابَهُ عَلَيْنَا} جَعَله فعلاً مستقبلاَ وذكرَ الباقرَ وأدْغَم، ويجوز اِنّ البقر تَشابَهُ علينا بتخفيف الشين وضم الهاء ولا يجوز يَشَابُه علينا بتخفيف الشين وبالياء، وانما جاز في التاء لان الاصل تتشابه فَحَذَفْتَ لاجتماع التاءين. {وَإِنَّآ إِن شَآءَ ٱللَّهُ لَمُهْتَدُونَ} خبر اِنَّ و "شَآءَ" في موضع جزم بالشرط وجوابه عند سيبويه الجملة وعند أبي العباس محذوف.
    { قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ ٱلأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي ٱلْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا قَالُواْ ٱلآنَ جِئْتَ بِٱلْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ }
    {قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ..} [71]

    قال الاخفش: "لاَّ ذَلُولٌ" ولا يجوز نصبه. قال أبو جعفر: يجوز أن يكون التقدير لا هي ذلول، وقد قرأ أبو عَبدِ الرَّحمن السُلمي {لاَّ ذَلُولَ تُثِيرُ ٱلأَرْضَ} وهو جائز على اضمار خبر النفي {تُثِيرُ ٱلأَرْضَ} متصل بالاول على هذا المعنى أي لا تثير الارض {وَلاَ تَسْقِي ٱلْحَرْثَ} وزعم عَلي ابن سليمان أنه لا يجوز أن يكون تثيرُ مستأنفاً لان بعده "ولا تَسقِى الحرث" فلو كان مُستَأنفاً لما جَمَع بين الواو و "لا" {مُسَلَّمَةٌ} أي هي مسلّمة ويجوز أن يكون "مسلّمة" نعتاً أي انها بقرة مسلمة من العرج وسائر العيوب ولا يقال: مسلمة من العمل لانه لا يصلحُ سالمةٌ مما هو خير لها. {لاَّ شِيَةَ فِيهَا} الاصل وشِيَةٌ حُذِفَتِ الواو كما حذفت من يَشِي والاصل يَوْشِى. {قَالُواْ ٱلآنَ جِئْتَ بِٱلْحَقِّ} فيه أربعة أوجهٍ الهمز كما قرأ الكوفيون {قَالُواْ ٱلآنَ} وتخفيف الهمزة مع حذف الواو لالتقاء الساكنين كما قرأ أهل المدينة {قَالُواْ ٱلآنَ} وحكى الاخفش وجهين آخرين: أحدهما اثبات الواو مع تخفيف الهمزة {قَالُواْ لآنَ جِئْتَ بِٱلْحَقِّ} أثبتَ الواو لان اللام قد تَحَرّكَتْ بحركة الهمزة ونظير هذا {وأَنه أهلَكَ عاداً لُولا} على قراءة أهلِ المدينةِ وأبي عمرو، وقال أبو جعفر: سمعت محمد بن الوليد يقول: سمعت محمد بن يزيد يقول: ما علمتُ أنَّ أبا عمرو بن العلاء لَحَنَ في صَمَيمِ العربيةِ ألاّ في حرفين أحدُهما {عَاداً لُولا} والآخر {يُؤدّهْ اليكَ} وانما صار لَحْناً لانَّهُ أدغم حرفاً في حرف فأسكن الاول والثاني حُكمُه السكون وانّما حركته عارضة فكأنَّه/ 13أ/ جمع بين ساكنين وحكى الاخفش {قَالُواْ ألآنَ جِئْتَ بِٱلْحَقِّ} فقطع الالف الاولى وهي ألف وصل كما يقال: يا ألله. قال أبو إسحاق: الآنَ مَبنيّ على الفتح وفيها الالف واللام لأن الألف واللام دخلت لغير عهد تقول: كُنت اِلى الآن ههنا فالمعنى الى هذا الوقت فَبُنِيَتْ كما بُنِي هذا وفُتِحَتْ النون لالتقاء الساكنين. {فَذَبَحُوهَا} الهاء والالف نصب بالفعل والاسم الهاء ولا تُحذَفُ الألف لِخفّتها وللفرق بين المذكر والمؤنث {وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ} فعل مستقبل وأجاز سيبويه: كاد أنْ يفعلَ تَشبِيهاً بعسى.
    { وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَٱدَّارَأْتُمْ فِيهَا وَٱللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ }
    {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً.} [72]

    "إِذْ" ظرف معطوفة على ما قبلها. {فَٱدَّارَأْتُمْ} الأصل تدارأتم ثم أدغمت التاء في الدال ولم يَجُزْ أنْ تَبتَدِئَ بالمدغمِ لانه ساكن فَزِدتَ ألف الوصل {وَٱللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} "مَّا" في موضع نصب بِمُخرج ويجوز حذف التنوين على الاضافة.
    فَقُلْنَا ٱضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي ٱللَّهُ ٱلْمَوْتَىٰ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }
    {.. كَذَلِكَ يُحْيِي ٱللَّهُ ٱلْمَوْتَىٰ..} [73]

    موضع الكاف نَصْبٌ لانها نعت لمصدر محذوف ولا يجوز أنْ تُدْغَم الياء في الياء من "يُحْيِي" لئلا يلتقي ساكنان.
    { ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِّن بَعْدِ ذٰلِكَ فَهِيَ كَٱلْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ ٱلْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ ٱلأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ ٱلْمَآءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ ٱللَّهِ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }
    {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ..} [74]

    تقول: قسا فاذا زِدتَ التاء حذفت الالف لالتقاء الساكنين {قُلُوبُكُمْ} مرفوعة بقسمت {فَهِيَ كَٱلْحِجَارَةِ} والكاف في موضع رفع على خبر هي {أَوْ أَشَدُّ} عطف على الكاف ويجوز أن "أَشَدُّ قَسْوَةً" تعطفه على الحجارة {قَسْوَةً} على البيان. {وَإِنَّ مِنَ ٱلْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ} "ما" في موضع نصب لانها اسم اِنّ واللام للتوكيد منه على لفظ "ما"، وفي قراءة أَبيّ {مِنْهَا} على المعنى. قال أبو حاتم: يجوز {لَمَا تَتَفَجَّرُ مِنْهُ ٱلأَنْهَارُ} ولا يجوز لما تَشَّقّقُ لأنه إِذا قال: تَتَفجَّر أَنّثَهُ بتأنيث الانهار، وهذا لا يكون في تَشَّققُ. قال أبو جعفر: يجوز ما أنكره يحمل على المعنى لان المعنى وإن منها لحجارةً تَشّققُ، وأمّا يَشققُ بالياء فمحمول على لفظ "ما" وأمّا الكسائي فيقول: هو مذكّر على تذكير البعض ومثله عنده: {نَسقِيكم مِمّا في بطونِهِ} أي مما في بطون بعضه. {وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ} في موضع نصب على لغة أهل الحجاز والباء توكيد {عَمَّا تَعْمَلُونَ} أي عن عملكم ولا تحتاج الى عائد اِلاّ أن تَجْعَلها بمعنى الذي فتحذف العائد لطول الاسم أي عن الذي تعملونه.
    { أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }
    {أَفَتَطْمَعُونَ..} [75]
    فعل مستقبل {أَن} في موضع نصب أي في أن، {يُؤْمِنُواْ} نصب بأن فلذلك حَذفتَ منه النون {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ} قال الخليل: قد للتوقع "فَرِيقٌ" اسم كان والخبر {يَسْمَعُونَ} ويجوز أن يكون الخبر منهم ويكون "يَسْمَعُونَ" نعتاً لفريق وجمع "فَرِيقٌ" في أدنَى العدد: أَفْرِقَة والكثير أفرِقاء. قال سيبويه: واعلم أنَّ ناساً من ربيعة يقولون: "مِّنْهُمْ" أتبعوها الكسرة ولم يكن المسكّن حاجزاً حصيناً عِندَهم.
    { وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَالُوۤاْ آمَنَّا وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ قَالُوۤاْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }
    قال أبو جعفر: الأصل في {.. لَقُواْ...} [76]

    لَقِيُوا، وقد ذكرناه في أول السورة والاصل في {خَلاَ} خَلوَ قُلِبَت الواو ألفاً لِتَحرِّكها وانفتاح ما قبلها {لِيُحَآجُّوكُم} نصبٌ بلام كي واِنْ شئتَ باضمار أن وعلامة النصب حذف النون. قال يونس: وناس من العرب يَفتحونَ لام كَي. قال الاخفش: لأنَ الفتح الاصل قال خلف الاحمر: هي لغة بني العنبر.
    { وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ }
    {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ..} [78]

    رفع بالابتداء {لاَ يَعْلَمُونَ ٱلْكِتَابَ} في موضع نصب {إِلاَّ أَمَانِيَّ} نصبٌ لانه استثناء ليس من الاول، ومثله {ما لَهُم بِهِ من عِلْم إلاّ اتّباعَ الظَّنِّ}. وقرأ أبو جعفر {إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ} قال هذا كما يُقال في جَمْع مفتاح : مَفَاتِح. قال أبو جعفر: الحذف في المعتل أكثرُ كما قال:
    وهَلْ يُرجَع التَّسلِيمَ أو يَكْشِفُ العَمَا * ثَلاثُ الاثافي والرسُومُ البَلاقِعُ
    {وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ} ابتداء وخبر.
    { فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ ٱلْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـٰذَا مِنْ عِنْدِ ٱللَّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ }
    {فَوَيْلٌ..} [79]

    مبتدأ قال الاخفش: ويجوز نصبُهُ على اضمار فعل أي ألزمُه الله ويلاً.
    { وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ ٱللَّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ ٱللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }
    {وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ..} [80]

    رَوَى سيبويه عن بعض أصحاب الخليل قال: الأصل في لَنْ "لا أنْ" وحَكَى هشام عن الكسائي مثلهُ وزعم سيبويه أنّ هذا خطأ وأنّ لن عاملة كأنْ واستدلَّ على ذلك بقول العرب/ 13/ ب: زيداً لن أضربَ. {قُلْ أَتَّخَذْتُمْ} [مدغماً] وقرأ عاصم {أَتَخَذْتُمْ} بغير ادغام لأن الثاني بمنزلة المنفصل فَحَسُنَ الاظهار.
    { بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـۤئَتُهُ فَأُوْلَـۤئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }
    {.. بَلَىٰ..} [81]

    بمنزلة نَعَمْ اِلاّ أنها لا تقع اِلا بعدَ النفي، وزعم الكوفيون أنها بَلْ زيدَتْ عليها الياء فَبَلْ يَدلّ على رَدّ الجحد والياء تدلّ على الايجاب لما بعده، قالوا: ولو قال قائل: الم تأخذْ ديناراً فقلتَ نَعَمْ لكانَ المعنى لا لم آخذ لأنك حَقّقت النفي وما بعده واذا قلت: بلى صار المعنى قد أخذت {مَن} في موضع رفع بالابتداء وهي شرط {فَأُوْلَـۤئِكَ} ابتداء ثانٍ {أَصْحَابُ ٱلنَّارِ} خبر الثاني والثاني وخبره خبر الاول.
    { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ ٱللَّهَ وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُّعْرِضُونَ }
    {.. لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ ٱللَّهَ..} [83]

    قد ذكرناه في الكتاب الذي قبل هذا. {وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} مصدر {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً} مبني على فعْل وحكى الاخفش {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنى} على فُعْلى. قال أبو جعفر: وهذا لا يجوز في العربية، لا يقالُ من هذا شيء اِلاّ بالالف واللام نحو الفُضْلى والكُبرى والحُسنَى. هذا قول سيبويه، وقرأ عيسى بن عُمر {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسُناً} بضمتين، وهذا مثل الحُلُم، وقرأ الكوفيون {حَسَناً} أي قولاً حسَناً. قال الاخفش سعيد:
    حُسْن وحَسن مثل بُخْل وبَخَل قال محمد بن يزيد: يَقْبُح في العربية أن تقول: مَررتْ بِحَسَن على أن تُقِيمَ الصفة مقام الموصوف لانه لا يُعرفُ ما أردْتَ. {ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً} منصوب على الاستثناء والمستثنى عند سيبويه منصوب لانه مُشَبّهٌ بالمفعول وقال محمد بن يزيد هو مفعول على الحقيقة المعنَى استَثنَيتُ قلِيلاً {وَأَنْتُمْ مُّعْرِضُونَ} ابتداء وخبر.
    { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَآءَكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ }
    {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ..} [84]

    ويجوز ادغام القاف في الكاف لقرب إحداهما من الاخرى {لاَ تَسْفِكُونَ} مثل {لا تَعبُدُونَ} وقرأ طلحة {تَسْفُكُونَ} بضم الفاء {دِمَآءَكُمْ} جمع دم والاصل في دم فَعَل هذا البَيّنُ وقيلَ أصله دَمْيٌ على {فَعْلِ} اِلاّ أَنَّ الميم تُحرَّكُ في التثنية اِذا رُدَّ الى أصله ليدلَّ ذلك على أنها كانت حَرْف الاعراب في الحذف.
    { ثُمَّ أَنْتُمْ هَـٰؤُلاۤءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنْكُمْ مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِٱلإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَىٰ تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ ٱلْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ ذٰلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ ٱلّعَذَابِ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }
    {ثُمَّ أَنْتُمْ..} [85]

    فُتِحَت الميم من "ثُمَّ" لالتقاء الساكنين، ولا يجوز ضمُّها ولا كسرها كما جاز في "رُدَّ" لانها لا تَتَصرَّفُ {أَنْتُمْ} في موضع رفع بالابتداء ولا يُعْرَبُ المضمر وضَمَمْتَ التاء من أنتم لانها كانت مفتوحة اِذا خاطبتَ واحداً مُذكراً ومكسورةً اِذا خاطبتَ واحدةً مؤنّثةً فَلما ثَنّيْتَ وجَمعتَ لم تبقَ اِلاّ الضمّةُ {هَـٰؤُلاۤءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ} قال القتبِي: التقدير يا هؤلاء. قال أبو جعفر: هذا خطأ على قول سيبويه لا يجوز عنده: هذا أقْبِلْ، وقال أبو اسحاق "هَـٰؤُلاۤء" بمعنى الذين وتقتلُونَ داخل في الصلة أي ثم أنتم الذين تقتلون وسمعتُ عليّ بن سليمان يقول: سمعت محمد بن يزيد يقول: أخْطأ من قال: اِنّ "هذا" بمعنى "الذي" واِنْ كانَ قد أنشدَ:
    عَدَسْ ما لعبّادٍ عَليكِ امارَةٌ * نَجَوْتِ وهذا تَحْمِلينَ طلِيقُ
    قال: فإِنَّ هذا بُطلان المعاني قال أبو الحسن: هذا على بابه و "طلِيقُ" و "تَحملينَ" خبر أيضاً، قال أبو جعفر: يجوز أنْ يكونَ التقدير والله أعلم أعني هؤلاء و "تَقْتُلُونَ" خبر أنتم "أَنْفُسَكُمْ" مفعولهُ، ولا يجيزُ الخليل وسيبويه أن يتصل المفعول في مثل هذا لا يجيزان: ضَرَبَتُنِي ولا ضَرَبَتَك. قال سيبويه: استَغنوا عنه بِضَربتُ نَفْسي وضَربتَ نفسَكَ، وقال أبو العباس: لم يجز هذا لئلا يكون المخاطَبُ فاعلاً مفعولاً في حال واحدة. {تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ} هذه قراءة أهل المدينة وأهل مكة تُدغِمُ التاء في الظاء لقربها منها، وقرأ الكوفيون {تَظَاهَرُونَ} حذفوا التاء الثانية لدلالة الأولى عليها، وقرأ قتادة {تظّهّرونَ} قال أبو جعفر: وهذا بعيد وليس هو مثل قوله {يَظَّهَّرونَ منكم من نسائهم} لأن معنى هذا أن يقول لها: أنت عَليّ كظَهرِ أمِّي، فالفعل في هذا من واحد، وقوله/ 14أ/ تَظّاهرونَ الفعل فيه لا يكون إلاّ من اثنين أو أكثر. {وَإِن يَأتُوكُمْ} شرط فلذلك حُذفَتْ مِنهُ النون {تُفَادُوهُمْ} جوابه {أُسَارَىٰ} على فَعْلَى هو الباب كما تقول: قَتِيل وقَتْلى وجَرِيح وجَرْحَى ومن قال: {أُسَارَىٰ} شبه بسكرانَ وسُكَارَى فكل واحد منهما مُشَبّهٌ بصاحبه قال سيبويه: وإِنما قالوا: سَكْران وسكْرى لأنها آفة تدخل على العقل. قال أبو حاتم: ولا يجوز أسَارى. قال أبو اسحاق: كما يقال: سَكارى وفَعَالى هو الأصل وفُعَالَى داخلة عليها، وحُكي عن محمد بن يزيد أنه قال يقال: أسير وأسراء كظريف وظُرَفاء {أسْرى} في موضع نصب على الحال. {وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ} وإِنْ شئتَ أسكنتَ الهاء لثقل الضمة كما قال:
    فَهو لا يَنْمي رَميَّتهُ * ما له لا عُدَّ من نَفَرِه
    وإنْ شئتَ أسكنتَ الهاء لثقل الضمة وكذلك إنْ جِئتَ بالفاء واللام "وَهُوَ" في موضع رفع بالابتداء. وهو كناية عن الحديث، والجملة التي بعده خبر، وإِنْ شئتَ كان "هو" كناية عن الاخراج واخراجهم بدل من هو، وزعم الفراء انَّ "هُوَ" عماد وهذا عند البصريين خطأ لا معنى له لأن العماد لا يكون في أول الكلام. {فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ ذٰلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا} ابتداء وخبر. وقرأ الحسن {وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ تُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ ٱلّعَذَابِ}.
    { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا بِٱلآخِرَةِ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ ٱلْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ }
    {أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ..} [86] ابتداء وخبر.
    { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِٱلرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ٱلْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَآءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَىٰ أَنْفُسُكُمْ ٱسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ }
    {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَابَ..} [87]

    مفعولان {وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِٱلرُّسُلِ} قال هارون: لغة أهل الحجاز الرُّسُل بضمتين مضافاً كان أو غير مضافٍ ولغة تميم التخفيف مضافاً أو غير مضافٍ وأخذ أبو عمرو من اللغتين جميعاً فكان يُخَفّفُ إذا أضافَ الى حرفين ويُثَقّل إذا أضافَ الى حرف أو لم يضِف. وقرأ ابن مُحَيْصنٍ {وآايْدناه}، وقرأ مجاهد وابن كثير {بِرُوحِ ٱلْقُدْسِ}. {أَفَكُلَّمَا} ظرف {بِمَا لاَ تَهْوَىٰ أَنْفُسُكُمْ} حذفت الهاء لطول الاسم أي تهواه {فَفَرِيقاً} منصوب بِكذّبتُمْ {وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ}.
    { وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ }
    {وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ..} [88]

    ابتداء وخبر مُشْتَقّ من قولهم اغلفُ أي على قلوبنا غطاء، ومثله {وقالوا قلوبنا في أكنةٍ}، وكذا {وقال الّذينَ كَفَروا لا تَسْمَعُوا لِهذا القُرآن والغَوا فيه} ومثله {واستَغْشَوا ثيابَهُمْ} وجوز أنْ يكونَ غلفٌ جمع غلاف وحُذِفَت الضمة لثقلها فأما غلفٌ فهو جمع غلاف لا غير أي قلوبنا أوعية للعلم وقِيلَ: أي قلوبنا لا تُجْلى بشيءٍ كالغُلْف.
    { وَلَمَّا جَآءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ }
يعمل...
X