إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أدونيس (مختارات: خالدة سعيد)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أدونيس (مختارات: خالدة سعيد)

    أدونيس

    (مختارات: خالدة سعيد)


    تسجل هذه المختارات من شعر أدونيس فصولاً من مغامرته الشعرية التي زعزعت المستقر, واستقصت موروث اللغة, وجدّدت ماء القصيدة وبناءها, وابتدعت فيها المعاني.
    منذ أعمال أدونيس الأولى (1954) التي تتصدر هذه المختارات, يتبدى الحسّ الطاغي بالزمان. ومع توالي القصائد, تتصاعد حركة الزمن وتتأزم; حيث يصطرع الماضي ورؤى المستقبل, والذاكرة والخيال, على ساحة الخريطة العربية, ثم على الكوني.
    لا تستريح القصيدة عند أدونيس في شكل مستقر; فقصائده تاريخ من البحث والتجاوز وإعادة النظر. والحداثة عنده ليست شكلاً يبلغه الشعر, بل مشروع تصور جديد للكون. وينهض الشاعر بمشروعه الكبير مستندًا إلى رؤية معرفية متكاملة للإبداع, ودوره في التاريخ, وموقعه من العالم.
    اسمه علي أحمد سعيد إسبر, و (أدونيس) هو لقب اتخذه منذ 1948. ولد عام 1930 لأسرة فلاحية فقيرة في قرية (قصابين) من محافظة اللاذقية. لم يعرف مدرسة نظامية قبل سن الثالثة عشرة, لكنه حفظ القرآن على يد أبيه, كما حفظ عددًا كبيرًا من قصائد القدامى.
    في ربيع 1944, ألقى قصيدة وطنية من شعره أمام رئيس الجمهورية السورية حينذاك, والذي كان في زيارة للمنطقة. نالت قصيدته الإعجاب, فأرسلته الدولة إلى المدرسة العلمانية الفرنسية في (طرطوس); فقطع مراحل الدراسة قفزًا, وتخرج من الجامعة مجازًا في الفلسفة.
    التحق بالخدمة العسكرية عام 1954, وقضى منها سنة في السجن بلا محاكمة بسبب انتمائه -وقتذاك- للحزب السوري القومي الاجتماعي الذي تركه عام 1960. غادر سوريا إلى لبنان عام 1956, حيث التقى بالشاعر يوسف الخال, وأصدرا معًا مجلة (شعر) في مطلع عام 1975. ثم أصدر أدونيس مجلة (مواقف) بين عامي 1969 و 1994. درّس في الجامعة اللبنانية, ونال دكتوراه الدولة في الأدب عام 1973, وأثارت أطروحته (الثابت والمتحول) سجالاً طويلاً.
    بدءًا من عام 1981, تكررت دعوته كأستاذ زائر إلى جامعات ومراكز للبحث في فرنسا وسويسرا والولايات المتحدة وألمانيا. تلقى عددًا من الجوائز اللبنانية والعالمية وألقاب التكريم. وترجمت أعماله إلى ثلاث عشرة لغة .


  • #2
    رد: أدونيس (مختارات: خالدة سعيد)

    المهد
    ... إِذَنْ أَدْعُو إِلَى تَوَاطُؤِ الهَمْسِ وَالشَّمْسِ, العُنُقِوَالأُفُقِ
    إِذَنْ, أُشَبِّهُ غُمْدَانَ بِالنَّهَار, وَبَلْقِيسَ بِاللَّيْل, وَأَنَا بَيْنَهُمَا الهَدِيل.
    1
    شَجَرُ أَيَّامِهِ عَارٍ, وَالجذْرُ الَّذِي نَمَاهُ يَأْخُذُ شَكْلَالصَّحْرَاء, وَهَا
    هُوَ التَّارِيخُ يُلَفُّ بِالسَّرَاوِيل, وَالوطَنُ يُكْسَىبِالرَّمْلِ لَكِنْ هَذَا
    الظَّاهِرُ لاَ يَعْرِفُ مَنْ هُوَ يَعْرِفُهُ بَاطِنٌ لَمْ يَحِنْظُهُورهُ بِالْغِيَابِ
    يَمْتَحِنُ وَيَسْتَقْصِي, وَبِاسْمِ الحُضُورِ يسُنّ شَفْرَةَالكِتَابَةِ وَيُحَزِّرُ
    هَذِهِ الأَرْض.
    إِنَّهَا مُهْرَةُ الحِبْر تَخبُّ فِي سُهُولِ الحُلْمِ, لَكِنْلأَحْلاَمِهِ طَبِيعَةُ
    الجِبَال مَحَارَاتٌ وَقَواقِعُ يلفظُهَا مَوْجُ الذَّاكِرَةالزَّبَدُ يَنْعَقدُ أَسَاوِرَ
    في مِعْصَم الشَّاطىء, وَالصَّخْرُ صَنَّارَةُ الهَواء وَرَأَى أَنَّلأَيَّامِهِ
    جَسَدًا تَمْسَحُهُ الرِّياحُ بِرِيشِهَا, وَأَنّ دَرْبَهُ غَابَاتٌتَحْتَرِقُ
    كيْفَ يُحَرِّرُ هَذَا الأُفُقَ الَّذِي يَلْتَهِمهُ مِنْشَارُالرُّعْبِ?
    2
    قَالَ أَنْسَلخُ مِنْ أَنْقَاضِي وَأَرْمِي نَرْدِيَ ( ... ), -
    (عَلِي أَحْمَد سَعِيد, اسْمٌ يَمَانيّ),
    سَمِعْتُ هَذَا مِرَارًا والنّقْشُ الَّذِي بَقِيَ مِنْ قَصْرِغُمْدانَ يَعْرِفُ
    اسْمِي وَالحَجَرُ الذِي نُصِبَ لِعَشْتَرَ يَتَذَكَّر اسْمِي لي فِي
    تُرَابِ اليََمَن عِرْقٌ مَا طِينَتِي قَابِلَةٌ وَغَرِيزَتِي حُرّة, -
    أَنَا الأُسْطُورَةُ وَالهَوَاءُ جَسَدِي الذِي لاَ يَبْلَى
    هَكَذا ذَهَبْتُ مَعَ ظَنِّي الجَمِيلِ انْسَلَخْتُ مِنْ أَنْقَاضِيوَرَمَيْتُ نَرديَ
    ( ... ) /
    هُوذَا أَتَوَهَّجُ مَع رَامْبُو بَيْنَ جَمْرَةِ عَدَنٍوَتَبَارِيحِ المَنْدَب عاريًا
    مِنِّي مَكْسُوًا بِهَا أَضِيعُ فِيهَا وَتَتَضوَّعُ فِيَّ -
    عَدَنٌ / قَدمَاهَا موجٌ
    جِذْعُهَا بَرَاكِين فَجْرُهَا يَطُوفُ سَاحَاتِهَا بِقَمِيصٍ مِنْنَارٍ وَحِينَ
    يَقْرَعُ بَابَكَ يَأْتِي مَحُمُولاً عَلَى أَجْنِحَةِ النَّوارِستَنْهَضُ وَتَجْلِسُ مَعَ
    شَمْسٍ تَجْمَعُ بَيْنَ حِكْمَةِ الغُرَابِ وَعُذُوبَة البجعِ تَرَىإِلَى البَوَاخِرِ
    تَتَدَوَّر قِبَابًا تَكْتَنِزُ المُحِيط وَمِنْ كِتَابِهَامَفْتُوحًا عَلَى مَدَى الزُّرقَة
    تَسْمَع كَلمَاتٍ لَم تَأْلفْهَا تُفْرِغُهَا عَلَى صَفَحَاتِالشَّوارِعِ رَافِعَاتٌ
    وَعَرَبَاتٌ / مَحَابِرُ وَأَقْلاَمٌ مِنْ مَعْدَنٍ آخَر وَكُنْتُأَسْمَعُ كَلِمَاتٍ
    أُخْرَى تَتَسَاقَطُ عَلَى الأَرْصِفَة / يَمْتَلِىءُ وَجْهُهَابِالْجِرَاحِ وَلاَ
    شِفَاءَ لِرُضُوضِهَا وَبَيْنَ أَسْلاَكِ الحَدِيدِ وَأَسْلاَكالقنّبِ يَتَصَاعَدُ
    الصّخب:
    عُمَّالٌ يَفْتَحُونَ خَزَائِنَ المَوْجِ
    عُمَّالٌ يُفْرِغُونَ وَيَفْرِزُونَ
    عُمَّالٌ يَحْزِمُونَ وَيُكَوِّمُونَ
    وَتَرَى إِلَى العرقَ يَتَدَحْرَجُ عَلَى جِبَاهِهِمْ وَأَعْنَاقِهِموَتَتَمَرْأَى فِيهِ
    كَأَنَّكَ تَتَمَرْأَى فِي مَاء عَالمٍ جَدِيد وَتَرَى إِلَى طُيُورِالبَحْرِ تَتَكَتَّبُ
    وَتَهْجُمُ تُرِيدُ أَنْ تُشَارِكَ فِي هَذِهِ الضجَّةِ الخَالِقَةوَتُنْسِيكَ طَلاَسِمُ
    التّقْنِيَةِ الَّتِي تَكْتُبُ المَدِينَة طَلاَسِمَ كُنْتَتَتَوَسَّلُهَا فِي طُفُولَتِكَ لِتَقْرَأَ
    الغَيْبَ
    ... / وَأَخَذَتْ عَدَن تَتَرَاءى قَصِيدَةً لَمْ تُكْتَب وَكَانَرَامْبُو قَدْ حَاوَلَ,
    - اسْتَخْرَجَ حبرًا آخَرَ مِنْ كِيمِيَائِهَا, لَكِنْ خَانَتْهُكِيميَاءُ العَصْر.
    3
    أَتَحَدَّثُ مَعَ عَدَنٍ وَتُوحِي إِلَيَّ صَنْعَاء تَسِيرُ مَعَكَالأُولَى وَتُقْبل
    إِلَيْكَ الثانيةُ فيما تَجْلِسُ حَوْلَهُمَا الجِبَالُ كَمثلِشُهُبٍ هَدَّهَا
    السَّيْرُ.
    صَنْعَاءُ - تسنُدُني أَشْجَارُ السِّدْر تُظَلِّلُنِي أَشْجَارُالعَرْعَر
    تَحضنُنِي بُيُوتٌ أَعْشَاشٌ تُوَاكِبُنِي مدَرَّجَاتٌ سَلاَلِمُوَحِينَ أَنْخَفِضُ
    فِي تِهَامَةَ وَأَلْتَبِسُ بِعُشْبِ الأَقَالِيم تَتَخَطَّفنِينَبَاتَاتٌ تَتَآلفُ مَعَ
    الصَّخْرِ وَنَبَاتَاتٌ تَعشقُ الملوُحَة وَتَنْفَجِرُ أَمَامِيَالأَوْدِيَةُ حُقُولاً
    فَيْضِيَّةً - وَهَا هِيَ المِيَاهُ أُمَّهَاتٌ يُرْضِعْنَالنَّخِيلَ وَالأَثْلَ الأَرَاكَ
    والطَّلْحَ وَيُرْضِعْنَ حَشَائِشَ لاَتَفْقَهُهَا اللُّغَة
    صَنْعَاءُ, - أَسْتَسْلِمُ لِمُهْرَة الحِبْرِ وَأُلْقِي رَأْسِيعَلَى خَاصِرَةِ
    أَحْلاَمِهَا: هَلْ أَهْمِسُ لِبَلْقِيسَ أَنْ تكْسِرَ عَقْرَبَالوَقْتِ? هَل الذَّاكِرَةُ
    بلْقِيسُ هَلْ بلْقِيسُ النّسْيَان? هَلْ بَلْقِيسُ نَجْمَةُ العَصَبهَلْ هِيَ
    أَنِينُ القَصَب? هَلْ هِيَ الضَّوْءُ تُفْرِزُهُ شَمْسٌ لاَتَتْرُكُ أَثَرًا
    لِخُطُوَاتِهَا? هَلْ هِيَ الحَنَانُ يَدْفُقُ عَارِيًا وَأعْزلكَمَاء اليَنَابِيع?
    هَلْ هِيَ المنْجَلُ يَحْصُدُ الظَّلاَم? السُّؤَالُ يجمَح وَلاَأعْرفُ كَيْفَ
    أُرَوِّضُهُ.
    لِي فِي تُرَاب اليَمَن عِرْقٌ مَا,
    وَاْلخَرِيفُ الذِي يَتَسَاقَطُ مِنْ أَعْضَائِي وَرَقٌ يَكْتُبُهُمَهَبُّ المَرَارَات
    يَتَسَاقَطُ فِي خَيْطٍ يَجِيءُ مَنْ جَنَائِنَ عُلِّقَتْ بِقَدَمَيْكَوْكَبٍ تَائِهٍ,
    جَنَائِن تَنْعَكِسُ فِيهَا الفُصُولُ وَتَعُومُ أَشْلاَءُالنَّهَارِ وَاللَّيْل جَنَائِنُ
    أَجْهَدُ فِيهَا أَنْ أُعَرِّيَ الرَّقِيمَ وَالكَهْف أَنْ أُلاَمِسَنَصْلَ اللَّقَاحِ
    حَيْثُ يَرْقُدُ غُبَارُ الطَّلع أَجْهَدُ أَنْ أَكْتَشِفَ وَحْدَةَالشّفَاه بَيْنَ الزَّهْر
    والنَّحْل وَأَنْ أَنْقُشَ الجَانِبَ الآخَرَ مِنْ عُمْلَةِ السرّ
    لِي فِي تُرَاب اليَمَن عِرْقٌ مَا,
    هَلْ يُجْدِي هَذَا الجَيْشُ الَّذِي أَتَقَدَّمُهُ فِي جَبِينِهَذِهِ اللَّيْلَةِ حَيْثُ
    يَخْرُجُ طَائِرُ الرِّغْبَة نَحْوَ سَمْتٍ مِنَ السَّرْخَسِوَدوًَّار الشَّمْسِ?
    هَلْ يُجْدِي ذَلِكَ الحُزْنُ الَّذِي أَصْقُلُ صَفَائِحَهبِأَهْدَابِي? خَيْرٌ
    لِي أَنْ أَتَوَتّرَ قَوْسًا لِسَهْمٍ أَحْتَارُ فِيهِ مِنْ أَيْنَوَكَيْفَ خَيْرٌ لِي أَنْ
    أَرْسُمَ خَرِيطَةَ أَحْشَائِي وَأَتَنَقَّلَ بَيْنَ تُخُومِهَا فِيهَذَيَانٍ أُهَنْدِسُ
    عَمَارَاتِهِ وَأَفْرِضُ عَلَيْهَا ضَرِيبَةَ المَفَاتِيح
    هَكَذَا أُطْعِمُ كَائنَاتِي خُبْزًا آخَرَ وَأُغَيِّر آدَابَالمَائِدَة وَحِينَ
    يَجْلِسُ الزَّمَنُ إِلَيْهَا أُعَدِّلُ جلْسَتَهُ مَاسِحًاكَتِفَيْهِ بِحَنَانِ شَيْخٍ
    يَمُوتُ ثُمَّ أَمْلأُ الكُؤُوسَ بِخَمْرةِ الفَجِيعَة وَأُنَادِمالرَّفْض
    لِي فِي تُرَاب اليَمَنِ عِرْقٌ مَا,
    أَقْدَامُ حَدِيدٍ تَسْقُفُ المَكَانَ
    نِسَاءٌ يَنْقُشْنَ قُبُلاَتهنّ عَلَى شَفَتَيْ
    عَصْرٍ يَتَغَطَّى بِالإِسْمَنتْ
    لَيْسَ لذِي يَزَنٍ إَلاَّ أَنْ يُغَالِبَ أَسْوَارًا يُحْتَضَرُوَرَاءَهَا الأَسْرَى
    وَإِلاَّ أَنْ يَسْتَطلعَ الدُّرُوبَ فِي آثَارِ خُطُوَاتِهم لَيْسَلَهُ إِلاَّ أَنْ
    يُكَرِّرَ قِرَاءاتِهِ لأَبْجَدِيَّة الغُبَار
    صَنْعَاءُ, - نَوَافِذُ بِلُطْفِ الطُّفُولَةِ مَمَرَّاتٌ كَأَنَّهَاالكِتَابَةُ وَبَيْنَ
    الخَطّ وَالخَطّ فَوَاصِلُ وَحَرَكَاتٌ تُوَشْوِشُ, -
    لِلْقَنَاطِر خُيُولٌ وَهَذَا القَوْسُ حَاجِبَانِ وَثَمّةَأَقْمَارٌ تَقْفِزُ مِنْ
    أَعَالِي البُيُوتِ وَمِنْ أَطْرَافِ المَآذِنِ يَنْكَسِرُشُعَاعُهَا وَيَلْتَئِمُ
    غَلاَئِلَ وَعَبَاءاتٍ
    وَفِي الأَزِقَّة المَرْصُوفَةِ بِأَسْنَانِ تَارِيخٍ شيخٍ كُنْتُأَتَخَيَّلُ وَقْعَ
    قَدَمَيَّ مَمْلُوءًا بِأَشْبَاحٍ لَهُنَّ هَيْئَةُ الكَواكِبِ.
    4
    - (حَقّ العشْرِين بِعَشْرَه, يَابَلاَشْ يَابَلاَشْ) / يُكَرّرطِفْلٌ
    نِدَاءَاتِه يَسْحَبُ خُيوطَ صَوْتِهِ بَيْنَ سُوق البَزّ وَسُوقالنُّحَاس
    فِيمَا يَرْفَعُ مَرآتَهُ الصَّغِيرَةَ فِي اتِّجَاهِ شَمْسٍ تتسكّعُ
    بين الأَرْجُل وَفِي أَرِيجٍ مِنَ البَهَارَات تَتَشَابَكُالأَسْوَاقُ أَوْرِدَةً
    وَشَرايِين في هذا الجِسْمِ الذِي لَيْس مِن وَاقِعٍ وَلاَ حُلْمٍ.
    صَنْعَاءُ, - آخذُكِ بَيْنَ ذِرَاعيَّ
    نَمْشِي مَعَ رِجَالٍ يَرْفَعُونَ
    النَّهَارَ مِظلَّةَ أَحْزَان
    مَعَ نِسَاء يَحْمِلْنَ عَلَى أَكْتَافِهِنَّ
    هُمُومًا بِلَوْنِ الزَّبِيبِ
    وَلَيْسَ لأَقْدَامِهنَّ إِلاَّ شَهْوَةٌ
    وَاحِدَة: أَنْ تقبِّلهَا الرِّيح
    قَنَادِيلُ وَجَامِعُ أَرْوَى يتَّكِىءُ عَلَى رِيَاضِيَّاتِ سَبأ
    قَنَادِيلُ انْطَفَأَتْ وَلَهَا شَرَارَةُ الوَحْي
    أَقْرَأُ أَسْرَارَهَا مَتْنًا مَتْنًا
    وَأُرْجىءُ الهَوَامِشَ وَالتَّفَاصِيلَ
    ثمَّةَ عَصْفٌ مَا وَأَسْألُكِ
    أَيَّتُها القَنَادِيلُ أَيْنَ السَّاهِرُونَ وَمَنْ يُمْسِكُبالزِّناد?
    أَوَّلُ السُّوق / مَهْلاً - لَيْسَ هَذَا مَاءً بَلْ دَمٌ لَيْسَهَذَا جِدَارًا بَلْ
    العَمُودُ الفِقَرِيّ لِرَجُل قَالَ مَرَّةً كَلاّ
    آخِرُ السُّوقِ / امْرَأَةٌ كَوْكَبٌ آبنُوسِيٌّ يَسْبَحُ فِي أَثِيرالتنهُّدَات
    - (أَلَنْ نَلْتَقِي بَعْدُ?)
    تَرَكْتُ اللَّيْل يَنَامُ عَلَى عَتَبَةِ بَيْتِهَا فِيمَا كَانَتنَجْمَةٌ تَتَهَيَّأُ لِكَيْ
    تَقْتَحِمَ غُرْفَتِي وَتقْرَأَ جَسَدَهَا عَليَّ
    وَكَانَتِ الأَسْوَاقُ تَهْدِرُ وَتَتَمَوَّجُ فِيمَا كُنْتُأَسْتَعِيد
    قَوْلَ الهَمَدَانِيّ:
    (لاَ تَلْحَقُ بِحَسْنَاء صَنْعَاءَ امْرَأَةٌ مِنَ العَالَم).
    أَتَحَدَّثُ مَعَ صنْعَاءَ وَأَتَجَوَّلُ فِي عَدَن,
    صَيَّادُونَ يَرْسُمُونَ ظِلاَلَهُمْ عَلَى البَحْرِ
    حَضَرٌ وَبُدَاةٌ يَسْتَنْطِقُونَ
    جَسَدَ المَادَّة وَيَرُجُّونَ ذَاكِرَةَ الشَّوَاطِىء
    تَنْفُرُ أَحْلاَمُهُم أحْصِنَةً تصْهلُ, -
    فَرَسُ شَهْوَةٍ
    شُعَاعُكَ أَيُّهَا التَّارِيخُ وَقِشْرَتُكَ تُعَاكِسُ شَهَوَاتِنَا
    لَكِنَّ سِلاَحَكَ صَدَأ وَنَحْنُ صَوَّانُ الرَّغَبَات
    نَخْتَارُكَ أَيُّهَا الصَّوّان بَيْنَ مُلْكِ الصَّحْرَاء بِكَ
    تَسَمَّيْنَا انْشِقَاقًا بِكَ فَكَّكْنَا بِكَ تَمَاسَكْنَاوَالتَحَمْنَا
    وَأَنْتَ فِينَا شَقِيقٌ لِلْمَاء (الصّوانُ مَاءٌ جَامِدٌ المَاءُ
    صوَّانٌ سائِل)
    أقُولُ عَدَنٌ وَصَنْعَاءُ وَأُضْمِرُ هَذَا المرَكّبَ - المَهْد /
    (... نَحْنُ آسِيَا وَأَفْرِيقيَا مَغْسُولَتَيْنِ بِمَاءالمُسْتَقْبَل
    مَكْسُوَّتَيْنِ بِسَعَفِ البِدَايَات وَلَسْنَا مِنْ عَصْرِ
    المَعْدِن بَلْ مِنْ عَصْرِ الإِنْسَان)
    أَقُولُ عَدَنٌ وَصَنْعَاءُ وَأَعْنِي هَذَا المرَكّب - المهد /
    - كَيْفَ لِغُمْدَانَ أَنْ يظَلَّ شَابًّا مُنْذُ آلافِ السَّنَواتِ?
    - كَيْفَ أجِيبُ وَأَنَا (حَصَّنْتُ غُمْدَانَ بِمُبهَمَات?)
    (إكْلِيل الهَمَدَانِي)
    صَنْعَاءُ, - مِنْ هُنَيْهَةٍ رَأَيْتُكِ فِي صُورَةٍ وَالآنَ
    تَتَحَوَّلِينَ أَنْتِ الثَّوبُ يُفْتَقُ وَيُرْتَقُ بِرَفَّةِالهُدِْبِ وَمَا
    أَغْرَبَ الخَلِيطَ الذِي يُنْسَجُ هَذِهِ اللَّحْظَة /
    سُوق الحَرِير, -
    امْرَأَةٌ مِن جِنّ سَبَأ
    ثَوْبُهَا تَعْرِيشُ بَطرٍ وَتَخْرِيمُ
    شَهَوَاتٍ حَافِيَةٌ وَكُمَّاهَا طَائِرَان
    لَوْحٌ: (أَبْكَارُ النِّسَاء كَإِنَاثِ الخَيْل
    لاَ يَسْمَحْنَ إِلاَّ عَنْ صَهِيلٍ
    وَمُغَالَبة) (بلقِيس)
    سُوق الحَبّ, -
    نَقْشٌ: (هَذَا العَالَمُ لاَ يَحْلُو فِي عَيْنِي
    وَمَا لاَ يَحْلُو فِي العَيْنِ لاَ يَحْلُو فِي الفَمِ).
    سُوق الذَّهَب, -
    لَوْحٌ: (كلّ قَرِيبٍ شَاسِعٌ)
    نَقْشٌ: (يَزْهَدُ العَاقِلُ كَأَنَّهُ المَوْت
    وَيَعْمَلُ كَأَنَّهُ الأَبَدُ).
    سُوق الفِضَّة, -
    نَقْشٌ: (يُوقِنُ الصَّائِغُ لِيُصْلحَ نَفْسَهُ
    وَيُتْقِنُ ليُصْلح الدُّنْيَا).
    سُوق القَات, -
    رُقْعَة: (تُدْرِكُ يَدَايَ مَا لاَ تَرَاهُ عَيْنَايَ).
    سُوق العطارةَ, -
    رُقْعَة: (يَذْهَبُ عَنِّي مَا أُرِيدُ وَيَأتِينِي مَا لاَ أُرِيدُ)
    سُوق الزَّبِيب, -
    نَقْشٌ: (أَنَا رَاعِي الحَيّ فَإِذَا سَكرتُ ضَاع).
    سُوق الحَنَّاء, -
    لَوْحٌ: (مَا لَوْنُ الربّ?) (بلْقِيس)
    لِي فِي تُرَاب اليَمَن عِرْقٌ مَا,
    أَهْبِطُ مَعَهَا إِلَى البِدَايَات كَيْ أُحْسِنَ اكتِشَافَ مَا
    يَأْتِي
    شَقَائِقُ نُعْمَانٍ
    سِلاَلُ عِنَبٍ تَنْهَضُ مِنْ أسِرَّةِ التِّلاَلِ
    نَهْدَانِ يَسْتَعْجِلاَنِ القطَاف
    وَوَرَاءهمَا يتَفَتَّتُ فَخَّارُ الأَزْمِنَة
    شُكْرًا لِلْحَيَاة وَلَيْلِهَا
    المُزْدَوِجِ شُكْرًا لِحِكْمَةِ صَوّانٍ يَسْتَوْهِمُ أَنَّهُ
    صَدِيقِي
    وَأَنْتِ حَاذِرِي أَنْ تَبْتَرِدِي - أُغَطِّيكِ يَا أَسْرَارِي
    صَنْعَاءُ, - حَقًّا تُقِلِّني
    الرِّيح أَتَعَلَّمُ مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَمَنْطِقَ كُلّ شَيْء
    تَسِيرُ مَعِي الجِبَالُ وَتَجْلِسُ وَرَائِيَ الجِنّ.
    5
    اهْبِطْ, أَيُّهَا الشَّاعِرُ, إِلَى الكثيبِ
    الأَحْمَر فِي أَسْفَلِ وَادِي الأَحْقَافِ, وَاسْأَلْ
    قَبْرَ هُود: مَنْ أَنْتَ, وَمِنْ أَيْن?
    إِيلِ / عَلِي
    أُقْسِمُ بِهَذَا الوَادِي, كُنْتُ أَسْتَطِيعُ مُتَوكِّلاً عَلَى
    امْرِىء القَيْس, أَن أَتَسلَّقَ الفَضَاءَ وَأَنْ أَخْتَرِقَهُ,
    وَلَسْتُ سَاحِرًا وَلاَ أَدَّعِي النبُوَّة.
    كَانَتْ أَطْرَافِي قَدْ امْتَلأَتْ بِلَيْلِ حَضَرمَوْت,
    وَازَّينَتْ حَوَاسِّي
    وكُنْتُ اسْتَيْقَنْتُ أَنَّ اللَّيْلَ فِيهَا لَيْسَ مَغِيبًا
    لِلشَّمْسِ وَأَنَّ السَّمَاءَ فَوْقَهَا لَيْسَتْ قُبَّةَ الأَرْضِبَلْ
    ثَوْبُهَا الَّذِي يَلْتَصِقُ بِجَسَدِهَا -
    (يَا لَلْجَسَد - هَادِرًا بِنَشِيدِ الْبِدَايَاتِ
    لاَ تَتَّسِعُ لِخُطُوَاتِهِ سَاحَةُ الوَقْتِ,
    يَا لَلْجَسَدِ مَوْجًا يُزَحْزِحُ شطْآنَ التَّارِيخ);
    إِنَّهَا النُّجُومُ تَهْبِطُ إِلَيَّ,
    وَهَا أَنَا أَتَشَرَّدُ مَعَهَا,
    يَحْرِسُنِي التّرَاب نَفْسُهُ,
    وَسِلاَحُهُ الخَطّ المُسْنَدُ, وَالنُّقُوشُ, والتَّمَاثِيلُ,
    وَفِي كُلِّ نَاحِيةَ مِنْ كِنْدَةَ يُدَنْدِنُ امرؤُ القَيْس
    شفتَاكِ, فَاطِمُ, عَسَلُ دَوْعن
    نَهْدَاكِ تَمْرٌ مَدِينِيّ
    وَظَنِّي أَنّ هَذَا المَدَى الذِي ينْسجُهُ المَدَرُ قَدْ فَهِم
    طِينَتِي
    وَأَنْتِ, يَا فَاطِمُ, سَأُسَمِّيكِ فِي هَذَا الوَادِي
    بِاسْمٍ تَجْهَلُهُ الشِّفَاهُ
    وَأَنْتَ يَا جَسَدِي, سَأَكْتُبُ بِالخَطِّ المُسْنَدِ رَسَائِلَ
    شَوْقِكَ إِلَى المَعْنَى.
    اهْبطْ أَيُّهَا الشَّاعِر
    الفَضَاءُ بَيْتٌ تَسْقفُهُ أَحْلام النّسَاء
    وَالقَمَرُ يَتَسَلَّقُ الجُدْرَان,
    وَيُوَصْوِص مِنَ النَّوَافِد, -
    وَهَا هِيَ الأَزِقَّةُ وَالحُقُولُ تَسْهَرُ كَمِثْلِ الكُتبِ التِي
    تخْتَصِرُ الطَّبِيعَة.
    سَيؤُون تَرِيم شِيبَام
    أَبْوَاقٌ مِنْ عَالَمٍ آخَرَ تَصْدحُ تَحِيَّةً لِلْعَنَاصِرِ
    الأَيَّامُ تَنْزِلُ عَلَى سَلاَلِمهَا كَمثلِ الأَطْفَالِ,
    وَمُنْذُ أَنْ تَصِلَ الشَّمْسُ إِلَيْهَا,
    تَجْلِسُ عَلَى عَتَبَاتِهَا وَتَتَنَهَّدُ كَأَنَّهَا لاَ تُرِيدُ
    أَنْ تَنْهَضَ
    اهْبِطْ أَيُّهَا الشَّاعِرُ, -
    أَظُنّ أَنّ ذَاكِرَتِي تَسِيلُ فِي وَادِي الأَحْقَافِ
    أَظُنُّ أَنَّ الزَّمَنَ يَنْكَسِرُ بَيْنَ يَدَيَّ كَمِثْلِ قَضِيبٍ
    يابِسٍ
    أَظُنّ أَنّ الجِبَالَ التِي تُظَلِّلُ
    أَحْمَد بْنَ عِيسَى المُهَاجِر,
    جَاءتَ تُشَارِكُنَاالدَّانَ فِي فُنْدُق سَيؤُون,
    ذَلِكَ المَسَاءَ, وَتَرْقُصُ
    فِي طَرَبٍ شِبْه صوفِيّ,
    أَظُنّ أَنَّنِي قُلْتُ: لاَ شَكَ أَنَّنِي سَلِيلُ مُوسِيقَى
    خَرَجَتْ مَرَّةً
    مِنْ حُنْجَرَةِ السَّمَاء, ثُمّ آثَرَتْ ألاَّ تَعُود
    - أيّتُهَا المُوسِيقَى,
    أَهْلاً بِكِ عَلَى هَذِهِ الأَرْض, فِي دَارِ هِجْرَتِنَا
    الدَّائِمَة.
    وَالآنَ,
    جَاءَتِ الشّفَافِيَةُ تَحْمِلُنِي وَتَتَعَالَى أقْدِرُ أَنْأَتَحَوَّلَ
    أن أتَمَاهَى وَمِثْلَمَا كُنْتُ الطيِّعَ أقْدِرُ الآنَ أَنْ أكُونَ
    الآمِرَ أَقُولُ لِكُلِّ طينَةٍ كُونِي صُورَةً لِكُلِّ صُورَةٍ
    تَكَوَّنِي أُعْطِي لِلأَشْيَاء حَرَكَاتِي وَأَهْوَائِي
    يَمْتَلِىءُ كُلّ شَيْء بِضِيَاء هذِهِ الخَلِيقَةِ وَأَكُونُ قَدْ
    عَرَّيْتُ الزَّمَنَ /
    رَمَيْتُ ثَيَابَهُ الحِجَازيّة فِي خِزَانَة بلْقِيس
    وَنَثَرْتُ أَيَّامَه النّجْدية فِي مَأرِبَ وَمَا حَوْلَهَا
    وَأَكُونُ قَدْ أَجْرَيْتُ عَلَيْهِ ماءَ تَكْوِينٍ آخَرَ,
    وَكَسَوْتُهُ بِأَنْفَاسِ لُغَةٍ ثَانِيةٍ -
    هَكَذَا أَتَكَلَّمُ بِطَرِيقَةٍ تُجسِّدُ
    أَصْدِقَائِي شُعَرَاءَ الْجَاهِلِيَةِ (أَقْصِدُ شُعَرَاءَ
    البَصِيرَةِ وَالهُيَامِ والرِّغْبَةِ) أَقُولُ لِكَلِمَاتِي أَنْ
    تَنْتَشِيَ فِي مَكَانِهَا بَيْنَ شَفَتَيَّ وَهَذَا الضَّوْء الذِي
    يَجِيئُهَا مِنْ أَشْيَاء الوَاقِعِ أُغْرِيهَا بِالسَّفَرِ فِي
    وَحْشِيّةِ سُقُوطٍ لَيْسَ إِلاَّ صُعُودًا آخَر
    حَيْثُ نَرَى لِلرِّغْبَةِ جَسَدًا يُولَدُ فِي الجَسَد
    حَيْثُ نقْدر وَرَاءَ كَلّ حِجَابٍ أَنْ نُحَيِّي امرؤَ
    القَيْس,
    وَنَسْتَشِفّ عُمَر بْنَ أَبِي رَبِيعَة,
    وَحَيْثُ نَسْمَعُ الحَجَرَ وَالمَاءَ يَتَحَدَّثَانِ دَائمًا عَنْ
    يُوسُفَ وامْرأَةِ العَزِيزِ, -
    سَلاَمًا حضرَمُوت -
    أَيَّتُها العَيْنَان السَّوْدَاوَان في هَذَا الرّأسِ الأَزْرَقِ
    الذِي سُمِّي السَّماء,
    أَيَّتُها المَرْأَةُ التِي تَغْتَسِلُ بِعَسَل دَوْعن,
    حِزَامُهَا بَحْرُ العَرَب
    وَخَلْخَالُهَا المَوْج.
    6
    ... / إِنَّهَا سَاعَةُ المَقِيل, - أَرْبِطُ مُخَيِّلَتِي بِتِلْكَ
    الخضرَة وَأُخْلِي جسْميَ من دَبِيبِ الهَوَاجِس
    مَاذَا? فِي قَرَارَاتِي وَخْزٌ
    (نَاسٌ يَأْكُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ثَمَنُ الرَّأْس منْدِيل وَلاَ
    شَيْءَ إِلاَّ السِّلاَحُ وَالصّياحُ)/
    هَلْ أَجِيءُ مِنْ دَاء لا يَشْفَى?
    وَخُيِّلَ إِليَّ أَنَّنِي أَسْمَعُ صَوْتًا يلفظهُ قَيْءُ
    الصَّحْرَاء يَتَحَدَّثُ عَنْ قَمَرٍ صِنَاعِيّ اسْتَقَالَ مِنَ
    الجَاذِبيّة عَنْ مسْتَوْصَفَاتٍ للِنِّسَاء
    الآليّات عَنْ فَنَادِقَ لِلْكِلاَبِ وَأَعْرَاسٍ لِلْقِطَطِ
    وَتَرَاءَتْ لِي جُذُوعٌ بَشَريَّةٌ مَبْتُورَةٌ تَلْتَئِمُ حَوْلِيَتَارَةً
    وَتَتَمَزَّقُ تَارَةً فِي أَحْشَائِي وَكُنْتُ كَمَنْ يَسْبَحُ فِي
    شَرْق تَثْقُبُهُ بُحَيْرَاتُ الدَّم وَشُبِّهَ لِي أَنَّنِي فِي
    مهْرَجَان أَعْنَاقٍ تَحْتَفِلُ بِذَبْحِهَا دُونَ أنْ تَدْرِي
    وَتَمْتَمْتُ: أَنْ تَكْتُبَ هُوَ أَنْ تُهَرِّبَ الكَلاَم /
    لَنْ تُغْرِينَي أَيُّهَا المَلاَكُ وَالشَّيْطَانُ أعْقَلُ مِنْأَنْ
    يُوَسْوِسَ إِلَيَّ عَيْنَايَ تَفِرَّانِ إِلَى الأَمَامِ
    وَقَدَمَايَ نَشْوَةٌ وَرَقْص الإِيقَاعَ الإِيقَاعَ
    وَلْنَرْقُصْ فَوْقَ رَمَادِ هذِهِ الأَزْمِنَة
    هَكَذَا ذَهَبْتُ مَعَ ظَنِّي الجَمِيل
    فجْأَةً رَأَيْتُنِي
    أَسْتَسْلِمُ لأَلَقِ لَحْظَةٍ تَنْضَحُ بِرَائِحَةِ عُودٍ يُؤَاخِي
    بَيْنَ النّسْيَانِ وَالذِّكْرَى وَأُصْغِي إِلَى حَكِيمٍ يُمْلِي -
    - (كَلاَّ, لَنْ تَجِدَ الطَّبِيعَةُ زُهُورًا جَدِيدَةً إِلاَّ فِي
    جِرَاحِنَا كَلاَّ لَنْ يحْظَى تَارِيخُنَا بِنَبْضِهِ إِلاَّ
    فِي مَنْفَانَا).
    وَحَسِبْتُ أَنّ آسِيا العَجُوز تَجْلِسُ فِي رِوَاقِ أَرْوَى
    والفُصُولَ تَتَبَادَلُ قُمْصَانَهَا بَيْنَ ذِي يَزَنٍ وَعَشْتَار.
    .../ إِنَّهَا سَاعَةُ المَقِيل, -
    أَيَّتُها الإِيقَاعَاتُ الطَّالِعَةُ مِنَ الأَوَائِل أَمْتَزِجُبِك
    وَأُضِيفُ بَصِيرَتِي إِلَيْكِ أَتركُ لأَوْتَارِي أَنْ تَصْهَركِ
    طِينَةً ثَانِيَةً وَمِنْ هَذَا الرِّوَاقِ الَّذِي نَرْعَاهُأَصْدِقَائِي
    وَأَنَا نكتبُ لِتِلْكَ الجِهَة المَطْمُوسَةِ مِنْ عُرُوبَةِالقَلْبِ
    لأُولَئِكَ المسْحُوقِينَ يَمُوتون وهُمْ يَتَقَاسَمُونَ الرَّغِيفَ
    لأُولَئِكَ التَّائِهينَ يَسْقُطُونَ وَهُمْ يَتَشَبَّثُونَبِالأَعَالِي
    يُشاركونَ الحُقُولَ كَآبَةَ الجَدْبِ وَيُصَادِقُونَ الهَوَاءَ
    لأُولَئِكَ المَنْبُوذِينَ يَنْتَعِلُونَ الأودية وَيَلْتَحِفونَالجِبَال
    ... / إِنَّهَا سَاعَةُ المَقِيل, -
    تَنْهَضُ فِي قَصَائِدِنَا أَبْوَابٌ وَشُرُفَات نَكْتَشِفُ
    زَوَايَا مِنْ جَسَدِ صَنْعَاء لاَ تَزالُ عَصِيَّةً عَلَى
    الصُّور نَسْمَعُ كَلِمَاتٍ فِي حُنْجُرَةِ عَدَنٍ لاَ
    شَوَاطِىءَ لَهَا
    - بِلاَدٌ نَاقَةٌ تَرْعَى أَعْشَاب الفِقْه /
    الصَّحْرَاء تَابُوتٌ يَتَنَقَّلُ عَلَى رُؤوسِنَا وَاللُّغَةُبَبَّغَاءُ
    فِي قَفَصِ الرُّعْبِ
    - كَيْفَ نَخْتَرِقُ هَذَا الرّبْعَ الخَالِي? أَيْنَ لُقْمَانُ
    وَحِكْمَتُهُ? هَلْ عَلَيْنا أَنْ نجْدلَ شعْرَ السَّمَاء أَعِنَّةً
    لِخُيُولِنَا? أَنَّ نَصْرخَ بِالنُّجُومِ مُدّي أَيْدِيَكِإِلَيْنَا?
    هَلْ عَلينا أنْ نَشُقَّ القَمَر?
    - مِنْ أَيْنَ لِنَمْلَةٍ أَنْ تُغْرِيَ نَسْرًا?
    - نُنَاضِلُ كَمن يُقَاتِلُ الغُبَار كَمن يَكْتُبُ أَبْجَدِيَّةالرَّمْلِ
    كَمن يَرْضع ثَدْيَ الحَجَرِ
    - ألْوَطَنُ فُرْنٌ يُطْبَخُ فِيهِ مَنْ يَجِيءُ لإِيلاَفِ مَنْيَرُوح
    - لَيْتَ السَّمَاءَ تَمْرٌ
    إِذَنْ كُنَّا أَكَلْنَاهُ وَاسْتَرَحْنَا
    - مَا أَنْتِ وَمَنْ أَيَّتُهَا الشَّجَرَة?
    - رُبَّمَا كُنْتُ حَبْلَ سُرَّةٍ بَيْنَ رَحِمِ اليَأْسِ وَسَرِيرِ
    الغِبْطَة رُبَّمَا كُنْتُ لُغَةً يَلُوذُ بِهَا الحَيّ فِيحِوَارِهِ
    مَعَ المَيِّتِ رُبَّمَا كُنْتُ لَوْنًا يُوَحِّدُ بَيْنَ قَوْسِقُزَحٍ
    وَقَوْسِ الأَيَّامِ رُبَّمَا كُنْتُ إِكْسِيرًا
    يَتْرُكُ لِكُلِّ شَيْء أَنْ يَسْبَحَ فِي شِعْرِهِ الخَاصّ
    - إِذَنْ مَا شَكْوَاكَ أَيُّهَا القَاتُ الصَّامتُ?
    - ... أَنّ صَدِيقِي الوَقْتَ أَقَلُّ اخْضِرَارًا مِنِّي /
    هَكَذَا نَسْتَنْبِتُ قَاتًا آخَرَ لاَ مِنَ الأَرْضِ
    لاَ مِنَ النَّبَاتِ بَلْ مِنَ الصَّبْوَةِ وَانْفِجاَرَاتِها, -
    نَشْوَةٌ: حِينَ تَأسرُكَ العَاصِفَةُ اسْتَسْلِمْ,
    لَكِنْ كُنِ الوَتَرَ الَّذِي يَعْزِفُ الرِّيحَ,
    حِكْمَةٌ: الغبَارُ حِكْمةُ الَيدِ وَالعَتَبَةُ غَرِيزَةُ القَدَم.
    أُمْثُولَة: أرْضَعَتِ الشَّمْسُ عَدَنًا وَنَسَجَتْ لَهَا
    غَلاَئِلَ لاَ تَخْرِقُهَا أَظَافِرُ الدّهْر.
    شَطْحَةٌ: النُّجُومُ فِي صَنْعَاءَ قَطِيعٌ
    وَالقَمَرُ رَاعٍ يَتَوَكَّأ عَلَى عَصَاهُ وَرَاءَ سِيَاج
    الفَضَاء.
    مُكَاشَفَة: لِكَيْ لاَ تَتَعَثَّرَ فِي طَرِيقكَ أَوْ تَسْقُطَ
    قُلْ لِقَلْبِكَ أَنْ يَتَرَجَّلَ وَيَمْشِي أَمَامَك
    لِي فِي تُرَابَ اليَمَنِ عِرْقٌ مَا /
    مِنْ أَجْلِ شَوَارِعَ تَرْتَسِمُ شَامَاتٍ فِي وَجْهِ النَّهَارِ
    مِنْ أَجْل لَيْلٍ يَلْبسُ النُّجُومَ قَلاَئدَ وَأَقْرَاطًا
    مِنْ أَجْلِ أَرَاغِنَ تَضْحَك وَتَبْكِي فِي سِرِيَرةِ كُلّ شَيْء
    مَنْ أَجْلِ غَرَابَةٍ تُهَيْمِنُ عَلَى أَحْشَائي
    مِنْ أَجْلِ أَيْدٍ تَنْسُجُ البُكَاءَ خِيَامًا لِلْحُلْمِ
    مِنْ أَجْلِ مَجْهُولٍ أَنْغَرِسُ فِيهِ وَتَنْغَرِسُ أُرُومَةالخَلْقِ
    أَقُولُ فِي تُرَاب اليَمَنِ
    لِي عِرْقٌ مَا,
    وَأَنْتَمِي إِلَيْهِ
    بَلَدًا بَلاَ عُمُرٍ
    كَأَنَّهُ وَجْهُ الله.
    هَكَذَا نَنْضجُ فِي خَابِيةِ الزَّمَنِ يَكْتُبُ دَمُنَا مَا لاَ
    تقْدرُ أَنْ تَمحُوَهُ
    أَيْدِينَا وَكَيْفَ أَكُونُ المُفْرَدَ وَمَا أَنَا, إِنْ لَمْأَلْبس
    الشُّخُوصَ كلّهم إِنْ لَمْ أَكُنْ هَذَا الجَمْعَ? انظُرُوا
    إِلَى المَشْهَدِ يَتَحَرَّكُ فيه الخَلِيفَةُ وَالإِمَامُ القَاضِي
    وَالفَقِيهُ المُشَرِّعُ وَالشُّرَطِيّ الأَمِيرُ وَالجنديّ
    أَعْنِي يَتَحَرَّكُ المُتَمَرِّدُ وَالمُرْتَدّ الثَّائِرُوَالعَاشِقُ
    الخارجُ وَالشَّاعِرُ الصَّعْلُوكُ وَالفَارِسُ
    وَبَيْنَ سَوْرَةِ القَلْبِ تَتَفَطَّرُ شِعْرًا
    وَسَوْرَةِ الذِّهْنِ تَتَلأْلأُ نظرًا
    أَكْتُبُ وَأُعْلِنُ: كِتَابَتِي غِوَايَةٌ, - وَأُكَرِّر: لَسْتُ
    الجَوْهَرَ لَسْتُ النّوعَ النّقِيّ أَنَا جَوَاهِرُ وَأنْوَاعٌ
    مَزِيجُ قَمَرٍ وَشَمْسٍ في لَحْظَةٍ وَاحِدَةٍ
    وَ(حِينَ أَضْحَكُ
    أَضْحَكُ لِكَيْ أنْفَصِل بِفَرَحٍ عَنِ المَاضِي) (مَارْكس)
    مُعْلِنًا حَقِّي فِي أَنْ أَكُونَ مَتَنَاقِضًا (مَنْطِقِي أَكْثَرُ
    شُمُولاً مَنْ مَنْطِقكُم الظَّاهِريِّ)
    وَأَنْتَ أَيُّهَا الطُّوفَانُ يَا صَدِيقِي تَقَدَّمْ
    هَكَذَا نَنْضُجُ فِي خَابِيَةِ الزَّمَنِ وَنَسْتَنْبِتُ قَاتًاآخَرَ, -
    صَنعَاءُ / (الإِنْسَانُ مِنْ حَيْثُ يُوجَدُ لاَمِنْ حَيْثُ
    يُولَدُ)
    عَدَنٌ / (الإِنْسَانُ مِنْ حَيْثُ يَثْبُتُ لاَ مِنْ حَيْثُينْبُتُ)
    صَنعَاءُ / الجَسَدُ ثَقَافَةُ اللُّغَة وَالحَيَاةُ أَنْ تُعَاشِرالمَوْت
    عَدَنٌ / (لِمَاذَا) هِي البَدَاهَةُ (كَيْفَ) هِي المُشْكِلَةُ
    صَنعَاءُ / أُضَلِّلُكِ وَأَنَا الهَادِي
    عَدَنٌ / هَلْ أشْتمُ الفَلَكَ?
    صَنعَاءُ / (الصَّدَاقَةُ رَضَاعٌ ثَانٍ)
    عَدَنٌ / لاَ سُلْطَانَ كُلّ إِنْسَانٍ سُلْطَان
    مَوْتٌ أَنْ تَحْيَا بِأَفْكَارٍ مَاتَتْ
    الأَفْكَارُ كُلُّهَا لِكَيْ تَمُوتَ مِنْ أَجْلِكَ
    وَأَنْتَ أَيُّهَا الطُّوفَان يَا صَدِيقِي تَقَدَّمْ
    7
    الأُفُقُ جَائِعٌ وَأَنَا فِي خَلِيجِ عَدَنٍ أخْبزُ عَرَقِي
    أشْجَارُ المُرَيْمَرةِ تَئِنّ وَتَكَادُ أَنْ تُجَنَّ وَكَيْفَ تقدر
    أَنْ تَتَجَنَّبَ الفُؤُوسَ التِي تَخْرُجُ مِنْ نَعِيق الغُرْبَانِ?
    أُسْنِدُ جِسْمِي عَلَى الغُرُوبِ أُوَحِّدُ بَيْنَ مَشَاعِرِي
    وَلَعِبِ المَوْجِ أَقُولُ لِلرَّمْلِ الذِي يَشْرَبُ المِلْح وَلاَ
    يَرْتَوِي: مِنْ أَيْنَ لَكَ, أَيّهَا الضَّامِرُ, هَذِهِ المِعدة?
    يَا صَدْرِي, يَا صَدْرًا بآلافِ الطَّبَقَاتِ - اكتَنِزْ
    بِهَذَا النّسِيم الذِي يَهُبّ فِي أَحْضَانِ الخَلِيجِ
    العَدَنِيّ
    لَوِّحْ لِتِلْكَ المرَاكِب غَيْر المَرْئِيّة التِي تَعْمُرُ أُفقالمَاء
    وَأَوْسِعْ فِي أَنْحَائِكَ المَرافِىءَ
    أَصْغِ لِشَمْس عَدَنٍ تُوَشْوِشُ الخَلِيج وَهي تَغْتَسِلُ
    بِرُطُوبَةِ المَسَاء
    وانظُرْ لِهَذَا النَّوْرَس كَيْفَ يَحْمِلُ عَلَى كَتِفَيْهِ عِبءَ
    الشَّوَاطِئ
    حَقّاً, لِكَيْ تَدْخُلَ فِي إِيقَاعِ اليَمَنِ,
    يَنْبَغِي أَنْ تَعْرِفَ كَيْفَ يُغَنِّي البُكَاءُ الضَّحكَ,
    وكَيْفَ يَنَامُ القَمَرُ والشَّمْسُ عَلَى مِخَدَّةٍ وَاحِدَةٍ,
    يَنْبَغِي أَنْ تَعْرِفَ كَيْفَ تَكُونُ فِي اللَّحْظَةِ نَفْسِهَا
    النّهَارَ وَاللَّيْلَ,
    وَكَيْفَ يَتَحَوَّلُ الغُبَارُ فِي خُطوَاتِكَ إِلَى صِيَّادٍ
    لِلْوَقْتِ,
    يَنْبَغِي أَنْ تَعْرِفَ كَيْفَ يُكْسَرُ الحَجَرُ كَمَا يُكْسَرُ
    الجَوز.
    ... / أرْضٌ تَكْتُبُ أَعَاجِيبَهَا بِحِبْرِ المَادَّة البَحْرُ
    فِيهَا يَخْرُجُ مِنَ الصُّدُورِ وَالأَيْدِي النُّجُومُ تَطْلعُ
    مِنَ البُيُوتِ
    سمْعًا,
    مَا الَّذِي يَقُولُهُ هَذَا الحِزَامُ الفِضِّي لِخَصْرِ هَذِهِ
    المرْأة?
    مَا هَذِهِ الشَّمْسُ التِي تَنْزَلِقُ خِفْيَةً فِي مُلاَءةِ هذِه
    المرْأة?
    مَا هَذِهِ الأَصْوَاتُ التِي تَتَحَوَّلُ إِلَى قُبَلٍ تَرْتَسِمُ
    هَالاَتٍ هَالاَتٍ حَوْلَ جَسَدٍ هَذِهِ المرْأَة?
    كَلاَّ, لَمْ يَصِلْ أَحَدٌ إِلَى ذَلِكَ النَّهَار الذِي يَعْرِفُ
    وَحَدَهُ كَيْفَ يَلْبسُ لَيْلَ هَذِهِ المرْأة.
    نَفْهَمُ الآنَ كَيْفَ تَسْتَنِدُ امرَأَةٌ يَمَانِيةٌ إِلَىدُمُوعِهَا
    فِيمَا تَمْسَحُ الغُبَار عَنْ وَجْه الأُفُقِ وَكَيْفَ تلقِي
    التَّارِيخَ عَلَى كَتفيها كَمنْدِيلٍ أخْضَرَ نَعْرِفُ الآنَ
    كَيْفَ تُزَفُّ عَرَائِسُ البَحْرِ إِلَى رؤوسِ الجِبَالِ
    نَعْرِفُ اللَّقَاحَ الذِي يُوَحِّدُ وَيُعَدِّدُ نَعْرِفُ كَيْفَ
    يَعْمَلُ الجَبَلُ لكَيْ يُصْبِحَ سَمَاءً وَكَيْفَ تَعْمَلُ
    السَّمَاءُ لِكَيْ تُصْبِحَ شَجَرَةً
    نَقدر الآنَ أَنْ نُسَمِّي الذَّاكِرَةَ سَفِينَةً وَأَنْ نَقُولَ
    اللَّيْلُ نَبْعٌ وَالنَّهَارُ إِبْرِيقٌ ونَزْعم أَنَّ التَّارِيخَكَثيِرًا
    مَا يأخُذ هَيْئَة شَاعِرٍ ضَيْفٍ يَأْسِرُهُ الغِنَاء اليَمَانِيّ
    إِنَّهَا المَادَّةُ نَفْسُهَا تُطْلِقُ أَفْرَاسَ المُخَيِّلَةِ فِي
    الْجِهَاتِ الخَفِيَّة مِنْ كَوْكَبِ الحَيَاةِ أسمعُ
    أَجْرَاسًا تَتَدَلَّى مِنْ أَعْنَاقِ الأَشْيَاء أَكْتَشِفُ
    الأَسْمَاءَ المَرْقُومَةَ في كتاب
    المجَرَّةِ أَرَى الفَضَاءَ عَتَبَةً لِرَأْسٍ يَبْحَثُ عَنْوِسَادَةٍ
    فِي مَجْهُولٍ ما,
    وَلَسْتُ أَتَحَدَّثُ عَنِ الغَيْبِ أَتَحَدَّثُ عَنْ هَذَا الكَوْنِ
    الصَّغِير - الإِنْسَانِ وعن شَهْوَتِه لِكَيْ يَحْتَضِن
    الكَوْنَ الكَبِيرَ وَيَلبس اللاَّنهَايَةَ
    إِذَنْ مِنْ إِشْعَاعِ البَشَرِ وَمِنْ مَرَاكِب الظنِّ آخُذ
    هَذِهِ الحِكْمَةَ: لَيْسَ الإِنْسَانُ هُو الّذي
    يَنُوءُ بَلْ الطَّرِيقُ وَسَوفَ نَتَلأْلأُ فِي هَذَا الكُسُوفِ
    العَرَبِيّ
    نَفْتَتحُ طَرِيقًا آخَرَ
    وَنُطْلعُ شَمْسَنَا الثَّانِيةَ
    اللَّحَظَاتُ تَزْدَهِرُ ضِدَّ الصَّحْرَاء وَالأَشْيَاءُ انفِجَارٌ
    ضَوْئِيّ
    الجَسَدُ أكْبَرُ مِنْ مَكَانِهِ وَالعَيْنُ أوْسَعُ مِنْ
    فَضَائِهَا, -
    نصْغِي لِكَيْ تَقُولَنَا مَوْجَةٌ أَوْ يبثَّنا السّحَرُ ندىً
    فَوْقَ مُخْمَلِ الأرْض أَو يَحْمِلَنَا الصَّبَاحُ ماءً
    وَخُبْزًا وَمَنْ يَسْأَل الوَرْدَةَ ماذَا يقولُ
    عِطْرُكِ أَيَّتُها الشَّاعِرَة? هَكَذَا لَنْ يَسْأَلَكَ أحدٌمَاذَا
    تَقُولُ أَيُّهَا الشَّاعِرُ?
    وَبَيْنَ العَرَبِيّ الذِي يَلْتَهِمُهُ الغَرْبُ وَالعَرَبِيّالَّذِي
    يَلْتَهِمُهُ العَرَب سَيَكُونُ مَكَانٌ لِتَارِيخٍ آخَر, -
    أنْظُرُوا إِنَّهَا السُّهُولُ تَتَدَثَّرُ بِغُبَارِ الطّلع
    إِنَّهَا البَرَاعِمُ تَدْخُلُ فِي أَعْرَاسِ اللِّقَاحِ
    (بَلَى, لاَ تَزَالُ هُنَاكَ جَنَّات) (مُونْتِيرْلاَن)
    ... أَنْغَمِسُ فِي نَوَايَاي وَأُهِيِّىءُ حُروبِي, -
    مُنْحَدَرُ التَّارِيخ يَنْعَكِسُ أعْطِي نَشْوَةَ الحُلْمِ
    لِبَصِيرَةِ العَمَلِ أغْتَرِبُ لأَعْرِفَ نَفْسِي أهجِّن
    الأَصَالَة (أَنْ تبدعَ هُوَ أَنْ تهجِّن) وأَسْأل مَنْ قَالَ
    العَيْنُ هِيَ وَحْدَهَا البَصَرُ? مَنْ قَالَ اللِّسَانُ هُوَ
    وَحْدَهُ الكَلاَمُ? مَنْ قَالَ اليَدُ لاَ تُفَكِّرُ?
    وأَقُولُ الجَسَدُ إمْلاَئِي وَشَرْعِيَ التّحَوُّلاَت, -
    إفْتَحِي صَدْرَكِ يَا مَلِيكَتِي..
    ... إِذَنْ فِي انْفِجَار التحَوُّل تَبْدُو الحَيَاةُ اسْتِعَارَةً
    وَالْحَقِيقَةُ مَجازًا
    إِذَنْ أشَبِّه غُمْدَانَ بِالنَّهَار وَبلقيس بِاللَّيْل وَأَنَا
    بيْنَهُمَا الهَدِيلْ .

    تعليق


    • #3
      رد: أدونيس (مختارات: خالدة سعيد)

      الحب جسد
      الحب جسد أحنّ ثيابه الليل.
      للأعماق منارات
      لا تهدي إلاّ الى اللجّ.
      شجرة الحور مئذنة
      هل المؤذّن الهواء?
      أقسى السجون وأمرّها
      تلك التي لا جدران لها.
      كان أبي فلاّحًا
      يحبّ الشعر ويكتبه,
      لم يقرأ قصيدة
      إلاّ وهي تضع على رأسها رغيفًا.
      الحلم حصان
      يأخذنا بعيدًا
      دون أن يغادر مكانه.

      تعليق


      • #4
        رد: أدونيس (مختارات: خالدة سعيد)

        أغنيات
        ( 5 )
        سَكَنَتْ وجهها
        سَكَنَتْ في نخيل? من الصّمتِ بين رؤاها وأجفانها...
        بيتُها شارِد?
        في قطيع الرّياحِ, وأيّامُها
        سَعَف? يابِس?,
        ورمال?.
        مَنْ يَقولُ لِزيْنَبَ: عينايَ ماء?
        ووجهيَ بيت?, لأحزانِها?
        ( 7 )
        ألمحُ الآنَ أحزانَها
        كالفراشاتِ, تضربُ قِنديلَها
        حُرّةً, ذاهِلَهْ
        وأراهَا تُمزّق مِنديلَها...
        ألمحُ الآنَ أمّي:
        وَجْهُها حُفْرة?, ويدَاها
        وردة? ذابِلَهْ.
        ( 12 )
        كان هذا مَمَرّاً إلى بيتها, - كثيرًا
        خبّأتْنا شجيراتُه, ورسمنا
        في تقاطِيعِه خُطانا, -
        وهنا كان مروان يجمع أصحابَهُ...
        مات ميثاقهم وماتوا
        وامَّحت هذه العتَباتُ.
        ( 13 )
        أخذوهُ إلى حفرة?, حرقوهُ
        لم يكن قاتلاً, كان طِفْلاً
        لم يكن... كان صوتًا
        يَتموّجُ, يعلو مع النّار, يَرْقى على دَرَجات الفضاءْ
        وهُوَ, الآنَ, شَبّابَة?
        في الهواءْ.
        ( 14 )
        ليس منديلُها لِيُلَثِّمَ وجهًا
        أو يردَّ الغبارَ, وليس لكي يمسحَ الدّمعَ, منديلُها
        طَبقُ الخبز والجبن والبيضِ, وهو لِحاف?
        لِرشّاشِها, -
        كان منديلُها رايةً...
        ( 15 )
        تَرَكَ القافله
        ومزاميرَها وهواها, -
        مُفْرَد?, ذابِل?
        جذبتهُ إلى عِطرها
        وردة? ذابله.
        ( 16 )
        ستَظلُّ صديقي
        بين ما كان, أو ما تَبقَى
        بين هذا الحطامْ,
        أيُّهذا البريقُ الذي يلبس الغيمَ, يا سيّدًا لا ينامْ.
        (18 )
        أخذت ما تيسّر من خبزها / كان طفل?
        يتلهّى بعكّازها
        ويدبّ على قدمَيْها, -
        حملته كجوهرة?, غَمَرتْهُ
        ورمت فوقَهُ وجْهَهَا
        وَمَضَتْ تتوكّأُ / عُكّازُها
        إرثُها من أب?
        مات قَتْلاً...
        (19 )
        أَلنّهار رغيف?
        والمساءُ إدام? لهُ,
        أَلمساءُ رغيف?
        والنهارُ إدام? لهُ
        ورق? يتقلّب في ريحه /
        سيكونُ الشتاء طويلاً
        سيموت الربيعُ بلا أُغنيات?, -
        إنّ هذا رثاء? لليلى التي لم تمُتْ... .

        تعليق


        • #5
          رد: أدونيس (مختارات: خالدة سعيد)

          ملك مهيار
          ملك مهيار
          ملك و الحلم له قصرٌ وحدائق نار
          و اليوم شكاه للكلمات
          صوت مات
          ملك مهيار
          يحي في ملكوت الريح
          ويملك في أرض الأسرار.

          صوت
          مهيار وجه خانه عاشقوه
          مهيار أجراس بلا رنين
          مهيار مكتوب علىالوجوه
          أغنية تزورنا خلسة
          في طرق بيضاء منفية
          مهيار ناقوس من التائهين
          في هذه الأرض الجليلية.

          السقوط
          إلى أنسي الحاج
          أعيش بين النار و الطاعون
          مع لغتي - مع هذه العوالم الخرساء.
          أعيش في حديقة التفاح و السماء
          في الفرح الأول و القنوط
          بينيديّ حواء-
          سيد ذاك الشجر الملعون
          وسيد الثمار.
          أعيش بين الغيم و الشرار
          في حجر يكبر ، في كتاب
          يعلن الأسرارو السقوط.

          حوار
          -"من أنت ؟ من تحتار يا مهيار؟
          أنى اتجهت الله أو هاويةالشيطان
          هاوية تذهب أو هاوية تجيء
          والعالم اختيار"
          -"لا الله أختار ولا الشيطان
          كلاهما جدار
          كلاهما يغلق ليعينيّ-
          هل أبدل الجدار بالجدار
          وحيرتي حيرة من يضيء
          حيرة من يعرف كلشيء.."

          لغة الخطيئة
          أحرق ميراثي، أقول أرضي بكر
          ولا قبور في شبابي
          أعبر فوق اللهو الشيطان
          _
          دربي أنا أبعد من دروب
          الإله و الشيطان"-

          أعبر في كتابي
          في موكب الصاعقة المضيئة
          في موكب الصاعقةالخضراء
          أهتف - لا جنة لا سقوط بعدي
          وأمحو لغة الخطيئة.

          ملك الرياح
          إلى منير بشور
          طرفٌ رايتي لا تؤآخي ولا تتلاقى
          طرف أغنياتي
          ها أنا أحشد الزهو و أستنفر الشجر
          و أمد السماء رواقاً
          و أحبو أحيا و أولد في كلماتي.
          ها أنا أجمع الفراشات
          تحت لواء الصباح
          و أربي الثمار
          وأبيت أنا و المطر
          في الغيوم و أجراسها، في البحار.

          رؤيا
          تقنّعي بالخشب المحروق
          يا بابل الحريق و الأسرار
          انتظار اللهالذي يجيء
          مكتسياً بالنار
          مزيناً باللؤلؤ المسروق
          من رئة البحر منالمحار.
          أنتظر الله الذي يحار
          يغضب يبكي ينحني يضيء -
          وجهك يا مهيار
          ينبئ بالله الذي يجيء.

          المصباح
          يحمل في رابعة النهار
          مصباحه. يبحث عن إنسان
          لا رمل فيعينيه،
          يسير في خفّ من الغبار
          ينام في برميل
          ملتحفاً كفيه.
          - و أنت / ماذا؟
          - -
          ليس لي عينان
          -
          بينين وبين أخوتيقابيل
          -
          بيني وبين الآخر الطوفان.
          حين ينام الليل
          أغافل السفاح
          أمشي ويمشي خلفيالغبار،
          لكنني أمشي بال مصباح.

          أرض بلا ميعاد

          حتى ولو رجعت يا أوديس
          حتى ولو ضاقت بك الأبعاد
          و أحترقالدليل
          في وجهك الفاجع
          أو رعبك الأنيس،
          تظل تاريخاً من الرحيل
          تظل في أرض بلا ميعاد
          تظل في أرض بلاميعاد،
          حتى ولو رجعت يا أوديس.

          صلاة
          صليتُ أن تظل في الرماد
          صليت ألا تلمح النهار أو تفيق
          لمنختبر ليلك، لم نبحر مع السواد،
          صليت يا فينيق
          أن يهدأ السحر و أن يكون
          موعدنا في النار فيالرماد،
          صليت أن يقودنا الجنون.

          الخيانة
          آه يا نعمة الخيانة
          أيها العالم الذي يتطاول في خطواتي
          هوةوحريقه
          أيها الجثة العريقة
          أيها العالم الذي خنته و أخونه.
          أنا ذاك الغريق الذي تصلي جفونه
          لهدير المياه،
          و أنا ذلكالإله
          الإله الذي سيبارك أرض الجريمة.
          إنني خائنٌ أبيع حياتي
          للطريق الرجيمه ،
          إنني سيدالخيانة.

          إلى سيزيف
          إلى حليم بركات

          أقسمت أن أكتب فوق الماء
          أقسمت أن أحمل مع سيزيف
          صخرتهالصماء.
          أقسمت أن أظل مع سيزيف
          أخضع للحمى وللشرار
          أبحث في المحاجرالضريرة
          عن ريشة أخيره
          تكتب للعشب وللخريف
          قصيدة الغبار.
          أقسمت أن أعيش مع سيزيف.

          ليس لك اختيار
          ماذا، إذن تهدم وجه الأرض
          ترسم وجهاً آخراً سواه،
          ماذا إذن ليس لك اختيار
          غير طريق النار
          غير جحيم الرفض

          حين تكون الأرض
          مقصلة خرساء أو اله.

          الجثتان

          دفنت في أحشائك الذليله
          في الرأس و العينين واليدين
          مئذنة ، دفنت جثتين
          الأرض و السماء،

          أيتها القبيله
          يا رحم الزيزان يا طاحونة الهواء.

          وطن

          للوجوه التي تتيبس تحت قناع الكآبه
          أنحني، لدروب نسيت عليهادموعي
          لأب مات أخضراً كالسحابه
          وعلى وجهه شراع
          أنحني ، ولطفل يباع
          كييصلي وكي يمسح الأحذيه
          (كلنا في بلادي نصلي كلنا نمسح الأحذيه)
          ولصخر يتدحرج تحت جفوني وبرق
          ولبيت نقلت معي في ضياعيترابه
          أنحني - هذه كلها وطني، لا دمشقُ.

          رؤيا

          هربت مدينتنا
          فركضت أستجلي مسالكها
          ونظرت - لم ألمح سوىالأفق
          ورأيت أن الهاربين غداً
          و العائدين غداً
          جسد أمزقه على ورقي.
          ورأيت - كان الغيم حنجرة
          و الماء جدراناً من اللهب
          ورأيتخيطاً أصفراً دبقاً
          خيطاً من التاريخ يعلق بي
          تجتر أيامي وتعقدها
          وتكرّها فيه - يد ورثت
          جنس الدمى وسلالةالخرق.
          ودخلت في طقس الخليقة في
          رحم المياه وعذرة الشجر
          فرأيتأشجاراً تراودني
          ورأيت بين غصونها غرفاً
          و أسرّة وكوى تعاندني،
          ورأيتأطفالاً قرأت لهم
          رملي ، قرأت لهم
          سور الغمام وآية الحجر
          ورأيت كيفيسافرون معي
          ورأيت كيف تضيء خلفهم
          برك الدموع وجثة المطر.
          هربت مدينتنا
          ماذا أنا، ماذا؟ أسنبلة
          تبكي لقبرة
          ماتت وراءالثلج و البرد
          ماتت ولم تكشف رسائلها
          عني ولم تكتب إلى أحد
          و سألتها ورأيتجثتها
          مطروحة في آخر الزمن
          وصرخت - " يا صمت الجليد أنا
          وطن لغربتها
          وأنا الغريب وقبرها وطني. "
          هربت مدينتنا
          فرأيت كيف تحولت قدمي
          نهراً يطوفدماً
          ومراكباً تنأى وتتسع
          ورأيت أن شواطئي غرقٌ
          يغوي و موجي الريح والبجعُ.
          هربت مدينتنا
          و الرفض لؤلؤة مكسرة
          ترسو بقاياها على سفني
          والرفض حطاب يعيش على
          وجهي - يلملمني ويشعلني
          و الرفض أبعاد تشتتني
          فأرىدمي وأرى وراء دمي
          موتي يحاورني ويتبعني.
          هربت مدينتنا
          فرأيت كيف يضيئني كفني
          ورأيت - ليت الموتيمهلني.

          وداع

          قلنا لك الوداع من سنين
          قلنا لك المرثية التائبه،
          يا هالةالملائك الميتين
          يا لغة الجرادة الهاربه.
          الكلمات أحتقنت بالوحول
          الكلمات ازينّت بالمخاض-
          عادت لنا أرحامنا الغائبه
          وها هي الأمطار و السيول
          يا لغةالأنقاض
          يا هالة الملائك الميتين.

          موت
          نموت إن لم نخلق الآلهة
          نموت إن لم نقتل الآلهة
          يا ملكوت الصخرة التائهه.

          الصخرة العاشقة
          إلى يوسف الخال
          الرحيل انتهى و الطريق
          صخرة عاشقه.
          إننا ندفن النهار القتيل
          إننا نكتسي برياح الفجيعه،
          غير أناغداً نهزّ جذوع النخيل
          وغداً نغسل الإله الهزيل
          بدم الصاعقه،
          و نمد الخيوطالرفيعه
          بين أجفاننا و الطريق.

          الطوفان
          اذهبي، لا نريدك أن ترجعي يا حمامه
          انهم أسلموا لحمهمللصخور
          و أنا - ها أنا أتقدم نحو القرار السحيق
          عالقاً بشراع السفينه.
          إن طوفاننا كوكب لا يدور
          انه غامر عتيق -
          ربما تنشق فيه الهالعصور الدفينه
          ربما نؤثر هذا اللقاء العريق،
          فاذهبي لا نريدك أن ترجعي ياحمامه.

          سفر
          مسافر دونما حراك :
          يا شمس، من أين لك خطاك ؟

          مرثية الحلاج
          ريشتك المسمومة الخضراء
          ريشتك المنفوخة الأوداجباللهيب
          بالكوكب الطالع من بغداد
          تاريخنا وبعثنا القريب
          في أرضنا- فيموتنا المعاد.
          الزمن استلقى على يديك
          و النار في عينيك
          مجتاحة تمتدللسماء
          يا كوكباً يطلع من بغداد
          محملاً بالشعر و الميلاد،
          يا ريشةمسمومة خضراء.
          لم يبق للآتين من بعيد
          مع الصدى و الموت و الجليد
          في هذهالأرض النشورية
          لم يبق إلا أنت و الحضور
          يا لغة الرعد الجليليه
          في هذهالأرض القشوريه
          يا شاعرا الأسرار و الجذور.

          من كتاب ( أغاني مهيار الدمشقي- أدونيس )
          الطبعة الأولى- بيروت
          دار مجلة شعر - 1961

          تعليق


          • #6
            رد: أدونيس (مختارات: خالدة سعيد)

            أول الشعر
            أجمل ما تكونُ أن تُخلخلَ المدى
            والآخرون - بعضهم يظنّك النّداءَ
            بعضهم يظنّك الصّدى.
            أجمل ما تكونُ أن تكون حجّةً
            للنور والظّلامِ
            يكون فيك آخرُ الكلامِ أوّلَ الكلامِ
            والآخرون - بعضهم يرى إليك زبدًا
            وبعضهم يرى إليك خالقًا.
            أجمل ما تكون أن تكون هدفًا -
            مفترقًا
            للصّمتِ والكلامِ .

            تعليق


            • #7
              رد: أدونيس (مختارات: خالدة سعيد)

              دليل السفر في غابات المعنى


              ما الغيب?
              بيت نحب أن نراه,
              ونكره أن نقيم فيه.
              ما السر?
              باب مغلق إذا فتحته انكسر.
              ما الحلم?
              جائع لا يكف عن قرع باب الواقع.
              ما اليقين?
              قرار بعدم الحاجة الى المعرفة.
              ما القبلة?
              قطاف مرئي
              لثمر غير مرئي .

              تعليق


              • #8
                رد: أدونيس (مختارات: خالدة سعيد)

                أول التهجية

                نقدرُ, الآنَ, أن نتساءلَ كيف التقينا
                نقدرُ, الآنَ, أن نَتَهجّى طريقَ الرّجوعْ
                ونقولَ: الشواطىءُ مهجورةٌ,
                والقلوعْ
                خَبَرٌ عن حُطامٍ.
                نقدر, الآن, أن ننحني, ونقولَ: انْتَهَيْنا .

                تعليق


                • #9
                  رد: أدونيس (مختارات: خالدة سعيد)

                  الوقت

                  ( مقاطع )
                  حاضِنًا سُنبلةَ الوقتِ ورأسي برجُ نارٍ:
                  ما الدّمُ الضّاربُ في الرّملِ, وما هذا الأفولُ?
                  قُلْ لَنا, يا لَهَبَ الحاضِرِ, ماذا سنقولُ?
                  مِزَقُ التّاريخِ في حُنجرتي
                  وعلى وجهي أماراتُ الضّحيّهْ
                  ما أَمَرَّ اللّغةَ الآنَ وما أضيقَ بابَ الأبجديّهْ.
                  حاضنًا سنبلةَ الوقتِ ورأسي برجُ نارٍ:
                  جُثَثٌ يقرؤُها القاتِلُ كالطُّرْفَةِ / أَهْراءُ عِظامٍ,
                  رأسُ طِفْلٍ هذه الكتله, أم قطعةُ فَحْمٍ?
                  جسَدٌ هذا الذي أشهدُ أم هيكلُ طينٍ?
                  أَنحني, أرتُقُ عينين, وأَرفو خاصِره
                  ربّما يُسعفُني الظنُّ ويَهديني ضياءُ الذّاكره
                  غيرَ أنّي عبثًا أَسْتقرىءُ الخيطَ النَّحيلْ
                  عبثًا أجمعُ رأسًا وذراعينِ وساقين, لكيْ
                  أكتشفَ الشّخصَ القتيلْ
                  حاضِنًا سنبلةَ الوقتِ ورأسي برجُ نارٍ:
                  ... / كَشَفَ البهلولُ عن أسرارِهِ
                  أَنّ هذا الزّمَنَ الثّائرَ دُكّانُ حِلّيٍ,
                  أنّه مُسْتَنْقَعٌ ( ... )
                  كشفَ البهلولُ عن أَسْرارِهِ
                  سيكونُ الصِّدقُ موتًا
                  ويكون الموتُ خُبْزَ الشّعراءْ
                  والذي سُمّي أو صارَ الوطَنْ
                  ليس إلاّ زمنًا يطفو على وجهِ الزَّمَنْ.
                  حاضِنًا سنبلةَ الوقت ورأسي برجُ نارٍ:
                  شَجرُ الحبّ بقصّابينَ آخى
                  شَجَرَ الموتِ ببيروتٍ, وهذي
                  غابَةُ الآسِ تُؤَاسي
                  غابةَ النَّفْي, - كما تدخلُ قَصّابينُ في خارطةِ
                  العشْبِ, وتَسْتَقْطِرُ أحشاءَ السّهولْ
                  دخلَتْ بيروتُ في خارطةِ الموتِ / قبورٌ
                  كالبساتينِ وأشلاءٌ - حقولْ
                  ما الذي يسكبُ قصّابينَ في صيدا, وفي صورٍ,
                  وبيروتُ التي تَنسكبُ?
                  ما الذي, في بُعدِه, يقتربُ?
                  ما الذي يمزجُ في خارطتي هذي الدِّماءْ?
                  ... يبسَ الصّيفُ ولم يأتِ الخريفْ
                  والرّبيعُ اسْوَدَّ في ذاكرةِ الأرضِ / الشّتاءْ
                  مثلما يرسمُه الموتُ: احتضارٌ أو نزيفْ
                  زمنٌ يخرجُ من قارورةِ الجَبْرِ ومِن كفِّ القضاءْ
                  زمنُ التّيه الذي يَرْتَجلُ الوقتَ ويجترّ الهواءْ,
                  كيفَ, من أينَ لكم أن تعرفوهْ?
                  قاتِلٌ ليس له وجْهٌ / له كلُّ الوجوهْ...
                  حاضِنًا سنبلةَ الوقْتِ, ورأسي برجُ نارٍ:
                  مُنْهَكٌ أَلْتفِتُ الآنَ وأَسْتشرفُ - ما تِلك الخِرَقْ?
                  أتواريخٌ? إبلدانٌ? أَراياتٌ على جُرْفِ الغسَقْ?
                  هُوذا أقْرأُ في اللّحظةِ أجيالاً وفي الجُثّةِ آلاف الجُثَثْ
                  هوذا يغمرُني لُجُّ العَبَثْ,
                  جسدي يُفْلِتُ من سَيْطرتي
                  لم يعدْ وجهيَ في مِرْآتِهِ
                  ودمي يَنْفُرُ من شَرْيانِهِ..
                  أَلأنّي لا أرى الضّوءَ الذي يَنقلُ أحلامي إليهْ?
                  ألأنّي طَرَفٌ أقْصى من الكونِ الذي بارَكَهُ غيري وجَدّفْتُ
                  عليهْ?
                  ما الذي يَجْتَثُّ أعماقي ويمضي
                  بين أدغالٍ من الرّغبة, بلدانٍ - محيطاتِ دموعٍ
                  وسلالاتِ رموزٍ?
                  بين أَعْراقٍ وأجناسٍ - عصورٍ وشعوبٍ?
                  ما الذي يفصلُ عن نفسيَ نَفْسي?
                  مَا الذي يَنقضُني?
                  أَأَنا مُفْتَرقٌ
                  وطريقي لم تعدْ, في لحظةِ الكشفِ, طريقي?
                  أَأَنا أكثرُ من شخصٍ, وتاريخيَ مَهْوايَ, وميعادي
                  حريقي?
                  ما الذي يصعدُ في قَهْقَهَةٍ تصعدُ من أعضائيَ المختنقهْ?
                  أَأَنا أكثرُ من شَخْصٍ وكلٌّ
                  يسألُ الآخرَ: مَن أنتَ? ومِن أينَ?
                  أأعضائيَ غاباتُ قتالٍ
                  ... في دمٍ ريحٍ وجسمٍ وَرقَهْ?
                  أجُنونٌ? مَنْ أنا في هذه الظُّلمة? علِّمْني وأَرْشِدْنيَ
                  يا هذا الجنونْ
                  مَنْ أنا يا أصدقائي? أيّها الرّاؤون والمُسْتَضْعَفونْ
                  ليتَني أقدِرُ أن أخرُجَ من جلديَ لا أعرفُ مَنْ كنتُ,
                  ولا مَن سأكونْ,
                  إنّني أبحثُ عن إسْمٍ وعن شيءٍ أسمّيهِ,
                  ولا شيءَ يُسمّى
                  زمنٌ أعمى وتاريخٌ مُعَمَّى
                  زَمَنٌ طَمْيٌ وتاريخٌ حُطامْ
                  والذي يملكُ مملوكٌ, فسبحانَكَ يا هذا الظّلامْ.
                  حاضِنًا سنبلةَ الوقتِ ورأسي بُرْجُ نارٍ:
                  آخِرُ العَهْدِ الذي أمطَرَ سِجّيلاً يُلاقي
                  أوّلَ العهدِ الذي يُمطِرُ نفْطًا
                  وإلهُ النَّخْل, يجثو
                  لإِلهٍ من حديدٍ,
                  وأنا بين الإلهينِ الدّمُ المسفوحُ والقافلةُ المنكفِئَهْ
                  أَتَقَرّى ناريَ المنطفئة
                  وأرَى كيف أُداري
                  موتيَ الجامحَ في صحرائِه,
                  وأقولُ الكونُ ما ينسجُهُ حُلْميَ.. / تَنْحلُّ الخيوطْ
                  وأرى نفسيَ في مَهْوى وأَسْترسل في ليلِ الهبوطْ
                  طُرقٌ تكذِبُ, شُطآنٌ تَخونُ
                  كيف لا يصعقُكَ الآنَ الجنونُ?
                  هكذا أَنْتَبِذُ الآكِلَ والأكْلَ وأرتاحُ إلى كلِّ مَتَاهْ
                  وعَزائي أنّني أُوغِلُ في حلميَ, - أَشْتَطُّ, أموجْ
                  وأغنّي شهوةَ الرّفضِ, وأهْذي
                  فَلَكُ الزُّهرةِ خلخالٌ لأِياميَ, والجَدْيُ سِوارٌ
                  وأقولُ الزَّهرُ في تيجانِهِ
                  شُرُفاتٌ...
                  وعَزائي أنّني أخرجُ - أسْتَنْفِرُ أفْعال الخُروجْ.
                  هكذا أَبْتدئُ
                  حاضِنًا أرضي وأسرارَ هَواها, -
                  جَسَدُ البحرِ لها حبٌّ له الشّمسُ يَدانْ
                  جَسَدٌ مُستودَعُ الرَّعْدِ ومَرْساةُ الحنانْ
                  جسدٌ وَعْدٌ أنا الغائبُ فيهِ
                  وأنا الطّالِعُ مِن هذا الرّهانْ
                  جَسَدٌ / غطّوا بضوءِ المطرِ العاشقِ وَجْهَ الأقحوانْ,
                  وَلْيَكنْ...
                  أحتضِنُ العصرَ الذي يأتي وأَمْشي
                  جامِحًا, مِشْيةَ رُبّانٍ, وأختطُّ بِلادي, -
                  إِصْعدوا فيها إلى أعلى ذُراها
                  إهْبطوا فيها إلى أَغْوارِها
                  لن ترَوْا خوفًا ولا قيدًا - كأنّ الطّيرَ غُصْنٌ
                  وكأنَّ الأرضَ طِفْلٌ - والأساطيرَ نِساءْ
                  حُلُمٌ?
                  أُعطي لمن يأتون مِن بَعديَ أن يفتتحوا هذا الفضاءْ .

                  تعليق


                  • #10
                    رد: أدونيس (مختارات: خالدة سعيد)

                    أول الكلام


                    ذلك الطّفل الذي كنتُ, أتاني
                    مرّةً
                    وجهًا غريبًا.
                    لم يقل شيئًا. مشينا
                    وكِلانا يرمقُ الآخرَ في صمتٍ. خُطانا
                    نَهَرٌ يجري غريبًا.
                    جمعتْنا, باسْمِ هذا الورقِ الضّارب في الرّيح, الأصولُ
                    وافترقْنا
                    غابةً تكتبها الأرضُ وترْويها الفصولُ.
                    أيها الطّفل الذي كنتُ, تَقَدَّمْ
                    ما الذي يجمعنا, الآنَ, وماذا سنقولُ? .

                    تعليق


                    • #11
                      رد: أدونيس (مختارات: خالدة سعيد)

                      سلام

                      لوجوهٍ تسير في وحدة الصحراء للشرق يلبس
                      العشب والنارَ سلامٌ للأرض يغسلها البحر
                      سلامٌ لحبّها... عُرُيكَ الصاعقُ أُعطَى أمطاره
                      يتعاطانيَ رعدٌ في نهديَ
                      اختمرَ الوقت تَقدَّمْ هذا دمي أَلقُ الشرق اغترفْني
                      وغِبْ
                      أضِعْني لفخذيك الدويّ البرق اغترفني تبطّنْ جسدَي
                      ناريَ التوجّه والكوكب جرحي هدايةٌ أتهجَّى...
                      أتهجَّى نجمةً أرسمُها
                      هاربًا من وطني في وطني
                      أتهجَّى نجمة يرسمها
                      في خطى أيامه المنهزمه
                      يا رماد الكلمه
                      هل لتاريخيَ في ليلك طفلٌ?

                      تعليق


                      • #12
                        رد: أدونيس (مختارات: خالدة سعيد)

                        قناديل
                        ما هذا الإنسان
                        الذي لا نعثر على اللاإنساني
                        إلاّ فيه?
                        أهواء الحكم
                        تفتح الأبواب واسعة
                        لحكم الأهواء.
                        بقدر ما تضيق رقعة القول
                        تضيق رقعة الوجود.

                        تعليق


                        • #13
                          رد: أدونيس (مختارات: خالدة سعيد)

                          قيس
                          كان قيسٌ يقول: اكتسيتُ بليلى
                          وكسوتُ البَشَرْ
                          ورأيتُ إليه يُغطّي
                          وجنتيهِ بنارٍ
                          ويسامرُ غاباتها ويُطيل السّمَرْ.
                          ورأيتُ إليه يلمُّ القمَرْ
                          حُفنةً حفنةً من ضِفافِ السّهَرْ .

                          تعليق


                          • #14
                            رد: أدونيس (مختارات: خالدة سعيد)

                            لم يعد غير الجنون

                            إنني ألمحهُ الآنَ على شبّاك بيتي
                            ساهرًا بين الحجار الساهره
                            مثل طفلٍ علَّمته الساحره
                            أنَّ في البحر امرأه
                            حمَلتْ تاريخه في خاتمٍ
                            وستأتي
                            حينما تخمد نارُ المدفأه
                            ويذوب الليل من أحزانِه
                            في رماد المدفأه...
                            ... ورأيت التاريخ في رايةٍ سوداء يمشي كغابةٍ
                            لم أُؤرّخْ عائشٌ في الحنين في النار في الثورة في
                            سحر سُمِّها الخلاَّق
                            وطني هذه الشرارة, هذا البرق في ظلمة الزمان
                            الباقي... .

                            تعليق


                            • #15
                              رد: أدونيس (مختارات: خالدة سعيد)

                              لو أن البحر يشيخ



                              لو أنّ البحر يشيخ
                              لاختار بيروت ذاكرة له.
                              كلّ لحظة
                              يبرهن الرماد أنه قصر المستقبل.
                              يسافر,
                              يخرج من خطواته
                              ويدخل في أحلامه.
                              كلما هذّبته الحكمة
                              فضحته التجربة.
                              يرسم خرائط
                              لكنّها تمزّقه.
                              أغلق بابه
                              لا لكي يقيد أفراحه,
                              بل لكي يحرّر أحزانه,
                              رماده يفاجىء النار
                              وناره تفاجىء الوقت.
                              ينكر الأشياء التي تستسلم له
                              تنكره الأشياء التي يستسلم لها.
                              الماضي بحيرة
                              لسابح واحد: الذكرى.
                              لا وقت للبحر لكي يتحدث مع الرمل:
                              مأخوذ دائمًا بتأليف الموج.
                              اليأس عادة, والأمل ابتكار.
                              للفرح أجنحة وليس له جسد,
                              للحزن جسد وليس له أجنحة.
                              الحلم هو البريء الوحيد
                              الذي لا يقدر أن يحيا إلاّ هاربًا.
                              الفكر دائمًا يعود
                              الشعر دائمًا يسافر.
                              السرّ أجمل البيوت
                              لكنه لا يصلح للسكنى.
                              يصدأ اللسان من كثرة الكلام,
                              تصدأ العين من قلة الحلم.
                              أنّى سافرت, كيفما اتّجهت:
                              أعماقك أبعد الأمكنة.
                              جُرحتُ باكرًا
                              وباكرًا عرفت:
                              الجراح هي التي خلقتني.
                              قرية صغيرة هي طفولتك
                              مع ذلك,
                              لن تقطع تخومها
                              مهما أوغلتَ في السفر .

                              تعليق

                              يعمل...
                              X