Announcement

Collapse
No announcement yet.

حكاية ( الـزاغـة ) الراوية : وردة الشيشكلي - نماذج مـن فرشـات الحـكاية في التراث الحمصي

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • حكاية ( الـزاغـة ) الراوية : وردة الشيشكلي - نماذج مـن فرشـات الحـكاية في التراث الحمصي

    الحكاية الشعبية في التراث الحمصي

    مديرية الثقافة بحمص
    حكاية ( الـزاغـة ) الراوية : وردة الشيشكلي - نماذج مـن فرشـات الحـكاية في التراث الحمصي


    نماذج مـن فرشـات الحـكاية
    الـزاغـة
    الراوية : وردة الشيشكلي
    كان يا مكان في قديم الزمان، رجل وامرأته فقيرا الحال يعيشان في كوخ صغير على أطراف الغابة ولم يرزقهما الله بخلفة رغم السنين الطويلة. في يوم من الأيام توضأت المرأة في الليل وصلّت ركعتين لله تعالى، ودعت المرأة ربّها أن تحبل وتلد ولو زاغة، وبأمر المقادير أجاب الله دعاءها، فحملت وبعد تسعة أشهر ولدت فإذا بالمولود فرخ زاغة.
    بعد مدة قصيرة مات زوجها فبقيت المرأة وحيدة تربي الزاغة وتطعمها وترعاها، حتى كبرت وصارت تطير خارج البيت وتأكل من الأرض مثل باقي الطيور.
    في أحد الأيام طارت الزاغة بعيداً في الغابة فرأت فيها بحيرة ماء صغيرة بين الأشجار ماؤها صافٍ كالزلال فنزلت على الضفة وخلعت ثوبها الريش على إحدى الأشجار، وإذا بها صبية حلوة شقراء جسم مثل البلور سبحان الذي خلقها، سبحت في البحيرة مدة من الزمن وهي مسرورة ثم خرجت ولبست ثوبها ورجعت كما كانت، وطارت وعادت إلى الكوخ.
    كان في المدينة ملك عنده ابن ربّته أمه على الدلال والرفاه حتى صار شابا، فأرادت أن تزوجه فلم تعجبه بنات المملكة كلها حتى احتارت أمه معه، خرج مرة للصيد في الغابة فوصل إلى البحيرة، فرأى صبية مثل القمر تسبح في الماء، فجلس متخفياً بين الأشجار يراقبها وقد أخذ جمالها عقله، وبعد قليل خرجت الصبية من الماء ولبست ثوب الريش، وتحولت إلى زاغة وطارت في السماء ولم يعرف أين ذهبت. في اليوم التالي ذهب إلى البحيرة في الموعد نفسه، فوجد الصبية تسبح كالعادة فراقبها حتى طارت وبقي على هذا الحال عدة أيام يراقب الصبية ويتابعها حتى عرف بيتها.
    رجع يوماً إلى أمه وقال لها: الآن أريد أن أتزوج، ففرحت أمه وسألته عن عروسه فدلها على صبية في كوخ الزاغة وطلب أن تخطبها له. حاولت الأم أن تغير رأيه وعرضت عليه أن تخطب له بنت الوزير أو بنت القاضي، و يترك بنت الكوخ الفقيرة دون فائدة، أصرّ الأمير على موقفه وقال: إذا لم تزوجيني هذه البنت ( حطيلي التابوت وخليني موت ). فاضطرت أمه أن ترضخ لرغبته، فذهبت إلى الكوخ، فوجدت فيه عجوزاً فقيرة, سألتها عن ابنتها، فقالت لها: يا ملكة الزمان ليس عندي بنات في البيت إلا هذه الزاغة.
    عادت أمه وأخبرته بالقصة، فقال لها: هذا ما أريده أن تخطبي لي الزاغة. صرخت الأم وولولت وقالت له: كيف تتزوج الزاغة وأنت ابن الملك ماذا يقول عنا الناس هذا مستحيل. فدخل غرفته وأغلق عليه ووضع الحزن في الجرن، وامتنع عن الطعام والشراب، والنوم حتى صار كالعود ومرض مرضاً شديداً أعجز الأطباء عن شفائه، حنّت عليه أمه ورقّ قلبها، وقالت لنفسها: أمري إلى الله سأخطب له الزاغة .
    ذهبت إلى العجوز وطلبت الزاغة لابنها، فتعجّبت العجوز منها وأعطتها الزاغة، وقبضت ثمنها كيساً من الذهب، فحملتها الملكة معها ورجعت إلى القصر، لما رآها ابن الملك ردّت إليه الروح، وقام مثل الحصان ولم يعد فيه شيء. فقالت له أمه: خذ زاغتك وتزوجها وانبسط معها.
    في المساء خلعت الزاغة ثوب الريش فبانت صبية حلوة ليس لها مثيل في البلاد، ونامت تلك الليلة مع ابن الملك، وفرح بها كثيرا وكانت ليلة من العمر.
    في الصباح نهضت الزاغة قبل أن يستيقظ الجميع، ولبست ثوب الريش ورجعت زاغة ووقفت تتفلّى على الشباك. دخلت أمه في الصباحية وجدته مسروراً ومبسوطا، بينما كانت الزاغة على الشباك فقالت له: صباحية مباركة سلامة عقلك يا ابني. وتركته حزينة ومضت .
    بعد عدّة أيام دخلت أمه فوجدتهما كما هما، فقالت له: يا ابني بهدلتنا بين الناس كيف تعيش أنت والزاغة ؟. غداً الوزير عامل حفلة كبيرة بمناسبة زواج ابنه، وقد دعانا لنحضر الحفلة، كيف ستذهب أنت والزاغة إلى الحفلة ؟ فضحك منها وقال: بسيطة يا أمي اتركي الموضوع علي وغداً ترين خيراً إن شاء الله .
    يوم الحفلة خلعت الزاغة ثوب الريش، ولبست أحلى الثياب فصارت أميرة من الأميرات، فذهبت مع ابن الملك إلى الحفلة فرآها الناس، وطار عقلهم فيها فرقصت، وانبهر الناس بجمالها ورقصها. انتهت الحفلة وعادت إلى البيت ولبست ثوب الريش ورجعت زاغة كما كانت.
    دخلت أمه في الصباح قالت له: كانت معك صبية أحلى من كل صبايا الدنيا ما مثل الزاغة، ما رأيك أن أخطبها لك وأزوجك إياها ؟ فضحك وقال: كما تريدين يا أمي غداً نرى إن شاء الله تعالى.
    تعجبت أمه واستغربت تصرفاته وأخذت تراقبه في الليل، فاكتشفت أمر الزاغة ورأتها عندما خلعت ثوبها وخبأته في الصندوق وبدت صبية رائعة الجمال، هي ذات الصبية التي رأتها في الحفلة، فعرفت سرّ الزاغة وغافلتها وأخذت ثوبها الريش وأحرقته.
    في الصباح لم تجد الزاغة ثوبها، فبكت وناحت كثيراً عليه، دخلت الملكة وقالت لها: يكفي بكاءً ودموعاً لن تحتاجي ثوب الريش بعد اليوم أنت زوجة ابن الملك، وأحلى الأميرات ذهبت أيام الزاغة ولن ترجع، وحاولت معها حتى رضيت، وصنعت لابنها عرساً جديداً وأقامت الأفراح والليالي الملاح، ودعت جميع نساء البلد إلى العرس ليشاهدن عروس ابنها، وعاشوا باللذة والنعيم وطيب الله عيش السامعين.

Working...
X