إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حكاية ( الصياد والسلحفاة ) الراوية : كرجية رسلان - نماذج مـن فرشـات الحـكاية في التراث الحمصي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حكاية ( الصياد والسلحفاة ) الراوية : كرجية رسلان - نماذج مـن فرشـات الحـكاية في التراث الحمصي

    الحكاية الشعبية في التراث الحمصي

    مديرية الثقافة بحمص
    حكاية ( الصياد والسلحفاة ) الراوية : كرجية رسلان - نماذج مـن فرشـات الحـكاية في التراث الحمصي


    نماذج مـن فرشـات الحـكاية
    الصياد والسلحفاة
    الراوية : كرجية رسلان
    كان يا ما كان في قديم الزمان صيّاد فقير الحال يعيش مع عائلته في بيت قديم خرب، كان يخرج إلى البحر للصيد فيرمي شبكته يصيد يوما وعشرة لا يصيد فلا يجد أولاده ما يأكلونه.
    خرج يوماً إلى البحر وسمى بالله ورمى شبكته وسحبها فوجدها فارغة ثم رماها عدّة مرّات، وفي كل مرّة تخرج فارغة، كاد أن ييئس من تأمين رزقه وطعام أولاده هذا اليوم, ورمى الشبكة للمرة الأخيرة فخرجت فيها سلحفاة كبيرة، غضب كثيراً وقال: عجيبة رزقتي اليوم سلحفاة ماذا سأفعل بها ؟
    أراد الصيّاد أن يتخلّص منها ويرميها في البحر لكنه توقف فجأة، وفكّر أن يأخذها إلى البيت ليلعب بها الأولاد فتنسيهم جوعهم وألم بطنهم، ففرح الأولاد كثيراً عندما رأوا السلحفاة، وأمضوا اليوم يلعبون ويمرحون ويتسلون بالسلحفاة، بينما كانت المرأة تبكي وتندب حظّها التعس مع زوجها. فقال لها الصياد: هذا رزقنا اليوم فاصبري يا امرأة حتى الله يفرجها علينا.
    نام الأولاد جائعين بعد أن تعبوا من اللعب مع السلحفاة، فحملت المرأة السلحفاة ووضعتها تحت ( القفّاعة ) ونامت حزينة، وبعد منتصف الليل خرج من تحت ( القفّاعة) صبية حلوة أجمل من حورية البحر، تسلّلت تحت جنح الظلام إلى شاطئ البحر ونادت أختها، فخرجت لها صبية أجمل منها فسلّمت عليها، وحكت لها قصتها مع الصيّاد الفقير وعائلته التي نامت جائعة وقد حن قلبها عليهم، وطلبت منها أن تحضر لها كمية من اللحم والبرغل والطحين والسمن، فأحضرتها لها وحملتها وعادت إلى البيت فطبخت أطيب الطعام، وعجنت وخبزت طوال الليل ثم وضعت ذلك تحت القفّاعة وعادت إلى قوقعتها.
    في الصباح نهضت زوجة الصياد ورفعت القفّاعة لتخرج السلحفاة للأولاد، فرأت ما أدهشها من الطعام الشهي والخبز اللذيذ، فأخبرت زوجها وأحضرت الأولاد وأكلوا حتى امتلأت بطونهم، ثم أمضوا اليوم يلعبون بالسلحفاة فرحين مسرورين حتى المساء.
    أما الصياد فقد حمد الله على هذه النعمة وعرف أن الله لن يتركه على هذا الحال، وبقي في البيت ليرتاح ولم يخرج إلى الصيد ذلك اليوم، مضت عدّة أيام على هذا الحال يجدون الطعام جاهزاً تحت القفّاعة، فيأكلون دون أن يعرفوا من أين يأتي الطعام ومن يصنعه لهم.
    يوماً قعد الصياد وامرأته يفكّران في سر الأمر، وقرّر الرجل أن يسهر طول الليل ليكتشف السر، في الوقت المحدّد كالعادة خرجت الفتاة الحورية من تحت ( القفّاعة ) بثوبها الجميل، وقامتها الممشوقة متسلّلة نحو البحر، فتبعها الصياد متخفياً فرآها تقابل أختها وتحمل الأغراض وتعود نحو البيت، فتركها حتى انتهت من الطبخ والخبز فتسلّل نحو القفّاعة، وأخذ بيت السلحفاة ورماه في التنّور أمام عيني الفتاة، فحزنت عليه وبكت كثيراً ويئست من عودتها إلى وطنها في أعماق البحر، ثم عقد عليها الصيّاد وتزوجها.
    في الصباح رآها الجيران فأعجبوا بحسنها وجمالها، وشاع صيتها في البلد حتى وصل خبرها إلى أسماع الملك، فأراد أن يراها فأقام حفلة كبيرة دعا إليها أهل البلد من الرجال والنساء.
    في الحفلة رقصت الحورية رقصة أطارت فيها عقول الحاضرين، فأحبها الملك وأراد الحصول عليها، فأخبر وزيره برغبته فيها وطلب منه أن يدبر له مكيدة للحصول على هذه الحورية، أشار عليه الوزير أن يستدعي الصيّاد ويطلب منه طلباً صعباً فإذا عجز عنه يضرب عنقه، فسأله عن هذا الطلب ؟ فأجابه الوزير: اطلب منه أن يحضر لك عنقوداً من العنب يأكل منه هو وحاشيته ولا ينقص منه شيئاً.
    نفّذ الملك ما أشار عليه الوزير واستدعى الصيّاد وطلب منه العنقود، وأمهله ثلاثة أيّام لإحضاره وإلاّ سيضرب عنقه.
    بكي الصياد على حاله وعاد إلى البيت حزيناً مهموماً وقال لزوجتيه: مدوا لي الفراش لأودع وأموت. فسألوه عن مشكلته فلم يرد, فألحوا عليه كثيراً حتى أخبرهم بما يريد منه الملك، وأنه سيقتله بعد ثلاثة أيّام إن لم يحضر المطلوب. ضحكت الحورية وطيبت خاطره وقالت له: أنا أعرف ما يريد الملك وسأرد له كيده في نحره بعون الله، سأحضر لك العنقود الذي طلبه قبل اليوم الثالث فكن مطمئناً.
    لم يقتنع الصيّاد بكلامها ونام مهموماً تلك الليلة حتى صباح اليوم الثالث، أمرت الحورية الصياد أن يذهب إلى شاطئ البحر وينادي أختها، ويسلّم عليها ويطلب منها عنقود عنب من دالية دارهم القديمة.
    فعل الصياد كما أمرته الحورية فأحضرت له الأخت عنقوداً من العنب غريباً لم ير مثله في حياته. عاد إلى البيت وفي الطريق اشتهى أن يأكل من العنقود فصار يأكل منه طول الطريق، وكل حبة يأكلها تظهر حبة بدلاً منها فتعجب وأيقن بالفرج.
    في البيت أكل منه الأولاد حتى شبعوا، ثم حمله إلى الملك، فاستهزأ منه وظن أنه سيحصل على غايته، فأكل منه وشاركه الوزير ومستشاره وحاشيته، فلم يذوقوا عنباً ألذ وأطيب منه، ثم أكل الحراس والجنود وأهل البلد، ولم ينقص العنقود حبة واحدة.
    احتار الملك والوزير من هذا الأمر العجيب، واجتمعا ليفكرا في طريقة ثانية للتخلص من الصياد، فأشار عليه الوزير أن يطلب من الصياد مولوداً ابن يوم يحكي له حكاية طويلة كلها كذب من أولها إلى آخرها.
    عاد الصيّاد ثانية إلى البيت مهموماً أكثر، وحكى لزوجته الطلب المستحيل الذي طلبه للملك، فقالت له الحورية: بسيطة اذهب إلى البحر واطلب من أختي أن تحضر لك ابن أختها الصغيرة الذي ولد اليوم، وقل لها أن خالته تريد أن تراه.
    فعل الصياد ما طلبت منه زوجته وأحضرت أختها طفلاً صغيراً في لفته، حمله وعاد إلى البيت. في الطريق قال له الطفل: مرحباً يا زوج خالتي، هذا الملك سيء ووزيره أخبث منه لن يخصمها معك برائحة طيبة ولن يشبع طلبات، ويريدون أن يقضوا عليك ليتزوج الملك خالتي، سأريحك منه بإذن الله. إذهب الآن إلى السوق، واشتر لي خنجراً مسموماً وضعه تحت الّلفة واترك الباقي عليّ ..
    فعل الصياد وعادا إلى البيت وأمضى الطفل الليل يسامرهم ويحكي لهم الحكايات حتى ناموا جميعاً.
    في الصباح حمله الصياد إلى مجلس الملك، فسلّم الطفل عليهم فاستغربوا ذلك، وجلس الصيّاد بين الملك والوزير، وقال للطفل: الآن احك لنا حكاية طويلة كلها كذب من أولها إلى آخرها.
    تنحنح الولد ثم قال: ( صلوا على النبي العدنان، من زمان وأنا شاب, كنت أفلح الأرض على ثور صغير وبقيت ثلاثة أيام دون طعام ولا شراب، وقبل آخر خط فلاحة وجدت جوزة عفنة، فطمرتها بالخط وبلت عليها وإذ بالجوزة نبتت من تحت الأرض، وطالت وصارت تكبر وتكبر حتى غطّت الأرض، وصار فيها جوز ما بيعرف عدده إلاّ الله، فأمسكت حجراً صغيراً ورميته على الشجرة، فسقط منها جوز قدر بيدر الحنطة، ولم يكن عندي إلا كيساً واحداً فملأته، وحملته على الثور فسقط الثور من ثقل وزن الحمل ولم يقدر أن يستمر به، وكان عندي ديكاً قدر الكبش فحمّلت الكيس عليه، وضربته بالمسّاس فطار بالكيس إلى البيت، وجمعت الجيران حتى أنزلوه معي فإذا بظهر الديك مجروحاً، فعصرت بعض الجوز ودهنته به، ووضعت عليه ورقة الجوز ولففته على الجرح، فإذا بورقة الجوز تنبت وتكبر أمام عيني حتى صارت شجرة، فخفت على الديك وسحبت خنجراً مثل هذا، وأخذت أقطع الأغصان وأضربها ( هيك .... وهيك... )
    في هذه اللحظة أخرج الطفل الخنجر من اللفة، وضرب به رأس الملك فأطاره ثم رأس الوزير فقطعه.
    والتفت إلى الصياد وقال: والآن يا زوج خالتي اجلس على عرش الملك، فأنت أصبحت ملك هذه البلاد بدلاً من الملك الخبيث، فصار الصياد ملكاً والحورية ملكة، وحكما بالعدل والحق ومساعدة الناس والمحتاجين، وعاشوا جميعاً بالعز والنعيم وطيب الله عيش السامعين
يعمل...
X