إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

في حمص الجـامع النـوري الكـبير والمراحل المتعاقبة على موقع الجامع

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • في حمص الجـامع النـوري الكـبير والمراحل المتعاقبة على موقع الجامع







    الجـامع النـوري الكـبير في حمص

    تعريف
    الجامع النوري الكبير في حمص من أعظم وأقدم المساجد القديمة في مدينة حمص , ويشبه في طرازه المعماري إلى حد كبير المساجد الأموية في بلاد الشام وخاصة الجامع الأموي في دمشق من حيث تخطيطه وهندسته المعمارية , له أربعة مداخل اثنتان من جهة الغرب وواحدة من جهة الجنوب ورابعة من جهة الشمال وجداره الشرقي والشمالي كانا يرتكزان على أسوار المدينة القديمة .
    يتميز الجامع بمنارة مربعة مرتفعة تعلوها قبة ثمانية الشكل ونوافذ أنيقة ترى المنارة من بعيد ولذا كانت تتخذها بقية المساجد أساساً لمعرفة أوقات الأذان بالعلم ( الراية ) الذي يرفع نهاراً وبإضاءة الأنوار عليها ليلاً .
    وصفه الرحالة المسلمون خلال مراحل متعددة من تاريخ المدينة بأنه من محاسن الأبنية الإسلامية ومن أكبر المساجد وأعظمها في بلاد الشام قاطبة .
    لقي الجامع من كبار القوم رعاية مستمرة بمده بالمياه إليه وإضافة الأروقة وتزويده بالدعم المستمر وكان يؤتى بمصحف عثمان بن عفان إليه بالمناسبات الدينية وبخاصة عند صلاة الاستسقاء وتبلغ مساحته الكلية 5323 متر مربع .
    وفي هذا الجامع حدثت أمور جسام في أوائل القرن العشرين ففيه أنشئت أولى المدارس النظامية ومن على منبره ألقيت خطب أثرت في مجرى التاريخ عندما ألهب خطيب الجامع وفقيه الشافعية جمال الدين الجمالي الجماهير ضد الانتداب الفرنسي وأثر في الضابط فوزي القاووقجي لينضم ويقود الثورة وسط سورية بعدما كان ضابطاً في الجيش الفرنسي .
    التسلسل الزمني للجامع النوري الكبير :
    هنالك آراء كثيرة وأقوال صيغت حول أصل موقع الجامع النوري الكبير لكن هناك مراحل مفترضة تعاقبت على موقع الجامع هي :
    1 - هيكل الشمس أيام الرومان .
    2 - حلّت محله , أيام البيزنطيين , كنيسة مكرسة للقديس يوحنا ( النبي يحيى )
    3 - بعد الفتح الإسلامي لحمص شغل نصف الكنيسة الغربي فيما ترك النصف الشرقي للكنيسة .
    4 - جدد الجامع على يد نور الدين زنكي المعروف بـ (نور الدين الشهيد ) بين سنة 549هـ/1154م - 577هـ/1181م بعد الزلزال الكبير الذي أتى على معظم بلاد الشام سنة 565هـ/1169م حيث قام بتجديد بناء الجامع كلياً حيث وجه عنايته فيه حتى نسب إليه وقد أطلق عليه بعد هذا التجديد الكلي اسم الجامع النوري الكبير .
    وحول تاريخ الجامع نتابع نقلا عن مقال روائع العمارة الإسلامية - الجامع النوري الكبير - بقلم يونس أحمد الناصر
    "" يجمع الكثير من المؤرخين على أن موقع الجامع الحالي هو مكان معبد الشمس الذي تمارس فيه طقوس عبادة الحجر الأسود , والتغير الهام الذي حصل أنه عندما امتدّ النفوذ الروماني إلى حمص و تزوج القائد الروماني سبتيموس سيفيروس من ابنة الكاهن جوليا دومنا التي هي من أسرة شامس غرام الحمصية الوثنية نقلت معها إلى روما عبادة الحجر الأسود لم يتم التأكد بشكل قاطع من مكان المعبد القديم و ذلك بسبب نتائج التنقيبات الأثرية التي جرت في تل حمص ( القلعة ) , إضافة إلى عدم وجود نص أو أثر يشير على مكانه بشكل واضح ,
    إذا تتبعنا أخبار الحجر الأسود الذي تم نقله إلى روما مع حكم الأباطرة الحمصيين لها فإننا نلاحظ أن مكان الحجر الأسود البالاتان كان ينتقل دورياً إلى مقره الصيفي في ضواحي روما , إذاً نستطيع أن نقول بأن هناك انتقال فصلي للإله الشمس إيلاغابال, وذلك اعتماداً على فكرة أن الشمس تغير مكانها بين وضعي الانقلاب الصيفي و الشتوي وبالتالي سوف يتم تغير مكانها بين وضعي الانقلاب الصيفي والشتوي وبالتالي سوف يتم تغير مكان ممثل الإله شمس وهو الحجر الأسود أي أن له معبدان أو مقران صيفي وشتوي, وبالتالي يكون موقع الجامع النوري هو موقع المعبد الرئيسي للإله, وهو يمثل بذلك المقر الشتوي, وتكون القلعة أو مكانها حالياً هو المكان الصيفي بما يتناسب مع وظيفته وموقعه المرتفع .
    أما فيما يتعلق بمرور الجامع بمرحلة الكنيسة فهو أمر يجمع عليه الكثير من الباحثين, وقد تناول الرحالة الذين مروا على حمص الجامع الكبير وذكروا أنه قام محل الكنيسة , وأنه تصادف في فترة زمنية محددة, وهي فترة حكم نور الدين , مع كنيسة شغلت النصف الشرقي من الموقع في حين شغل الجامع القسم الغربي, وعلى سبيل المثال نأتي على ذكر الرحالة الفرنسي جان دو تيفينو أثناء قيامه برحلته الشهير في أرجاء السلطنة العثمانية والتي استغرقت 1655 إلى عام 1659, والذي وصل سوريا عام 1658, حيث يذكر هذا الرحالة أنه يوجد في حمص 5 كنائس, الأولى ضخمة جداًً تقوم على 34 عمود رخامي محل الكنيسة وهو الجامع النوري الكبير , كان طول الكنيسة 70 خطوة وعرضها 28 خطوة , وفيها من الجهة الجنوبية مصلى صغير فيه تابوت بالجدار طوله 5 أشبار , ويعتقد السكان من مسلمين ومسيحيين أن رأس يوحنا المعمدان موجود فيه .
    بقيت الكنيسة تشغل موقع الجامع الحالي حتى فترة حكم الحمدانيين , على ما أظن , حيث أن الموقع كان مخصصاً في قسمه الغربي كجامع للمسلمين , و في قسمه الشرقي ككنيسة للمسيحيين , و خلال فترة حكم الحمدانيين استولى البيزنطيين على حمص مرتين و في المرة الثانية حوّل الجامع لكنيسة بعد مجيء نور الدين الزنكي و استلامه للقيادة خلفاً لوالده عام 541 هجري و حدوث الزلزال العنيف الذي ضرب حمص عام 1157م , عندها قام نور الدين الزنكي بشراء القسم المسيحي – القسم الشرقي – و ضمه إلى الغربي و قام بإعادة إعمار الجامع و تمّ نسبه إليه, وتذكر الكتب والمصادر أنه قام بتجديد السقف أكثر من مرة , هذا هو التسلسل المنطقي الذي مرّّ به الجامع قبل أن يجدده نور الدين ""
    الجامع النوري الكبير في أعين الرحالة المسلمين :
    بعد التجديد الكبير الذي طرأ على الجامع وصفه بعض الرحالة المسلمون عند زيارتهم للمدينة وفي مراحل مختلفة من تاريخ المدينة بأنه من أكبر المساجد وأعظمها في بلاد الشام , وبأنه من محاسن الأبنية الإسلامية . ففي القرن السادس الهجري زار الإدريسي مدينة حمص وقال في جامعها : (.... وبها جامع كبير وهو أكبر جوامع مدن الشام...)
    ويقول أبو الفضائل الحموي في أحداث سنة 627هـ/1229م : (... وفيها شرع السلطان الملك المجاهد صاحب حمص في ...و... وعمًّر مدرسة جميلة غير المدرسة النورية أولاً) وفي ذلك إشارة إلى أن المدرسة النورية التي شادها نور الدين زنكي كانت قائمة قبل هذا التاريخ .
    وذكره كذلك ابن فضل العمري في النصف الأول من القرن الثامن الهجري فقال : (... وللمدينة من العاصي ماء مرفوع يجري إلى دار النيابة وبعض مواقع فيها , ومنها الجامع الأعظم وهو جامع كبير حسن البناء وبه عمود يقال إنه من الكحل الأصفهاني...) وفي القرن الثامن الهجري يصفه كذلك ابن بطوطة بقوله : (... وجامعها مميزَّ بالحسن الجامع , وفي وسطه بركة ماء...)
    تطور بناء الجامع عبر التاريخ :
    بعد تجديد نور الدين زنكي للجامع طرأ عليه عدة مراحل من الترميم والتجديد . فالمئذنة جددها الملك المجاهد محمد بن أسد الدين شيركوه سنة 615هـ/1218م .
    وفي سنة 1152هـ/1739م شيد المصلى الخارجي في الجهة الشمالية من صحن الجامع, وفي داخله غرف خاصة لطلبة العلم والمدرسين , وشيد وسط الأروقة مئذنة صغيرة لها وظيفتان , الأولى للميقاتي الذي يصعد إليها ليبلغ المؤذن وقت دخول الصلاة والثانية لقراءة الأوامر السلطانية , والمصلى يستند إلى السور الشمالي للمدينة وقد شيده متسلم مدينة حمص محمد آغا الجندي .
    تجديد بناء سقف الجامع في القرن التاسع العشر :
    بقي الجامع الكبير لعدة قرون بين تجديد وترميم لم يفقد جماليته وعظمته التي شيد عليها وبقيت الأعمدة الأسطوانية الغرانيتة الكبيرة القائمة على قواعد من الحجر الأسود الصلد أو من الحجر الأبيض المرمري المكعبة الشكل يعلوها تيجان وزخارف بديعة الصنع ويحمل صف الأعمدة مجموعة من القناطر يقوم عليها سقف الجامع الهرمي الشكل .
    وعندما أتى النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي وظهر الخلل الواضح في سقف الجامع الذي أزعجهم وشغلهم كثيراً في ترميمه وإصلاحه , أراد أبناء المدينة والمسئولون عن الجامع أن يجددوا سقف هذا الجامع ويستبدلوا القديم بشكل أفضل , فتم استدعاء معماري معلِّم من مدينة طرابلس واتفقوا معه على عقده بالحجر المحلي , وفعل المعماري فعلته وأفقد الجامع فنه المعماري المميز والموصوف بأنه من محاسن الأبنية في البلاد الإسلامية فـأزال الأعمدة الرخامية وتيجانها الجميلة وقواعدها الضخمة , واستعمل الأعمدة والتيجان والقواعد والأحجار المسقولة في أساسات البناء بعد أن كانت تزيَّن الجامع من جوانبه كافة , ولم يبق من آثاره إلا المحراب الذي تزدان نصف قبته بلوحة من الفسيفساء المذهبة الجميلة والتي يظن أنها من العهد الأموي أو العباسي .
    ويحدثنا الشيخ عبد الهادي الوفائي الذي شهد الجامع قبل وبعد تجديده ودونها في كتابه التاريخ الحمصي فيقول :
    ( قد كنت أعرفه قبل عقده , فكان عوض الركائز عواميد , والسقف مراوس وبدود وطرح جميعه , وكان دائم الأوقات تنسكر منه بدود ويهبط ويصلحوه إلى أن آن أوان عقده سنة 1269هـ/1853م اجتمعت العلماء وبتًّ رأيهم على عقده فأرسلوا إلى طرابلس كتاب لبعض زواتها لأن يرسل لهم معلم عماره يكون عنده معرفة بهذه المصلحة , وأفهموه قضية الجامع , فحالاً أرسل معلم ذو معرفة ولياقة , فلمًا حضر نظر إلى الجامع و أفهم الأهالي أن العقد لا يصلح ما لم ترتفع العواميد وعمل كلفة حساب الجامع فوافق العلماء ,
    فحالاً أمروه بالمباشرة وأحضروا الأحجار والكلس وجميع ما يلزم وهدوا القناطر ورفعوا العواميد , وصارت الأهالي من فقير وغني كلمت حضر إلى الصلاة يشتغل بالجامع , ونبََّهوا على جميع الحارات أن تشتغل بالجامع , فصار كل يوم تنزل حارة لأجل الشغل , وحضرت الطبول و الزمور وصارت كل يوم تضرب الطبول والعالم تشتغل بكل همة , ,والجميع كان يطمع بالثواب , فلما نظر معلم العمارة إلى شغل الأهالي من دون أمر صار يشكر حميَّة المسلمين فقالت العلماء : أيها المعلم غدا ترى الشغل من الأهالي أكثر مما تراه الآن ,فانسرَّ المعلم لذلك وصار يشتغل بكل همة فما استقام العقد بين يديه أكثر من شهرين , فلمَِا تم البناء والعقد شكر الله تعالى وأثنوا على المعلم وحمدوه
    وشكروا همته فقال لهم : لو كنت أعرف حجركم به هذه القوة التامة كنت أعقد الجامع عقداً واحداً بدون ركائز ولكن مضي الذي مضى وهكذا يكون أقوى و أمكن و هو يستقيم جيلاً بعد جيل . ثم بعد ذلك عقدوا الشقفة الشرقية وهذه كانت حوش وحدها , وكان بها مدار البحرة الكبيرة , وقيل هذه كانت في الزمن القديم قبل الفتوح معبد الكنيسة , وبها قبر تزوره النصارى , وقد أخبرني بعض الأقدمين بأن المنارة التي فوق رواقات الجامع هي حادثة عمروها لأجل قراءة الفرمان السلطاني , والبعض من العامة يقولون هي منارة لقوس تلك الكنيسة , والأصًّح منارة أحدثتها الأهالي لأجل قراءة الفرمان السلطاني ,وفي سنة 1313هـ/1895م جددوا الميضئات الحالية وجعلوها شمالي الجامع نظراً لما كانوا يجدون من الرائحة من الميضئات القديمة التي كانت غربي الجامع.
    ففي صحن الجامع على صحن المصلَّى حجر موضوعاً عوضاً عن محراب لأجل الإمام , فهذا الحجر مثقوب جملة ثقوب فسألت عن كيفية هذا الوضع وما المراد به فقال : إن من وضع أصابعه بها وكان في أصابعه عروق ملح فإنها تذهب ... وأيضاً موجود في حائط الحرم حجر أسود ... وكان أيضاً بجوار البئر شجرة تين لم ير الرائي مثلها , فمن رآها لا يحسبها إلا قاعدة جوز لكبرها وعلوها , وكان تينها شتوي , وقد أخبرني بعض المسنين أن درويشاً من الهند نصبها في ذلك المكان , ولم يعرفوا من أين أتى بها .
    وكان المتولي على هذا الجامع السيد سعيد أفندي الجابي السباعي , ومن بعده ولده السيد محمد سعيد أفندي السباعي وقبلهما جدهما المحرر اسمه في باب الجامع الغربي , وهو الذي عمَّر باب الجامع ورقم اسمه عليه . وفي سنة 1317هـ/1899م حضر أبو الخير العلواني ناظراً على الأوقاف من قبل نظارة الأوقاف بالأستانة , وصار يضع يده على الأوقاف الغير أهلية , فوضع يده على الجامع المذكور فتأثرت الأهالي من ذلك نظراً لما يعهدوه في المذكورين من الأمانة والعفة والشفقة لمصلحة الوقف المذكور , وجميع أهالي البلدة لا يعرفون سواهم واضع يده على الوقف المذكور) .
    وفي شهر تشرين الثاني من عام 1316هـ/1898م تم توسيع الشارع من الباب الغربي للجامع والمؤدي إلى ساحة باب السوق البحرة , فأزيل الباب والمخازن التجارية التابعة لوقف الجامع .
    الجامع الكبير في القرن العشرين :
    في الأربعينات من القرن الماضي تغيًرت معالم الجامع النوري الكبير مرة أخرى من الجهة الغربية والشمالية وفقد ما تبقى من معالمه القديمة , فأزيلت القبة الشامخة ,ومدخله الغربي المؤدي إلى السوق مباشرة , والأروقة الغربية وقسم من الأروقة الشمالية , والباب القبلي المؤدي إلى الأسواق , وأزيلت المحلات التجارية التي تتقدم البناء من الغرب , وتداخل في جسم الجامع القديم البناء الحديث على أرض الجامع بحجة المنفعة المالية حتى صار كما نشهده الآن , وفقد الجامع ما تبقى فيه من فن
    معماري قديم , وكسيت الجدران الخارجية المشرفة على صحن الجامع بالإسمنت والطلاء وغطيَّت أحجاره القديمة والمصقولة , وفي السبعينات من القرن الماضي شيد الباب الغربي بأحجاره القديمة وعاد كما كان عليه .

    --------------------------------------- منقول عن ,,,,,,,,,,
    مصادر: حياة حمص
    مدينة حمص واوائل المهندسين المعماريين في ظل الخلافة العثمانية ( محمد غازي حسين آغا )
    معالم واعلام من حمص الشام في القرن العشرين ( محمد فيصل شيخاني - طارق اسماعيل كاخيا)
    من روائع العمارة الإسلامية - الجامع النوري الكبير - بقلم يونس أحمد الناصر
يعمل...
X