الشاعر والأديب رفيق فاخوري
رفيق بن عبد اللطيف فاخوري وُلِدَ في حمص ـ حي الحميدية ـ عام 1911 وأتَمّ دراسته الابتدائية والإعدادية والثانوية في مدارس حمص ثم التحق بكلية الحقوق بجامعةالشاعر والاديب رفيق فاخوري :: قصة حمص :: دمشق ،وحصل على إجازة الحقوق في عام 1938 ولم يعبأ بها إنما انصرف لتدريس مادة الأدب العربي ـ الذي كان هوايته المفضّلة ـ في ثانويات حمص .
بدأ ينظم الشعر من عام 1927 وكان يهوى الموسيقى والغناء بالإضافة للأدب ، فكان صوته أَمْيَل إلى الجَمال ويحفظ أغاني الموسيقار محمد عبد الوهاب كان ذلك عام 1928 ويغنّي له لاسيّما في ( مشاويره ) بين بساتين حمص مع بعض أصدقائه كأحمد الجندي ومحي الدين الدرويش .
كان يمتاز بإلقاء النكتة فهماً وإحساساً وإبداعاً وإن ولعه الشديد انصَبَّ على اقتناء الكتب والمخطوطات النادرة واسطوانات الأغاني والموسيقى .
غير إنه اتّخذ الشِّعْر مهنة له لولعه به ، وكان الناس بالطرقات يُشيرون إليه بقولهم هذا شـــاعر .
اشتغلَ رفيق بالصحافة وبدأ ينشر أعماله في الصحف الدمشقية كالقبس والأيام وألف باء والحمصية مثل : حمص ، فتى الشرق ، مجلة البحث لمحي الدين الدرويش ، مجلة دوحة الميماس لماري شقرا . ومع بداية الحرب العالمية الثانية لم يبق في حمص جريدة يومية ،فأسّس الشاب توفيق الشامي مطبعة مع جريدة يومية أسماها ( التوفيق ) وكان رئيس تحريرها رفيق فاخوري دامت أربع سنوات ثم جريدة صدى سوريا لنسيب شاهين فشاركت التوفيق بنشر ذخيرة أدباء حمص . وتبعها جرائد ومجلاّت أُخرى كان رفيق فاخوري السَبَّاق في نشر إنتاجه فيها .
أُعْجِب الناس بشعر رفيق لأنه كان يتحدّث عن نفْسه وحديث النفْس هو الكلام الذي يقرأه الناس ويُعجبون به ويتناول ما عندهم من عواطف وميول وهواجس وكان شعره يعتمد على الإيحاء ، وكانت عينه حادّة النظر ، تتفحّص الوجوه بخبرة وترى ما لا يٌرى فكتبَ شعره بكاريكاتيرية عجيبة وبألفاظ موسيقية مرنة ، لم يمدح ولم يتكسّب بشعره أحد ، رفض مناصب عديدة لأنه كان يؤمن بالتخصص في المناصب .
كان لطيفاً مهذّباً مرهف الحس والشعور ويُروى عنه أنه كان يسكن في شقّة ، والشقّة التي كانت فوقه كانت تقيم أسرة مازالت تستخدم القباقيب وكانت قرقعتها تصله ليلاً نهاراً فقط . الأمر الذي يسبّب له الإزعاج الكبير ، فطلب أكثر من مرّة من جاره تغيير القباقيب بشحّاطات ، فلم يستجب . وذات يوم سأله كم عدد أفراد أسرتك ؟ أجابه ثمانية ولكن لماذا ؟ أجابه لكي أبتاع لكم شحّاطات على حسابي .
والجدير بالذكر إنه كان ينظم شِعْره على لوح أسود وبأقلام الحوّارة ( الطباشير ) ، وعَلَّمَتْه هذه الطريقة أن لايَخْرج بيت الشِعْر من يده حتى يأخذ شكله الأخير ديباجة وأسلوباً لم يتزوّج في حياته وهو القائل : ( الوظيفة والزوجة كلتاهما لون قاتل ، وقد أحسن الله إليّ إذ خلّصني من واحدة وإنيّ لرَاجٍ من كرَمِهِ تعالى أن يتمّم إحسانه ) .
لم يتوقف رفيق فاخوري عن كتابة الشِعْر حتى آخر لحظة في حياته حتى توفي رحمه الله في تركيا إثر حادث أليم عام 1985 .
تكريما له :
أطلقت مديرية التربية بحمص اسمه على معهد باسم: ( معهد رفيق فاخوري لتقنيات الحاسوب ) بحي البغطاسية . كما أصدرت دار طلاس عام 2002 كتاب ( ديوان رفيق فاخوري ـ الأعمال الكاملة ) .
من مؤلّفاتــــه :
ـ همزات شيطان صدر عام 1972
ـ ديوان رفيق فاخوري ( أعماله الكاملة ) صدر عن دار طلاس عام 2002
ـ مختارات من الشعر العربي
ـ معجم شوارد النحو
ـ الأوابد : مختارات شعرية ، رفيق فاخوري و محي الدين الدرويش
ـ قواعد الإملاء : رفيق فاخوري ومحي الدين الدرويش
مقتطفـــات من شِعْـــره :
1 ـ من قصيدة الطبيعة :
لها البقاء ، حين نغدو رممـاً منسيَّة ، لانهتدي لها الذِكــرْ
ياليت لي عيناً لمرآة الضحى ترعى مجاليها إذا غاب النظرْ
2 ـ وقال في ملاحظته الحُسن والجمال في كل مكان :
يا فـريــداً في الجَمــالِ داوِ قلبــي فهو لـــك
الهــوى يا ذا الــــدلال في فــؤادي قـد ســلك
3 ـ وقال على لسان يتيــم :
أنــا طفـل ما غـذاني قط عطـف الــوالـدات
عشـت في الدنيا غريبـاً كنبــات في فــــلاة
4 ـ وقال في رباعياته همزات شيطان الذي نشر معظمها في جريدة العهد الحمصية بين عامي 1960 ـ 1961 :
مــاذا فـي حمــص ؟
في حِمْصَ لا الرّيحُ تُحيينا ـ كما زَعَموا لِتَسْمَعَ الجارةُ الغَيْرى ـ ولا الماءُ (1)
رِيــاحُنا تقـلعٌ الأشجارَ غَضبتهــا ومـاؤنا عِلَــلٌ شَتّــى وأدواءُ
إني لأعجَـبُ من أحــوالِ بلدتنــا وَيعجبُ الطِــبُّ منها والأطِبـاءُ
قالوا : الهواءُ علـيلٌ ، قلـتُ : وَيْحَكُم ما اْعتَلَّ ، لكننــا نحن الأعِـلآءُ
______________
البَــلاء الســائل
وأطلقــها من أنفه مستطيلـــة فطارتْ وَحَطّتْ بيننا حيثُ نـجلسُ
ومَسَّـحَ بعدَ ( الحمدُ للهِ ) إصبعـاً تمنّيتُ لو في مَوْقِدِ النارِ تُغْــرَسِ
فنوديَ : أينَ الذوقُ ؟ ما أنت مُسْلِمٌ فخَنْخَنَ ـ والخيشومُ بالكَفِّ يُمرَسُ ـ (2)
وقال : بلاءٌ سائلٌ سَــدَّ منخري فكيفَ ـ إذا خلَّيْتَــهُ ـ أتنفَّسُ؟!
_______________
بِعْنَــــاهـا
مقـــاماتٌ وقــاماتٌ عرفناهــا بســيماهـا
لهــا الدنيأ ، ونـحن لنا حــدودٌ ما عَدَوْنَــاها
أخــي ما ينفعُ العقــلُ وشــاراتٌ لبسناهــا ؟!
إذا ســألوكَ عنهـا قُـلْ لهـم في الحــال: بِعْناها
______________
المفــردات :
(1) الجارة الغيرى هي مدينة حمــاه
(2) خَنخَنَ : أخرج الكلام من أنفه . ومرَسَ الشيء : مَرَُثه باليد
بقلم المهندس جورج فارس رباحية
-------------------------------------------------
المصــادر والمــراجع :
ـ ديوان رفيق فاخوري : دار طلاس 2002
ـ همــزات شيطـان : رفيق فاخوري 1972
- جريدة الوحدة - دمشق