Announcement

Collapse
No announcement yet.

العلامة ( محمد طاهر الأتاسي 1860 - 1940 ) الشيخ المفتي أبي الفتح محمد الثاني الأتاسي

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • العلامة ( محمد طاهر الأتاسي 1860 - 1940 ) الشيخ المفتي أبي الفتح محمد الثاني الأتاسي



    العلامة ( محــمــد طــاهــر الأتــاســي 1860 - 1940 )
    الشيخ المفتي أبي الفتح محمد الثاني الأتاسي
    المفتي العلامة أبي الفتح محمد الثاني الأتاسي
    1276 للهجرة (1860م)-1359 للهجرة (1940م)
    ولادته، نشأته، وطلبه للعلم
    ولد الشيخ محمد طاهر الأتاسي سنة 1276 للهجرة (1860م) في حمص، في بيت علم ودين وشرف، فهو من أسرة تولت مناصب الفتوى والقضاء في حمص وغيرها منذ القرن السادس عشر الميلادي (القرن العاشر الهجري)، وكانت قد انتقلت هذه الأسرة قبل حوالي خمسة قرون من اليمن إلى تركية ثم إلى حمص وكانت تعرف أولا بآل العطاسي ثم تحول اللقب إلى الأطاسي ثم أخيرا إلى الأتاسي، واستقرت بحمص وخرجت علماء كثيرين وردت تراجمهم في متون أشهر كتب التاريخ، نعرف منها سبعة عشر مفتيا تولوا الفتوى في حمص وطرابلس، وهي أسرة شريفة النسب تنتمي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم كما تدل الوثائق القديمة التي بحوزتها. وكانت الفتوى في حمص تدور على آل الأتاسي يتوارثونها جيلا بعد جيل، فأخذ عن علماء أسرته، والده وأعمامه وأبناء عم أبيه، فدرس الفقه والحديث والتفسير واللغة، وبلغ من العلم درجات، ثم سافر إلى الأستانة ودرس في مدرسة القضاء الشرعي فيها (مكتب النواب) ونال الدرجة الأولى عام 1883م، وعاد إلى بلاده ونزل دمشق، فأخذ عن السيد محمود الحمزاوي الحسيني، مفتي الشام، وعن شيخ الشام العفيف، المحدث الأكبر الشريف، بدر الدين الحسني، الغني عن التعريف، وتلقى الأتاسي العلم عن علامتي الشام الشيخ سليم بن ياسين العطار والشيخ بكري بن حامد العطار، رحمهما الرحيم الغفار، وآخذ الأتاسي أيضاً عن عالم حمص ودمشق الشاعر محمد أبي الجود بن مصطفى خانقاه، ودرس عليه من الأدب أرقاه، ومن العلم أصفاه وأنقاه، وقد توفى الخانقاه عام 1291 للهجرة=1874م، وكان مقرباً عند شاعر الشام في أوانه أمين الجندي العباسي.
    توليه للقضاء ولفتوى الديار الحمصية
    وتخرج العلماء على يديه
    وصار بعد رشفه للعلم عن أفضل الأفاضل مرجع العالِمين، ينشده من كانوا بأبهة تفوُّقِه حالمين، وعرفت الدولة العثمانية مقدار فطنته، فنصبته قاضياً في مدن عديدة، فتولى المنصب في حوران عام 1306 للهجرة (1890م)، ثم في نابلس، فالكرك، ثم دنزلي وأدنة من الأناضول، ثم في القدس الشريف، إلى أن نال منصب القضاء في البصرة. ومنصب القضاء الشرعي في مدينة القدس يعتبر من أعلى رتب القضاء في السلطنة العثمانية إذ يأتي في الدرجة الخامسة بعد قضاء العسكر الروملي والأناضولي وقضاء الحرمين الشريفين، بينما يعتبر قاضي دمشق ثامناً من حيث الرتبة، ولا يتولى قضاء القدس إلا أكثر علماء الدولة تبحراً في العلوم الشرعية، ويعتبر من فئة "المولى الكبير". ثم رسم للعلامة الأتاسي بالفتوى في بلده الأول حمص، وجاءه منشور المشيخة الإسلامية عام 1333 للهجرة (1914م)، فعاد إليها، وشرع بإفادة قاطينيها، وظل منارة للعلم مقصودة، ونبعاً للأداب منشودة. وظل رحمه الله مفتي المدينة إلى أن وافته المنية، فكانت مدة إفتائه قرابة ربع قرن.
    وأقبل طلاب العلم عليه بهمة قوية، يدرسون العلوم الشرعية والأداب العربية، ويأخذون عنه الفقه واللغة والحديث، فخرجوا من حلقاته علماء أفذاذاً، وأضحوا بدورهم لعشاق العلم مقصداً وملاذاً، فمن الذين استجازوه وسمعوا من فوائده الشيخ محمد العربي العزوزي الإدريسي الحسني، أمين الفتوى في الجمهورية اللبنانية، كما سيأتي، ومنهم الشيخ الدكتور الأزهري مصطفى السباعي الحسني (المتوفي عام 1964)، والذي أصبح المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في بلاد الشام بعد تأسيسه لها، وأحد نواب حمص ودمشق في المجالس النيابية، له حزبه وأتباعه في المجلس النيابي، ومعلماً تخرج الكثير من مدرسته الفكرية، وكان المؤسس لكلية الشريعة الإسلامية عام 1955، وأول عميد لها. وقد ذكر السباعي شيخه الأتاسي وأثنى عليه في مقابلاته ومقالاته.
    ومن الذين درسوا على الأتاسي العلامة زاهد بن عبدالساتر الأتاسي، مدير المدرسة الإسلامية الوقفية، والذي لازم الأتاسي فأجازه الأخير بسنده عن أجداده، ومنهم الشيخ وصفي المسدي، إمام وخطيب ومدرس جامع القاسمي، والذي أدرك المترجم في آخر حياته فقرأ عليه كتاب جمع الجوامع، وكتاب الحكم العطائية، وكتاب التوضيح والتلويح في أصول الفقه، ولازم المسدي شيخه الأتاسي كذلك وأضحى مبيضاً لفتاويه، ومنهم محمد علي العطر، والشيخ محمود بن بدري السباعي، ومنهم الشيخ حسن شمس الدين الذي قرأ على الأتاسي كتاب جمع الجوامع في الفقه الشافعي، ومنهم الشيخ طيب الأتاسي رحمه الله، مفتي حمص فيما بعد، ومنهم الكاتب المؤلف خير الدين بن عبدالكريم بن طه شمسي باشا الحنبلي الحمصي، والذي درس على يد الأتاسي تفسير الكشاف للزمخشري، وغيرهم أناس لا يحصرون.
    ويجدر بالذكر أن الأتاسي كان له درس في جامع سيدنا الصحابي الجليل خالد بن الوليد بعد صلاة الجمعة، درس ورثه عن آبائه وأجداده، رحمهم الله.
    خوضه للسياسة وعمله لرفعة بلاده
    ورئاسته لمؤتمر علماء الشام الأول
    وعندما أراد الفرنسيون أن يجزؤوا البلاد، ويفرقوا شمل العباد، انبرى لهم ابن المترجم باجتهاد، واقترح إقامة استفتاء عام، فما وجد المستعمرون بداً من إقامة اتحاد، فصدر قرار بإقامة حكومة وحدة بين دويلة دمشق وحلب وجبل العلويين في 29 حزيران من عام 1922، وانتخب خمسة مندوبين عن كل دويلة ليشغلوا خمسة عشر مقعداً، فكان الأتاسي ممثل مدينة حمص في دويلة دمشق، وكان معه فارس الخوري ومحمد علي العابد وعطا الأيوبي ممثلين لمدينة دمشق، وراشد البرازي مندوباً عن حماة. وفي 10 كانون الأول 1922م قامت دولة الإتحاد وبدأ المجلس اجتماعاته وكان بمثابة المجلس النيابي المؤقت. ولما شكلت لجان المجلس الأربع (المالية، الحقوقية، الملكية وفيها التجارة، والنافعة وفيها الزراعة) للنظر في الشؤون المطروحة على المجلس عين طاهر أفندي الأتاسي في اللجنة الحقوقية بالإضافة إلى حسن أفندي الأورفلي واسماعيل أفندي الهواش. واستمر الوضع كذلك حتى أزال الفرنسيون الاتحاد في غرة كانون الثاني عام 1923م. فكان العلامة الأتاسي بذلك ثاني مفتي الأتاسية خوضاً للسياسة العامة وتولياً للنيابة، وذلك بعد والده الذي كان نائباً في مجلس المبعوثان، وكان الشيخ طاهر رابع النواب من آل الأتاسي كافة، إذ سبقه إلى ذلك أخوه هاشم الأتاسي عضو ورئيس أول مجلس نيابي سوري (المؤتمر السوري)، وابن عمه وصفي الأتاسي، عضو المجلس ذاته.
    وفي 11 رجب عام 1357 من الهجرة (6 إيلول 1938م) اجتمع في دمشق الشام حشد من كبار علماء الشام والعراق بلغ عددهم مائة وخمسة، أموا الفيحاء من القدس ونابلس والنجف وبيروت وصيدا وطرطوس واللاذقية وحمص وحماة وحلب وأنطاكية وإدلب والباب ومنبج ووادي العجم والقنيطرة ودير عطية والنبك وعقدوا المؤتمر الأول للعلماء، وتباحثوا أوضاع العالم الإسلامي أياماً ثلاثة بلياليها ختمت بإصدار المؤتمر بياناً كان مفاد مقرراته: توضيح واجب العلماء في تبرئة الإسلام مما يصمه به المستعمرون، وكشف النقاب عن دواعي التفرقة التي يبثها المستعمر في البلاد باسم حماية الأقليات، والمطالبة بنشر العلم الشريف وإنشاء المدارس الشرعية وتأسيس معهد عال شرعي ضمن الجامعة السورية لتخريج القضاة الشرعيين والمفتين سداداً للحاجة الملحة لهم، وملء الشواغر العلمية بمستحقيها، وإحياء التراث التشريعي الإسلامي الجليل، والاهتمام باللغة العربية في المدارس، وإرسال بعثات أساتذة اللغة العربية إلى مصر للتخصص بدلاً من إرسالهم إلى أوروبا وتوضيح ما في ذلك من خطأ، وجعل اللغة العربية لغة دواوين الحكومة الرسمية والتأكد من سلامة المعاملات من الأخطاء اللغوية، وزيادة الدروس الدينية في المدارس
    شعره وأدبه:
    وفي عام 1924م لما بويع ملك الحجاز وشريف مكة، الحسين بن علي بن عون الهاشمي، بالخلافة الكبرى أبرق الأتاسي، وقد كان مفتي حمص آنها، إليه خطاباً مبايعاً إياه على لسان أهل حمص. وقد كان الأتاسيون يرون في بيعة الهواشم استمراراً للخلافة التي قضى عليها كمال أتاتورك (اليهودي الأصل) بعزل آخر الخلفاء العثمانيين عام 1924م، وقد مقته آل لأتاسي وذموا حزبه الذي أقام العلمانية منهجاً. ولما شغر منصب الخلافة اتجهت أنظارهم إلى الهاشميين الذين كانوا رمزاً للإسلام بكونهم من سلالة النبي صلى الله عليه وسلم، ولاستيطانهم مكة المكرمة عاصمة الإسلام، ولعراقة أسرتهم في حكمها لمكة عبر القرون الطويلة.
    وبعد، فقد اشتهرت بلاغة العلامة الأتاسي وملكاته الأدبية اشتهاراً، وتداول الناس قصائده وتسامروا بها في المجالس، وفي يد الكثير من الناس اليوم في حمص ودمشق وغيرها من البلاد عدد من أشعاره، حتى قال في ترجمته السيد الجندي في كتابه "أعلام الأدب والفن":
    "علمه وشعره: كان رحمه الله متبحراً في العلوم الشرعية والأدبية وقد فاق المرحوم والده بروعة شعره فانقادت لبلاغته وبيانه قوافي النظم ومن شعره قصيدة كان نظمها بعيد مولد النبي الشريف وهي 125 بيتاً ومطلعها:
    يميناً بالمُحصّب لن يمينـا
    سقى كف الحياة حياً وحيّا
    لعهدي عهديَ الأقوى يمينا
    ثرىً كم فيه عَفَّرْتُ الجبينا
    مصنفاته وآثاره الشرعية والأدبية:
    واشتغل العلامة الأتاسي بالتأليف، فكان من مصنفاته:
    1) إكمال "شرح مجلة الأحكام العدلية" في الفقه الحنفي، والتي بدأها والده خالد الأتاسي، وأكمل المترجم مجلداتها الأخيرة فجاءت في سبعة أجزاء، وقد طبع هذا المؤلف الضخم مرات في حال حياته وبعد وفاته ووزع الكتاب وانتشر وصار كتاباً يدرس لطلاب العلم.
    2) "الرد على الأحمدية القاديانية"، طُبع مرة ولم تجدد طباعته.
    3) "سواطع الحق المبين في الرد على من أنكر أن سيدنا محمد خاتم النبيين"، طُبع في حمص عام 1350 للهجرة (1931م).
    4) مجموعة فتاوى كانت عند الشيخ وصفي المسدي أحد تلامذته.
    5) ديوان شعر كبير غير مطبوع.
    بالإضافة إلى مصنفات شرعية أخرى لم تطبع، ولا أدري إن كانت لا تزال موجودة. هذا وقد كان الشيخ طاهر الأتاسي خطاطاً، خط بقلمه الشريف القرآن الكريم كاملاً ومن ذلك نسخة كتبها بخط الإجازة كانت موجودة في مسجد خالد بن الوليد ثم نقلت إلى متحف دائرة الأوقاف بحمص حيث هي الآن معروضة.
    وفي حمص سمي أحد الشوارع باسم طاهر الأتاسي اعترافاً بجميله على تلك المدينة، وعرف به تحت لوحة الاسم التي أقيمت في ذلك الشارع بلوحة أخرى كما هو متبع اليوم في سوريا، فجاء في اللوحة: "طاهر الأتاسي: مفتي حمص وفقيهها، مولده ووفاته بها، تولى الافتاء في حمص، وكان عارفاً بالأدب وله إلمام واسع بالموسيقى".
    انتقل المرحوم العلامة إلى رحمة الله في يوم الجمعة الحادي عشر من ربيع الأول من شهور عام 1359 الهجري المقابل لشهر نيسان عام 1940م، ودفن في مدافن العائلة في حمص، وقد كان بحق من أكبر علماء حمص ومن أعظم فضلائها على مر التاريخ.
    المصادر:
    1) الأتاسي، محمد خالد ومحمد طاهر-شرح المجلة-مطبعة حمص، حمص-1930-1937م.
    2) الزركلي، خير الدين-الأعلام: قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين-دار العلم للملايين، بيروت-الطبعة الرابعة،1979م.
    3) أسعد، منيرالخوري عيسى- تاريخ حمص-مطرانية حمص الأرثوذكسية-الطبعة الأولى، 1984م.
    4) الجندي، أدهم-أعلام الأدب والفن-مطبعة مجلة صوت سورية، دمشق-1954.
    5) مجاهد، زكي محمد-الأعلام الشرقية في المائة الرابعة عشرة للهجرة-دار الغرب الإسلامي، بيروت-الطبعة الثانية، 1994م.
    6) قدامة، أحمد-معالم وأعلام، القسم الأول: القطر السوري-مطبعة ألف باء-الأديب، دمشق-1965.
    7) كحالة، عمر رضا-معجم المؤلفين-مؤسسة الرسالة، بيروت-الطبعة الأولى، 1414 للهجرة=1993.
    8) الحكيم، يوسف-سوريا والإنتداب الفرنسي-دار النهار للنشر، بيروت-1983م.
    9) اللجنة التنفيذية المركزية لمؤتمر العلماء الأول-بيان مؤتمر العلماء الأول المنعقد بدمشق بتاريخ 11-13 رجب 1357 و6-8 إيلول 1938-مطبعة الترقي بدمشق، 1357 (1938م).
    10) الخوري، كوليت-أوراق فارس الخوري، الكتاب الثاني: العهد الفيصلي وبداية الإنتداب (1918-1924م)-دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر، دمشق-الطبعة الأولى، 1997م.
    11) العينتابي وعثمان، محمد فؤاد ونجوى-حلب في مئة عام-منشورات جامعة حلب، معهد التراث العلمي العربي-1414 للهجرة (1993م).
    12) جرّار-حسن أدهم-الدكتور مصطفى السباعي: قائد جيل ورائد أمة-دار البشير للنشر والتوزيع-الطبعة الأولى، 1415 للهجرة (1994م).
    13) آل رشيد، محمد بن عبدالله-محدث الشام: العلامة السيد بدر الدين الحسني رحمه الله تعالى، المولود سنة 1267والمتوفي سنة 1354 بأقلام تلامذته وعارفيه-مكتبة الإمام الشافعي، الرياض، ودار الحنان، دمشق-الطبعة الأولى، 1419 (1998م).
    14) عياش&#
Working...
X