إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الرخام الأسود - 2- رواية الفصل الأول منها (المحافظ والممرضة )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الرخام الأسود - 2- رواية الفصل الأول منها (المحافظ والممرضة )


    الرخام الأسود - 2- رواية الفصل الأول منها (المحافظ والممرضة )
    * رواية
    * الرخام الأسود
    * الفصل الأول

    الآن انهما على مشارف مدينة أروان ، هذه المدينة الساحلية التي سلبت بشوارعها ومحلاتها وساحاتها ، ومآثرها التاريخية ومراكزها الثقافية وشواطئها الذهبية ، سلبت بهذا الارث الذي تركه الاستعمار الفرنسي عقول مريديها ، هنا ، في هذه المدينة كل منشغل بنفسه ، هنا تذوب كل الفوارق الا فوارق العلم والمال ، لكي تعيش هنا يجب أن تندمج ، ويبقى هذا الوجه الظاهر لهذه المدينة العريقة التي تعاقبت عليها عدة حضارات واحتوت مختلف الثقافات.
    من هنا تبدأ رحلتي ، هكذا قالت في قرارة نفسها .. لا يزال شيء من الخوف يدفعها الى التردد ، الا أن الأمر قد تجاوز حد التراجع ..
    سأعيش الغربة ، أستنجد بالعيادات ولا شك سأجد عملا ، ولا ربما في المستشفى ، لا أحتاج الى سكن .. المهم سأكافح من أجل البقاء ولو بالانحراف ، ليس لي من ألام عليه ، لا ، لا يا خضراء ، سيحميك الرب وليس لك سواه ، ومن بعد ، ذنبي على من أوجدني وضيعني ، سأحاول ..
    السائق : ها نحن في مدينة أروان ، مدينة اللهو والطرب والخمر والنساء ، هنا يا آنستي يتنفس التاريخ بثقافاته المختلفة ، ترين موزايك من البشر حسب الأصول ، الروماني ، والبربري ، والبيزنطي ، والتركي ، والعربي ، والفرنسي ، والاسباني ، واليهودي ، و ، و ... كلهم محسوبين على العرب الا القبائل لا يزالون رومان وانظري الى فيزيولوجيتهم بالمقارنة ، الأفارقة يتميزون بالشفاه الغليظة و أنوف عريضة ، المصريون مثلا رغم أنهم بيض الا أنهم أقرب في الوصف الى أغلبية الأفارقة ، أما القبائل هم من بقايا الضفة الأخرى ، ولا يزالون لأنهم لم يندمجوا ...
    كثيرة هي الأشياء التي ستكتشفينها خلف الممارسات الغريبة ، مثلا العبيد لايزالون في رقصاتهم الفولكلورية يستعيدون ظاهرة الجلد ، سجلها التاريخ بهذه الطريقة على شكل شطحات روحانية الى يوم الدين ...
    دخول البيض معهم تكفير عن هذا الذنب واقتصاص
    انها مخلفات الأمم التي مرت من هنا وشكلت النواة الأولى لكيان جديد ، يجمعهم في آخر أعمارهم عند سن التقاعد الاسلام ، انه العربة الأخيرة في قطار الحياة التي تنقل الى القبر ، فلا تتعجبي ، ربما ترين أشياء أخرى وتكتشفين عوالم خفية وطقوس أغرب من الخيال ، فلا تتعجبي ، انك في مدينة أروان ....
    خضراء : لأول مرة آتي الى هنا
    السائق : اذن كوني حذرة ، هنا يعروك والبوليس ينظر ولا ينقذك أحد ، لأن ماوراء نجاتك فائدة ، واذا كانت باريس مدينة الجن والملائكة ، فمدينة أروان مدينة الجن فقط ، منهم ومنهم وقليل ما هم ...
    ستتذوقين التاريخ وتستلذين معانيه وتتحولين من المحافظين ، فاذا كنت من أصول افريقية هنا تستمتعين بذلك ، فأنا مثلا من أصول تركية ، لا نزال تركيبة أساسية في هذا البلد .
    على كل حال اسمي سلطان ، تحصلت على شهاد الليسانس في التاريخ من جامعة الجزائر ، وأعمل سائق في سوناطراك لأنني أحب السفر ، وأحب المال ... ربما يجمعنا الطريق مرة أخرى ونعزف حينها على وتر واحد .
    توقفت الشاحنة وقال السائق : لا يسمح لمثل هذه الشاحنات بالدخول الى المدينة ، لا بد أن تنزلي هنا ، هذا أقرب مكان لوسط المدينة ، هناك النقل بأنواعه لكل وجهة تريدين .
    لم تجد خضراء ما تكافئ به السائق ، فأهدته ابتسامة خاصة جمعت فيها كل معاني الشكر والامتنان ، نزلت ولما استوت واقفة على الرصيف ، نزعت خاتمها ومدته اليه
    خضراء : خذ ، انه من الذهب الخالص
    فنظر اليها ، هز رأسه ، ابتسم وتحركت الشاحنة بكل قوة ، أعادت خاتمها في اصبعها ومسرعة ارادت أن تمر الى الرصيف الآخر ، وبمجرد ما ظهرت خلف الشاحنة ، فاذا بسيارة قادمة بسرعة جنونية ، اراد السائق أن يتحاشاها فاصطدم بسيارة اسعاف قادمة من الاتجاه المعاكس وارتطمت بهم سيارة الشرطة التي كانت تطاردها ... كوم من الحديد ولحوم البشر ، لم ينجو في الحادث الا خضراء ، نقلت الى المستشفى في غيبوبة تامة ، وضعوها في غرفة منعزلة تحت حراسة مشددة ...
    كان النوم برزخيا عميقا ، فضاء أزرقا ، لا بداية له ولا نهاية ، مجرد من الاتجاهات ، ضياع ، سباحة في عمق الماء دون مقاومة ، سكون مطلق حيث يتوقف مفعول الشعور واللاشعور ، يندمج فيه الأنا والذات بالفراغ ، انه اللاشيء ، انه الذوبان والفناء ، كأن هذا الجسد وجد ضالته ، اغتسال وتطهير من الماضي وموت السؤال ...
    فجأة هبت نسمة هواء ، ثم أخرى ، وبدأت الأشياء تتشكل ، تتركب ، والحواس تستعيد وظائفها ، وقد تلقى الجسد البارد نفحة من دفء الحياة ، انه يعود من بعيد ، من عمق السفر الآخر
    خضراء : آآه .. آآه .. آآه
    الشرطي : ألو .. ألو .. سيدي المحافظ ، لقد استيقظت المتهمة
    الممرضة : لم تستيقظ بعد ... لقد خرجت من الغيبوبة فقط ، ولا تزال تحت تأثير الصدمة ، لا ندري كيف تكون حالتها النفسية ، على كل حال لن يراها المحافظ قبل الطبيب .. أنصحك أن تبقى أمام الباب
    الشرطي : أبدا ، عندي أوامر ، لن أبرح هذا المكان
    خرجت الممرضة ، وبعد هنيهة عادت ومعها الطبيب ، جص نبضها ، تفقد الأجهزة ، ابتسم ونظر الى الممرضة ، ابتسمت ، ولما هم بالانصراف دخل المحافظ
    المحافظ : آه ، دكتور .. خرجت من غيبوبتها ؟
    الطبيب : لا ، لا تزال تحت تأثير الصدمة ، لم تخرج بعد من مرحلة الانعاش
    المحافظ : اني في سباق مع الزمن يا دكتور ، والوضع لا يخدمني
    الطبيب : لا أسمح لكم بأي سؤال قبل نهاية مهمتي واخراجها من دائرة الخطر
    المحافظ : لن نكون ثقلاء ، سؤالين أو ثلاث
    الطبيب : أبدا ، انها تحت مسؤوليتي
    المحافظ : أي مسؤولية هذه التي تخدم المجرمين
    الطبيب : تعالى معي الى المكتب ونتحدث
    فراغ كبير يحيط بها ، كأنها ريشة تسبح في الفضاء ، دوران في الرأس ودافع للقياء ، وأوجاع مع كل نابض ، رائحة غريبة تملأ المكان كأنها تخرج من جوفها ، شبح أبيض تتشكل ملامحه وتختفي خلف الضباب ، رويدا رويدا ، تقوم بمجهود أكثر ، تقاوم ، بدأ يتبدد ، ينقشع ، ويظهر وجه امرأة تبتسم ، نعم انها شابة جميلة بلباس أبيض ، يحول الدمع بينهما ، أغمضت عينيها من شدة الألم ، أرادت أن ترفع يدها ، آآه .. آه ..ماء .. ماء
    سقطت قطرات على شفتيها الذابلتين ، تلعقهما وتبتلع بصعوبة ، قطرة أخرى ، ثم أخرى ..
    خضراء : أين أنا ؟
    الممرضة : أنت في المستشفى ، لا تخافي لقد تجاوزتي مرحلة الخطر ، لا تتكلمي كثيرا حبيبتي ، ولا تتحركي حتى لا ترهقي نفسك أكثر ، أغمضت عينيها من جديد واختفت ملامح الحياة ، في نوم عميق .. جصت نبضها ، الأجهزة تعمل عاديا ، ليس هناك أي اشارة لخطر ما .. انه الارهاق فقط..
    أغلق الطبيب الباب ، وجلس ودعى ضيفه للجلوس فأبى قائلا
    المحافظ : ليس وقت للجلوس والحديث ، أنا بحاجة الى تصريحات ، الوقت يداهمني يا دكتور ، تعقل قليلا
    الطبيب : عندما تنتهي مهمتي وتخرج المريضة من دائرة الخطر
    المحافظ :المجتمع كله في خطر ، هذه العصابة ان تمكنت من الفرار ستكون ضحاياها بالآلاف ، يستحيل الانتظار أكثر
    الطبيب : هب أنها ماتت
    المحافظ : كنا نحول اهتماماتنا الى اتجاه آخر ، وحتى الآن هي أقرب الى الحقيقة من غيرها
    الطبيب : أنت يا سيدي لا يهمك الا التحقيق ، انها مهمتك ، تريد أن تقوم بها على أكمل وجه ، ورغم كل الصعوبات يبقى لك هامش التحرك واسعا ، أما نحن فليس لنا الخيار تهاون بسيط وينتهي كل شيء ، اننا نتحدى الموت يا سيدي ، أرجوك لا تحاول ... ومن يدري لعلى المتهمة بريئة
    المحافظ : ينظر اليه بازدراء .. سآتيك بأمر من النيابة ، مهما كانت نتيجة عملك ، لن تنجو من حبل المشنقة ، وسأتشرف على ما يبدو أن أضعه حول عنقها ، وان ماتت قبل ذلك ، ستدفع أنت الثمن غاليا ..
    الطبيب : ستكون مهمتك صعبة للغاية ، يمكن مستحيلة
    المحافظ : سنرى ، سنرى ..
    خرج المحافظ وقبل أن يغلق الباب ، نظر الى الطبيب ، تبسم وانصرف بكل هدوء ..
    الشرطي: سيدي المحافظ لقد تكلمت مع الممرضة
    أدخل يده في جيبه ، ينظر الى الممرضة وهو لا يزال يبتسم
    المحافظ : تكلمت ؟
    الممرضة: نعم .. تكلمت
    ولما رفعت بصرها كأنها تراه لأول مرة ، كان وسيما ، تتطاير شرارات الرغبة من عينيه وهو يقترب ، انه فارس الحلم الذي كان يجوب أفق أحلامها منذ زمن بعيد ... سحرها واستسلم كل شيء فيها كأنها سادية
    المحافظ: تكلمت ؟ ماذا قالت ؟ ..
    لا تزال تنظر اليه ، خدرها بنظرته الثاقبة وانتصرت خشونته الممتزجة بالرقة المصطنعة على تلك الرقة والروح الملائكية ، تنظر الى شفتيه وهي تتحرك ، انها تقول لها ما تريد وبدأت ابتسامة الاستسلام تكتسح وجهها وترسم على المحيا الشغف والاعجاب ، تنبه المحافظ لذلك وحول ذلك التيار الى عمق الشجون الرومانسية فبهتها .. وقال : أتعبناك معنا أيتها الجميلة ، تحملي خشونتنا ، هي الظروف فقط ، لسنا كما تتصورين ، فقط نخفي مشاعرنا ورقة قلوبنا وراء نصوص القانون ، وأحيانا أمام مثل هذا الجمال تخترقنا الابتسامة وتدرك العمق .. نحن ملزمون برفع التحديات .. ساعديني أرجوك .. وضع يده على كتفها فارتعشت وهمت أن ... ثم قالت :
    طلباتك أوامر ، سأخرجها من هذا السكوت عن قريب .. كان صوتها قد عشيقة بحوحة وارخت حباله..
    الممرضة : أرجوك ، لا تخبر الطبيب ، هذه من أسرار المهنة ..
    أخرجت هذه كلمة من عمق المكر ،نظر اليها و ابتسم من جديد
    المحافظ : هذا رقم هاتفي الخاص ، انني في انتظارك ، شد على يدها بكل قوة ، نظر اليها بعمق ، أكد في سريرتها موعدا ، وانصرف كعادته بكل هدوء ، كانت الممرضة تتبعه بنظرتها كأنه الشمس نحو الغروب ، ترسم في أفق عمرها كل معاني الرومانسية ودخل قلبها في غيبوبة تامة وما هي الا لحظات حتى دخل الطبيب
    الطبيب: كيف حال المريضة ؟
    الممرضة: آه .. نعم .. نعم .. إنها .. لا تزال ...
    الطبيب: لا تخشي شيئا ، عمل الشرطة مروع ، ومعاملتهم خشنة ، ولكن علينا أن نعلمهم كيف يحولون خشونتهم وعنفهم رحمة في خدمة الإنسانية ، عند الأمم المتحضرة ، الشرطي أرحم وأرق من الطبيب ، الشرطة يا بنيتي في الأمم المتحضرة هو ذلك الجراح الماهر وهو يعالج مجتمعه ، لا جلاد سعيد يقطع الرقاب، والقانون عند الأمم المتحضرة يشرع للمساعدة على العيش الكريم والسلام والحرية والأمن والأمان ، ليس موادا لاضطهاد الأمة وذلها واستعبادها ، ان غاية القانون صنع الجنة فوق الأرض ، ولا يعذب بالنار الا رب النار ... نحن نحيي الناس ونمنح لهم الحرية هنا تنتهي مهمتنا ومهمتهم تنتهي في السجن أو تحت المقصلة ، نمنح الحياة وهم يمنحون الموت ، وما أكثر أخطاؤهم والتاريخ يشهد .. القانون لا يرحم إلا الأقوياء ، والا كان كتابا مترلا ...
    فالنكن مدرسة لهؤلاء الذين يلهفون وراء الدرجات على جثث البؤس ، انهم بحاجة الى جرعة عاطفة وكثير منهم نشأ محروما من أدنى لمسة ... وأنت أعرف بهؤلاء ...
    الممرضة: بحكم عدم التجربة كان الامتحان اليوم عسيرا ، لم أتعود على هذا النوع من المعاملات ، على كل حال المحافظ يظهر عليه طيب ومتفهم
    الطبيب: الا معك أنت ، أما معي فكان العكس تماما ، مثل الوحش الذي حيل بينه وبين فريسته ، انهم يتدربون على ذلك ، لا يتركون للعواطف مكانة في نفوسهم ، الذي يعمل في الأمن يبيع أمه وأبوه من أجل ترقية أو رتبة أو حتى كلمة شكر ، لو تعلمين كيف يتعامل الشرطي السويسري والانجليزي والسويدي مع مواطنيه لا تصدقين .. وشتان ما بين يد انسانية حتى اذا ضربت تضرب برفق ، ويد من حديد ..
    سكت الطبيب بعد أن تنهد وكأنه يجتر في كلماته ، هز رأسه وقال :
    ستخرج الليلة من غيبوبتها نهائيا ، بدأت تتحسن بسرعة ، ابقي بجانبها ، سأتغيب الليلة ، يخلفني دكتور آخر ربما الدكتور مراد ، ذلك الشاب الوسيم ...
    الممرضة : حسنا ، سأفعل
    انصرف وعاد الوضع في نفسها على ما كانت عليه ، ترتبت الأمور ولم يبق سوى هيامها بالمحافظ ، فقررت أن تعمل كل ما في وسعها لإرضائه ... كان الهاتف في الرواق فأسرعت
    الممرضة: ألو ، أنا الممرضة ، ستخرج من غيبوبتها الليلة ، أنتظرك بعد منتصف الليل ، كل الظروف مهيئة ..
    غربت شمس ذلك اليوم بصعوبة ، أرهقت يد الأمل التي كانت تدفعها .. كان المحافظ في الموعد متبوعا بمساعديه
    المحافظ: كيف حالها ؟
    الممرضة تكلمت معي ، شربت الماء ، وسألتني أين هي وماذا حصل ، وعادت الى نومها ولا تزال
    المحافظ: هل تجاوزت مرحلة الخطر ؟
    الممرضة: على ما يبدو ، ستخرج نهائيا من غيبوبتها الليلة ، هكذا قال الطبيب الذي سيكون غائبا كل الليل ، يخلفه طبيب آخر جديد .. وطيب ، تخرج منذ عدة سنوات وعانى ما عانى من البطالة ، انه طيب فوق اللزوم .. يمكنك أن تبقى بجانبها انها فرصتك
    المحافظ : لا أنسى لك هذا أبدا
    قال هذا وهو ينظر الى خضراء وكأنه ينقش صورتها في ذاكرته ... لم تعثرو ا على أي بطاقة أو ورقة تثبت هويتها ؟
    الممرضة: لا ، لا أظن
    جاءت بجانبه تزاحمه المكان وتؤكد النفي
    المحافظ: هكذا تعمل هذه العصابات اللعينة ، انها من احتياطاتهم الأولية
    الممرضة: بدأت أعيش القصص البوليسية التي كنت أقرأها في الكتب وأراها في الأفلام
    المحافظ: الواقع أكثر استغرابا وأفضع ولهذا يجب معالجة المرض بالسم
    الممرضة: كل الأمراض ؟ حتى مرض القلوب ؟!! انني أتصور دائما الشرطي بدون قلب ، مجرد من العواطف ، بل أكثر من ذلك ..
    المحافظ: قولي آلة
    الممرضة : حاشاك ، يقولون أنكم تعتمدون على النظرية التي تقول أن المتهم مجرم حتى تثبت براءته ، أما عند الأمم الأخرى فالمتهم بريء حتى تثبت ادانته ، وحتى في القانون الفرنسي القديم الذي هو المصدر الأساسي للمشرع عندنا ، المتهم بريء حتى تثبت ادانته ، و بهذا ما أخذتم من القانون الفرنسي الا ما تجاوزه العصر ، و ما اسقطته التطورات
    المحافظ :هذا فيه شيء من الحقيقة، نحن اليوم نعيش تقريبا المرحلة التي كانت تعيشها فرنسا بعد ثورتها ، و بنفس العقليات ، لا نستطيع أن نسابق الزمن و نتعدى الوضع الراهن ، لكل زمن نصوصه ، و اجراءاته ، شعبنا لم يصل درجة الوعي و النضج الذي يفرض علينا أن نشرع له ما تشرع فرنسا لشعبها اليوم مثلا ، جرعة واحدة من الحرية و يبتلعنا بنكرانه و جحوده ، و تجربة التسعينيات أكبر دليل ، ان مجتمعنا يحتاج الى مدة طويلة تحت قيادة قوية تسيره بالوصاية حتى يبلغ رشده ... لا زلنا نعيش نقصا فضيعا و رهيبا في ثقافة العصرنة و و التفتح و قبول الآخر واحترام الحرية الفردية و الحرية الجماعية ، فالجماعة عندنا أشرار ، و الحرية مقيدة ، و الحكم شمولية و استبداد تحت أسماء و مصطلحات الغواية و الغرار ، هذا هو مفهوم المعارضة عندنا ، فكيف يمكن أن نحكم شعبا بهذا التفكير ؟..عندما تزول هذه الظواهر تزول معها هذه القوانين ، لأنها تظهر بحق أنها جائرة ، أما اليوم لا أظن ذلك ، والثورة الفرنسية حررت كل الدول الأوروبية ، و كانت نموذجا عملت به هذه الدول واستطاعت أن تخرج من دائرة التخلف و الانحطاط ، فلماذا لا نعمل به نحن ، هل نحن مثلا أفضل من هذه الدول ؟..
    الممرضة: انكم وبكل احترام تحسنون فلسفة المراوغة و الفخوخ لاسقاط طريدتكم ، أكثر من ذلك أنتم متميزون ، فلماذا يقال أن السجون مليئة بالأبرياء و لا يدخلها أصحاب المال و الجاه و النفوذ ، بالعكس ألغيتم الجرائم الاقتصادية التي حطمت البلاد و فتحت الأبواب على مصرعيها للسلب و للنهب و التبذير و احتكار المناصب والتعسف في استعمال السلطة ...
    المحافظ: أتريدين من أن نقطع أيدي الجميع ؟
    الممرضة : عندما نسمع بسرقة 3200 مليار دينار مثلا بعقوبة سبع سنوات ، لا نرى أشرف من مهنة السرقة و أرحم من السلطة..
    المحافظ :نحن لا ندعي الكمال ، و هذه أشياء موجودة في كل الدول ، و المثل الفرنسي يقول ...ليس الممنوع أن تسرق و لكن الممنوع أن يكتشف أمرك ..
    قالها و هو يضحك ، و كأنه يريد أن يضع حدا للنقاش ..
    الممرضة : أنا لا أصدق أن الشرطي يحب بصدق ، القلب الرحيم لا يملك يدا من حديد
    ألمحافظ: هل هذه عقدة أو حساسية اتجاه الشرطة ؟..
    الممرضة بكل خبث : انك تؤكد نظريتي
    المحافظ : ماذا تعني ؟
    الممرضة : أنظر ، انها تتحرك ، انها تريد أن تقول شيئا ...
    وضعت يدها على جبينها و قالت بلطف : انها تتحسس
    المحافظ : يجب أن تستيقظ ، يجب ..
    الممرضة: لا تقلق ، ستفعل ، فقط التزم الهدوء ، انك في مستشفى
    المحافظ: لا أحسن الانتظار في مثل هذه المواقف
    الممرضة: عقولكم تشتغل ليلا و نهارا ، لا وقت للقلب عندكم ، جردوكم من كل المشاعر الانسانية .
    المحافظ: لولا هذه الآلات البشرية كما تسمينها ، لما وجدت لحظة واحدة للعاطفة ، ولعاد عهد النخاسة و أنت الآن في الأسواق نشتريك بثمن بخس
    الممرضة : كلمة حق تجاوزها الزمن..
    المحافظ : حكم عاطفة
    الممرضة: المرأة أنانية في الجانب العاطفي أكثر من الرجل ، آلية في الحب لا شعورية ، انها تقهر العقل لتحظى بالمستحيل ، في بعض الأحيان تدوس كل القيم لبلوغ ما تريد ، بل لبلوغ المستحيل
    المحافظ: لو كنت في الجهاز الأمني لغيرت رأيك
    الممرضة: هو الكبد والمكر ، انها الوجه الآخر للعصى والعفيون ، ألم يقال أن المرأة ملاك يسكنه شيطان ؟
    المحافظ: هكذا نفيت وجود الرجل في كل المجالات
    الممرضة: الرجل خلق من أجل المرأة ، وكل عظيم وراءه امرأة
    المحافظ: وكل فاشل وراءه امرأة
    الممرضة: بمكرها ودهائها ، وهذا جانب من الذكاء
    المحافظ: العمل الأمني لا يميز بين الرجل والمرأة ، الذي يهمه هو النتيجة ، الحقيقة ، ولا تهمه حتى الطريقة
    الممرضة: أعظم القضايا ماتت مع أصحابها والمجهول المصطنع لا يزال يفرض نفسه ، أنتم من حول الحقيقة الى قضية فلسفية مبنية على النسبية ، هكذا حولها رجال القانون مثلك ...
    يقال اذا أعدت بناء بيتك وجدتها لا تزال مجرد كلمات متراصة في جدران
    المحافظ: لا تزالين في النظري
    الممرضة: انه مجال العقل والحقل العذري
    المحافظ: مجرد فلسفة
    الممرضة: أم العلوم يا سيدي
    المحافظ: كانت أما ، أما اليوم الكمبيوتر بدأ يفكر
    الممرضة: وهكذا فرضت الآلة نفسها على المشاعر .. انها نهاية الروح الانسانية
    المحافظ: انها السيطرة المطلقة على الأشياء ، وتسخيرها للوصول للحقيقة المطلقة ، الحقيقة التي أتعبت الانسانية عبر أحقاب التاريخ
    الممرضة: نتمنى أن لا تجردنا هذه الحقيقة من عواطفنا
    المحافظ: لا تخشي شيئا ، قريبا سيصل العلم الى صنع الآلة التي تبكي وتضحك وتحزن في مكان الانسان
    الممرضة: وتحب وتكره ، وتنام .... أليس كذلك ؟
    هيا يا سيدي هناك غرفة في الخلف باستطاعتك أن تمتد فيها قليلا ، الليل لا يزال طويلا والكلام لا ينتهي ، فاذا حدث جديد أيقظتك ... اتبعني ..
    فتحت الباب أوقدت المصباح وقالت :
    تفضل سيدي ، النوم أفضل مهدئ للأعصاب
    المحافظ: نصف ساعة فقط
    امتد على السرير ، وقفت أمام الباب ويدها على الزر ، أطفأت الضوء ثم أوقدته ، أغلقت النافذة ، وقفت على رأسه
    المحافظ: لست مريضا
    ضحكت وقالت بمكر .. ما فحصتك بعد ..جلست على حافة السرير ، مالت عليه ... لم يحرك ساكنا ، قامت ، أطفأت المصباح وأغلقت الباب وذهبت ... هل خفق القلب في غير محله ؟ هكذا قالت ، ما أبشع الخطأ العاطفي وما أتفه العبثية ...
    كانت حينها المريضة قد فتحت عينيها ، تحاول أن تتعرف على هذا المحيط الذي بدى لها غريبا ، لا تستطيع أن تتذكر شيئا ، تترادف عليها الأسئلة ، وبدأت الحيرة تتشكل على ملامح وجهها وهي تنظر الى الممرضة ...
    الممرضة: سلامتك
    المريضة: ماذا حدث ؟
    الممرضة حادث مرور
    المريضة: حادث مرور ؟.. لا أذكر !
    الممرضة: ما اسمك ؟
    المريضة: اسمي ؟ .. اسمي ؟
    بهتها السؤال ، انفتح فمها ، وأخذت تنظر اليها ، فاضت عيناها ، انها تختنق ، كانت يدها مقيدة في السرير ، بدأت شفتها ترتعش ، أرادت أن تصرخ وخانها النفس ، فحولتها أنين
    الممرضة: أنا ممرضة ، لست شرطية ولا محققة ... يجب أن تقولي ما اسمك وعنوانك حتى نبلغ أهلك ...
    تركتها وذهبت لتوقظ المحافظ ، وقف عند رأسها ، رسم بسرعة ابتسامته الماكرة ، وضع يده على جبهتها وانحنى عليها بكل حنو ، يصطنع الرفق ,قال :
    أنت الآن أحسن
    المريضة: تهز رأسها
    المحافظ: ماهي الا أيام وتعودين الى بيتكم ، بالمناسبة أعطينا عنوان بيتكم حتى نتصل بأهلك
    أخرج كناشا وقلما واستوى قاعدا أمامها ينتظر الاجابة
    ما اسمك ؟
    تنظر اليه المريضة بعيون الحيرة ، غريب انها لا تعرف اسمها ، تتساءل يستحيل أن لا يكون لي اسم ، تنظر الى الأجهزة الطبية ،أشياء كثيرة مبهمة تدور في خلدها
    المحافظ: نحن نعلم أنهم أقحموك وغرروا بك .. وما أنت الا ضحية أولئك الأشرار ، ولهذا نعول عليك لمساعدتنا للقبض على هؤلاء المجرمين ، الذين أفسدوا البلاد والعباد ، تعاونك معنا يمكن أن يكسبك البراءة ، فحاولي
    المريضة: أين أنا ؟ ومن أنتم ؟ لماذا هذا العذاب ؟ ماذا فعلت لكم ؟
    انه الضياع ، انه التيه والاحباط ، تحاول فك يدها ورجليها ، تريد أن تنتفض وتقطع هذه الخيوط التي تربطهما بحبل الحياة ... لا تقدر .. تستسلم ...
    أتوسل اليكم ، اقتلوني ، أريحوني ، أرحموني ، أرجوكم ، لماذا تعذبوني ... ماذا فعلت لكم ؟
    وبدأت الأجهزة تسجل الاضطرابات والتأثيرات السلبية ، و إشارات الخطر تتزايد
    الممرضة: أرجوك سيدي ، كفى ...
    مذعورة ، تترجى المحافظ وتتوسل اليه للخروج
    المحافظ: هذا الانكار الكوميدي لا يخدمك يا آنسة ، من الأفضل لك أن تعترفي ، الأمر ليس بالبساطة التي تتصورينها ..
    فاضت عيناها بالدمع وخنقتها العبرات وأنين الوجع ، تمتخض وكأنها تحت صدمة كهربائية ، وتيقنت الممرضة أن المريضة دخلت مرحلة الخطر ، فبدأت تترجى المحافظ كي يتوقف ولكن أسر على متابعة الاستجواب وكأنه يدفعها الى الموت
    فقالت : سيدي المحافظ ، اما أن تخرج واما أنادي الطبيب ، ما اتفقنا على هذا أبدا ، الرحمة يا سيدي
    - ماذا يحدث هنا ؟
    المحافظ : أنا محافظ الشرطة
    - مرحبا بك ، وماذا تفعل هنا ، وفي هذا الوقت ؟
    المحافظ: أستجوب المتهمة
    -هل أذن لك طبيبها بذلك ؟
    الممرضة: لقد خرجت من غيبوبتها وقد تجاوزت مرحلة الخطر ، لا أظن أن هناك مانع ...
    -هل أذن الطبيب بذلك ؟
    الممرضة: لا ، يا سيدي
    - سأحيلك على مجلس التأديب وأنت موقوفة عن العمل ، وأنت يا سيدي المحافظ ، عليك بالانصراف حالا ، أنظر المريضة تعاني من وعكة خطيرة ، اتركوني أقوم بواجبي ... هيا ، أرجوك سيدي ..
    المحافظ: هذه سابقة خطيرة ، ستكلفك الكثير
    -يا سيدي مهمتنا انسانية نتحمل بكل مسؤولية تبعياتها ، عودة المريض الى الغيبوبة أخطر
    المحافظ: لا يهمني ، هذه مجرمة تنتظرها المشنقة ، ستعترف بالرغم عنها ، أما أنت ستدفع الثمن غاليا
    -أنظر الى حالتها تتدهور شيئا فشيئا .... من فضلك اتركنا نقوم بواجبنا .. موتها لا يخدمك ، أعرف ذلك .. فكفى أرجوك
    المحافظ: ولا كلمة ! .. رفع يده في اتجاه الطبيب ، ثم أنزلها وخرج يسب الرب والدين
    ولما اختلى بها ، أغلق الباب ، وجلس أمام سريرها يسألها :
    ما اسمك ؟
    المريضة تنظر اليه
    -أنا صديقك ، كيف دخلت الى العصابة ؟ أين الحقيبة ؟ لا تزال المريضة تنظر اليه ، كانت الصدمة أكبر من أختها ، وضع الخنجر في رقبتها وقال لها :
    من أنت أيتها اللعينة ؟ قولي والا قطعت رقبتك ، تنظر اليه ، تهز رأسها يعني افعل ، تترجاه بعينيها ، افعل ... هو كذلك موتها لا يخدمه
    -سأعود اليك في وقت آخر ... لن تفلتي من يدي ، احسبي لي ألف حساب ...
    خرج ، وكأن الأرض ابتلعته ، وماهي الا دقائق حتى عادت الممرضة يتبعها رجال من أمن المستشفى
    الممرضة : ماذا قال لك ؟
    المريضة : نفس الذي قاله لي الطبيب الأول ، ما اسمك ؟ كيف دخلت الى العصابة ، وأين الحقيبة ؟ وأراد أن يذبحني بخنجر كان في جيبه
    الممرضة : ماذا قلت له ؟
    المريضة : أقتلني ، ستريحني ، فانصرف ، وقال سيعود في وقت مناسب ، هددني
    خرجت تجري الى الهاتف
    الممرضة : سيدي المحافظ ، لقد خدعنا ذلك الرجل الذي ادعى أنه طبيب ، انه شخص مجهول .. ألو .. ألو .. سيدي المحافظ .. هل أنت تسمعني ؟
    كان المحافظ حينها يعيد قراءة المعادلة ويرتب احتمالاته الجديدة ..
    المحافظ : اني أسمعك ، انتظريني ...
    قطع المكالمة وقصد النستشفى
    المحافظ : اذن ذلك الرجل ليس الطبيب ، ومن تتوقعين أن يكون ؟
    الممرضة : أنا ؟ أتوقع ؟ وكيف لي أن أعرف ؟
    المحافظ:أنا ما قلت تعرفين ، قلت تتوقعين
    الممرضة : هل أنا متهمة بالتواطؤ مثلا ؟
    المحافظ: انك تقولين أشياء خطيرة يا آنستي
    الممرضة : أقسم ..فقاطعها قائلا ..
    لا ، لا ، أبدا .. فقط ، لا يعقل أن أقدم ممرضة في المستشفى لا تعرف كل الأطباء ..المهم ، سنعود الى حديثنا هذا في الوقت المناسب أما الآن ... ماذا قال لها ذلك المجهول ؟
    روت له كل التفاصيل وتأكد من المريضة التي كانت ترد بالاشارة ، كانت حالتها متدهورة جدا ... نظر الى الممرضة ابتسم وخرج ..
    الممرضة : أرجوك ساعديني ، أنا الآن في ورطة ، قولي أي شيء ، على كل حال لن تخسري شيء ، لأنه لم يبق لك شيئا ، الشرطة تعرف عنك كل شيء ، تعرف أنك تابعة لعصابة خطيرة ، وأنك عضو فاعل ونشيط ومتميز ، أفحمتيهم نجوت عدة مرات من الاعتقال بأعجوبة ، ولولا الحادث ما كان يكشف أحد عنك شيئا ... لا شك أن نهايتك حبل المشنقة ... نعم المشنقة ... أنت مجرمة ... مجرمة ... مجرمة ..ماذا ستستفيدين من سكوتك ؟
    حينها كانت المريضة في طريقها الى غيبوبة أخرى ، فأرادت أن تهزها ولكن يد الطبيب كانت أسرع ، فأمسكها وأخرجها من الغرفة بكل هدوء ، وعاد يتفقد المريضة ، فحص عادي ، أمر ببعض الحقن ، أعادها الى وضعيتها العادية بمسكنات ولما هم بالخروج دخل المحافظ
    المحافظ: أظن أن مهمتك انتهت يا دكتور ، ها قد جئت بأمر من النيابة لاستجوابها
    الطبيب : هي لك ، تفضل
    تقدم المحافظ فوجدها في غيبوبة تحت رحمة الأجهزة الطبية ، تراجع بغيظه يصبه على الطبيب ، ترك له استدعاء رسمي وخرج
    نظر الطبيب باشمئزاز الى الممرضة ، أمر بأخرى لتمريضها وخرج ، بعد نهاية الدوام مر الى القسم ، سمعوه وحرروا له محظر وذهب ، في اليوم الموالي أتى بامرأة سوداء من قسم الولادة ، دخل على المريضة وقال لها :
    أمك تريد أن تراك
    المريضة : تنظر اليه والحيرة تملأ وجهها
    دخلت المرأة تبكي وكأنها هي ، حضنتها برفق وهي تسألها :
    ماذا جرى لك يا بنيتي ، ماذا جرى ؟ من فعل بك هذا ؟ وكيف ؟
    لماذا لم تخبريهم ليتصلوا بنا ، بحثنا عنك في كل مكان ..
    لا تزال المريضة تنظر الى المرأة ، في حيرة ... وتنظر الى الطبيب
    الطبيب : انتهت الزيارة من فضلك ، عودي اليها في المساء أوبعد الدوام ، المهم أنك تعرفت عليها ... لا تزال تحت الصدمة ..
    المرأة : سنأتي جميعا في المساء ، هوني على نفسك يا بنيتي ، ارتاحي ...
    خرجت المرأة السوداء ، ولا تزال المريضة في عالم آخر ، في غربة ، في دنيا أخرى ليس لها أول ولا آخر ، كأنها ولدت من جديد ...
    الطبيب : ماذا بك ؟
    المريضة: لا أعرفها يا سيدي ... وانفجرت بالبكاء .. أنا لا أعرف هذه المرأة ... لا أعرف أحدا .. بل لا أعرف حتى نفسي !!! أرجوكم ارحموني
    تيقن الطبيب من الأمر الذي كان يشك فيه ، هز رأسه بأسف ، تنهد ، و لما هم بالآنصراف تذكر..
    الطبيب : تابعوا نفس العلاج ، بعد أسبوع سنحولها الى القسم المختص ،اذا جاء المحافظ اتركوه يستجوبها ، لقد تجاوزت مرحلة الخطر ...



يعمل...
X