بادروا للعمل
إعداد المحامي :بسام المعراوي
إعداد المحامي :بسام المعراوي
وبناء على ذلك فان علينا أن نعمل في الزمن، و نعصره عصرا، فلا نبقي منه ثانية تمر دون أن نستفيد منها .
والإمام علي عليه السلام يؤكد هذه الحقيقة فيقول:
(( إن الليل و النهار يعملان فيك، فاعمل فيهما، و يأخذان منك فخذ منهما )) ( غرر الحكم ) .
قف مع نفسك،و خطط لحياتك، و (برمج ) أوقاتك كي لا تضيع عليك لحظات عمرك سدى، فمن يروم التقدم و النجاح، و من ينشد إقامة صرح الحضارة، و من يطلب الفوز في الدنيا و الآخرة، فليحرس على وقته أشد الحرص .
فقد قال الإمام علي عليه السلام :
(( بادروا للعمل، و خافوا بغتة الآجل، فانه لا يرجى من رجعة العمر ما يرجى من رجعة الرزق ))، (نهج البلاغة / ح114 ) .
فملك الموت لا يحتاج إلى إجازة أو استشارة حين قبض الأرواح، لذا من الضروري أن نكون على استعداد دائم لتلك الساعة .
إننا إذا فقدنا رزقا، لا نلبث حتى نجده قد عاد، و لكننا لا نستطيع أن نعيد أنفسنا و أعمارنا إذا مضت و تصرمت .
فهذا الإمام علي عليه السلام يقول :
(( رحم الله امرءا علم أن نفسه خطاه على أخله فبادر عمله و قصر أمله )) ( غرر الحكم ) .
أن جميع القفزات الحضارية التي حققها الإنسان على مر العصور، إنما أحرزها باستغلاله لعامل الزمن، و بالتفاته إلى أهمية اغتنام الفرص فالاكتشافات و الاختراعات لم تكن لو لا الخلوة الهادفة، و لحظات التفكير المركز .
فلو لا استثمار الوقت و انتهاز الفرص، هل تتصور أن (أرخميدس ) توصل إلى اكتشاف قاعدة تساوي الماء المزاح مع حجم الجسم الطافي، و هو يستحم حتى أنه خرج من الحمام يصرح وجدتها، وجدتها، و هذا يعرف بقانون الطفو.
و ( نوتن ) لم يكن ليكتشف الجاذبية و قانونها لو لا أنه أغتنم فرصة راحته في التفكير .
فحينما سقطت التفاحة من الشجرة التي كان يستند إلى ساقها، سأل نفسه : يا ترى لماذا سقطت التفاحة إلى الأسفل ؟ لماذا لم ترتفع إلى الفضاء ؟
و بذلك توصل إلى قانون الجاذبية و غيرهم من عظماء التاريخ، ما أصبحوا عظماء إلا بسبب استغلالهم للوقت واغتنامهم الفرص .
فلقد كان البعض منهم يستفيد من وقته الضائع و هو في طريقه إلى المنزل أو العمل، في التفكير أو القراءة أو غير ذلك.
فالعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي (رض ) كتب قسما كبيرا من موسوعته المعروفة باسم ( بحار الأنوار ) و هو على ظهر البعير أثناء سفره و تنقله .
كما أن البعض منهم من قام بإنجازات عظيمة في ظروف صعبة، كالشهيد الأول محمد جمال الدين مكي العاملي الذي ألف رسالة " اللمعة الدمشقية " الفقهية و هو في السجن في سبعة أيام
إن أحد العمال الإنكليز ظل ثلاثة عشرة سنة، و هو يواصل العمل بضع ساعات في كل يوم في مصنع الغزل، و كان يضع إلى جوار مغزله كتابا يختلس النظر إلى صفائحه من لحظة لأخرى و هو يدير الغزل فتلتقط عيناه جملة من هنا و أخرى من هناك، و بعد انتهاء ساعات العمل، كان يذهب الى مدرسة مسائية يقضي فيها نحو ساعتين، فإذا ما عاد إلى البيت ة استراح قليلا، استأنف القراءة و المطالعة حتى تخطف أمه المصباح الذي يقرأ عليه، و حينئذ يأوي إلى فراشه مضطرا، وقد ظل كذلك منذ كان في العاشرة من عمره حتى بلغ الثالثة و العشرين، فلم تمضي بعد ذلك سنتان حتى كان قد تمكن من اللغة الإنكليزية، و نال شهادة في الجيولوجيا، و أخرى في الطب، و ثم أصبح من مشاهير العلماء و هو ( دافيد ليفينغستون ) العالم الطبيب الرحالة الذي اكتشفه منابع نهر النيل .
* * *
إن ما ذكرناه يتلخص في ضرورة المحافظة على حياتك و عمرك بعيدا عن التلف و الضياع و ذلك بالمحافظة على وقتك و استثماره في البناء و العطاء و العمل الصالح .
فالوقت هو الحياة
أليس كذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ