لا للسهر الباطل - وازن بين نومك و يقظتك
إعداد المحامي :بسام المعراوي
و إذا كان من الناس من يصرف أوقاته و يضيعها في كثرة النوم، فهنالك من يضيع عمره في أن لا ينام، و يرهق نفسه في السهر الفارغ، و بلا طائل، و كل ذلك من أجل أن يقتل الوقت و كأنه قد حكم على الوقت بالإعدام ! و كأن الوقت لا قيمة له ! و ما أكثر الذين يصرفون أوقاتهم هدرا و يقتلونها في السهرات الفارغة و ممارسة الموبقات ! و لو أنهم عادوا إلى عقولهم لرأوا أن من الجهل و السفه أن يقضي المرء وقته في هكذا سبيل .
قد يسهر الإنسان في تجارته،أو دراسته، أو وظيفته، أو مهنته، أو من أجل لقمة عيشه، هذا أمر حسن و مطلوب، أما أن يضيع أوقاته في السهر الفارغ و اللهو و اللغو، فهذا ليس من الحسن و العقل في شيء.
إن المرء بالنظر إلى النوم يمكنه سلوك أحد طريقين :إما النوم الكافي المحدد الذي يعيد إلى البدن نشاطه و قواه، و إما السهر في المنفعة، كالسهر في سبيل الله لأمر دنيوي أو أخروي.
يقول تعالى : (( إن المتقين في جنات و عيون، آخذين ما آتاهم ربهم انهم كانوا قبل ذلك محسنين، كانوا قليلا من الليل ما يهجعون، و بالأسحار هم يستغفرون )) . ( الذاريات /15-18) .
فقد كان الإمام علي ابن الحسين عليه السلام يدعوا في يوم عرفه و يقول :
(( و اعمر ليلي بايقاضي فيه لعبادتك، و تفردي بالتجهد لك، و تجردي بسكوني إليك و إنزال حوائجي بك ))، الصحيفة السجادية ، دعاء (47) .
إذا كان لابد من السهر،فلتسهر العيون في عبادة الله و في سبيله و مراضاته، فقد قال أمير المؤمنين عليه السلام :
(( سهر العيون بذكر الله فرصة السعداء و نزهة الأولياء))، ( غرر الحكم ) .
و يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
(( لا سهر إلا في ثلاث : متهجد بالقرآن، و في طلب العلم، أو عروس تهدى إلى زوجها ))، بحار الأنوار(ج76،ص178).
و عن نافلة الليل يقول الله عز و جل :
(( تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً و طمعاً و مما رزقناهم ينفقون، فلا تعلم نفس ما أخفي لهم قرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون ))، ( السجدة/16-17) .
و يقول - عز و جل – أيضاً :
(( و من الليل فاسجد له و سبحه ليلاً طويلاً )) ( الدهر /26) .
و يقول تعالى أيضاً :
((إن ناشئة الليل هي أشد وطأً و أقوم قيلاً )) ( المزمل/6).
و يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
(( ما زال جبرائيل يوصيني بقيام الليل حتى ظننت أن خيار أمتي لن يناموا ))
و سئل الإمام السجاد عليه السلام : ما بال المجتهدين بالليل من أكثر الناس نوراً ؟
قال : (( لأنهم خلوا بربهم فكساهم ربهم من نوره)) .
إن إحياء الليل إحياء للعمر، و من هنا كان العظماء من الأنبياء و المرسلين و الأمة الطاهرين، رهباناً بالليل و فرساناً في النهار، و مثال على ذلك الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام فهو في ساحة القتال صنديد و بطل،و في العبادة كان يقوم الليل و يتهجد لربه، صائغا لنفسه صياغة إلاهية ربانية، و هو قدوة و أسوة لمن يريد أن يعمر حياته، و ينقش أسمه في قائمة الناجين و المتقين، لأن المرء لا يجعله الله من التقين حتى يتجافى عن المضاجع، و يعرف كيف و لماذا ينام، و لا يكثر من النوم، لأن كثرته وضع للنفس في مطارح التضييع .
وازن بين نومك و يقظتك
لقد رسم الله – سبحانه – الحياة بحكمة منه، و حسب ما يتوافق و طبيعة البشر، و الإنسان الناجح في هذه الحياة هو الذي يكيف نفسه مع طبيعتها و سنن الله فيها، و من تلك السنن إن جسم الإنسان بحاجة ضرورية و ملحة إلى النوم .
قال تعالى : (( و هو الذي جعل لكم الليل لباسا و النوم سباتا و جعل النهار نشورا )) ( الفرقان / 47) .
و لقد كثر الكلام بين العلماء حول مسألة النوم بين مؤيد النوم الكثير و بين معارض له، و لكل فريق آراؤه و نظراته الخاصة به، إلا أن المنظور هنا تسلط الضوء على قضية النوم من زاوية الوقت، فالإنسان – شاو أم أبى – هو بحاجة ضرورية و أكيدة إلى النوم، و مهما كان وقته قليلا، و من جانب آخر فهو بحاجة إلى استثمار وقته على أفضل صورة، و النوم يستغرق ساعات من وقته، فهل الصحيح أن يلغي النوم من حياته ؟!
و هل من العقل أن يقول القائل، لكي تكسب من اليوم أربعا و عشرين ساعة بجب أن ينام صفرا من الساعات ؟!
كلا ! ليس ذلك من العقل في شيء، بل هو أمر بعيد الإمكان لأنه خلاف طبيعة الإنسان و يعرض حياته للخطر .
فلو كان بالإمكان إلغاء النوم من الحياة لألغي كثيرون النوم من حياتهم، بصرف النظر عن أولئك الكسالى الذين لا هم لهم و لا عمل سوى النوم .
إن الناجحين هم الذين ينظرون نظرة جديدة لساعات النوم إذا لإنجاح إلا في اليقظة، و لكن النوم ضرورة حيوية لا يمكن إلغاؤها .
صحيح أن الطب توصل إلى صنع عقاقير لمنع النوم، و أخرى للتنويم، ولكنها مؤقتة، إذ لا يريد الإنسان أن ينام طوال حياته .
و مع أن للنوم حدوده، إلا أنه سلطان يسير على الإنسان، و هكذا خلقه الله – سبحانه و تعالى – حيث جعل الليل وظلمته لباسا للإنسان بما يحمل من الهدوء و السكون والطمأنينة و الراحة .
إعداد المحامي :بسام المعراوي
و إذا كان من الناس من يصرف أوقاته و يضيعها في كثرة النوم، فهنالك من يضيع عمره في أن لا ينام، و يرهق نفسه في السهر الفارغ، و بلا طائل، و كل ذلك من أجل أن يقتل الوقت و كأنه قد حكم على الوقت بالإعدام ! و كأن الوقت لا قيمة له ! و ما أكثر الذين يصرفون أوقاتهم هدرا و يقتلونها في السهرات الفارغة و ممارسة الموبقات ! و لو أنهم عادوا إلى عقولهم لرأوا أن من الجهل و السفه أن يقضي المرء وقته في هكذا سبيل .
قد يسهر الإنسان في تجارته،أو دراسته، أو وظيفته، أو مهنته، أو من أجل لقمة عيشه، هذا أمر حسن و مطلوب، أما أن يضيع أوقاته في السهر الفارغ و اللهو و اللغو، فهذا ليس من الحسن و العقل في شيء.
إن المرء بالنظر إلى النوم يمكنه سلوك أحد طريقين :إما النوم الكافي المحدد الذي يعيد إلى البدن نشاطه و قواه، و إما السهر في المنفعة، كالسهر في سبيل الله لأمر دنيوي أو أخروي.
يقول تعالى : (( إن المتقين في جنات و عيون، آخذين ما آتاهم ربهم انهم كانوا قبل ذلك محسنين، كانوا قليلا من الليل ما يهجعون، و بالأسحار هم يستغفرون )) . ( الذاريات /15-18) .
فقد كان الإمام علي ابن الحسين عليه السلام يدعوا في يوم عرفه و يقول :
(( و اعمر ليلي بايقاضي فيه لعبادتك، و تفردي بالتجهد لك، و تجردي بسكوني إليك و إنزال حوائجي بك ))، الصحيفة السجادية ، دعاء (47) .
إذا كان لابد من السهر،فلتسهر العيون في عبادة الله و في سبيله و مراضاته، فقد قال أمير المؤمنين عليه السلام :
(( سهر العيون بذكر الله فرصة السعداء و نزهة الأولياء))، ( غرر الحكم ) .
و يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
(( لا سهر إلا في ثلاث : متهجد بالقرآن، و في طلب العلم، أو عروس تهدى إلى زوجها ))، بحار الأنوار(ج76،ص178).
و عن نافلة الليل يقول الله عز و جل :
(( تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً و طمعاً و مما رزقناهم ينفقون، فلا تعلم نفس ما أخفي لهم قرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون ))، ( السجدة/16-17) .
و يقول - عز و جل – أيضاً :
(( و من الليل فاسجد له و سبحه ليلاً طويلاً )) ( الدهر /26) .
و يقول تعالى أيضاً :
((إن ناشئة الليل هي أشد وطأً و أقوم قيلاً )) ( المزمل/6).
و يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
(( ما زال جبرائيل يوصيني بقيام الليل حتى ظننت أن خيار أمتي لن يناموا ))
و سئل الإمام السجاد عليه السلام : ما بال المجتهدين بالليل من أكثر الناس نوراً ؟
قال : (( لأنهم خلوا بربهم فكساهم ربهم من نوره)) .
إن إحياء الليل إحياء للعمر، و من هنا كان العظماء من الأنبياء و المرسلين و الأمة الطاهرين، رهباناً بالليل و فرساناً في النهار، و مثال على ذلك الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام فهو في ساحة القتال صنديد و بطل،و في العبادة كان يقوم الليل و يتهجد لربه، صائغا لنفسه صياغة إلاهية ربانية، و هو قدوة و أسوة لمن يريد أن يعمر حياته، و ينقش أسمه في قائمة الناجين و المتقين، لأن المرء لا يجعله الله من التقين حتى يتجافى عن المضاجع، و يعرف كيف و لماذا ينام، و لا يكثر من النوم، لأن كثرته وضع للنفس في مطارح التضييع .
وازن بين نومك و يقظتك
لقد رسم الله – سبحانه – الحياة بحكمة منه، و حسب ما يتوافق و طبيعة البشر، و الإنسان الناجح في هذه الحياة هو الذي يكيف نفسه مع طبيعتها و سنن الله فيها، و من تلك السنن إن جسم الإنسان بحاجة ضرورية و ملحة إلى النوم .
قال تعالى : (( و هو الذي جعل لكم الليل لباسا و النوم سباتا و جعل النهار نشورا )) ( الفرقان / 47) .
و لقد كثر الكلام بين العلماء حول مسألة النوم بين مؤيد النوم الكثير و بين معارض له، و لكل فريق آراؤه و نظراته الخاصة به، إلا أن المنظور هنا تسلط الضوء على قضية النوم من زاوية الوقت، فالإنسان – شاو أم أبى – هو بحاجة ضرورية و أكيدة إلى النوم، و مهما كان وقته قليلا، و من جانب آخر فهو بحاجة إلى استثمار وقته على أفضل صورة، و النوم يستغرق ساعات من وقته، فهل الصحيح أن يلغي النوم من حياته ؟!
و هل من العقل أن يقول القائل، لكي تكسب من اليوم أربعا و عشرين ساعة بجب أن ينام صفرا من الساعات ؟!
كلا ! ليس ذلك من العقل في شيء، بل هو أمر بعيد الإمكان لأنه خلاف طبيعة الإنسان و يعرض حياته للخطر .
فلو كان بالإمكان إلغاء النوم من الحياة لألغي كثيرون النوم من حياتهم، بصرف النظر عن أولئك الكسالى الذين لا هم لهم و لا عمل سوى النوم .
إن الناجحين هم الذين ينظرون نظرة جديدة لساعات النوم إذا لإنجاح إلا في اليقظة، و لكن النوم ضرورة حيوية لا يمكن إلغاؤها .
صحيح أن الطب توصل إلى صنع عقاقير لمنع النوم، و أخرى للتنويم، ولكنها مؤقتة، إذ لا يريد الإنسان أن ينام طوال حياته .
و مع أن للنوم حدوده، إلا أنه سلطان يسير على الإنسان، و هكذا خلقه الله – سبحانه و تعالى – حيث جعل الليل وظلمته لباسا للإنسان بما يحمل من الهدوء و السكون والطمأنينة و الراحة .
تعليق