إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مسرحية سيرة ذاتية تستند للذاكرة الانفعالية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مسرحية سيرة ذاتية تستند للذاكرة الانفعالية

    سيرة ذاتية: مسرحية تستند للذاكرة الانفعالية



    عمان - جمال عياد
    لا بد من التأكيد قبل تناول قراءة مسرحية (c.v) من نص وإخراج احمد المغربي، والتي اختتمت فيها فعاليات موسم مسرح الكبار، في الفترة 2/10 – 10/10، على أن منهجية التفسير هنا، تجيء كما يرى كريستوفر بطلر، تعتمد على أطر الدلالة السائدة اجتماعيا، فضلا عن البحث في عناصر مرتبطة بالواقع، ومأخوذة من الاستعارات والصور في مشاهد ولوحات المسرحية، بحثاً عن الدلالة والمعنى فيهما، من باب أن اللغة الحوارية إذا اعتمدت فقط العنصر الأساس في نظام التواصل، فإنها تعد مضللة، وهذا ما انصرف إليه النقد الحديث في التشكك في المعاني المباشرة للغة؛ وبدلا من ذلك ذهب إلى البحث عن الدلالات والتأثيرات الاجتماعية والسياسية لهذه اللغة، وكما هو معروف فإن منهجية التفسير هذه تبدأ من رؤية تعارض أو التقاء رؤية نص العرض لهذا الواقع، مع ما يراه المشاهد هو نفسه لهذا الواقع.
    فعند تفكيك أبنية العرض المختلفة لمسرحية المُغربي، عبر رصد مجموع حكايات الممثلين؛ وهم خالد الريفي، وأسماء قاسم، وأمجد حجازين، وبكر الزعبي، وثامر خوالدة، أثناء ممارستهم، للتمارين الحركية والحوارات، استعدادا لتقديم إحدى العروض في السياق الإيهامي؛ نجد أن التواصل تجاوز تلك الحكايات، نحو أبنية أخرى طرحها حقل العلامات المرئية والسمعية، لهذا الفضاء المسرحي، يصف الواقع المحلي في اللحظة العولمية الراهنة؛ من غياب الثقة في النظام العربي الرسمي والشعبي كليهما، اللذين أقصيّا المواطن عن الفعل الحضاري المنتمي لإيقاع هذا العصر، وحصراه في فضاء التخلف المعرفي، ضمن إطار معرفي واحد يدور في فلك السلطة، المتأسسة على زواج المؤسسات الأمنية والمالية.
    ومنذ المشهد الاستهلالي، كان للاشتغال على تقنية الذاكرة بمساراتها الثلاثة الرئيسية؛ الذاكرة الانفعالية، والإدراك الانفعالي، والجسد الانفعالي، الفعل الأساس في أداء الممثل، سواء أثناء تجسيد شخصيات المسرحية، أو في تقديم حالات شخصية مر بها نفس الممثل، وكانت ذروة هذه الحالات في اشتغال خالد الطريفي على شخصيته هو نفسه، والذي جاء هذا الاشتغال بمثابة احتفاء العرض به وبمنجزه، كأحد القامات المسرحية الهامة في الحراكين المسرحيين المحلي والعربي، ضمن سياق أحداث المسرحية.
    إذْ أنه قدم ( c.v) عن حياته المسرحية ابتداءً من دراسته في القاهرة، ومروره بعواصم عربية متعددة، وانتهاءً بإقامته في عمان، مستعرضا أهم المفاصل الفنية، والسياسية، والاجتماعية، والثقافية، والنفسية، والشخصية، التي خاضها في هذه العواصم، في رحلة زاخرة بالمعاناة والألم، والحزن ولكنه الجليل النبيل، ولكن أيضا كانت هذه الرحلة مفعمة بالمثابرة والأمل وحب الحياة.
    فجاء، الفعل في الربع الأخير للعرض، اشتغالا على الممثل وليس على الشخصية، في رحلة إلى داخل الذاكرة، وتجسيد ما في داخلها، من جهود راكمها الطريفي في مسار حياته، وبما تعج من تفاصيل، وجاء الطرح في خروج الممثل الطريفي إلى خارج هذا السياق، ليبدأ بالنظر إليه، ويعيده مجازا انفعاليا في فضاء واقعي، ولكنه مغاير أمام المتلقي، وهذا برأيي جوهر الاشتغال الذي تميزت به هذه التجربة المسرحية، وبخاصة في مسارها الأخير، والذي تحقق بشاركة الممثل خالد الطريفي، والمخرج احمد المغربي، والتي جاءت قريبة جدا من أنماط اشتغال جروتوفسكي في مختبراته على أداء الممثل؛ بالرجوع إلى الذاكرة، والرجوع وفق إيقاع متدفق مفعم بالزخم العاطفي العميق، تطرحه الذاكرة الانفعالية، بعيدا عن إيقاظ الوعي الذهني، لأنه يشكل معيقا لهذا (الفعل المتدفق)، وهذا هو بحد ذاته مرة أخرى النجاح الفعلي للعرض، والذي يعد من إحدى التجارب الفريدة في الحراك المسرحي المحلي، والتي تم الاشتغال على إنجازها بحرفية ودقة لم تخلوا من جمالية وتشويق أخاذين.
يعمل...
X