إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أول مقهى في لندن عام 1652م، نصبه روزيه بفناء كنيسة سانت مايكل، لتقديم القهوة للضيوف

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أول مقهى في لندن عام 1652م، نصبه روزيه بفناء كنيسة سانت مايكل، لتقديم القهوة للضيوف


    صدر الصورة،GETTY IMAGES
    كيف غيرت القهوة بريطانيا للأبد؟
    24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020م
    قد لا تسترعي انتباه المارة لافتة "باسكوا روزيه" القابعة في أحد الأزقة المتفرعة من شارع كورنهيل التاريخي بالعاصمة البريطانية لندن. لكن إذا مررت بسوق ليندهول، ثم سلكت الممر الضيق خلف حانة "كروس كيز" التي كانت مصرفا سابقا، ستلاحظ لافتة صغيرة تؤرخ لوصول مشروب غّير بريطانيا للأبد.

    وتقول اللافتة: "هنا كان موقع أول مقهى في لندن.. عند صورة رأس باسكوا روزيه، عام 1652". وعلقت هذه اللافتة التذكارية خارج حانة "جاميكا واين هاوس"، في قلب ممر سانت مايكل الضيق.

    كان باسكوا روزيه، الذي ينحدر من أرمينيا، خادما لتاجر بريطاني يدعى دانييل إدواردز، الذي كان يعمل موظفا لدى مؤسسة "ليفانت" التي كانت تحتكر التجارة بين إنجلترا والإمبراطورية العثمانية.

    وفي عام 1652، نصب روزيه طاولة في فناء كنيسة سانت مايكل، لتقديم القهوة لضيوف إدواردز، الذي ضاق ذرعا من استضافة الناس في منزله. وقد ساعد موقع منضدة روزيه المتميز، بالقرب من البورصة الملكية، في استقطاب التجار في لندن، وأصبحوا يجتمعون فيها يوميا. وبعد عام أو عامين، جنى روزيه، من بيع هذا المشروب المنشط، أرباحا كانت كافية لتحويل هذه المنضدة إلى متجر في منتصف الممر الضيق

  • #2
    لكن رحلة القهوة الطويلة إلى لندن بدأت قبل ذلك بمئات السنوات من مرتفعات شمال شرق أفريقيا. إذ ذكرت جانيت فريغوليا في كتابها، "مشروب غني ومنبه للحواس: كيف ساعدت القهوة في ربط العالم ببعضه"، أنه في القرن التاسع، لاحظ كالدي، راعي الماعز الإثيوبي، أن الحيوانات التي يرعاها كانت تلهو بنشاط منذ أن تناولت بعض الكرز من شجرة معينة، وقرر كالدي أن يجربها بنفسه. ويحكي أن كالدي منذ أن تذوقها أصبح يقرض الشعر ويصدح بالأغاني.

    صدر الصورة،NATHANIEL NOIR/ALAMY
    التعليق على الصورة،

    من السهل ألا يلاحظ المرء اللافتة الصغيرة التي تؤرخ لوصول المشروب الذي غيّر إنجلترا للأبد

    وتقول جوديث هاولي، أستاذة أدب القرن الثامن عشر بكلية رويال هولواي بجامعة لندن، إن هناك روايات مختلفة لأصل القهوة، منها أن إماما أو راهبا قابل كالدي بعد أن تناول الكرز، ولاحظ تأثير النبات المنشط. وبعد أن جربها بنفسه، بقي رجل الدين ساهرا وأقام الصلوات حتى آخر الليل. وسرعان ما انتشرت القهوة بين العبّاد والنسّاك لمساعدتهم على السهر والتعبّد حتى مطلع الفجر.

    وتقول هاولي: "كان ذلك مهما للصوفيين، إذ كانت القهوة تساعد الدراويش على الدوران".

    وبحلول القرن السادس عشر، وصلت القهوة إلى القسطنطينية وأصبحت جزءا لا يتجزأ من ثقافة الضيافة بالإمبراطورية العثمانية، حيث اتخذ الرجال من المقاهي فضاء للالتقاء والاسترخاء في المساء. وكانت القهوة واحدة من أقدم المشروبات غير الكحولية التي كان الناس يحتسونها في المجالس الاجتماعية في الإمبراطورية العثمانية. فقد كانت القهوة تُقدم أينما كان الرجال يتفاوضون أو يتاجرون.

    وانتشرت شيئا فشيئا عادة شرب القهوة في المجالس غربا. ويقول جوناثان موريس، أستاذ التاريخ الحديث بجامعة هيرتفودشاير، إن القهوة وجدت طريقها بعد عقود إلى أوروبا الشرقية، وإيطاليا ثم إنجلترا، واستخدمت كعلاج لأمراض عديدة، من النقرس إلى حصوات الكلى.

    صدر الصورة،HISTORIC COLLECTION/ALAMY
    التعليق على الصورة،

    المقاهي أصبحت ركنا أساسيا في ثقافة الإمبراطورية العثمانية، حيث اتخذها الرجال ساحة للالتقاء والاسترخاء والتبادل التجاري.

    جديدا. فبحسب موريس، دُمرت 1000 مزرعة للبن في هايتي، وانهار إثر ذلك قطاع البن في الدولة. وأخذ الناس يعزفون عن شرب القهوة في بريطانيا بالتزامن مع انتشار شرب الشاي.

    وفي القرن التاسع عشر، توسعت بريطانيا في زراعة القهوة في سيلان (سريلانكا)، والهند، لكن تفشي آفة "صدأ أوراق البن"، التي سببها فطر هيميليا فاستاتريكس، أدى إلى تدمير مزارع البن في المستعمرتين على مدى عقد. وزُرع الشاي في مزارع القهوة ليكرس مكانة الشاي في بريطانيا بوصفه المشروب المفضل للبريطانيين.

    ومع تغير الأذواق في بريطانيا في النصف الثاني من القرن الثامن عشر ومستهل القرن التاسع عشر، أصبحت المقاهي في بريطانيا حكرا على فئات معينة من المجتمع. فقد تحولت المقاهي في شارع سانت جيمس بلندن على سبيل المثال إلى مؤسسات ذات صلة بالقمار، لا يُسمح إلا للأعضاء من صفوة المجتمع بدخولها.

    صدر الصورة،SOPA IMAGES/GETTY IMAGES
    التعليق على الصورة،

    تعج اليوم جميع مراكز المدن البريطانية بسلاسل المقاهي العالمية

    ويقول ماركمان إيليس، أستاذ دراسات القرن الثامن عشر بجامعة كوين ماري في لندن: "اتهم الناس القهوة بإهدار الوقت الذي كان من المفترض أن يقضوه في العمل. ووصفت بأنها نوع من الترف، لأن أموال الدولة تهدر في منتج منعدم القيمة الغذائية. وأججت المخاوف من تأثير القهوة على الرجولة مشاعر الكراهية تجاه المقاهي".

    وتهاوى استهلاك القهوة في القرن التاسع عشر في بريطانيا، بالتزامن مع تزايد شعبيتها في أمريكا الشمالية بعد صعود نجم البرازيل كدولة منتجة للقهوة على أكتاف عمالة الرقيق الأفارقة.

    وتقول هاولي، إن القهوة منذ ذلك الحين: "لم تستعد قط مكانتها" التي كانت تحظى بها في القرن السابع عشر في الجزر البريطانية.

    ورغم تفضيل معظم المجتمعات في إنجلترا والإمبراطورية البريطانية للشاي في العشرينيات من القرن التاسع عشر، فلا يمكن لأحد أن ينكر أن القهوة وثقافة المقاهي عاودت الظهور بقوة في المملكة المتحدة في العقود الأخيرة.

    واليوم لا تخلو بلدة ولا مركز مدينة في بريطانيا من سلاسل المقاهي العالمية فيما قد يطلق عليه "موجة ثالثة للقهوة". وأدى رواج المقاهي الإيطالية في بريطانيا إلى انتشار مشروبات مثل الإسبرسو والكابتشينو واللاتيه. وفي العقد الماضي، أصبحت الكثير من الحانات أيضا تقدم القهوة نهارا للبحث عن موطئ قدم في هذه السوق الحديثة نسبيا.

    ويقول موريس: "تعود بداية هذا الانتشار الكبير المعاصر للمقاهي في بريطانيا إلى منتصف تسعينيات القرن العشرين"، بالتزامن مع تدشين سلاسل مقاهي "كوستا" و"نيرو" في المملكة المتحدة. ويستطرد قائلا: "تراجعت أعداد الحانات في بريطانيا عاما بعد عام بالتوازي مع زيادة أعداد المقاهي. ويمكننا القول إن المقاهي أصبحت الفضاء الاجتماعي البديل للحانات التقليدية".

    وبعد مرور أكثر من 350 عاما على تدشين باسكوا روزيه لمشروع بيع القهوة المتواضع في لندن، من الواضح أن المقاهي استعادت دورها الأصلي كفضاء للتواصل الاجتماعي ونشر الأخبار وتبادل الأفكار الجديدة.

    تعليق

    يعمل...
    X