إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

صراع البيئة والحياة (2) - تسرب الإشعاع النووي - د. سليمان المشعل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • صراع البيئة والحياة (2) - تسرب الإشعاع النووي - د. سليمان المشعل

    تسرب الإشعاع النووي

    صراع البيئة والحياة (2)



    د. سليمان المشعل
    تحدثنا في الجزء الأول عن ظاهرة تسرب الإشعاع النووي بصفة عامة في دول العالم وكذلك في العالم العربي ودول الخليج، وسنتناول في هذه العجالة نوعية هذه المخاطر على المملكة بصفة خاصة من خلال التركيز على أهم المحاور والأبعاد البيئية والأمنية والصحية والاقتصادية ذات العلاقة.
    تعتمد درجة ''الخطورة الصحية'' الناتجة من تسرب هذه الإشعاعات النووية على عوامل عدة، منها نوع وكمية الطاقة الناتجة منها وفترة التعرض. ولهذه الإشعاعات نوعان من المخاطر البيولوجية: الخطر الجسدي؛ ومنها ما يظهر على الإنسان ويتمثل في بعض الأمراض الخطيرة مثل ''سرطان الجلد والدم، إصابة العيون بالمياه البيضاء، ونقص القدرة على الإخصاب''، مع ملاحظة زيادة نسبة مرضى السرطان في المملكة، خصوصا سرطان القولون عند الرجال وسرطان الثدي عند النساء، أما الخطر الوراثي فتظهر عواقبه على الأجيال المستقبلية من تشوهات وإعاقات بدنية وعقلية وسلوكية بعضها ما زال العلم الحديث عاجزا عن التشخيص العلمي والعلاجي لها مثل الاضطرابات السلوكية (التوحد)، وتشير بعض الأبحاث الحديثة إلى وجود علاقة لها مع التلوث البيئي.
    كما يظهر ''الخطر البيئي'' على الموارد الطبيعية من ملوثات وتسربات الإشعاع النووي في:
    * تأثر محطات تحلية المياه التي تعتمد على مياه الخليج العربي كما هو الحال مثلا في مدينة الجبيل، خاصة مع تسارع نضوب وندرة المياه الجوفية الصالحة للشرب واعتماد المملكة بنسبة كبيرة على تحلية وتقطير المياه من البحر.
    * تلوث البيئة البحرية تظهر مخاطره على ''الأمن الغذائي'' المتمثل في تراجع معدل الثروة السمكية والروبيان بسبب نقص كمية الأكسجين المذاب في الماء، خصوصا في المنطقة الشرقية، وكذلك تضرر مصدر دخل نسبة كبيرة من صيادي الأسماك من هذا التلوث وقلة الثروة السمكية، إضافة إلى كونه عاملا لا يخدم الاقتصاد في المنطقة بصفة عامة.
    * ارتفاع درجة الحرارة من جراء استخدام مياه البحر في عملية تبريد المفاعل النووي محدثة بذلك خللا في النظام البيئي، وبالتالي تتأثر حركة الملاحة البحرية في المنطقة، وهو ما يلقي بظلاله سلبيا على الاقتصاد والصناعة، خصوصا على تصدير النفط إلى الأسواق العالمية.
    عزيزي القارئ والمتابع والمهتم .. كيف نستطيع من خلال هذا الطرح أن نلخص محاور الاهتمام والتشخيص والحلول وكذلك المخاوف في المملكة؟
    نبارك توجه دول مجلس التعاون الخليجي وفي مقدمتها المملكة إلى البحث الجاد عن المصادر البديلة للطاقة التقليدية القابلة للنضوب (الوقود الأحفوري أو النفط) من خلال ما يعرف بمصادر الطاقة البديلة أو النظيفة، وكذلك الطاقة النووية، وجميعها طاقات غير قابلة للنضوب، بهدف تنويع توافر مصادر جديدة للطاقة، خصوصا في مجال توفير الاحتياجات المستقبلية من الكهرباء والماء ومواكبة التسارع العلمي والتقني الدولي، حيث تمثل هذا الحراك في تدشين مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة كمقدمة لخطة استراتيجية وطنية تهدف إلى تأسيس بنية قانونية ورقابية من خلال الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية والشراكة الدولية الفاعلة في هذا الخصوص، مع الأخذ في الاعتبار البرامج الخاصة للوقاية من الإشعاعات والتخطيط للطوارئ والكوارث، لكن هل تجربة دول الخليج ومن الناحية العملية والعلمية وتوافر الخبرات ومعايير السلامة جاهزة فعلا للبدء ببناء مفاعلات نووية تخدم أهدافها العلمية والبحثية؟
    لا يخفى على الجميع أن أقرب تهديد من جغرافية المنطقة يثير هذه المخاوف هو وجود مفاعل بوشهر الإيراني عطفا على طبيعة موقعه الجيولوجي (تكرر ظاهرة الزلازل)، تعاقب الخبرات والتقنيات على مراحل تشغيله، حدود مياه الخليج العربي المشتركة، طبيعة وحركة اتجاه الرياح.
    هنا يقف الفرد والمجتمع الباحث عن السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط بصفة عامة أمام مفارقة لا تخلو من الدهشة والبحث عن المصداقية عند مقارنة الدعوات التي تنادي بتبادل الخبرات التقنية في المنطقة وبين الدعوات الجادة للمحافظة على المنطقة من المخاطر والملوثات البيئية والصحية وفقا لخطط استراتيجية وطنية وقانونية وشراكة دولية كما هو الحال في توجه المملكة في هذا الخصوص.


يعمل...
X