إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

رواية لـ مريم آل سعد ( تداعي الفصول ) ح 13

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • رواية لـ مريم آل سعد ( تداعي الفصول ) ح 13

    رواية لـ مريم آل سعد ( تداعي الفصول ) ح 13

    رواية للكاتبة : مريم آل سعد
    تداعي الفصول:للكاتبة مريم آل سعد
    (الحلقة الثالثة عشرة)

    الثالث و الأربعون
    يحيي العظام و هي رميم

    حاول احمد ان يخفي انفعالاته هو الاخر ولكنه لم يستطع سوى النهوض لا يلوي على شيء يرتدي ملابسه على عجل لرؤية ابنه بعد سنوات من غيبوبته الطويلة.
    كانت وضحة خائفة لا تصدق القدر ولا تثق به، هل ستفتح باب الغرفة وتجده فعلا واعيا ومستيقظا جالسا وحتى راقدا على سريره ولكنه ينظر اليها ويدرك من حوله ويعرفهم ويعرف نفسه..؟؟
    انهم لا يكذبون حينما هاتفوها من المستشفى، انه حي.. مستيقظ، سأراه بعد قليل واضمه الى صدري وابكي وجعي كله عليه. ولكن هل تكون صحوة مفاجئة..؟؟ هل هي حركة افاقة قبل الدخول في الصمت الأكبر..؟
    انتفضت وضحة تريد ان ترى ابنها قبل فوات الأوان وان تحميه وترد عنه كيد المنون. عندما استدار احمد الى باب الخروج كانت وضحة تتبعه ولم تستطع منع نفسها من الهرولة.
    وعندما يخامرها الشعور بأنهما ذاهبان الى رؤية ابنهما ومحادثته وانهما قد استعاداه، وعاد اليهما من جديد فان الحيوية تتدفق اليها وتكاد تتشاجر مع احمد وهي تجادله:
    لا تذهب من هذا الطريق فهو اطول، لم استدرت هنا كان بامكانك المتابعة واختصار الطريق.؟
    وعندما وصلا لم تنتظره لتسير معه ولم تتذكر انه جاء معها، كانت تهرول ما وسعها حمل جسدها على الهرولة وهدف واحد يتربص بها، هل عاد بالفعل وهل سأراه من جديد..؟
    عندما دخلا الغرفة كان وجيب قلبيهما يكاد يسمع هديره، واعصابهما النافرة والمتحفزة تكاد تتمزق من الترقب وعدم الثقة بضربات القدر وتاريخه معهما.
    ها هو وجه ابنهما الواهن يبتسم لهما وقد اضاء الفرح وجهه النحيل وعينيه الغائرتين. كان ممددا على سرير المرض الذي ارتفع جانبه الأمامي بحيث سمح له بالاتكاء والجلوس قليلا.
    عانقه والده وحمدالله على سلامته، بينما ارتمت وضحة على جسده النحيل وضمته اليها تكاد تخلع ضلوعه وذهبت في نوبة بكاء لم يستطع احد سحبها بين احضانه، أو حملها على التوقف. بعد حين كأنها عادت الى الواقع وفرغت شحنتها العصبية استطاعت ان تسمع صوت احمد وتأنيبه: سوف تكسرين عظامه. اتركيه يتنفس قليلا. يحتاج الى مساحة من الوقت ليتعاطى مع واقعه الجديد. اتركيه ولا تضيقي صدره بالدموع. هل تبكين في الملمات والمسرات ايضا..؟؟
    ولا يدرون كيف يبدأون.
    هل يتحسسونه ان كان بخير وقد استعاد كامل وعيه وعافيته..؟؟ هل يسألونه اين ذهب وكيف كان يشعر.؟؟ هل كان يتألم.. ؟ يتضايق..؟؟ يكتئب..؟؟
    هل يريد شيئا معينا يحتاجه..؟؟
    ما هي الخطوة التالية.. هل يأخذونه من المستشفى..؟؟
    هل.. هل..؟؟
    كان تعبا وحائرا ومشتتا، ويريد ان يعرف اشياء واحداثا يستعيدها ببطء ويستفهم عنها.
    قالت وضحة:
    انه عمر يا خالد، سوف تستعيده خطوة خطوة وسنكون معك. المهم انك عدت بعد أن فقدنا الأمل.
    وبانقباض تمتمت.. وما كان لنا أن نفقد الأمل برحمة الله ولا ييأس من رحمة الله الا القوم الكافرون.
    فرح خالد برؤية اخوته بالذات وأخذ يتأملهم بدهشة وقد كبروا واصبحت البنتان في سن المراهقة بينما اصبح محمد في الرابعة عشرة ونما نواف وبلغ السادسة من العمر مليء بالحركة والتساؤلات والحنان الذي يمنحه لشقيقه بالالتصاق به ومحاولة اخباره بكل ما يعرف..!!
    كانت وضحة تفكر بقلق بمستقبل خالد الدراسي وتعويضه ما فات، وفي قلبها هاجس يذكرها بأنه لا بد فقد جزءا كبيرا من ذاكرته والعودة الى التعليم لن تكون بالسهولة التي تتوقعها، واذا كان وهو بخير وفي السن الطبيعي للدراسة يتهرب منها ويركلها بقدميه، هل تتوقع ان يقبل عليها ويصبر ويقدم التضحيات لاكتساب ما فقده بسبب المرض فقط وليس بسبب ضياع الأعوام..؟؟
    وكانت سارة تهدئها وتقول لها:
    لا تستعجلي الأحداث، لن تتحقق بمجرد انك استحثيتيها او سعيت الى فرضها او اجبرت الآخرين على تطبيقها. انها بمشيئة الله. فقط اهدأي، ودعينا نفرح ونشبع من الفرح اولا.
    احتاج خالد لقضاء فترة في المستشفى لاستعادة قواه والأطمئنان على صحته وعودته الكاملة للوعي والحياة.
    وعندما عاد الى المنزل، ذبح له والداه الخراف ووزعاها على المحتاجين والفقراء، واقاموا وليمة كبيرة لأفراد العائلة ابتهاجا بعودته للعالم.
    وكان خالد يشعر بأنه قادم من عصر آخر. فالتطورات من حوله مدهشة وسريعة وذاكرته تعود ببطء واخوته الصغار انتهزوها فرصة ليكونوا كبارا عليه فلديهم معلومات ومعارف واحداث لا يعلمها، وكانوا يتسابقون لشرح العابهم وأشيائهم ومصطلحاتهم اليه، حتى الصورة الحقيقية للحادث لم تكن واضحة لديه ولم يعرف ابدا انه كان في السيارة الأخرى جده الذي قضى نحبه وخالته التي تضررت قدماها ولازمت كرسي العلاج لفترة طويلة. وعندما اخبره اخوته طلبوا منه عدم اخبار امهم بأنهم اخبروه فما زالت توصي الجميع بعدم الاشارة للحادث خوفا ان تصيب خالد انتكاسة اوتأنيب الضمير.
    بالفعل تألم خالد كثيرا لجده فقد كان يحبه، وحزن لخالته وهو يراها تتحرك بعكازة لم يتمن بأن يكون المتسبب فيها.
    هذا البيت لا يعرف الطمأنينة ولا يتوسده السكون. لم يسعد بعد بعودة الابن الضال ولم تلتئم الجراح بعد لتشكو وضحة من صداع عنيف فجأة داهمها وهي نائمة بمنتصف الليل لدرجة أن أفقدها الوعي، وفي هلع وخوف نقلها احمد بمساعدة الخادمات الى السيارة، لم يشأ ايقاظ الأولاد وافزاعهم وهم يغطون في نومهم وكذلك لم يتصل بشقيقتها قبل أن يتبين كنه الموضوع.
    ولكن احمد انهار في المستشفى عندما علم بخطورة حالتها من اهتمام طاقم المستشفى وهلعهم وتراكضهم لنقلها في الحال الى غرفة الانعاش.
    فاتصل ببيت شقيقها وايقظ عبدالرحمن وسارة واخبرهم بحالتها ولا يدري ماذا يفعل.؟؟؟
    على وجه السرعة حضر عبدالرحمن وسارة وهما يأملان خيرا ويحاولان معرفة المرض الذي يمكن ان يصيبها.
    ولكن لم يترك لهما المجال ليتنبأوا بحالة معينة قد تكون اصابة وضحة عليها فقد خرج اليهم الطبيب ليخبرهم بما كان نهاية للأمر كله.!!

    الرابع والأربعون
    رحيل وضحة

    لم تصدق ما قاله الطبيب.. .!!
    وضحة.. الله يرحمها، تعطيكم عمرها.
    انهارت سارة وأخذت تتمتم.. فليرحمنا الله جميعا.. ولكن لم تعطينا عمرها وهي لم تستلمه بالكامل بعد..؟؟ وهي لم تفرح حتى الآن بابنها الغالي ولم تؤد دورها الذي تتمناه تجاه اطفالها الآخرين..؟؟ لم تزل تحفر في هذه الحياة وتتحمل لطمات الأقدار بشجاعة ودون شكوى.. ما زالت الحياة تدين لها بأفراح لم تعشها وآمال لم ترها. ولم رحلت فجأة..؟؟ كيف سمحتم لها بالاستسلام بسهولة وهي المقاتلة المؤمنة التي حاربت في احلك الظروف وقاومت اعتى الرياح..؟؟
    أبهذه السرعة والسهولة رحلت عن هذا العالم القذر الذي لم يكحل عينيها الا بالدموع، ولم يملأ قلبها الا بالأحزان والمخاوف، ولم يشيع في دنياها الا الانتظار والترقب..!!
    كانت سبب الوفاة السكتة القلبية المفاجئة..!!
    كانت ايام العزاء صعبة.. فقد كان الجميع يبكون.. الزوج الذي ازداد مرضا وانطواء، والأبناء الذين وقع عليهم الخبر كالصاعقة، وخصوصا خالد واشقاءه الذين غيبتهم الصدمة واكسبت وجوههم سحنة من الخوف والألم.
    كانت لوعة سارة كبيرة وقد فقدت السند الأخير، الحصن الآمن الذي تعرف بأنه يستوعب احزانها ويتحمل افكارها ونقمتها وحنقها، الصدر الذي يدافع عنها ويقف الى جوارها ويصلح امورها مع العائلة. اللسان الذي يتكلم بالنيابة عنها عندما تفقد اللغة المناسبة للتفاهم مع اخوتها، القلب الوحيد الذي تعلم انه يفكر فيها ويتألم من اجلها ويقلق عليها.. انها اسرتها وبفقدها عادت وحدتها اشد وحشة وايلاما..!!
    من تواسي ومن تجفف دموعه اولا..!! انهم اسرتها الأخرى التي احالتها الصدمة الى انهيار وعدم فهم لما يحدث..!!
    فقد كان زوجها يعتمد عليها في ادارة المنزل وتربية الأولاد وقد تفرغ لوحدته وهوايته في تربية الحمام والطيور والاشراف على المزرعة.!!
    وخالد الذي اخذته الصدمه والاحساس بأنه السبب وانه قد قتل امه وارهقها بما يكفي ليتوقف قلبها وتفارق الحياة..!! وكان حزنه شفافا وعميقا ووحدته واضحة وقد فقد الانسانة الذي عاشت تحمل همه كل السنوات الماضية.
    اما محمد وفاطمة وريم ونواف فقد كان احساسهم باليتم والخوف واضحا وقد تعلقوا بخالتهم التي لم تفارقهم منذ ايام العزاء.
    انتقلت سارة لديهم وحولت غرفة الألعاب الموجودة في الدور السفلي الى غرفة لها. كان انتقالها تدريجيا وعفويا ووليد الواقع. في البداية كان لاستقبال المعزين والسهر على نواف الذي اصابته الحمى من الخوف وفقد امه المفاجئ.
    ثم لتدبير الأمور في المنزل وبعد ذلك لرعاية البنات والاشراف على الولدين الكبار. فأبوهم هده الحزن واخذ يشعر بالمرض والتوعك، ويغيب في عالمه ولا بد من احد يشرف على المكان ويتولى مسئولية المراهقين اليتامى وهم يعانون من متاعب العمر والمرحلة والدراسة والرغبة بالدفء العائلي والأمان.
    اصبح وجودها في منزلهم طبيعيا، وهي التي تشعر بأن ليس لديها بيت خاص بها ولا اسرة معينة تحتاجها.
    كان وجودها لديهم يمدها بتشبع عاطفي ويسمح لأمومتها بالحركة. كانت عندما تصحب البنتين لشراء اغراضهما او توصلهما الى مدرستهما قبل ذهابها للعمل، كانتا تمنحانها شعورا مميزا لم تشعر به من قبل. بل كانت تتجدد مع حكاياتهما واحاديثهما وعندما تشاركهما عرضا سينمائيا و تستمع لتعليقاتهما الحلوة والذكية اوعندما تجلس معهما في احدى الكافيهات لشرب القهوة واكل الآيس كريم وتسمع احاديثهما ونكاتهما المرحة. كانت تشعر بأن معنى جديدا لحياتها بدأ ينبض ويأخذ معنى.
    وكانت تشعر بروح وضحة تتقمصها عندما تتكلم مع خالد فقد كانت تحرص على مواساته والتخفيف عنه. وتزرع في قلبه التقوى وارضاء الوالدين وتحقيق حلم امه وعدم خذلها وهي في قبرها، وتعامله كرجل يتحمل المسئولية الى جوار والده. وتركز بهمة عالية على محمد وتشجعه على الدراسة ولا تبعده عن الرياضة التي يهتم بها، وتجعل امر تدريبه مع النادي ومبارياته احداثا مهمة لا يستهان بها. وعندما تضم نواف وهي تقص عليه حكاية ما قبل النوم تشعر بروعة الطفولة وصفائها بعينيه الوديعتين واسئلته البريئة الذكية. كانت المسئولية شاقة ولكنها دافئة وضرورية وتملأ روحها بالعطاء والفرح. كانت تقلب اغراض شقيقتها وتتأمل ملابس جديدة لم تلبسها لأنها كانت تحفظها للحظات الفرح التي لم تأت قط اوجاءت ولكن بعد رحيلها..!! وزعتها سارة على اسر محتاجة كانت سارة تعلم بأن وضحة ستسعد اذا استطاعت ملابسها اضافة الفرحة على غيرها، ولعلهن يجدن فيها عزاء لم تجده صاحبتها.. !
    افاقت سارة يوما على صوت فاطمة باكية وشقيقها محمد يوبخها لسماع الأغاني الغربية في قناة الأغاني الفضائية، كان يصرخ بها واعظا: الا تعلمين ان مشاهدة هذه الأغاني حرام..!! ووجود القنوات الفضائية اصلا في البيت حرام. سأقطع هذه القنوات من الأساس..!!
    استوقفته سارة بحدة: اسمع يا محمد ان قطعت هذه القنوات قطعت وجودي في بيتكم معها. انني اشاهدها واستمتع بها ولعلمك انها المتعة الوحيدة في حياتنا.
    هاج محمد اكثر لسماع رأي سارة المتحيز ضده: انت الكبيرة تقولين هذا..!! انها حرام وكفر بين. اقسم انني لن اظل في البيت مع وجودها لحظة واحدة.
    - حيلك حيلك يا محمد.. كيف لشاب في عمرك أن يكون حادا وقاطعا بهذه الصورة أم انها مرحلة العمر وفورة المرحلة.. ؟ انك تذكرني بحدة وتصلب خالد قبل الحادثة وجنون وضحة معه. اعقل وانضج واترك عنك هذه التهديدات الصبيانية التي قتلت امك. هل تريد أن تنقلنا لتلك الأيام وتنقل التوتر للمنزل.
    وكأنها اصابته في وتر حساس، ففد ارتجف محمد واهتز واكفهر وجهه.
    وتابعت سارة: واحذر من استخدام كلمات حرام وكفر متى طرأ على بالك وفي أي موضوع لانك لست مفوضا بقولها بل عليك مسئولية التلفظ بهذه الكلمات. من انت حتى تقول حرام وحلال وكفر الخ.. ؟
    عادت الحدة الى صوت محمد وصرخ منفعلا وهو يلوح بيديه الاثنتين:
    هذا كلام الدعاة و..
    - بنفسك قلت، هؤلاء بشر وناس ومتى اصبحوا دعاة..؟؟ هل لمجرد ان قرؤوا كم كتاب وقصروا الثوب وأطالوا اللحية..!! يا اخي لن اتفاجأ اذا غيرت هيأتك واصبحت انت الآخر منهم تحرم وتحلل على كيفك وحسب ما ترى، واسألك بصراحة هل تمثل ربك..؟؟ هل تقوى على القول انك تتكلم باسمه..؟؟ لقد توعد الله ورسوله من يتكلم باسمهما بعذاب شديد، فهل تضع في ذمتك وتلعب هذا الدور.. .؟؟ وعلى فكرة انصحك بألا تحلف باسم الله في كل شاردة وواردة وانتبه لنفسك وحاسبها افضل لك لو كنت تعلم..!!
    - ولكن..
    - قال النبي (صلى الله عليه وسلم) استفتي قلبك..!! وقال: لا رهبنة في الاسلام وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه اذا اكره القلب عمي وقال لا تضغطوا على أبنائكم فقد جاءوا لزمان غير زمانكم. الموسيقى غذاء للروح ومعنى للحياة وفلسفة عميقة فهمها الغرب وشوهها التخلف عندنا. المطلوب فقط ارشاد أبنائنا الى الجيد والسيىء منها ليتكون ذوقهم السليم ولا تتشوه فطرتهم النقية.. ان الكفر يا اخي هو الاشراك بالله والعياذ منه لا دخل للموسيقى او غيرها من اشكال الفنون فيها وادوات التسلية التي تغذي العقل وتفيد الانسانية. الذي يدفع الناس للكفر كما تقول التخلف والتشدد وتغيير فطرة الله وتشويهها والتعتيم على فكر الناس وارهابهم بالدين وهو رسالة المحبة والسلام بتحويله الى اداة ترويع وقمع للأفكار والابداع.
    - ولكن..
    - لا استحملك يا محمد ولا اطيق الدخول معك في سفسفطة جدلية بلا فائدة. انت مخطئ، فدع اخواتك يتذوقن الموسيقى ولو بالامكان فليتعلمنها ولو كانت فيهن واحدة موهوبة يجب ان تنظر اليها كهبة الهية تنطق بجمال القدرة الالهية وقدرتها على الالهام والابداع وتشجعها.
    صرخ محمد مهتاجا: هذا الناقص تطلع مغنية او ملحنة، اقتلها و..
    استدارت سارة وتركته يصرخ مهتاجا وهي تتعوذ من الشيطان وتتأسى على عقلية الشاب المغرقة في التخلف والرجعية والأفكار المعوجة.
    اخذت تتذكر عندما جاءها نواف ذات عصر، وهو يسألها بخوف ورعب: هل صحيح ان الغنم عندما يصرخون ويمأمئون في حظيرتهم يعني ذلك ان الله يعذب الكفار..؟؟
    فزعت سارة من التفسير الذي يتفوه به طفل في السابعة من عمره، وقالت له برعب: من الذي اخبرك ذلك..؟؟
    - مدرسة الشرعية..!!
    - وكيف تعرف ذلك وهذا من علم الغيب..!! انتبهت سارة الى انها تحدث طفلا في السابعة من عمره.. حاولت ان تشرح له بأن لا علاقة بين الحيوانات وبين ما يحدث في العالم الآخر في حدود معلوماتنا البشرية، وحتى ولو كانت هناك اية علاقة وهي بالتأكيد مخيفة مثلما افتت بها المدرسة فانها لا تقال على الأقل للصغار..!!
    حاولت تهدئته وافهامه بأن لا دخل لغثاء الغنم وصراخهم في تعذيب الله لخلقه، فهذا بين الله وعبيده، المهم هو علاقتك بربك كن دائما واضحا معه، لا تفعل شيئا يغضبه ليس فقط خوفا من عقابه بل خجلا منه. هل تحب العدل والحق والخير وهل تصدق بأنهما الصواب، اذن الله هو ذلك. فأنت عندما تفعل الشر فأنت تخون الله وهذا ليس جيدا. الله يحب الذي يحبه لانه سيفعل الصح، ومعنى ذلك انه انسان جيد اما الشخص السيئ فهو الذي يرتكب الشر وهو مكروه ومذنب ويستحق العقاب اليس كذلك..؟؟
    واحتارت ماذا تقول اكثر لهذا الصغير وقد اقحمته المعلمة في مسائل خطيرة الهدف منها ربط كلمة كفر بالعذاب، وبعد ذلك عندما يصفون أي تصرف لا يعجبهم بالكفر يتخيل هؤلاء الصغار النار التي تنتظرهم. ومن يحدد قائمة الكفر..؟ بالطبع هم من قصدهم خالد بكلامه الذين يخلطون المفاهيم التي تدعو الى التسامح والمحبة واغناء الروح وعبادة الله من رؤية مختلفة يتجلى ملكوته فيها كالموسيقى بربطها بالكفر والفسق والفجور، وهناك بعد شاسع بينهما يعتمد على تنشئة الفرد على احساسه بهذه الموسيقى وتفسيره لها..!!
    ان هؤلاء بتفكيرهم المنجرف نحو الفكرة الواحدة المسيطرة يسمحون للشيطان باغوائهم والسيطرة عليهم وجرفهم الى التطرف. وما هو التطرف الا التحيز الأعمى لفكرة سائدة وتبجيلها وقهر الأفكارالأخرى واعادة الاسلام الى العصور الوسطى، وتحنيطه في رؤى جامدة مضحكة تسمى التطور والنهضة والنمو رجسا من الشيطان. ونسوا ان الاسلام هو ما احدث الثورة في عهده عندما كانت الكنيسة تقود اوروبا الى عصور الظلام وتمارس ما يزاوله المتطرفون في الوقت الحاضر.
    كان الاسلام ينمو ويبني ويتوسع ويزدهر ويفتح آفاقا واسعة في الطب والهندسة والكيمياء والفلك وجميع العلوم الانسانية، بينما كانت الكنيسة تحاكم مستنيريها بتهمة الهرطقة وتحرقهم.. هل معنى ذلك ان الكنيسة المنحطة كانت محقة في ربط اوروبا بالماضي ومحاربة التجديد والعلم والحضارة وكان الاسلام الثائر المتحضر وقتها الفائر بالتجديد والاختراعات مثال على الانحلال والتفسخ.؟؟ انهم يؤدون نفس الدور وفي النهاية سيجرون المجتمع كله الى تخريب المفاهيم وتشويهها بحيث لا يعلم النشأ ما يأخذونه من الثقافة الأجنبية وما يتركونه لانهم بلا ارشاد سوى تحريم الكل وذلك كما جروا المنطقة كلها بتطرفهم العدواني الى مكان قابل للاشتعال في اية لحظة..!! ويا للأسف ان من سيحمل المعول ويساعد من يحاولون اضعاف الاسلام وخنق هذه الدعوة الفريدة ما هم الا هؤلاء الذين يتحدثون باسم الاسلام ظلما وجورا، للأسف هم من سيشوهونه ويمسخون تعاليمه، ويقلبون مفاهيمه العظيمة ويردونه غريبا كما جاء كما قال النبي (صلى الله عليه وسلم).

    الخامس والأربعون
    خالد يبحث عن نفسه

    كان خالد يعاني بعد وفاة والدته باضطراب تحديد هويته ووضعه بالحياة، متأثرا بالمشاكل التي حدثت سابقا ومرضه الطويل الذي اكل عمره وموت والدته وشعوره بالذنب الذي لا يعرف كيف يحدده وضياعه وعدم ادراكه من أين يبدأ.؟؟
    كانت الأيام الأولى هي احتفال بولادته من جديد، وبعد اشهر استعاد كل من بالمنزل حياته الطبيعية وتابعها وظل وحده يعاني من الفراغ والوحدة والخوف من المستقبل. كانت طبيعته المكابرة تمنعه من سؤال الآخرين المساعدة، وكان تحفظه يضع السدود بينه وبينهم فلا يدركون بأن من امامهم يعاني من الضيق والحيرة والقلق. كان يحس بالغربة نوعا ما وسط عائلته ويشعر بأن هناك فجوة بينه وبين اخوته تخلق نوعا من الحواجز التي لا تدعه يتصرف معهم بحرية، ولا يملك الثقة ليتنافس معهم كأنه يحس بالذنب لانه سبب تعاسة امهم وغيابها، ولانه ادخل العائلة في متاهة لا زالوا يتذكرونها ويخشون تكرارها كما في حالة خالته حيث كلما تواجهت مع محمد رددت.. هل تريد أن تكون كخالد.؟؟ ليس كمثل طيب يحتذى ولكن كبادرة للمشاكل والمشاكسة. كان يؤلمه ألا يكون المثال الصالح لأخوته وألا يكون نموذجا يستطيع فيه ان ينصحهم ويعلمهم.
    كان خالد يبحث عن ذاته وعن حقيقته، كان يريد بناء نفسه وتحديد هويته واثبات وجوده. ان ضياع سنوات من عمره بدون أن يعيشها وبدون أن تساهم في بناء شخصيته واكسابه الخبرات والتجارب والمعلومات التي يحتاجها ليس سهلا، واحساسه بضروره صنع شيء ايجابي يجعل والديه يفخران به يقلقه، وهو يدرك بأنه عاجز عن تحديد طريقه ولا يعرف كيف يبدا ومن أين وكيف..؟؟
    كان يشعر بأنه قد تغير وكبر ونضج، يشعر بأن ازمته لم تمر عبثا بل خلفت وراءها اثرا من الهدوء لا يزال يعيشه ويؤثر به ويملأ روحه بشفافية صافية ورضى تام ، وان كان القلق من المستقبل المتواري وراء غمامة كثيفة من الضباب والحيرة يقلقه ويوتره ويزيد من وحدته واحباطه.
    بالتأكيد شيء قد تغير فيه فبعد أزمة كهذه لا بد أن شيئا قد انكسر وآخر قد ازداد قوة، لا بد ان امرا قد مات وآخر قد ولد. تجربة كهذه لا يخرج منها الانسان بلا تغيير وقد يكون زلزالا يعيد تكوينه من جديد. رب ضارة نافعة وربما موت ينتهي بولادة وألم يفرخ فرجا. كان يشعر بالألم لأنه كان جزءا من الملهاة المميتة، عندما يبلغ الجهل مداه وتتحول الأمور الى الاستهتار والى عدم المبالاة بقيم وحيوات أخرى تظل تعاني وتنزف أكثر مما يتصور.

    لقد كان عبث أصدقائه - أعدائه الذين تسببوا بالحادث قاتلا عندما استمرؤوا اللعبة ضاربين على وتر استهتاره وطيشه ولم يفكروا بعواقب ذلك على حياته برمتها، وعلى حياة الآخرين المحيطين به حيث توفي جده واصيبت خالته وتضررت وتبدلت حياة ثلاثة اشخاص بشكل جذري، ألا تساوي حياتهم شيئا..؟؟ وألم يدركوا بأنهم سيحاسبون لتلك الرعونة وان فلتوا من الحادث والتحقيق بعد ان تسببوا به، الن تدركهم عدالة السماء وقد استبدلوها بحقهم في الانتقام والاساءة، ومتى كانت الكراهية وعدم الاحساس بالآخر ومتاعبه وآلامه وحقه بالحياة الطبيعية حقا مشروعا يتبناه الناس ويشرعونه ويقيمونه بثقة واقتدار..؟؟ ألم يدركوا ان تهوره واندفاعه ما هما سوى ساعات طيش قد تنتهي بعد فورتها ولا تستحق الادانة طول العمر ولا أن تأخذ معها ربيع عمر كامل.. أم أن الانسان لا يحس الا عندما تعصر النكبات قلبه حينها يفهم ما يعانيه غيره..؟؟
    كان الوضع الجديد كبيرا على سارة مع أعبائها الوظيفية المتزايدة هي الأخرى بالعمل حيث يعتمد عليها مدير الادارة في كثير من الشئون وكانت سعيدة بعملها وتريد أن تكون عند حسن الظن. لذلك كان تركيزها على من يشكو من الأبناء ومن يطلب ولم تشعر بخالد الا بعد أن احست فعلا بأنه يعاني، وان حياته مصدر بؤس لشاب في الثانية والعشرين من عمره.
    كان والدهم احمد قلعة حصينة زادها رحيل وضحة الأبدي متانة ومنعة. لا يمكن أن يتجرأ احد من الأبناء بالأقتراب من غرفته الا اذا ناداه الأب. وكانت سارة تعتمد على اسلوب المراسلة معه في ما يخص شؤون الأبناء بحيث يضعون له ما يحدث في المنزل من مطالب وتغيرات ويقوم بوضع المال المناسب لذلك وتكليف السائق بما يطرأ من تصليحات وصيانة تكون قد طرأت على المنزل ويكون بحاجة لها.
    وبذلك لم تتغير علاقته بخالد ولم تجمعهما مأساة المرأة التي احبتهما ولم يحاولا أن يعوضاها برحيلها ما تمنت حدوثه بحياتها من تلاحمهما بعلاقة تحميهما كلاهما من البؤس الذي يعيشانه.
    كلمت سارة شقيقها عبدالرحمن المشغول بزوجتين واطفال هنا وهناك ووظيفته الحكومية ومكتب العقارت الذي يديره، رجته من اجل اخته الراحلة ان ينتشل خالد مما فيه ويخرج به الى نور الحياة والمسئولية والتفاعل. قالت له:
    كلفه بأي وظيفة لديك في المكتب، دعه يتحمس لها ويحتك بالناس ومن ثم سيعرف ماذا يريد ويبدأ بتكوين نفسه.
    لم يكن عبدالرحمن متحمسا لانه لا يملك الوقت والطاقة لكي يواسي ويصبر ويعلم ويعطي، انه سريع، متحرك، اليوم هنا، وغدا هناك، مبدأه ان لم تقتنص الفرصة ضاعت منك. ولكنه استقبل خالد على مضض على أمل ان يقنص هو الآخر فرصته لان من حوله يركضون ولن يتوقفوا لسؤاله ان يحتاج شيئا أو ليقدموا له التشجيع أو الترحيب.
    اقبل خالد على العمل مترددا وهو يشعر بالضغط من العاملين بالمكتب الذين احسوا بالمنافسة، وبدأ استعدادهم الطبيعي لحماية انفسهم وسبر غور هذا الشاب الجديد وتركه يستكشف اسرار المهنة لوحده.

    السادس والأربعون
    التغييير ليس سهلاً..!!

    استراحت سارة اخيرا بوظيفتها. كان العمل مع مجموعة متفهمة جادة متحمسة تشكل افضل بيئة عمل محفزة يمكن أن تحظى بها لدرجة ان المتطفلين وشللية الاشاعات وجماعات النميمة التي كانوا يضعونها تحت المجهر بدأت بالتلاشي من محيطها لانها لم تسمح لهم بالتأثير والتواجد ببيئة لا تدع مجالا للاحساس بهم.
    كان مديرها شخصية خلاقة لا يحب المركزية بالعمل ويفضل منح الاستقلالية الابداعية لموظفيه المسئولين بحيث يديرون العمل بطريقتهم، ويطورونه بالأسلوب الذي يخدمه بدون التعقيدات الروتينية مما ساعد على تطوير الأقسام وتبلور الشخصيات وتغيير الكثير من النظم الجامدة والانتقال الى مراحل متقدمة من التنظيم والتطوير. وكانت سارة المستشارة للأمور الفنية تساعد في وضع الرؤية والاشراف عليها مما جعل الادارة تتحرك بصورة متساوية في جميع الأجنحة وتحقق نجاحا وتنظيما ملموسا عن بقية ادارات الوزارة الأخرى التي لم يجر تطويرها بنفس الدرجة من السلاسة والانتاج.
    وكان من بين الموظفين الذين ارتاحت لهم سارة وسرعان ما توطدت صداقة مهنية بينهما المهندس ابراهيم. كانا يتناقشان بالساعات احيانا عن العمل والحياة والمؤسسة والموظفين. كان نقاشهما يرفدهما بالنهاية بأفكار حسنة وينبهما الى امور لم يركزا عليها من قبل لصالح العمل وتطويره. كان يجمع بينهما حسهما النقدي الرفيع وعدم الرضا عما وصلوا اليه من تحسينات في الأداء والمتابعة، وكانا ملهمين للموظفين الشباب من المهندسين المتخرجين حديثا في المؤسسة الذين يجتمعون بهم ويعبرون عن متاعبهم وخصوصا وأن الأقتراحات والمطالب التي يتبنياها لا تجد دائما الصدى لدى مديرهم لسبب واحد يعلمانه جيدا انه مجرد ترس متحمس وحيد في عجلة الوزارة العتيدة التي تضم ادارات كثيرة لها مديرون يتمسكون بكراسيهم أكثر من احترامهم لتفكيرهم ومبادئهم، ويشرف عليها مسئولون كثر يرأسهم بالطبع الوزير سلطان، وهذه العقليات التي تدير الوزارة هي نفسها التي اصدمت سارة بها من قبل والتي تسببت برحيلها الى امريكا وتكملة دراستها العليا، وهذه العناصر تحارب التطوير من منظور تقليدي من جهة وحماية لمصالحها من جهة أخرى، ولان بعضهم لا يحمل الكفاءة ليقود عملية التغيير وربما لا يفهمها ولا يريد التورط فيها.
    ولكن هذه الزمالة بينها وبين المهندس ابراهيم لم تعجب الموظفين التقليديين الآخرين الذين لم يحقق لهم العمل الاشباع الوظيفي المطلوب، فباتوا يعانون الفراغ ويتسكعون في اروقة الوزارة كمتصيدي اخبار ومتابعي حكايات ونوادر، ويشعرون بالغيرة ايضا من غيرهم الذين يعرفون طريقهم ويحددون اهدافهم ويسعون اليها. فليس سهلا أن يكونوا عاجزين وظيفيا ويرون غيرهم يعمل وينتج ويبدع وخصوصا عندما يتساير ذلك مع نظرتهم الاجتماعية القاصرة وسطحية افكارهم حينها يصبح من السهل عليهم محاكمة الغير ومضايقته. لقد احست سارة بالعيون الفضولية كأنها تهمس: انكما تتحدثان بالساعات يوميا.. انه غير طبيعي بين رجل وامرأة.. !
    وقد زاد توتر سارة من هذه النظرات وما تحسه من انعكاسات النفوس وتكاد توقف كل واحد منهم وتقول له:
    لولا احس أن ابراهيم يحترمني ويتكلم معي كصديقة واخت لما تكلمت معه منذ البداية، ولأنتابني نفس الشعور الذي احسه عندما اتكلم مع أي منكم لمدة دقائق لا غير لانكم تنظرون لمحدثتكم كأنثى بينما يشعرني كزميلة فقط. ادينوني بما انا عليه وليس بفكرتكم عني. لا تسقطوا علي افكاركم السيئة وتحاكموني بها.
    كانت مفارقات وسوء فهم لا بد أن تواجهها الموظفة المرأة التي تريد ان تكون على طبيعتها. كثيرات هن النساء اللاتي يعملن في مجالات مختلطة وكثيرات اللاتي يواجهن هذه الاشكالية، عدم فهم بعض الذكور مغزى عمل المرأة. البعض منهم يعتقد بأنها بخروجها للعمل قد اعلنت تحررها وانفتاحها اللامقنن ويتخطون بذلك حدودهم ويتصرفون بلا مبالاة دون أن يضعوا بأعتبارهم ان تلك السيدة يمكن أن تكون من عائلتهم أو معارفهم. البعض منهم يحكم بالظاهر الذي يقول بأن لا صداقة عمل يمكن أن تنشأ بين الموظفين والموظفات وكيف..؟؟ وهم يرون بعضهم أكثر من اخوتهم وأقاربهم..؟؟ يوميا من الصباح حتى الظهيرة يرون بعضهم على مدار السنين ألا ينشأ بينهم شيء من العشرة..؟؟ اليسوا يواجهون تحديات عملهم ومشاكله ومتاعبه ويرون بعضهم وهم مرضى وهم مرهقون وبينما أهاليهم يمرون بأزمات صحية..؟؟ الا يشاركون بعضهم مناسباتهم السعيدة ويفرحون بزواج احدهم أو عندما يرزق ايهم بطفل او عند نجاح أبنائهم وتخرجهم أو التعيسة عندما يمرون بحالة وفاة أو مرض احد اقاربهم.. ؟ انهم عائلة كبيرة وأن تشاجروا احيانا وغضبوا من بعضهم احايين أخرى، وان عاشوا التوتر والقلق في علاقاتهم وهذا يحصل في أحسن العائلات.
    بالطبع ليس بكل الموظفين والموظفات يمكن أن تنشأ بينهم علاقة اخوية صادقة مبنية على الأحترام والرقي اذ لا بد من توافر شروط لبناء هذه العلاقة يكون الطرفان فيها على قدر من الوعي والنضج وتقدير الشخص الآخر.
    لم تستطع سارة بناء هذه العلاقة مع أحد طيلة عملها لعدم وجود التكافؤ الفكري الذي يحمي هذه العلاقة باطارها الأخوي ويحفظها ويشعرها بالأمان والثقة بتفكير الطرف الآخر واحترامه. لذلك عندما عملت مع المهندس ابراهيم ولمست رقيه شعرت بأنها وسط محيط بناء يرفد أية علاقة بالراحة، ولا يسيء الظن بها ويتفهم طبيعتها ويمنحها الثقة ويساعدها على التركيز على تطوير العمل، ومراعاة الصالح العام كجزء من تقدير الذات واحترامها. كان يسكنهما الهم العام ومسئولية توصيل افكارهما والتعاون لاقناع مديرهما بالاتجاه الصحيح الذي يجب أن تقوده المؤسسة، وعدم الاستسلام لبلادة الجو العام وضغوط المديرين الآخرين وسلبياتهم، وتشجيعه على التصميم لتنفيذ مطالب الادارة وخصوصا وانها تواجه تحديات فرض نظم جديدة ومفاهيم يحاربها الآخرون.
    كان ابراهيم متزوجا لسيدة لطيفة وابا لأطفال جميلين وكان يرتاح لسارة ويحترمها ويعزها كأخته تماما وخصوصا وان وجودهما بالعمل كان محفزا لهما للمنافسة والتفوق والتعلم، وكان يستمد منها المثابرة على تصحيح الأوضاع وعدم الاستسلام لمبالاة من حولهم.

    وللأحداث بقية



يعمل...
X