إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الهوية الثقافية للمكان في وردة النيل - الروائية عزة دياب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الهوية الثقافية للمكان في وردة النيل - الروائية عزة دياب






    مجال إنساني ذي شاعرية خاصة
    حياة المكان وعلاماته الثقافية في "وردة النيل"..


    محمد سمير عبد السلام* - العرب أونلاين

    • أولا: الهوية الثقافية للمكان:
    للمكان – في النص – إيقاع، وأصوات جمالية تنبع من الحكايات، والعادات المرتبطة بالصيد، والتجارة، والتدين البسيط، والأحاديث السياسية للمتعلمين من الأبناء على المقاهي؛ ومن ثم يسهم المكان في بناء العوالم المشتركة بين الأصوات، ويعيد تشكيلها جماليا.
    ولا يمكن فصل العالم الداخلي للشخوص عن إيماءات المكان، وإيقاعه الجمالي، وأصواته المجازية المرتبطة بثقافته الكامنة في الذاكرة الجمعية؛ فعندما تنتقل بؤرة السرد إلى الزوج/ علي، نعاين حكايات والدته عن حصان مقطوع الرأس ينتظر الثأر لصاحبه المقتول من المماليك، وتجدد الشجار في الحارة المصرية، ومخاوفه من المعارك الثأرية، واتخاذه موقع المراقب، ثم تجدد أطياف عروس البحر في وعيه، ولاوعيه، وانتقالها من خنق الصبية إلى مصاحبته، وتعريفه بملوك البحار.
    وتعكس مثل هذه المقاطع، وغيرها التفاعل الخلاق بين صيرورة الشخصية، ووهج الحياة الكامن في المكان، وإشاراته الثقافية، وذاكرته؛ فصورة الحصان تعبر عن دائرية الحياة، وتجاوزها لبنية الثأر، أوالموت نفسها، وسنعاين تجددها في صورة قبر علي حينما حرصت عزيزة على بروزه خارج المكان؛ كي تكشف هويته في الذاكرة.
    أما عروس البحر فهي تمثيل استعاري لولع علي بالبحر، وتحوله إلى الصيد، وامتزاج رزق البحر بانتشار أولاده، وتجدد الخصوبة عقب زواجه من عزيزة.
    هل استبقت صورة عروس البحر صيرورة علي، وهويته؟ أم أنها طيف داخلي، وخارجي للمكان، يسهم في تشكيل الرؤية، والوجود الذاتي معا؟
    للإيماءات الثقافية – إذا – فاعلية وظيفية في السرد، وتشكيل وعي الشخصية بذاتها، وبالعالم الخارجي أيضا.
    ونلمح الاستقرار الروحي المصاحب للتدين البسيط في شخصية حسنة / والدة عزيزة؛ فقد قرأت لأبيها الفاتحة عند مسجد الخلعي، وتذكرت صورته، وهويقدم لها طبق الفول النابت، ثم تمايله، واهتزازه في حلقات الذكر، وتحول تلك الحركة الصوفية إلى الشجيرات حولها.

    إن بساطة الرزق في السياق الروحي المتعالي تؤكد الارتقاء الإنساني في فعل الحكي، واسترجاعه بصورة ذاتية – كونية في شخصية حسنة، وكأن العالم يقوم على بساطة دائرية تعيد تشكيل نفسها في صيرورة العلامات الثقافية للمكان.
    وتتجدد إشارات الفرح، والخصوبة في وعي أنس عقب إصابتها بالوباء؛ فقد استعادت صورتها مع جاراتها، والتفاف الصيادين حول علي، ودورانهم بشبكة الصيد، وكأن الأرض تتحرك من حولهم، وظهور النيل كنهر من فضة في أخيلتها، وتهيؤها للاندماج به.
    إن الإشارات إلى التسامي الروحي لأنس، وتضحيتها بالاستئثار بالزوج / علي، وتواصلها الإنساني مع عزيزة، قد ولدت تلك الصورة التي يتحول فيها المجال الثقافي إلى الإحساس بالاتساع الكوني في اللاشعور الجمعي للشخصية؛ ومن ثم استعادة الوهج الدائري للحياة في سياق الموت نفسه؛ فيتحول القبر إلى نهر فضي، والمرض إلى رقصة بهيجة للصيادين، بينما ينقطع عقم أنس، ويستحيل إلى خصوبة مجازية في حدث العرس المستعاد، واندماجه بتجدد المياه في النيل الذي يبدوكإشارة ثقافية متحولة بين المكان، ولاوعي الشخصية.

يعمل...
X